أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

الإمارات اليوم:

فرص «محدودة» لنجاح التكتل الاقتصادي المقترح بين تركيا والعراق وإيران

13 ديسمبر، 2021


أعلن المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، محمد حنون، أن وفد بلاده اقترح خلال فعاليات منتدى الأعمال العراقي - التركي للاستثمار والمقاولات في إسطنبول، في 20 نوفمبر 2021، إنشاء تكتل اقتصادي إقليمي يضم العراق وتركيا وإيران، لتشكيل قوة تتيح لها منافسة التجمعات الاقتصادية حول العالم.

حوافز التعاون المحتمل:

يمكن تفسير دعوة العراق لتدشين هذا التكتل في هذا التوقيت بأسباب عدة، منها:

1- أبعاد سياسية

لاشك أن ثمة أبعاداً سياسية للدعوة إلى مثل هذا التكتل في الوقت الحالي، أهمها أن الحكومة العراقية تريد توجيه رسالة بأنها تسعى لتبني سياسات إقليمية متوازنة، وأنه بالتوازي مع حرصها على الانفتاح والتعاون مع الدول العربية، سواء تمثلت في دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال الربط الكهربائي وغيره من المجالات، أو مع مصر والأردن من خلال مشروع الشام الجديد، فإن هذا لن يؤثر في رغبة العراق في تعزيز علاقاته الاقتصادية مع الدول المجاورة له، وتحديداً تركيا وإيران.

2- دعم النمو الاقتصادي

تعاني اقتصادات الدول الثلاث أزمات اقتصادية لأسباب متباينة، إذ تواجه إيران عقوبات اقتصادية أميركية بسبب برنامجها النووي وتدخلاتها الإقليمية، ولا يتوقع أن تتحسن أوضاعها، أو تدخل في تكتلات اقتصادية ذات معنى ما لم يتم رفع هذه العقوبات.

ويواجه العراق تحديات أمنية وأزمات سياسية، عرقلت فرص النمو الاقتصادية خلال الفترة الماضية، كما تعاني أنقرة أيضاً تدهوراً كبيراً في قيمة عملتها التي فقدت نحو 45% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري وحده، لذا فإن هذا التكتل قد يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، لكن بشرط تصحيح الاختلالات الداخلية في كل دولة، التي انعكست على أوضاعها الاقتصادية.

3- البناء على التعاون السابق

أعلن وزير التجارة العراقي، علاء الجبوري، في أغسطس الماضي، عن التوصل لاتفاق مع نظيره التركي على تشكيل لجان مشتركة لتطوير العلاقات الاقتصادية، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، فيما انطلقت أعمال اللجنة الرابعة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين إيران والعراق، في مطلع العام الجاري، وذلك بعد توقفها لمدة ست سنوات متتالية، وتناولت محادثات اللجنة تطوير العلاقات الاقتصادية ودراسة سبل تنمية الصادرات والتعاون المتبادل وتقييم السوق بين الجانبين.

وتتطلع تركيا والعراق وإيران إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينها، حيث تسعى تركيا، التي تعد ثاني أكبر المصدرين للعراق بعد الصين، إلى زيادة قيمة التبادل بينها وبين العراق لتبلغ 50 مليار دولار سنوياً، مقابل القيمة الحالية التي لا تتعدى 21 مليار دولار سنوياً، فيما يبلغ حجم التبادل بين إيران وتركيا نحو 10 مليارات دولار سنوياً، بينما يخطط البلدان إلى زيادة قيمته لتصبح 30 مليار دولار سنوياً، وفي الوقت ذاته ترغب إيران والعراق أيضاً في مضاعفة حجم التبادل بينهما ليكون 20 مليار دولار سنوياً.

4- استثمار التعاون الإيراني - التركي

التقى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قبيل الإعلان عن التكتل، في 15 نوفمبر، بنظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، كما اجتمع أيضاً مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، حيث اتفق الجانبان على وضع خريطة طريق لتعاون شامل ومستدام، بما في ذلك التجارة والاستثمار ومكافحة الإرهاب، وذلك تمهيداً لزيارة الرئيس أردوغان المرتقبة إلى طهران، قبيل نهاية العام الجاري، ومن المحتمل أن يؤدي هذا التقارب بين البلدين إلى تعزيز التكتل المزمع بينهما وبين العراق.مشكلات التكتل المقترح

ثمة عقبات وأزمات تواجه هذا التكتل وتقف في طريق إتمامه ونجاحه أهمها:

1- المشكلات المائية المزمنة مع العراق

تعاني العلاقات بين الدول الثلاث من توترات بسبب أزمة المياه وتقاسم الأنهار الدولية بينها، حيث يواجه العراق أزمة شحّ موارده المائية، نظراً إلى نشاط إيران في تحويل مجاري الأنهار الدولية إلى داخل البلاد، وذلك لمواجهة موجة الجفاف الحالية، غير عابئة بتداعيات ذلك السلبية على العراق، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لتركيا التي أقامت، على مدار سنوات، سدوداً عدة على نهرَي دجلة والفرات، ما أثر بصورة سلبية في كمية المياه المتدفقة إلى العراق.

