أظهرت العديد من الدراسات أن الجماعات الإرهابية العنيفة لا يمكن القضاء عليها بالنهج العسكري فقط، وسبق أن كتبنا عن عُقم المقاربات الغربية لمحاربة الإرهاب في أفريقيا. وغالباً ما تؤدي الاستراتيجيات العنيفة لمحاربة الإرهاب إلى نتائج سلبية من خلال التحفيز لمزيد من العنف وخلق أزمات إنسانية بالغة التعقيد. وعليه، يتم تبني المقاربات غير العسكرية (الناعمة) بشكل متزايد كطريق أكثر واقعية وبرجماتية للقضاء على الأسباب الجذرية للإرهاب وتحقيق سلام مُستدام على المدى الطويل.
ومع ذلك، فإن ثمة جدلاً واسع النطاق بين الباحثين وصانعي السياسة حول جدوى النهج غير العسكري الذي يتضمن التفاوض مع الإرهابيين والعفو عن التائبين والمنشقين منهم. وظهر ذلك بجلاء، مؤخراً، عندما قامت حكومة رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، بتعيين مختار روبو علي "أبو المنصور"، وهو زعيم سابق لحركة الشباب الإرهابية، وزيراً للأوقاف والشؤون الدينية. إذ انتقد البعض هذه الخطوة باعتبارها مكافأة لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، بينما يرى آخرون في ذلك خطوة إلى الأمام نحو المصالحة وطريقة استراتيجية لمحاربة حركة الشباب الإرهابية وتجفيف منابع التجنيد في صفوفها. وسوف يركز هذا المقال على دلالات هذا القرار الصومالي بتعيين أحد مؤسسي حركة الشباب في منصب حكومي رفيع.
من الكلاشينكوف إلى السياسة:
كان مختار روبو مسجوناً منذ ديسمبر 2018، عندما اتهمته حكومة الرئيس السابق محمد عبدالله "فرماجو" بتنظيم ميليشيا مناوئة للدولة ومحاولة زعزعة الاستقرار في مدينة بيدوة. وقد أثار اعتقال روبو على يد القوات الإثيوبية العاملة في بعثة "أميصوم" احتجاجات عنيفة، قُتل خلالها نحو 11 شخصاً على الأقل، مما دفع الأمم المتحدة إلى الإبلاغ عنه وتسليمه للحكومة الصومالية. ومع ذلك، اتهم فريق خبراء تابع للأمم المتحدة بعد ذلك القوات الدولية بقمع أتباعه أثناء اعتقاله.
وقد ولد مختار روبو يوم 10 أكتوبر 1969، في مدينة حُدُر حاضرة إقليم باكول جنوب غرب الصومال، ودرس القرآن الكريم وعلوم الدين في مدرسة قرآنية، ثم انتقل إلى العاصمة مقديشو، حيث أكمل دراسة العلوم الشرعية. وفي بداية التسعينيات، انتقل روبو إلى العاصمة السودانية الخرطوم لدراسة الشريعة الإسلامية. ويمكن توضيح أبرز مرحلتين بالنسبة لروبو كالآتي:
1- مرحلة الكلاشينكوف: شارك روبو، عندما تبنى فكر "الكلاشينكوف والتغيير العنيف"، في العديد من الجماعات الإسلامية المُسلحة، بما في ذلك الاتحاد الإسلامي في التسعينيات. وفي عام 1996، أسس أول معسكر تدريب إسلامي في الصومال في منطقة باكول. كما سافر روبو في عام 2000 إلى أفغانستان وتدرب إلى جانب القاعدة وطالبان لمدة عام تقريباً. ومن المُرجح أنه تعلم تكتيكات حرب العصابات ومهارات صُنع القنابل، والتي قام بتوظيفها في الصومال. كما أنه يعد من مؤسسي حركة الشباب، بعد انهيار اتحاد المحاكم الإسلامية الذي كان يسيطر على معظم المناطق الجنوبية والوسطى في الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشو، في عام 2006. وكان روبو أول مُتحدث عن حركة الشباب، وترقى في صفوفها إلى أن وصل إلى رتبة نائب زعيم الحركة. ومع ذلك، كانت لديه خلافات كبيرة مع الزعيم السابق لحركة الشباب، أحمد عبدي غودان المعروف باسم "المختار أبو الزبير"، والذي تُوفي إثر غارة جوية لطائرات أمريكية من دون طيار في عام 2014.
