أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

خيارات مستبعدة:

لماذا يستعصى اندلاع "انتفاضات" جديدة في الإقليم؟

17 يناير، 2018


تصاعدت حركات الاحتجاج في عدد من دول الإقليم مثل السودان وتونس والجزائر والمغرب وإيران، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على نحو يعكس مقومات كامنة لعدم الاستقرار، سرعان ما تتطور في شكل دورة جديدة من العنف والعنف المضاد، لكنها لا تشير إلى التحول إلى منزلق خطر مثلما حدث في بعض الدول العربية في بداية عام 2011 بحيث أفرزت دولاً جديدة ونظمًا مغايرة وربما مجتمعات مختلفة في سياق "الدراما الثورية". 

فرغم انتقال الاحتجاجات من مدن إلى أخرى بما يحمل مشاهد أو لقطات ما يسمى بـ"الحراك الثوري" منذ سبع سنوات، إلا أن موجة الاحتجاجات في المرحلة الحالية لا تصل إلى حد "ثورات الجياع" أو إسقاط النظام أو تهديد بقاء الدولة أو الإيحاء بأن ما أطلق عليه "الربيع العربي" لم ينته مثلما تصور بعض الكتابات، بقدر ما تتعلق بإيصال رسائل للحكومات لتحسين الأحوال المعيشية ومعالجة أوجه القصور الداخلية و"فرملة" التمددات الخارجية التي تخصم من رفاهية المجتمعات. 

إن لحظة الانفجار لا يمكن انتزاعها من سياقاتها، أو ما يطلق عليه "كل السياقات داخلية" رغم أهمية نظريات "العدوى السياسية" و"نماذج الدومينو" التي تشير إلى أن الحكومات في دول الشرق الأوسط تعمل تحت ضغوط مستمرة من الإقليم بالأساس. كما أن الشعوب لا تثور كل عام أو حتى عقد بقدر أن المحدد الحاكم هو "العوامل الظرفية" - سواء كانت الضغوط السياسية والانهيارات الأمنية والمشكلات الاقتصادية- التي في حالة ما إذا توافرت فإن الاحتجاجات قد تتحول إلى انتفاضات أو ثورات.

"هبَّات فجائية":

اعتادت دول الإقليم على "الهبَّات" الجماهيرية المفاجئة التي لم ترق إلى ثورات، على نحو ما شهدته دول مثل تونس والمغرب والسودان في عقدى الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي والتي أطلق عليها "اضطرابات الخبز" أو "انتفاضات الصندوق"، بسبب الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حكومات هذه الدول برفع الأسعار وتخفيض الدعم وتحرير قيمة العملة الوطنية استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي بحيث تضررت منها شرائح عديدة من المجتمع بما فيها الشرائح الدنيا والمتوسطة من الطبقة الوسطى.

وتكررت مثل هذه الاضطرابات في توقيتات مختلفة، وكان آخرها في بدايات عام 2018، حيث قاد الاحتجاجات التونسية أعضاء حركة "فاش نستناو" (ماذا ننتظر؟). فعلى سبيل المثال، تصاعدت الاحتجاجات في عدة بلدات تونسية مثل قابس والقيروان وقفصة وطبرية ودوز والقصرين وسليانة والكاف وسيدي بوزيد على خلفية إجراءات التقشف وغلاء الأسعار وزيادة الضرائب وإيقاف العمل بقانون المالية لسنة 2018 الذي تم إقراره من مجلس نواب الشعب في 9 ديسمبر الماضي، وتضمن خفض عجز الموازنة إلى 4,9 في المئة مقابل أكثر من 6 بالمئة في عام 2017.

ولعل ما يعبر عن ذلك جليًا الشعارات التي رفعها المحتجون في الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة تونس مثل "زاد الفقر زاد الجوع يا مواطن يا مقهور" و"نظامك أكله السوس" و"يا حكومة الالتفاف الشعب يعاني في الأرياف" و"يا حكومة عار عار الأسعار شعلة نار". فلا تزال تونس تواجه صعوبات اقتصادية وخاصة في المناطق النائية الجنوبية التي شهدت في مايو الماضي أيضًا احتجاجات ضد استغلال الشركات البترولية الأجنبية للثروات دون أن يكون لذلك تأثير على قاطني تلك المناطق من العاطلين عن العمل.

