أخبار المركز
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (سيطرة تبادلية: السيناريوهات المُحتملة لانتخابات الكونغرس الأمريكي 2024)
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"

أدوار محورية:

لماذا تصاعد الطلب على انعقاد "منتديات السلام" في الشرق الأوسط؟

04 مارس، 2021


أبدت بعض دول منطقة الشرق الأوسط اهتماماً خاصاً بعقد ما يمكن تسميته بـ"منتديات السلام" أو "تعزيز السلم" أو "السلام والتنمية"، والتي يحظى بعضها بدعم رسمي وتشارك فيها هيئات غير رسمية، وتهدف إلى القيام بأدوار مختلفة منها التصدي لخطابات الكراهية والتطرف المنتشرة في سياقات إقليمية مُحفِّزة، وتعزيز اللحمة المجتمعية في مراحل ما بعد الصراعات، وإثارة مطلب توفير لقاحات مواجهة فيروس "كوفيد-19" للدول الإفريقية بشكل منصف في ظل حرص الدول المتقدمة على توفير اللقاحات الخاصة بمجتمعاتها في المقام الأول، وتدعيم أطر التعاون بين القوى الإقليمية والمتوسطية في مجالى الأمن والطاقة، وتعزيز أطر الصداقة بين القوى الإقليمية الرئيسية والقوى الدولية الصاعدة على نحو ما تمارسه الصين إزاء مصر والسعودية والإمارات، ومد جسور التعاون بين الشرق والغرب وتجاوز الجاليات العربية والمسلمة معضلة الاندماج في المهجر.

مهام عديدة:

تعددت المهام التي تقوم بها منتديات السلام في الإقليم، خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

خطاب التسامح

1- التصدي لخطابات الكراهية والتطرف: تنتشر تلك الخطابات لدى بعض النخب السياسية والفكرية وقطاعات من الرأى العام في عدد من دول الإقليم، سواء في مواجهة رموز نظم سابقة أو تيارات مغايرة أو عقائد مخالفة أو أطراف منخرطة في بؤر صراعات وغيرها. وفي هذا السياق، نظم منتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" في 10 أكتوبر 2020، ندوة افتراضية بعنوان "دولة الإمارات وصناعة السلام"، بهدف الترويج لخطاب التسامح وأهمية التعايش وقبول الآخر، بالتطبيق على النموذج الإماراتي الذي يضم جنسيات مختلفة وثقافات متعددة وديانات متنوعة، الأمر الذي فرض عليه التمايز في إدارة الشأن العام وهندسة العلاقات الخارجية. 

وفي هذا السياق، تطرقت كلمة المدير التنفيذي للمنتدى خليفة مبارك الظاهري إلى دور الإمارات في تحقيق السلم والاستقرار، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، على نحو ما أشارت إليه "وثيقة الأخوة الإنسانية"؛ و"ميثاق حلف الفضول العالمي" باعتبارها مواثيق عالمية للتسامح. وفي سياق متصل، استضافت الأردن بالشراكة مع الأمم المتحدة والعديد من منظمات المجتمع المدني الدولية، أول منتدى عالمي للشباب والسلام والأمن، خلال يومى 21 و22 أغسطس 2015، حيث تم عرض خارطة طريق لدعم أدوار ومساهمات الشباب والتصدي للتطرف والنزاعات.

مصالحة محلية

2- تعزيز اللحمة المجتمعية في مراحل ما بعد الصراعات: شهدت بعض محافظات العراق، خلال الأعوام الماضية، بدعم منتديات سلام محلية ومنظمات دولية، وبمشاركة جماهيرية واسعة، الترويج لمفاهيم السلام، ومحاولات تجاوز تركة نظام صدام حسين والحرب ضد تنظيم "داعش" وإعادة إعمار العراق. ولعل أبرز تلك الحالات مشروع مد الجسور بين مجتمعات نينوى الذي تم تنفيذه في عام 2019، بالتركيز على عدة مداخل أبرزها الإعلام السلمي والتماسك الاجتماعي والتبادل الثقافي، وهو ما تكرر مع إقامة منتدى الموصل للسلام لاسيما أن تلك المحافظة شهدت حرباً متواصلة للتحرير من سيطرة "داعش". في حين ركز منتدى الفلوجة على دور المرأة في صنع وتعزيز السلم.

لقاحات كورونا

3- إثارة مطلب توفير لقاحات مواجهة فيروس "كوفيد-19" للدول الإفريقية: وذلك عبر توفير منصات إقليمية للمطالبة بمواجهة أوبئة عالمية، حيث انطلقت بمصر جلسات منتدى "أسوان للسلام والتنمية المستدامين"، والذي تقام فعالياته خلال الفترة (1-5 مارس الجاري) تحت عنوان "صياغة رؤية للواقع الإفريقي الجديد.. نحو تعافٍ أقوى وبناء أفضل"، بمشاركة عدد من قادة وحكومات الدول الإفريقية والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إضافة إلى الخبراء لمناقشة سبل التعافي من الفيروس في القارة الإفريقية.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته الافتتاحية أن "المرحلة الراهنة جاءت بتحديات جديدة في مقدمتها توفير اللقاح بشكل أكثر إنصافاً وعدلاً تلبية لمطالب شعوب قارتنا"، مضيفاً أنه "بخلاف الأعباء الثقيلة التي حلت على عاتق دولنا بسبب الجائحة لاتزال إفريقيا تعاني من أخطار النزاعات المسلحة، والحروب الأهلية، بما يهدد استدامة الأمن، كما باتت سهام الإرهاب تحاول استقرار شعوبنا، فضلاً عما تجلبه من ظواهر عابرة للحدود، مثل تهريب وانتشار الأسلحة وتفاقم الجرائم المنظمة والإتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة والنزوح القسري".