وسطع نجم روبو في عام 2007 أثناء مناهضة حركة الشباب للوجود الإثيوبي في الصومال. كما أنه كثيراً ما تباهى بمصافحته زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، أثناء وجوده في أفغانستان. ولا تزال تعليقاته على حوادث العنف التي ارتكبتها حركة الشباب أثناء فترة تحدثه باسمها عالقة في أذهان الصوماليين. ولكن سرعان ما أفل نجم روبو وتوارى عن الأنظار هو ومجموعة من مناصريه في منطقة بمدينة حُدُر، حيث ادعى أنه انشق عن حركة الشباب في عام 2012 لأسباب عقائدية وأيديولوجية لم يشرحها.
2- مرحلة العمل السياسي: كانت واشنطن قد وضعت اسم مختار روبو في قائمة الإرهاب، مع رصد 5 ملايين دولار لمن يقتله. بيد أن محاولات استمالته وفك ارتباطه مع حركة الشباب المُصنفة ضمن الجماعات الإرهابية منذ عام 2008، أدت إلى نجاح جهود الحكومة الصومالية في عام 2017 بتعاون دولي في التوصل إلى تسوية رفعت اسمه من قوائم الإرهاب. وعندئذ ظهر الرجل في حُلة جديدة وخطاب جديد يختلف تماماً عن خطابه الجهادي العنيف السابق. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل إنه فاجأ الجميع، بما في ذلك حكومة فرماجو السابقة، بترشحه لرئاسة ولاية جنوب غرب الصومال. وقد ركز روبو في حملته السياسية على مواجهة التحديات الأمنية، لاسيما خطر حركة الشباب، فضلاً عن إعطاء دور أكبر للمرأة في العمل السياسي. بيد أن الحسابات السياسية للحكومة السابقة أفشلت خطط روبو ودفعت به بدلاً من كرسي الرئاسة الإقليمية إلى غياهب السجون.
الأهمية والدلالات:
ترجع أهمية قرار تعيين مختار روبو، القائد المنشق عن حركة الشباب الإرهابية، في منصب وزير الأوقاف والشؤون الدينية بالحكومة الصومالية الحالية، إلى عدة اعتبارات لها دلالات قد تمتد آثارها على المدى القصير والمتوسط والطويل. ومن ذلك ما يلي:
1- اعتبار محاربة حركة الشباب أولوية وطنية: تعهد الرئيس حسن شيخ محمود، فور تقلده مهام منصبه، بالعمل من أجل تأسيس صومال مُتصالح مع نفسه ومع العالم من حوله. وأكد الرئيس الصومالي ضرورة تركيز كل جهوده على المجال الأمني، وهو ما يُعد تغييراً في النهج الحكومي، حيث ركز الرئيس السابق فرماجو على الدخول في نزاعات سياسية داخل الصومال، والاصطفاف في تحالفات إقليمية في الخارج أضرت بالمصالح الصومالية العليا. وتطبيقاً لهذه الرؤية، تسعى الحكومة الصومالية الجديدة إلى تحقيق المصالحة كجزء من استراتيجيتها لمحاربة حركة الشباب باعتبارها تحتل أولوية قصوى في برنامج عمل هذه الحكومة. ويؤكد هذا المنحى والتغير في الوجهة ما نشره رئيس الوزراء، حمزة عبدي بري، على حسابه في موقع "تويتر" بقوله: "يشرفني أن أنشر قائمة الحكومة الصومالية الجديدة التي سأقودها لتحقيق أولوياتنا الوطنية. إن مجلس الوزراء مسؤول عن تنفيذ الأولويات السياسية الرئيسية لجعل بلادنا آمنة ومتقدمة ومزدهرة".
