أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

الشروق:

هل يفوز بايدن بولاية رئاسية ثانية؟

18 مايو، 2023


نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه دلالات إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتحديات التى قد تحول دون فوزه بولاية رئاسية ثانية... نعرض من المقال ما يلى:

فى 25 إبريل 2023، أعلن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، رسميا ــ بصحبة نائبته كامالا هاريس ــ أنه سيترشح فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة والمقررة فى نوفمبر 2024. وغرد بايدن على حسابه بموقع «تويتر»، قائلا: إن «كل جيل لديه لحظة يتعين عليه فيها الدفاع عن الديمقراطية، والدفاع عن حرياته الأساسية، وأعتقد أن هذه لحظتنا. هذا سبب ترشيحى لإعادة انتخابى رئيسا للولايات المتحدة، انضموا إلينا، لننجز المهمة»، بجانب مقطع فيديو مدته 3 دقائق أخرجه فريق حملته الانتخابية، ليبدأ بصور من أحداث الكابيتول فى السادس من يناير 2021، ويصف إدارته بأنها تدافع عن الحرية الشخصية والديمقراطية والتعددية. وعليه، أكد بايدن أنه عندما ترشح للرئاسة قبل أربع سنوات، كان يخوض معركة من أجل «روح أمريكا»، ولما كانت تلك المعركة مستمرة، فإنه يرشح نفسه كى يُعاد انتخابه. ووصف بايدن برامج الحزب الجمهورى بأنها تهديد للحريات الأمريكية، منتقدا من سماهم بالمتطرفين الذين يحملون شعار «ماجا».

• • •

تتعدد دلالات ترشح بايدن للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتعهده مجددا بتحقيق الأهداف السياسية نفسها التى هدف إلى تحقيقها فى فترته الرئاسية الأولى، وهى الدلالات التى يمكن الوقوف على أبرزها من خلال النقاط التالية:

1ــ احتمالية إعادة تكرار سيناريو 2020: قد تشهد الولايات المتحدة الأمريكية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة ذات السيناريو الذى شهدته مثيلتها الماضية حين دارت المنافسة بين مرشحين أبيضين فى السبعينيات من عمرهما؛ إذ لا يزال دونالد ترامب هو المرشح الجمهورى الأوفر حظا لخوض هذه الانتخابات، ولاسيما أنه يتقدم بـنحو 46 نقطة على منافسه الجمهورى رون ديسانتيس فى أحدث استطلاع للرأى أجرته كلية «إيمرسون»، كما حصل على تأييد مزيد من أعضاء الكونجرس. وعلى الرغم من المخاطر القانونية التى تُقوض فرص ترامب الانتخابية، تدفع بعض التحليلات بأن إعادة انتخابات 2020 هى السيناريو الأكثر ترجيحا فى 2024، وذلك فى سباق رئاسى ثانٍ محتمل مع بايدن الذى سينهى ولايته الثانية المحتملة فى حالة نجاحه وهو فى عمر يناهز 86 عاما.

2ــ خطوة مبكرة من المرشحيْن: أعلن ترامب عن ترشحه فى وقت مبكر، كى يرتدى عباءة المرشح الرئاسى لحمايته من القضايا التى تجابهه من ناحية، وإكساب حملته مزيدا من الزخم من ناحية ثانية. وفى المقابل، أشارت بعض التحليلات إلى أن من يشغل منصب رئيس الجمهورية لا يعلن ترشحه مبكرا (قبل 19 شهرا) كما فعل بايدن، لأن الرؤساء الأمريكيين يترشحون فى الغالبية العظمى من الحالات لولاية ثانية؛ إذ يرون أن الفترتين الرئاستين لا تعدوان كونهما استحقاقا تاما لهم، وأنه من العار الخروج من المنصب بعد ولاية واحدة فقط كما حدث مع ترامب. بيد أن خطوة بايدن المبكرة ترجع إلى أداء الحزب الديمقراطى فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، فضلا عن دعم كبار المانحين والمساهمين له على الرغم من الوضع الاقتصادى المتردى وفتور بعض الديمقراطيين من قرار ترشحه لولاية ثانية.

3ــ سباق مواتٍ للرئيس بايدن: دفعت صحيفة «الجارديان» البريطانية بتزايد فرص الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ بالنظر إلى الفوضى والانقسام الداخلى فى الحزب الجمهورى الذى يتبنى سياسات غير شعبية تنفر الناخبين وتعادى المجتمع، وهو ما يعنى أن السباق الرئاسى المُحتمل بين بايدن وترامب سيتحول إلى «مباراة إياب على أرض بايدن»، ليتمتع الرئيس الحالى بالأفضلية على نظيره السابق، مع ازدياد ضعف ترامب بعد ارتباط اسمه بذكرى اقتحام الكونجرس وبعدد من الفضائح الجنسية والتهرب الضريبى من ناحية، وعدم وجود مرشح ديمقراطى يتفوق على بايدن (بما فى ذلك الكاتبة ماريان ويليامسون، والناشط المناهض للقاحات روبرت كينيدى جونيور) من ناحية ثانية.

4ــ ترويج بايدن لإنجازاته الرئاسية: يطالب بايدن بإعطائه فرصة «لإنهاء مهمته»؛ حتى أنه اختار إطلاق حملته الانتخابية فى الذكرى الرابعة لإعلانه عن حملته السابقة فى عام 2020. وقد استبق إعلان ترشحه الرسمى للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 فى خطاب حالة الاتحاد فى فبراير الماضى، وفيه عدّد إنجازاته التى من المرجح أن يركز عليها فى السباق الرئاسى المقبل، والتى تشمل: خلق 12 مليون وظيفة جديدة، وانخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ ما يزيد عن نصف قرن، ومكافحة فيروس «كوفيد19»، واستمالة الشرائح الاجتماعية المتأثرة بنهج ترامب، وغير ذلك.