كما شهدت عدة ولايات في السودان (مثل نيالا والجنينة والدمازين وسنار ومدني) مؤخرًا احتجاجات قادها طلاب المدارس والجامعات إلى جانب محدودي الدخل على خلفية ارتفاع أسعار الخبز والسلع الاستهلاكية الأخرى، وهو ما برز في هتافات المتظاهرين "لا لارتفاع أسعار الطعام". وشهدت أيضًا العديد من المدن الإيرانية مظاهرات واسعة النطاق بداية من 28 ديسمبر الماضي للتنديد بارتفاع الأسعار وتزايد معدلات الفقر ونسب التضخم وإفلاس مؤسسات الإقراض وأزمة الإسكان فضلاً عن التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية عبر دعم الجماعات والميليشيات الإرهابية والمسلحة، وهو ما عكسته لافتات "لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران".

وعلى الرغم من فشل الحكومات المتعاقبة في بعض دول الإقليم في توفير الحلول للأزمات التنموية وتدهور المقدرة الشرائية لقطاعات واسعة من الرأي العام والتهرب الضريبي وبيع مؤسسات القطاع العام وغياب سياسة تواصلية ناجعة مع الأحياء النائية والفقيرة، لا سيما في ظل سوء حالة المرافق الخدمية وضعف البنية التحتية، حيث تم التعامل معها بمنطلقات أمنية باعتبار أنها تعكس "أزمة طرفية" و"مؤامرة خارجية"، إلا إن هناك مجموعة من العوامل التي تفسر استعصاء اندلاع موجة جديدة من "الانتفاضات" المتتالية في الشرق الأوسط، على النحو التالي:

منصات ضعيفة:

1- غياب الأفعال المُفجِّرة لموجة ثورية جديدة: التي يمكن اعتبارها منصات انطلاق لحراك عنيف كواقعة إحراق الشاب التونسي محمد بوعزيزي لنفسه، التي تعد بمثابة نقاط تحول تدفع إلى الخروج بمسيرات غضب في مواجهة السلطات في ظل عدم إدراك الأخيرة للقوى الكامنة للحركات غير المحسوبة، والتي تستغلها بعض التيارات السياسية والمجتمعية لصالح أجندات خاصة، وهو ما فعلته تيارات الإسلام السياسي وبصفة رئيسية الإخوان المسلمين والسلفيين في بعض دول الثورات.

واللافت للنظر أن الموجة الحالية من الاحتجاجات التي تشهدها تونس والسودان لا تطالب بإسقاط النظام (باستثناءات قليلة) بل بتصويب سياسات الحكومية إزاء المشكلات المجتمعية ومنها إعادة هيكلة صندوق الدعم. بل إن قوى الاحتجاج في سنوات سابقة صارت في مواقع الحكم، وهو ما ينطبق على حركة النهضة في تونس التي نددت في البيانات الصحفية المختلفة بما وصفته بـ"الدعوات المتكررة لبعض الأطراف السياسية للمواطنين إلى القيام بتحركات احتجاجية لفرض تعليق العمل بقانون المالية الجديد وإدخال البلاد في حالة من الفوضى".

"المتاهة" الانتقالية:

2- تعثرات التحولات الداخلية في مرحلة ما بعد الثورات العربية: نظرًا لتعقيدات التحول من انهيار النظم القديمة إلى بناء النظم الجديدة فيما أطلق عليه "المتاهة الانتقالية" التي نتجت عن الانتقال من الثورة إلى الدولة في عدد من الحالات العربية، وعدم بلورة بدائل سياسية قابلة للتحقق. لذا، تشير خبرة 2011 إلى أن بعض الدول كانت إزاء ثورات تعرف من أين جاءت ولكن لا تعرف إلى أين تتجه، مع الأخذ في الاعتبار أن وحدة المشتركات بين دول الثورات قد لا تقود بالضرورة إلى وحدة في المسارات أو الاتجاهات، حيث ستتخذ كل واحدة منها مسارًا مغايرًا، تحكمه خصوصية الحالة، وطبيعة إدارة المرحلة الانتقالية والقوى السياسية المتحكمة فيها، والتحالفات القائمة فيما بينها، وحجم تركة الأنظمة السابقة.

فقد كان هناك توافق بين القوى الوطنية والحركات الثورية في هذه الدولة العربية أو تلك، على إسقاط النظام القديم، لكن لم يتبلور اتفاق بشأن ملامح النظام الجديد، بما يساعد في ترجمة شعارات الثورات المختلفة "حرية سياسية، وعدالة اجتماعية، وكرامة إنسانية" إلى واقع يمكن تلمسه. بعبارة أخرى، كانت قوى الثورة في مصر وتونس وليبيا واليمن واضحة في رؤيتها تجاه الأنظمة القائمة، لكن تفكيرها مضطرب في جانب تأسيس أنظمة جديدة، وهو ما أدركته قطاعات مختلفة من النخبة والرأي العام في الدول العربية فيما بعد.

