أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

الكنيست الـ 20:

عقبات جديدة أمام مسار القضية الفلسطينية

01 أبريل، 2015

الكنيست الـ 20:

نظم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، يوم 22 مارس 2015، حلقة نقاشية تحت عنوان "انعكاسات انتخابات الكنيست الإسرائيلي على القضية الفلسطينية". وكان المتحدث الرئيسي بالحلقة هو اللواء أسامة الجريدلي، المستشار الأكاديمي للشؤون الإسرائيلية بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، وعقب على ورقة العمل الرئيسية كل من د. أمل صقر، منسق برنامج التحولات السياسية، ود. شادي عبدالوهاب، منسق برنامج الاتجاهات الأمنية في مركز المستقبل.


بدأ الجريدلي حديثه بالإشارة إلى أن انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي أجريت في 17 مارس 2015، تمت في مرحلة شديدة الأهمية بالنسبة للقضية الفلسطينية، خاصة أن الحكومة القديمة كانت تعوق موضوع التسوية، بل وأخذت في طرح عدة أفكار متطرفة، مثل قضية "يهودية الدولة"، وغيرها من الأفكار التي تؤثر على حقوق الفلسطينيين في إقامة الدولة الفلسطينية وحقوق اللاجئين وغيرها.

وقد خلصت الحلقة النقاشية إلى عدد من الاستنتاجات يمكن إيجازها فيما يلي:

أولاً: انتخابات الكنيست.. الدوافع والسياقات

أوضح الجريدلي السياق والدوافع التي أفضت إلى انتخابات الكنيست الحالية، حيث كان هناك اتجاه إسرائيلي داخلي مناوئ للحكومة، وفي صدام مستمر معها فيما يخص عدة قضايا، من أبرزها وجهات النظر الخلافية بشأن التفاوض مع الجانب الفلسطيني، ومخصصات الميزانية العامة، حيث دارت خلافات حول زيادة المخصصات العسكرية في مقابل زيادة الميزانية المخصصة للخدمات الاجتماعية، هذا فضلاً عن قضايا داخلية أخرى كانت تؤدي إلى صعوبة عملية صنع واتخاذ القرار داخل الكنيست ذاته بسبب عدم رضا الأحزاب الأخرى، وعدم تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الداخلية في إسرائيل خلال الفترة الماضية. إذ أدت كل هذه العوامل إلى التوتر الداخلي داخل الحكومة، وبلغ الأمر إقالة الكنيست لبعض الوزراء عشية الانتخابات.

أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد شهدت تدهوراً كبيراً أثناء حكم بنيامين نتنياهو، حيث وصلت إلى حالة من الانسداد، ولم يتمكن الطرفان من إحراز أي تقدم بالطرق التقليدية والمفاوضات بسبب التعنت الإسرائيلي، وهو ما كان له الأثر في خروج الجانب الفلسطيني من الإطار التقليدي، ليبدأ في اتخاذ عدة خطوات بعيدة عن طاولة المفاوضات، من أهمها اللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على الاعتراف الدولي بحقوق الدولة الفلسطينية، والتقدم لجهات مختلفة باتهام الجانب الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

وعلى أثر هذه الخلافات الداخلية، ووفقاً للوائح التنظيمية للكنيست فقد تم حل الكنيست يوم 13 ديسمبر 2014، إذ يملك القدرة على حل نفسه، فقد ذهب نتنياهو إلى هذا الخيار لإعادة تشكيل الحكومة الحالية. ولم يُقدِم نتنياهو على هذه الخطوة إلا وهو واثق من فوزه في الانتخابات المبكرة، وبالتالي قدرته على تشكيل حكومة جديدة أكثر قدرة على دعم اتجاهاته.

وهنا تتأكد حقيقة مهمة أنه منذ انطلاق عملية السلم في مدريد عام 1991 لم تكمل أي حكومة إسرائيلية مدتها القانونية (4 سنوات)، وهو ما ينطبق على انفراط عقد ثلاث حكومات متعاقبة برئاسة نتنياهو خلال السنوات السبع الأخيرة.

وقد هيمنت على أجواء هذه الانتخابات ثلاث قضايا أساسية أثارت اهتمامات الإسرائيليين، تتعلق الأولى بالسياسات الاقتصادية - الاجتماعية التي طبقها بنيامين نتنياهو على مدى ما يقرب من ست سنوات، والتي أدت إلى تزايد معاناة فئات من الطبقة الوسطى ومعها الطبقة الفقيرة. أما الثانية فترتبط بالتهديدات التي تواجه أمن إسرائيل بسبب اكتساب الجماعات المصنفة كونها جماعات إرهابية أرضاً واسعة على حدود إسرائيل من جهة، وعدم توصل الدول الغربية لتسوية نهائية مع إيران حول حدود مشروعها النووي من جهة أخرى، فيما تتعلق القضية الثالثة بعملية التسوية المعطلة مع الفلسطينيين.

