أخبار المركز
  • شريف هريدي يكتب: (الرد المنضبط: حسابات الهجمات الإيرانية "المباشرة" على إسرائيل)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)
  • عادل علي يكتب: (موازنة الصين: دوافع تزايد الانتشار الخارجي للقوة البحرية الهندية)
  • إبراهيم فوزي يكتب: (معاقبة أردوغان: لماذا خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية التركية 2024؟)

قيود الإنفاق:

كيف سيستجيب منتجو النفط الصخري الأمريكيون لارتفاع أسعار النفط؟

21 يونيو، 2021


يدعم ارتفاع أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة من استقرار صناعة النفط الصخري الأمريكي، التي تعرضت لهزة قوية في العام الماضي جراء جائحة كورونا. وبات حالياً بإمكان كثير من شركات النفط الصخري الأمريكي تحقيق ربحية بعد زيادة الأسعار إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل، وهو مستوى يتخطى نقطة تعادل إيراداتها مع نفقاتها بما يزيد عن 25 دولار. وإذا ما استمرت أسعار الخام عند هذه المستويات، فمن المرجح أن تحقق شركات النفط الصخري الأمريكية تدفقات نقدية قوية سوف تستخدمها، على الأرجح، في توزيع عوائد للمساهمين وتسديد الديون المتراكمة عليها بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها في الأشهر الماضية، هذا بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات. ومع ذلك، فمن المستبعد أن توجه الشركات معظم عوائدها لزيادة الحفر على الأقل في الأمد القصير، إذ لا يزال الطلب العالمي على الخام غير مشجع لاتخاذ هذه الخطوة، ولذا ستكون زيادة الإنتاج الأمريكي من أحواض النفط الصخري محدودة على الأقل في العامين الجاري والمقبل. 

تحسن ملحوظ:

تخطت أسعار النفط الخام مستوى 70 دولاراً للبرميل منذ أوائل يونيو الجاري، بعد أن سجلت أقل من 45 دولاراً للبرميل في نهاية العام الماضي، وذلك على نحو أنعش آمال منتجي النفط في العالم لزيادة أرباحهم. ويأتي هذا الزخم بسوق النفط بفضل التزام منظمة "أوبك" بسياستها لخفض المعروض على الرغم من تخفيف قيود الإنتاج مؤخراً، والاستعداد لضخ كميات إضافية بنحو 2.1 مليون برميل يومياً حتى يوليو المقبل، في ضوء التوقعات بزيادة الطلب العالمي على الخام.

علاوة على ما سبق، يشهد الطلب العالمي على النفط تعافياً تدريجياً بدعم برامج التطعيم الناجحة ضد فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومعظم آسيا. وساعد ذلك على استئناف النشاط الاقتصادي العالمي، ومن ثم زاد طلب مصافي التكرير على الخام، مع نمو استهلاك القطاعات الرئيسية وفي مقدمتها النقل والصناعة.

ومن المرجح، بحسب منظمة "أوبك"، طبقاً لآخر تقاريرها، أن يتجه الطلب العالمي على النفط لتعويض خسارته جزئياً في العام الجاري، وليزيد بنحو 6 ملايين برميل ليصل إلى 96.6 مليون برميل يومياً في عام 2021، فيما سيصل الطلب العالمي على خام "أوبك" إلى 27.7 مليون برميل يومياً هذا العام، بزيادة 500 ألف برميل يومياً عن عام 2020.

آثار إيجابية:

يعد منتجو النفط الصخري بالولايات المتحدة الأمريكية أكبر المستفيدين من انتعاش أسعار النفط بالآونة الأخيرة، حيث تصل نقطة تعادل (التكاليف والإيرادات) لديهم عند مستوى يتراوح بين 35 إلى 45 دولاراً للبرميل، بل تزيد في بعض الأحواض النفطية إلى أكثر من 50 دولاراً للبرميل. وعلى هذا النحو، يمكن أن تحقق صناعة النفط الصخري الأمريكي تدفقات نقدية تزيد عن 30 مليار دولار في عام 2021، وهو رقم قياسي وفقاً لـ"بلومبرج إنتليجنس"، لكنها تقل بطبيعة الحال عن المستويات القياسية التي حققها في فترة ذروة الصناعة في عام 2014.

وستدفع هذه العوائد شركات النفط لزيادة الإنفاق بعد خفض نفقات الحفر على مدار العامين الماضيين، وذلك إلى جانب توزيع عوائد على المساهمين وتسديد الديون المتراكمة، التي مولت بقاء كثير من شركات النفط الصخري بعد أن تكبدت خسائر مالية فادحة في العام الماضي مع هبوط أسعار الخام.

ومن المتوقع أن يرتفع صافي إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط من سبع أحواض صخرية رئيسية بنحو 38 ألف برميل يومياً في يوليو المقبل إلى حوالي 7.8 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2020 .ومن المقرر أن تأتي أكبر زيادة من حوض برميان، أكبر حوض إنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث من المتوقع أن يرتفع الإنتاج بمقدار 56 ألف برميل يومياً إلى حوالي 4.66 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ مارس 2020، لكن ذلك لا ينفي أن بعض الأحواض الأخرى سينخفض إنتاجها. 

ومع زيادة نشاط الحفر، من المتوقع أن يستعيد الإنتاج الأمريكي عافيته تدريجياً، وليرتفع إلى 11.1 مليون برميل يومياً في العام الجاري، ثم إلى 11.8 مليون برميل يومياً بحلول عام 2022، مقترباً بذلك من مستواه البالغ 12.2 مليون برميل يومياً في عام 2019.

آفاق مستقبلية:

كما يتضح من الاستعراض السابق، فإن الزيادات الأخيرة في الأسعار سوف تؤدي إلى ارتفاع معدلات حفر الآبار، على نحو سوف يساعد على زيادة الإنتاج الأمريكي من الخام في العامين الجاري والمقبل. ولكنها تظل زيادة بطيئة في العموم. ويعكس ذلك حقيقة أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية سوف يستغلون التدفقات النقدية الإضافية بشكل أكبر في توجيه المزيد من السيولة لصالح المساهمين، بالإضافة إلى تسديد الديون المتراكمة عليهم في السنوات الماضية، مما يترك حيزاً مالياً أقل لصالح الإنفاق الرأسمالي. 

يضاف لما سبق، حقيقة أن شركات النفط الصخري تقوم بتعديل مستويات الحفر زيادة أو نقصان بعد 4 إلى 5 أشهر من تطورات الأسعار، بينما يستغرق الإنتاج وقتاً أطول للاستجابة بمتوسط تأخير يتراوح ما بين 9 إلى 12 شهراً. ومن المستبعد أن تغامر شركات النفط الصخري حالياً بزيادة الإنتاج وسط حالة هشاشة الطلب العالمي على الخام، وعدم اليقين الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا، ولذا في العموم، من المرجح أن تظل آفاق الإنتاج الأمريكي من النفط أبطأ مما كان متوقعاً. 

وختاماً، يمكن القول إن زيادة أسعار النفط سوف تدعم في المجمل استقرار صناعة النفط الصخري الأمريكي، لكن من المستبعد أن تشهد الشركات الأمريكية زيادة في الإنفاق الرأسمالي ومن ثم زيادة الإنتاج، في ظل ما تحتاجه الأخيرة من سيولة كبيرة لتمويل توزيع عوائد المساهمين وتسديد الديون.