أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

أردوغان ودول الخليج.. مرةً أخرى

12 أكتوبر، 2020


الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يتوب عن شعاراته الجوفاء وعباراته الرنانة وأوهامه المسيطرة على عقله بأنه سيكون خليفة عثمانياً جديداً على الدول العربية، وهو بتلك الشعارات والتصريحات يخالف القوانين الدولية، ويضرب قواعد الدبلوماسية بين الدول.

في زيارته قبل يومين لقطر، وبعد استقباله في الدوحة، فإنه زارها وكأنه خليفة عثماني يزور ولايةً تابعةً لخلافته لا دولة مستقلة، وهذا للأسف نتيجة العمى الاستراتيجي الذي دفع بالبعض لمصيرٍ لا يُحسد عليه.

بعدما أوصل أردوغان الاقتصاد التركي إلى الحضيض ومستويات غير مسبوقة في الفشل، اتجه اقتداء بالنموذج الإيراني إلى سياسات نشر الفوضى وضرب القوانين الدولية، ونشر استقرار الفوضى في كل مكان استطاع الوصول إليه، فجيشه يعبث في شمال العراق بكل قواته المسلحة في انتهاك صارخ لسيادة الدولة العراقية، وهو يصنع الأمر ذاته في سوريا، إضافة لتحويله الجماعات الأصولية والإرهابية في سوريا إلى «ميليشيات متنقلةٍ» يحركها لأي مكان يريد نشر الفوضى فيه.

استراتيجية نشر الفوضى التركية طالت أماكن متعددة منها ما سبق ومنها ليبيا، حيث نزلت القوات التركية على أرضٍ عربيةٍ خالصةٍ، لا ناقة للتركي فيها ولا جمل تحت ذرائع غبية لا يصدقها أحد، وقد أرسل ميليشيات المرتزقة السوريين بالآلاف على طائرات تركية مدنية وعسكرية طمعاً في ثروات ليبيا من النفط والغاز، هكذا بكل بجاحةٍ لا تليق بأي دولة تحترم نفسها.

وبعد الفشل الاقتصادي الطاغي في تركيا، لجأ لقرارٍ فوضويٍ آخر، دفعه له الطمع في غاز ونفط شرق المتوسط، وبالوقاحة نفسها دفع بسفنه للحفر في البحر تحت حماية سفن جيشه في خرق واستهتار بالقوانين الدولية، ثم اضطر للانسحاب مرغماً فأعاد سفنه لبلاده.

وبعد سلاسل الفشل اتجه مجدداً نحو الشرق وأثار الفتنة والحرب بين حليفته أذربيجان وضحيته أرمينيا بدافع الطمع مجدداً في أن يكون ناقلاً رئيسياً لنفط آسيا باتجاه أوروبا، وها هي الحرب تشتعل شيئاً فشيئاً، ويتوقع كثيرون أن تتحول لحرب إقليمية إنْ لم يتم تدارك الأوضاع هناك.

تصريحات معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، كانت صريحةً في الرد على مزاعم أردوغان وتصريحاته المتكررة ضد دول الخليج العربي، وسأنقل تصريحات قرقاش بالنص لأهميتها، قال: «تصريح الرئيس التركي خلال زيارته إلى قطر، والذي يشير فيه إلى أن جيشه يعمل على استقرار دول الخليج برمتها لا يتسق مع الدور الإقليمي التركي، والشواهد عديدة، التصريح يحاول إبعاد النظر عن الأسباب الاقتصادية للزيارة، ولنكون واضحين: الجيش التركي في قطر عنصر عدم استقرار في منطقتنا». ويضيف الوزير قرقاش: «الوجود العسكري التركي في الخليج العربي طارئ، ويساهم في الاستقطاب السلبي في المنطقة، هو قرار نخب حاكمة في البلدين يعزز سياسة الاستقطاب والمحاور، ولا يراعي سيادة الدول ومصالح الخليج وشعوبه، فمنطقتنا لا تحتاج الحاميات الإقليمية وإعادة إنتاج علاقات استعمارية تعود لعهد سابق».

هذا التصريح الصريح والقوي والمباشر يكتنز الكثير من المعاني السياسية والعسكرية والتاريخية دون حاجةٍ إلى تفصيل وإطالة، والاحتلال التركي الذي تم طرده قديماً من دول الخليج، لا يمكن أن يعود مجدداً إلا في أوهام رجل يظن أنه قادرٌ على إعادة الزمن إلى الوراء، ووجد لوهمه مطايا تساعده على تحقيقه.

أخيراً، فاستخدام العبارات المكثفة الكاشفة يدل على عمق الوعي وحسن الأسلوب في توضيح الأمور، وهو أسلوب عربي أصيل ويستخدمه العرب إلى اليوم، وما أقرب تصريحات الوزير قرقاش من تصريحات الأمير بندر بن سلطان، التي أطلقها مؤخراً حين قال: «القراد يثوّر الجمل، لكن الجمل يبقى جمل والقراد يبقى قراد».

*نقلا عن صحيفة الاتحاد