وأضاف السيسي: "لقد أسهمت الجائحة بما سببته من تداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة في تفاقم هذه الأخطار، وهو ما يتطلب توحيد الجهود لدعم الأطر والآليات الإفريقية لمنع وتسوية النزاعات، وتعزيز قدرات دول القارة للتعامل مع التهديدات والمخاطر القائمة". وتوافقت أطروحة السيسي مع ما طالب به الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بضرورة تحقيق المساواة في الحصول على اللقاحات لاسيما أن إفريقيا لاتزال تدفع ثمناً باهظاً نتيجة تغير المناخ، والأمم المتحدة ستواصل دعم إفريقيا لإسكات البنادق.

التصدي لأنقرة 

4- تدعيم أطر التعاون بين القوى الإقليمية والمتوسطية: وقد عبر عن هذه الصيغة منتدى الصداقة الأول (منتدى فيليا) الذي عقد في العاصمة اليونانية في 11 فبراير الفائت، تحت عنوان "بناء السلام والصداقة والازدهار من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج"، إذ تباحث وزراء خارجية اليونان وقبرص ومصر والسعودية والإمارات والبحرين حول سبل تعزيز التعاون، سواء بشكل ثنائي أو متعدد الأبعاد في مواجهة تحديات الأمن الإقليمي والتصدي لتداعيات "كوفيد-19". 

وعلى الرغم من أن التصريحات الصادرة عن وزراء خارجية الدول السابق ذكرهم تشير إلى أن المنتدى لا يقصد معاداة دول بعينها، لكنها رسالة ضمنية – في الغالب- لأنقرة لأنها تمارس سياسات عدوانية في الشرق الأوسط وبصفة خاصة في منطقة شرق المتوسط التي تتزايد فيها اكتشافات الغاز في الوقت الذي تعاني تركيا من نقص مصادر الطاقة. وفي هذا السياق، تتجه تلك الدول إلى تعزيز التعاون والاستثمار في مجال الطاقة.

النموذج الصيني  

5- تعزيز أطر الصداقة بين القوى الإقليمية الرئيسية والقوى الدولية الصاعدة: دشنت مؤسسة "الشرق الأوسط للسلام والتنمية" الصينية في عام 2016 منتدى "السلام في الشرق الأوسط"، بالتعاون مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني في مصر، وهى "شرف للتنمية المستدامة". ووقعت تلك المؤسسات مذكرات تفاهم لتعزيز وتطوير أطر التعاون بين الصين ودول رئيسية في المنطقة مثل مصر والترويج للأدوار التي تقوم بها مؤسسة الشرق الأوسط للسلام والتنمية في بناء مدارس للاجئين بالأردن، ودعم مبادرة الحزام والطريق والثمار التي ستنتج عنها، مع الترويج لنموذج التنمية الصيني.

كما احتضنت العاصمة بكين منتدى السلام العالمي خلال يومى 8 و9 يوليو 2019 بالتعاون بين جامعة تسينغهوا ومعهد الشئون الخارجية الصيني، في دورته الثامنة تحت عنوان "استقرار النظام العالمي.. المسئوليات المشتركة والإدارة المشتركة والمنافع المشتركة"، وناقش الحاضرون سبل تعزيز روح السلام المستدام في العالم، وتحقيق عولمة أكثر عدلاً وإنصافاً، وبناء نظام متعدد الأطراف وأكثر فعالية، وبحث الأسباب الجذرية لقضايا الأمن الدولي الكبيرة واستكشاف سبل معالجتها من خلال التعاون وتشجيع الحوار، ويهدف المنتدى بالأساس إلى دعم مبادرة الحزام والطريق عبر استضافة أكاديميين ودبلوماسيين سابقين وحاليين، من مناطق جغرافية مختلفة.

وسطاء السلام

6- مد جسور التعاون بين الشرق والغرب: ومن أبرز المنتديات في هذا المجال "منتدى شباب صناع السلام"، الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين وأسقفية كانتربري، حيث يتم اختيار 50 طالباً وذلك طبقاً لمجموعة من المعايير، من أهمها، أن يتراوح عمر المشاركين بين 20 و25 عاماً، وأن يكون للمرشح نشاط مجتمعي أو طلابي أو ثقافي أو ديني، فضلاً عن إجادة اللغة الإنجليزية، والتمتع بمهارات التواصل اللازمة لمشاركة فعالة في المنتدى، حيث يتم تخصيص محاضرات وورش عمل مكثفة، في كلية تشرشل بجامعة كامبريدج البريطانية، لترسيخ معاني التسامح والعفو لدى طلبة الجامعات، وتعزيز الحوار الإيجابي مع الآخرين، وكيفية البناء عليها لحل الصراعات المستدامة، والتركيز على مفهوم "إنسانية الأديان".

مطلب جوهري:

وبناءً عليه، يمكن القول إن منتديات السلام صارت مطلباً رئيسياً لا غنى عنه في الإقليم، بهدف ترسيخ قيم التسامح والاعتدال والإخاء، ومكافحة التطرف العنيف وتعزيز دور الشباب في مجتمعات مسالمة آمنة، وتجاوز مرحلة الصراعات المسلحة، والتصدي لسياسات أطراف إقليمية داعمة للتوسع على حساب دول الجوار، وخلق مساحات مشتركة مع الآخر في الغرب.