وأعلن وزير الموارد المائية العراقي، في 24 نوفمبر الماضي، أن تركيا وإيران انتهكتا المواثيق الدولية بخصوص حصة العراق في المياه، مؤكداً أن معدلات الإطلاقات المائية المتدفقة من إيران للعراق وصلت إلى الصفر، فيما أكد الوزير، في يوليو الماضي، أن بلاده قد تلجأ إلى المجتمع الدولي إن لم تطلق إيران حصته المائية، في إشارة إلى فشل محادثاته مع إيران وتركيا للاتفاق على بروتوكول لتقاسم المياه، ولاشك أن غياب الاتفاق على تقاسم الأنهار الدولية سيحدّ من فرص إقامة تعاون اقتصادي بين الدول الثلاث.

2- التنافس التركي - الإيراني المحتمل:

تتضارب المصالح التركية والإيرانية بشكل واضح، إذ إن جوهر مشروعهما الإقليمي يقوم على محاولة الهيمنة الإقليمية على جوارهما المباشر، وهو ما وضح في تنازعهما في سورية والعراق وآسيا الوسطى.

3- التنافس الإيراني - التركي على السوق العراقية

يلاحظ أن هناك منافسة شرسة بين البلدين على السيطرة على السوق العراقية، حيث إن تركيا هي المنافس الاقتصادي الرئيس لإيران في السوق العراقية، حيث تجاوزت صادراتها إلى العراق عام 2019 صادرات إيران، كما استثمرت الشركات التركية نحو 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي، وبنية تحتية، بمدن عراقية مختلفة، وذلك في مجالات الطاقة والمياه والصناعات البتروكيماوية، فضلاً عن تزايد المنافسة بينهما في إنتاج الكهرباء بالعراق، التي كانت تهيمن عليها الشركات الإيرانية في السابق.

4- الدور العربي المتزايد

يلاحظ أن العراق قد اتجه، خلال الفترة الأخيرة، إلى تعزيز علاقاته بالدول العربية، إذ اتضح ذلك في الاقتراب من إتمام مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج العربية، الأمر الذي سيحد من الصادرات الإيرانية إلى العراق، التي كانت، في جانب منها، تعتمد على تصدير الكهرباء والغاز الطبيعي لتشغيل محطات الكهرباء العراقية، كما أن شراء الطاقة من دول الخليج العربية سيكون أرخص من نظيرتها الإيرانية. ومن جانب ثانٍ، يتطلع العراق إلى تعزيز تعاونه مع مصر والأردن عبر مشروع الشام الجديد، الذي يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث في إقامة مشروعات اقتصادية، فضلاً عن الربط الكهربائي، إلى جانب استكمال بناء خط الغاز العربي، وهي كلها مشروعات ستسمح بتطوير الاقتصاد العراقي، ومزاحمة الاستثمارات العربية لنظيرتها التركية والإيرانية.

ضبابية

لم يتبلور بعد تصور واضح من جانب العراق لهذا التكتل الاقتصادي المقترح، فضلاً عن أن كلاً من إيران وتركيا لم تبديا بعد مواقف واضحة من مثل هذا التكتل، وما إذا كانتا على استعداد للتعاون من خلال هذا الإطار الثلاثي، أم يظل الإطار الثنائي هو الأفضل لتعزيز التعاون الاقتصادي في ما بينها. وحتى في حالة اتجاه الدول الثلاث إلى تفعيل الاقتراح العراقي، فإنه سيُواجَه بمنافسة من دول عربية، تتجه هي الأخرى للانفتاح على بغداد، وتعزيز علاقاتها بها سياسياً واقتصادياً.

• تتطلع تركيا والعراق وإيران إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينها، حيث تسعى تركيا، التي تعد ثاني أكبر المصدرين للعراق بعد الصين، إلى زيادة قيمة التبادل بينها وبين العراق، لتبلغ 50 مليار دولار سنوياً، مقابل القيمة الحالية التي لا تتعدى 21 مليار دولار سنوياً، فيما يبلغ حجم التبادل بين إيران وتركيا، نحو 10 مليارات دولار سنوياً، ويخطط البلدان إلى زيادة قيمته لتصبح 30 مليار دولار سنوياً، وفي الوقت ذاته، ترغب إيران والعراق أيضاً في مضاعفة حجم التبادل بينهما ليكون 20 مليار دولار سنوياً.

*لينك المقال في الإمارات اليوم*