مضاعفات الفوضى:

3- الانجراف نحو مسار الفوضى في دول جديدة: التي نجت من تداعيات الثورات الشعبية في عام 2011، لا سيما في ظل إقليم غير مستقر، ويشهد صراعات سياسية وعسكرية طويلة المدى، سواء داخل الدول أو بين الدول، وتتسم بتعقيداتها في أطرافها وقضاياها وسبل إدارتها وطول مداها الزمني لدرجة أصبحت معها مزمنة، حيث بات أغلبها يستعصي على الحل أو التسوية، وهو ما دفع اتجاهات عديدة إلى تأكيد أن قطاعات واسعة من الرأي العام باتت ترغب في العودة إلى مراحل ما قبل الثورات.

ويضاعف من سيناريو الفوضى مخاطر التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، بل إن بعضها مثل تنظيم "داعش" كان يحاول تدشين مشروع خاص به في سوريا والعراق. ورغم تصدع هذا المشروع لكن خطر التنظيم لا زال باقيًا، لا سيما في ظل انتقال كوادره وقياداته عبر الحدود الرخوة. وفي هذا السياق، فإن غالبية دول الشرق الأوسط تعرضت لتهديد فعلي أو محتمل من ضربات "داعش"، إلى جانب تهديدات تنظيمات إرهابية أخرى مثل "القاعدة" و"بوكو حرام" في اليمن والساحل الإفريقي.

أفول مستمر:

4- ضعف قوة دفع حركات الاحتجاج: التي انتشرت على نطاق واسع في العديد من الدول العربية، وساهمت في تبني المطالب المرتبطة برفع الأجور ومحاربة الفساد ومواجهة الغلاء، على الرغم من إدراك القوى المحركة لتلك الاحتجاجات لمحدودية الموارد الاقتصادية. فقد شهدت السنوات التالية على الحراك الثوري سرعة انقسام قوى الاحتجاج بشأن "تقاسم المغانم"، على نحو يدفع إلى القول بأن تحالفاتها وقتية وهشة.

فضلاً عن ذلك، تستغل الجماعات الإجرامية بعض الاحتجاجات لسرقة ونهب واقتحام المحلات التجارية ومحاولة إشعال النيران في مبان حكومية. وفي هذا السياق، قال خليفة الشيباتي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، في تصريحات إعلامية بتاريخ 9 يناير 2018: "إن العمليات الأمنية التي تشهدها عدة جهات من تونس لا علاقة لها بالتحركات السلمية المطالبة بالتنمية أو المنددة بغلاء الأسعار".

كما أن القوى الداعية للثورة في السودان تتسم بالهشاشة، حيث دعا رئيس "تحالف الجبهة الثورية" مني أركو مناوي، في خطاب مسجل بتاريخ 10 يناير الجاري، قوى المعارضة والمنظمات المدنية في السودان إلى "التوحد من أجل تغيير النظام عبر إنشاء مركز موحد لقوى المعارضة". وأضاف: "إن التغيير مسئولية كل فرد كما أنه مسئولية جماعية تقع على عاتق الأحزاب وقوى المقاومة وتنظيمات المجتمع المدني والنقابات الفئوية والمهنية وسائر قطاعات المجتمع".

مطالب فئوية:

5- فئوية المطالب المجتمعية: والتي تطرحها قوى الاحتجاج في هذه الدولة العربية أو تلك. ومؤخرًا قاد الأطباء المقيمون الجزائريون (سواء كانوا أطباء مختصين أو صيادلة أو أطباء أسنان، وأنهوا الدراسة كأطباء عامين ويواصلون الدراسة للتخصص) في العاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة، تحركًا احتجاجيًا للمطالبة بإلغاء الخدمة المدنية، حيث توقفوا عن الدراسة والعمل في المستشفيات. ووفقًا لهؤلاء الأطباء، فقد أثبت نظام الخدمة المدنية فشله لعدم توافر وسائل العمل في المناطق النائية بالجزائر.

كما أن هناك مطلبًا آخر للأطباء الجزائريين وهو إلغاء الخدمة العسكرية التي تبلغ مدتها عامًا، حيث استثنت وزارة الدفاع الأطباء من الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية بعد بلوغ سن الـ30 عامًا، بعكس كل الاختصاصات الأخرى، واعتبرت التنسيقية العامة للأطباء هذا الإجراء مخالفًا للدستور لأنه يساوي بين الجزائريين.

كما تواصلت احتجاجات سكان مدينة "جرادة" المغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية منذ وفاة شقيقين في بئر لاستخراج الفحم الحجري في 23 ديسمبر 2017، وتعيش المدينة وضعًا خاصًا منذ إغلاق شركة مناجم جرادة قبل عشر سنوات. وقد اعتمدت المدينة على نشاط هذه الشركة منذ مائة عام، ورغم إغلاق الشركة استمر استغلال مناجم الفحم الحجري بشكل عشوائي، خاصة في غياب بدائل اقتصادية للسكان.