2- تبني "المنظور الناعم" لمحاربة الإرهاب: من الواضح أن الحكومة الصومالية الحالية قد أدركت أن الاقتراب الأمني لم ينجح في اقتلاع جذور الإرهاب من البلاد، وعليه فإنها تحاول تبني المصالحة وإعادة الإدماج كأسلوب للتخلص من التطرف العنيف. إذ من المُحتمل أن يكون تعيين متحدث سابق باسم حركة الشباب ومؤسسها المشارك في منصب حكومي رفيع المستوى، مثالاً يحتذي به أعضاء الحركة الحاليين لتأكيد إمكانية إعادة إدماجهم في المجتمع. ومن المأمول أن تتم صياغة رواية مُضادة لحركة الشباب، لأن الرجل يفهم بعمق فلسفتهم وتكتيكاتهم. ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من عدم دقة المُقارنة، فإن نموذج أحمد مادوبي، رئيس إقليم جوبالاند على الحدود الكينية، يطرح حالة تدعو إلى التأمل والتدبر. فقد نجح مادوبي، الذي كان ينتمي إلى كوادر اتحاد المحاكم الإسلامية، في طرد حركة الشباب من عاصمة الإقليم كيسمايو، وهو لا يزال يحظى بدعم سياسي واسع في المنطقة الجنوبية للصومال. فهل يمكن أن يمثل مختار روبو حالة مشابهة للتحول إلى عالم السياسة والوصول إلى السلطة بالطرق السلمية؟
3- تعزيز "النهج العنيف" في مواجهة حركة الشباب: استمر روبو في صفوف الحركات الجهادية العنيفة وسافر إلى أفغانستان، كما قاتل في صفوف حركة الشباب نحو عشر سنوات. وعليه، فإنه يعرف أساليب وتكتيكات الحركة، لاسيما في منطقة باكول، حيث تصدى هو ومؤيدوه من قِبل لهجوم استهدفه من الشباب. وبالنظر إلى مشاركته لسنوات طويلة في العمل الجهادي العنيف، فمن المُعتقد أنه يفهم تكتيكات حركة الشباب واستراتيجياتهم وكيف يديرون معركتهم ضد الحكومة الصومالية. كما أن لديه عدداً كبيراً من الأتباع والمؤيدين في منطقته الأصلية "باي" و"باكول"، حيث تمتلك الحركة الإرهابية مساحات كبيرة من الأراضي. وقد أكد رئيس الوزراء عبدي بري بالفعل على هذا المعنى، حينما أشار إلى تعيين روبو باعتباره فرصة لتعزيز القتال ضد حركة الشباب من أجل احتوائهم وهزيمتهم، لاسيما في منطقة روبو الإقليمية. وقد وعد الرئيس حسن شيخ محمود بمحاربة حركة الشباب عسكرياً ومالياً وعقائدياً.
4- تخفيف ضغوط الهجمات العنيفة على الصومال: واجه الصومال في الآونة الأخيرة زيادة في معدلات هجمات الميليشيات المسلحة العنيفة، سواء في العاصمة مقديشو أو جنوب البلاد، حيث قامت حركة الشباب في الأسبوع الأول من أغسطس 2022 بإعدام 7 رهائن بتهمة التجسس والعمل لصالح الحكومة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنهم مذنبون بقتل أعضاء الجماعة الإرهابية. وفي وقت سابق من شهر مايو الماضي، اجتاحت قوات الشباب قاعدة عسكرية كبيرة تضم قوات الاتحاد الأفريقي في مقديشو، مما أسفر عن مقتل عدد من قوات حفظ السلام. كما شنت حركة الشباب هجوماً نادراً داخل الإقليم الصومالي في إثيوبيا أواخر يوليو الماضي، ما دفع بوفد رفيع المستوى من الجيش الإثيوبي للسفر إلى الصومال للتباحث مع السلطات هناك بشأن هذه الهجمات التي شنتها الحركة على الحدود الصومالية - الإثيوبية، والتي أسفرت عن سقوط عدة قتلى. وقد يشير ذلك كله إلى وجود مقاربات وطنية وإقليمية بديلة من أجل احتواء خطر حركة الشباب المُتصاعد.