• • •

أثارت رغبة بايدن فى الترشح سعيا للفوز بولاية رئاسية ثانية، تساؤلات عدة عن التحديات التى تواجهه، ولاسيما أنه سيبدأ ولايته الثانية المحتملة ــ فى حال إعادة انتخابه ــ وهو فى سن الثانية والثمانين عاما، ما يجعله أكبر رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة. ويمكن الوقوف على أبرز تلك التحديات فى النقاط التالية:

1ــ معارضة الرأى العام الأمريكى: أظهر استطلاع الرأى الذى أجرته شبكة «إن بى سى نيوز» مؤخرا أن 70% من الأمريكيين، وأكثر من نصف الديمقراطيين بقليل، يعتقدون أنه لا ينبغى لبايدن الترشح مرة أخرى. كما أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة «جالوب» تراجع رضا المواطنين الأمريكيين عن أداء الرئيس بايدن إلى أدنى درجاته خلال فترة رئاسته ليصل إلى 37%. وأظهر استطلاع الرأى الذى أجرته وكالة «أسوشيتد برس» فى منتصف إبريل 2023، أن العمر عامل رئيسى بين ناخبى الحزب الديمقراطى. ومع ذلك، رفض بايدن تلك المخاوف، وقال: «قررت الترشح.. أشعر بأننى بحالة جيدة، وأنا متحمس». بيد أن استطلاعات الرأى تلك تؤكد تراجع تأييد الناخبين الديمقراطيين لبايدن بعد أن طالب 51% منهم الحزب الديمقراطى بإيجاد مرشح آخر فى ظل رفضهم لإعادة ترشح أكبر رئيس فى التاريخ الأمريكى مجددا، وذلك وفقا لاستطلاع أجرته شبكة «إن بى سى». كما أظهر استطلاع رأى أجرته شبكتا «سى بى أس» و«يوجوف» أن 54% من الناخبين ذوى الميول الديمقراطية قبلوا فكرة ترشح بايدن مرة أخرى، بينما قال 27% إن الفكرة أصابتهم بالتوتر.

2ــ تقدم بايدن فى العمر: يُفضل كثير من الناخبين الأمريكيين مرشحا أصغر سنا من بايدن. وفى هذا الإطار، قالت المرشحة الجمهورية للرئاسة الأمريكية، نيكى هايلى، إن بايدن قد يموت فى منصبه حال أُعيد انتخابه، ولذا فإن التصويت له يعنى التعويل على نائبته هاريس. وقد سبق أن دعت هايلى ــ عندما أعلنت ترشحها لسباق الرئاسة ــ جميع المرشحين الذين تزيد أعمارهم على 75 عاما إلى اختبار معرفى لينطبق ذلك على بايدن وترامب؛ فلا شك أن عمر بايدن وكثرة زلاته اللفظية ونسيانه المتكرر يُعد من نقاط ضعفه، حتى إن صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية وصفت ترشحه لولاية جديدة بأنه «مقامرة عالية المخاطر» للحزب الديمقراطى والولايات المتحدة والعالم بأسره، وأكدت أن الحزب الديمقراطى يخشى تدهور صحته فجأة أو وقوع حادث يؤكد تراجع قدراته العقلية.

3ــ تصاعد التحديات الاقتصادية: على الرغم من تعدد العقوبات الاقتصادية المفروضة على الاقتصاد الروسى وعائلة وشخص الرئيس فلاديمير بوتين، فإن تلك العقوبات لم تحقق الأهداف المرجوة منها. ولا يخفى عظم حجم المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، التى بلغت 70 مليار دولار فى ظل طول أمد الحرب على نحو يؤجج عضب دافعى الضرائب الأمريكيين. على جانب آخر، اعتمد أكثر من 80 بنكا مركزيا عملة الصين الرسمية (اليوان) فى احتياطاتهم من العملات الأجنبية، وتعمل الصين على رقمنة عملتها بهدف كسر احتكار الدولار الأمريكى لسوق العملات العالمية، بالتزامن مع تراجع ثقة عدد كبير من الدول فى الدولار باعتباره العملة الرئيسية للتجارة والتمويل العالميين، ما قد يعنى إمكانية تحول الاقتصاد العالمى تدريجيا بعيدا عنه.

ختاما، على الرغم من رغبة عدد كبير من الديمقراطيين فى ترشح وجه جديد فى الانتخابات الرئاسية عام 2024 مع تقدم بايدن فى العمر، لا يوجد حتى الآن مرشح ديمقراطى آخر يحظى بالإجماع أو التوافق الواسع فى الآراء. وإن تزايدت فرص بايدن المُحتملة فى مواجهة ترامب، فإنه قد لا يتمتع بالفرص نفسها فى مواجهة مرشح جمهورى آخر على شاكلة ديسانتيس على سبيل المثال. وبصرف النظر عن منافس بايدن المُحتمل، سيظل التساؤل عن ملامح فترته الرئاسية الثانية المُحتملة مطروحا، ولاسيما على صعيد بعض القضايا الشائكة ومنها: الحماية الفدرالية ضد قوانين التصويت المقيدة، وتخفيف ديون الطلاب، وإجراءات العدالة الجنائية، ومحاسبة الشرطة، وغيرها.

*لينك المقال في الشروق*