محورية الجيوش:

6- عدم انقسام الجيوش النظامية: وهو أحد المحددات التي تفسر صمود نظم سياسية وانهيار أخرى في دول الإقليم، على نحو ما تشير إليه خبرة الحراك الثوري في عام 2011، حيث يكون للقوات المسلحة دور رئيسي في تحديد المسارات المحتملة للاحتجاجات. ولعل ذلك يفسر قدرة طهران على تجاوز أزمة الاحتجاجات التي شهدتها على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية بسبب دعم الجيش وقوات الحرس الثوري و"الباسيج" للنظام. فضلاً عن تأمين الجيش التونسي المقار السيادية والمنشآت الحساسة والمرافق العمومية بعد اندلاع الاحتجاجات الأخيرة.

سياسات التغلغل:

7- انكشاف دوافع التدخلات الإقليمية: وخاصة من جانب دول مثل تركيا وإيران وقطر، التي تدفع في اتجاه تحقيق مصالحها العابرة للحدود الوطنية، وتتلاقى فيما بينها بما يؤدي إلى إضعاف بني الدول الوطنية العربية وتأسيس دولة داخل الدولة ودعم الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية مثل فروع الإخوان المسلمين وميليشيا الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والميليشيات الطائفية في العراق. وتمثل هذه الكيانات ما دون الدولة مشروعات مناوئة للاستقرار الإقليمي وداعمة للاستثمار في الفوضى.

فلم تعد قطر دولة داعمة للتغيير مثلما كانت تدعي في مرحلة الحراك الثوري لأنه ينظر إليها كدولة تدخلية مع أجندة سياسية منحازة، وهو ما يفسر الاستياء من التدخل القطري في الشئون الداخلية. وبدا للعيان أن السياسات القطرية صارت تهدد الأمن الوطني لدول الإقليم، على نحو دفع الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب إلى اتخاذ إجراءات ضدها، حيث انحسر دورها بعد ذلك في بؤر الصراعات العربية بشكل كبير. كما أن طهران صارت مشغولة بالتعامل مع الاحتجاجات الداخلية، وتركيا مهمومة بمشكلاتها مع الولايات المتحدة وروسيا بشأن الأزمة السورية والعلاقة مع الأكراد.

تدويل الحراك:

8- مواقف القوى الدولية المزدوجة: وهو ما ينطبق على السياسة الأمريكية تجاه الاحتجاجات الإيرانية. فقد نجح النظام الإيراني، بشكل نسبي، في استغلال موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب الضاغط على طهران عبر دعوته بأنه "قد حان التغيير" واحترام حقوق الإنسان وضرورة الإفراج عن المتظاهرين، من أجل الترويج لمزاعم حول وجود مؤامرة خارجية تقودها قوى دولية، وتحشيد قسم من أنصاره لرفض التدخل الأمريكي في شئون إيران الداخلية، لا سيما أن هناك عدم توافق روسي وأوروبي مع الموقف الأمريكي، بما يعرقل تحول الاحتجاج إلى ثورة.

فموسكو رفضت اقتراحًا أمريكيًا لتدويل الاحتجاجات في إيران على نحو ما عكسه اعتبار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في 4 يناير 2018، اقتراح الولايات المتحدة عقد جلسة استثنائية لمجلس الأمن لمناقشة الاحتجاجات "ضارًا ومدمرًا"، مبديًا معارضة موسكو تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية لإيران. كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن التغيير في إيران يجب أن يأتي من الداخل، فيما حذرت تركيا من رد فعل عكسي لمحاولات أطراف خارجية التدخل في سياسات إيران الداخلية.

توابع الزلزال:

من العرض السابق، يتضح أن البيئة القاعدية في دول الشرق الأوسط لا تحفز على قيام "انتفاضات" أو "ثورات جديدة"، وفقًا لكل حالة على حدة، حيث تفتقد معظم الاحتجاجات للتنظيم السياسي "الثوري" القادر على ترجمة تلك الحالة من أفكار إلى ممارسات. هذا بخلاف الخبرة غير المُحفِّزة للحراك في عام 2011، وما أنتجه من إضعاف لكيانات الدول الوطنية والجيوش النظامية، وتعزيز تدخلات القوى الإقليمية المناوئة للاستقرار. فالنخب والرأي العام والجيوش المتماسكة في دول المنطقة لا تريد تكرار مشاهد أو تجارب إضعاف المناعة الداخلية التي لا زالت تأثيراتها تترك بصمات في كل مكان.