مخاوف عديدة:
في المقابل، أثار تعيين مختار روبو في منصب حكومي مخاوف العديد من المراقبين داخل الصومال وخارجه، وذلك فيما يتعلق بقضايا الإفلات من العقاب، وعدم شمولية نهج البرنامج الحكومي لمحاربة التطرف العنيف وإدماج المقاتلين السابقين، علاوة على إمكانية تعقيد المشهد الصومالي المُرتبك أصلاً. ويمكن في هذا الصدد الإشارة إلى المخاوف الآتية:
1- إمكانية حدوث انقسام سياسي: إن تعيين روبو قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم الانقسامات داخل منطقة باكول جنوب غرب الصومال، حيث يرى رئيس الإقليم أن روبو منافس سياسي. وعلى أية حال، فإن إعادة دمج مقاتلي حركة الشباب والفصائل العشائرية قد أضحت ملمحاً عاماً اُبتليت به السياسة الصومالية منذ عقود، ومن المُرجح أن تستمر في تعقيد جهود الحوكمة حتى بعد الانتقال السلمي للسلطة في البلاد في مايو 2022.
2- إشكالية الإفلات من العقاب: ثمة مخاوف من أن احتضان الحكومة الصومالية زعيماً سابقاً في حركة الشباب ومُتهماً بارتكاب جرائم عنيفة، يرمز في أبرز دلالاته إلى قضية الإفلات من العقاب، وعدم تطبيق قواعد العدالة. وعلى الرغم من صحة هذا الاعتبار القانوني والإنساني، فإن علينا أن نتذكر أنه في الخبرة الصومالية منذ عام 1991، لم تكن هناك أي مُساءلة على الإطلاق لجميع الأشخاص الذين شاركوا في الحرب الأهلية، سواء كانوا أمراء حرب أو قادة عسكريين سابقين. لذا فإن حالة روبو ليست استثناءً، حيث يوجد العديد من الأفراد الآخرين المُتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهم اليوم يتمتعون بعضوية البرلمان أو يتولون وظائف حكومية أخرى.
3- عدم وجود استراتيجية مُتكاملة لإعادة دمج المُقاتلين السابقين: ليس مُرجحاً أن الصومال يمتلك استراتيجية مُتكاملة لمحاربة التطرف العنيف وإعادة إدماج المُقاتلين والإرهابيين السابقين؛ ربما بسبب طبيعة السياق الصومالي بالغ التعقيد، حيث تتشابك فيه الاعتبارات العشائرية والدينية والسياسية في ظل هشاشة وضعف مؤسسات الدولة. ومع ذلك، وقياساً على التجربة النيجيرية، فإن تحديات إعادة دمج مقاتلي الحركات الإرهابية السابقة يطرح عدة اعتبارات أساسية، سواء في الصومال أو غيره من الدول الأفريقية، على النحو التالي:
أ- الافتقار إلى المشاركة المجتمعية: عادةً لا يشارك الأشخاص المتضررون في المنطقة التي مزقتها النزاعات بشكل كبير في النهج الحكومي للمصالحة وإعادة الدمج. وأدى ذلك إلى تعميق التصورات السلبية لدى المجتمعات حول برامج المصالحة. وقد أظهرت التجارب في ألمانيا والمملكة المتحدة والنرويج والسويد أن أي برنامج ناجح لمكافحة التطرف يجب أن يكون شاملاً، وعلى وجه الخصوص يجب أن يأخذ المجتمع بعين الاعتبار. وفي الحالة الصومالية، يبدو أن التصور الفوقي، سواء على المستوى الفيدرالي أو العشائري، هو الغالب.