وبشكل عام تمت انتخابات الكنيست مع تقدم غالبية الأحزاب التقليدية، وكان التطور الوحيد الملحوظ هو دخول الأحزاب العربية للمرة الأولى الانتخابات بقائمة موحدة؛ وهو الأمر الذي سوف ينعكس إيجاباً ـ في حالة نجاح التجربة ـ على تشجيع الوسط العربي على التصويت من ناحية، وإمكانية تشكيل كتلة عربية داخل الكنيست ذات تأثير بشكل مباشر أو غير مباشر من ناحية أخرى.

ثانياً: نتنياهو للمرة الرابعة على التوالي

جاءت نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي بفوز "بنيامين نتنياهو" للمرة الرابعة على التوالي، وهو الأمر الذي يحتاج وقفة للتأمل والتحليل. فقبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات، كانت هناك أخبار منتشرة عن تعادل النتائج بين الليكود وما عرف باسم المعسكر الصهيوني (حزب العمل بقيادة حاييم هرتسوغ، وحزب الحركة بقيادة تسفي ليفني ـ يسار الوسط)، لكن يبدو أن كفة الليكود قد رجحت، لأنه وفقاً للنظام الانتخابي الإسرائيلي، يحق لكل الفئات الانتخاب، داخل وخارج إسرائيل، والمنتمين للمؤسسات العسكرية والأمنية، والذين يكونون تقريباً آخر فئة تتم معرفة نتائج تصويتها خصوصاً البحرية والجيش؛ وهو ما يعكس بصورة كبيرة الاتجاهات اليمينية التي يحملها الجيش الإسرائيلي الذي يبدو أنه حسم نتيجة الانتخابات لصالحه ولصالح نتنياهو.

وقد استطاع حزب الليكود الحصول على 30 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، وحصل المعسكر الصهيوني على 24 مقعداً، ثم حلت القائمة العربية ثالثاً بحصولها على 14 مقعداً، ثم حزب "يوجد مستقبل" 11، وحزب "كلنا" 10 مقاعد، والبيت اليهودي 8 مقاعد، وشاس 7 مقاعد، وإسرائيل بتنا 6 مقاعد، ويهوديت هاتوراه 6 مقاعد، وميريتس 5 مقاعد.

وتعليقاً على هذه النتائج، توقع المشاركون في الحلقة النقاشية أن يتم الائتلاف بين الليكود والأحزاب اليمينية واليمينية المتشددة، مرجحاً أن يعطي نتنياهو تنازلات لأحزاب اليمين لضمان التحالف معها، فيما ستتكتل أحزاب اليسار ويسار الوسط كقوة معارضة، إلى جانب أحزاب أخرى مثل "يوجد مستقبل" وميريتس و"كلنا". كما أن الكتلة الأخرى المعارضة لليكود ستكون القائمة العربية، والتي ثمة تخوف على استمرار تحالفها، لأنها تضم تيارات مختلفة ما بين يسارية، وإسلامية قومية.

ثالثاً: ماذا ينتظر القضية الفلسطينية؟

أكد المشاركون أنه لن يكون هناك خلاف جوهري بين اليمين واليسار في كل القضايا التي ترتبط بالأمن القومي الإسرائيلي؛ فالاختلافات بين اليمين واليسار هي تكتيكية في المقام الأول، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن اليسار أكثر مرونة، فإنه لا يفعل شيئاً في المحصلة الأخيرة، بينما الليكود أكثر وضوحاً وتطرفاً.

ويعتبر التياران وجهين لعملة واحدة في التحليل الأخير فيما يخص توجهاتهما نحو المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية، فبيمنا يتجه الليكود نحو التسوية "الوظيفية" ينادي اليسار بالتسوية "الإقليمية"، وتشير الأولى إلى عدم سماح الليكود بأي سيادة رمزية للجانب الفلسطيني بأي حال، لكنه قد يتسامح مع الجوانب الأخرى، مثل التعليم والصحة. أما الثانية فتشير إلى إقامة الدولة الفلسطينية في إطار الحدود الأردنية بعد تقسيم الدولة؛ ويعني ذلك أن اتجاه اليمين يعمل على "نهاية القضية"، أما اتجاه اليسار فيفضل "عدم حسم القضية".

من جانب آخر، ثمة أحزاب داخل الكنيست لا تهتم مطلقاً بالقضية الفلسطينية، ولا تضعها على قائمة أولوياتها. فيما تهتم المؤسسات العسكرية، وبغض النظر عن أي تيار حاكم في إسرائيل، بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي، ومنها القضية الفلسطينية؛ وبالتالي تسيطر بشكل كبير على مفاوضات التسوية.

ومن هنا يمكن استنتاج أنه من الصعوبة بمكان أن يحدث تطور كبير على مسار المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فمعسكر اليمين واليمين المتطرف سوف يشكل الحكومة، وسوف تستمر شروطهم السابقة في محاولة فرض التسوية من دون تغيير كبير، فيما لا يملك تيار اليسار والوسط إمكانية تعديل هذه المواقف اليمينية، بل لا يملك حتى تعديل مواقفه وتوجهاته السابقة.