برز الذكاء الاصطناعي كواحدة من أكثر التقنيات التحويلية في العصر الحديث، والتي يمكن أن تخلق مكاسب واسعة للاقتصاد العالمي في الأفق البعيد. مع ذلك، أثار التقدم العالمي نحو تطوير نماذج وتطبيقات جديدة للذكاء الاصطناعي مخاوف جدية بشأن بصمتها الكربونية بسبب استهلاكها المفرط للكهرباء. وقد دعا ذلك كثيراً من الدول والشركات المعنية بتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة لاتخاذ إجراءات استباقية تستهدف ترشيد استهلاك الطاقة الناتجة عنها، وكذلك اتباع نماذج أكثر مراعاة للبيئة في توليد الكهرباء اللازمة لمراكز البيانات المرتبطة بها.
سوق متنامية:
يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف أنحاء العالم عاماً بعد آخر؛ إذ تتوسع الشركات والحكومات بقوة في الاستعانة بقدراته الهائلة في إدارة وتحسين مخرجات العمليات التشغيلية لمختلف الأنشطة الاقتصادية. وقد أفاد استطلاع رأي أجرته شركة "آي بي إم" الأمريكية (IBM) في نوفمبر 2023، ضمن نتائج مؤشر "آي بي إم" العالمي لاعتماد الذكاء الاصطناعي 2023، بأن 42% من الشركات العالمية قامت بدمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها، في حين تفكر 40% منها باستخدامه لاحقاً.
وتحمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي آفاقاً واعدة في مختلف القطاعات بما في ذلك الصناعة والخدمات المالية والنقل والصحة والتعليم وغيرها. ففي القطاع المالي على سبيل المثال، يتم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي حالياً من قبل البنوك والمؤسسات المالية في مجموعة من التطبيقات مثل: اكتشاف الاحتيال وإجراء عمليات التدقيق وتقييم العملاء للحصول على القروض.
وسيكون لانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي مردود إيجابي على كافة الاقتصادات خاصة الكبرى منها مثل الولايات المتحدة؛ إذ من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ما يتراوح بين 0.5 إلى 1.5 نقطة مئوية على مدى العقد المقبل. وإجمالاً، سوف تفسح تلك الآفاق المجال أمام حدوث نمو قوي للسوق العالمية للذكاء الاصطناعي، والتي ستزداد من 40 مليار دولار عام 2022 إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 43%، وفقاً لــ "بلومبرغ إنتليجنس".