ب- عدم وجود هياكل كافية للمصالحة والتسامح الحقيقيين: فعلى سبيل المثال، لا يتم التطرق إلى التجارب المُروعة للضحايا على أيدي الأفراد الذين تابوا أو انشقوا عن الجماعات الإرهابية. وقد أدى ذلك إلى اعتقاد مُتزايد بأن الحكومة تُولي اهتماماً للإرهابيين التائبين أكثر من الاهتمام بضحاياهم. ولعل هذا يطرح أهمية تأسيس لجان الحقيقة والمصالحة.
ج- ضعف خطة المشاركة بعد إعادة الإدماج: إذ تضمن برنامج العفو بمنطقة دلتا النيجر في نيجيريا، مثلاً، خطة لإشراك المُنشقين اقتصادياً بعد إعادة تأهيلهم، بيد أن ذلك لم يتحقق نتيجة عدم قدرة الاقتصاد على تحمل التكلفة. وعليه قد تؤدي إعادة الدمج من دون خطة تمكين اقتصادي كبيرة، إلى جعل الجهد بأكمله عديم الفائدة، كما يمكن أن تؤدي بالإرهابيين السابقين إلى العودة للجماعات المسلحة مرة أخرى.
مواجهة التحديات:
جاء تعيين روبو في وقت تواجه فيه الحكومة الصومالية الجديدة مجموعة من التحديات، بما في ذلك المجاعة التي تلوح في الأفق، وانعدام الأمن بسبب هشاشة مؤسسات الدولة وهجمات حركة الشباب الإرهابية. وقد تسبب الجفاف الذي أصاب منطقة القرن الأفريقي في التأثير على حياة نحو حوالي 7.1 مليون صومالي – أي ما يُقرب من نصف عدد السكان – الذين يقاومون أزمة نقص الغذاء، مع وجود أكثر من 200 ألف صومالي على شفا المجاعة، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة.
ومن الواضح أن حكومة الرئيس حسن شيخ محمود التي تواجه هذه التحديات، تحاول - وربما بدعم من الولايات المتحدة - تشجيع المُقاتلين على الانشقاق وترك حركة الشباب الإرهابية؛ اعتقاداً بأن كل انشقاق، لاسيما في الكوادر العليا، ينال من قوة الجماعة المُتطرفة، التي لديها آلاف المقاتلين ولا تزال تُسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية الجنوبية والوسطى في الصومال.
وعلى أية حال، فقد كان النهج الصومالي الجديد بتعيين جهادي سابق في منصب وزاري موضوع خلاف، حيث رأى البعض أن وجوده على رأس وزارة الأوقاف يعني إعلان حرب أيديولوجية ضد حركة الشباب. لكن يرى آخرون أنها وسيلة للتغطية على الجرائم التي ارتُكبت عندما كان الرجل جزءاً من جماعة إرهابية مُرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتبقى الدلالة الأهم لحالة مختار روبو في الصومال، كما حاجج هذا المقال، تتمثل في الاعتراف بأن الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي أبداً لاحتواء التهديدات الإرهابية. وعليه، يُصبح من الأهمية بمكان تبني مقاربات سياسية، مع زيادة تمكين المجتمعات المحلية من أجل بناء قدراتها والحيلولة دون تجنيد مزيد من الإرهابيين. وبينما يحاول الصومال في ظل الحكومة الجديدة تبني نهجاً مُغايراً للتعامل مع الإرهاب، فمن الضروري إشراك المجتمعات المحلية في جميع مراحل تنفيذ هذه الرؤية. وفي هذا السياق، يُمكن الاستفادة من التجارب الوطنية الأخرى، حيث تطرح التجربة الكينية في صياغة خطط العمل الخاصة بمكافحة التطرف العنيف مثالاً جيداً على الجهود الوطنية التي تأخذ في الاعتبار مُتغيرات دوافع التطرف والراديكالية ذات الصلة بالسياق المحلي.