قال دونالد ترامب لنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال غداء العمل الذي جمعهما في قصر الايليزية السبت الماضي قبل احتفالات مئوية الحرب العالمية الاولى، إن أسعار النفط ستكون منخفضة .ثم غرد قبل يومين قائلا انه «يتمنى من السعودية واوبك الا تخفض الانتاج وان اسعار النفط ينبغي ان تكون اقل مما هي على اساس العرض».
واقع الحال ان ترامب هندس العقوبات على تصدير النفط الايراني بشكل عدم تاثيرها على السوق النفطية العالمية، وفاجأ العالم بانه اعطى ٨ دول استثناءات لمدة ثلاثة اشهر قابلة للتمديد او للتوقيف، وهذه الدول هي الصين التي استوردت في نيسان (ابريل) من ايران ٧٣٣ الف برميل في اليوم، والاستثناء الاميريكي جعلها تستورد ٣٦٠ الف برميل في اليوم، واليابان التي اصبحت تستورد ١٠٠ الف برميل في اليوم من النفط الايراني بعد ان كانت الكميات في نيسان ١٠٠ الف برميل في اليوم، وكوريا الجنوبية اصبحت تستورد ١٣٠الف برميل في اليوم، بعد ان كانت تشتري ٢٦٦ الف برميل في اليوم، والهند تشتري الآن ٣٠٠ الف برميل في اليوم، وكانت تأخذ ٦٥٥ الف برميل في اليوم من النفط الايراني. فمجموع الدول الثماني المستثناة من العقوبات الأميركية مرحلياً (الصين واليابان وكوريا وتايوان والهند وايطاليا واليونان وتركيا)، اصبح بـ١,٠٩ مليون برميل في اليوم، في حين كانت ايران تصدر لها ٢,٢٨٠ مليون برميل في اليوم، ان الادارة الاميركية لم تشرح لماذا سمحت باستثناء هذه الدول .ولكن من الواضح ان ترامب اراد تجنب اي شحّ في العرض قد يرفع سعر النفط. فبين توقعات بحجم صادرات النفط الايراني بصفر الى ما هي الآن بمليون برميل في اليوم لم يحدث نقص في العرض في الاسواق بل العكس، ما جعل وزير النفط السعودي خالد الفالح يقول في ابوظبي انه يرى حاجة الى تخفيض اوبك مليون برميل في اليوم. واقع الحال ان سعر برميل البرنت من تشرين الاول (اكتوبر) الى الآن انخفض بـ١٥ في المئة الى اقل من ٧٠ دولار البرميل . وهذا قد يناسب ترامب لكنه غير محبذ من دول الاوبك .اما العقوبات على ايران فرغم هذه الاستثناءات لا يسمح للدول التي تشتري من ايران الدفع بالدولار. فتوضع الاموال التي تدفع في حسابات محلية مغلقة escrow account بامكان ايران ان تدفع بها فقط الادوية وكل الاحتياجات الانسانية من حسابات بالعملة المحلية، مثلا، في الصين او كوريا. وإيران ستجد صعوبات في دفع تأمين ناقلات النفط، وعليها ان تجد طرقاً لذلك، كما ان طائرات الخطوط الجوية الايرانية ستجد صعوبات في تزويدها في مطارات العالم بالفيول لرحلاتها. ففي مطار بيروت لا يحق لشركات النفط مثل «توتال» وغيرها الموزعة لوقود الطائرات بتزويدها بسبب العقوبات. فالتساهل الاميريكي مع الدول المستثناة من العقوبات هو بوضوح لمنع ارتفاع سعر النفط، ولكن، هناك موعد لـ»اوبك» والدول الـ٢٤ التي تعاونت حتى الآن لخفض انتاجها وذلك في ٦ و ٧ كانون الاول (ديسمبر) في فيينا، فالسؤال هو كيف سيكون موقفها تجاه دعوات ترامب؟ وزير اكبر دولة منتجة، السعودية، قال إن هناك حاجة لتخفيض مليون برميل في اليوم. و ماذا تفعل روسيا وهي اكبر منتج خارج اوبك الذي تعاون مع «اوبك»؟. المتعاملون مع الشركات الروسية ينقلون عنها قولها ان المرحلة صعبة لانهم اضطروا بسبب تخفيض الانتاج إلى وقف بعض المشاريع وتقليص الاستثمارات، ما أدى إلى تخفيض انتاجية حقولهم. ويقولون انهم شركات خاصة وليسوا ملك الدولة، وانهم يعانون من خسائر مالية نتيجة ذلك. والسؤال ماذا سيفعلون في ٦ كانون الاول في فيينا، وهل يخفضون مع اوبك انتاجهم ام لا. بامكانهم تغيير موقفهم الحالي وذلك حسب وضع السوق في ذلك الوقت وحسب مفاوضاتهم مع السعودية. ولن يعلنوا موقفهم قبل كانون الاول، ولو ان الرهان انهم في النهاية سيقررون خفض انتاجهم لان وضع السوق النفطية اليوم يعكس توقع فائض في العرض للربع الاول من السنة المقبلة . واذا رأت الدول المنتجة ال٢٤ في كانون الاول انه ينبغي تخفيض الانتاج بنصف مليون برميل الى مليون برميل في اليوم يجدر السؤال: ماذا ستكون ردة فعل ترامب ازاء «اوبك» حينها؟.
*نقلا عن صحيفة الحياة