أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

مؤشرات مقلقة :

فوز الجمهوريون بمنصب حاكم فرجينيا يُربك الديمقراطيين

14 نوفمبر، 2021


فاز المرشح الجمهوري، جلين يونجكين، في 3 نوفمبر الجاري، في الانتخابات التي أُجريت لاختيار حاكم لولاية فرجينيا، وذلك على حساب منافسه الديمقراطي، تيري ماك أوليف، والذي شغل منصب حاكم الولاية خلال الفترة من 2014 إلى 2018، بفارق 2,2%، حيث حصل يونجكين على 50,7% من إجمالي عدد الأصوات، بينما حصل منافسه على 48,5% من إجمالي عدد الأصوات.

انتكاسة الديمقراطيين: 

مثلت انتخابات فرجينيا ونيوجيرسي أول انتخابات تُجرى على مستوى الولايات منذ هزيمة دونالد ترامب في نوفمبر 2020، وبالتالي فهي تُعد بمنزلة اختبار تمهيدي للديمقراطيين بصفة عامة، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، بصفة خاصة قبل انتخابات التجديد النصفي المزمع عقدها في نوفمبر 2022؛ غير أنه من الواضح أن نتائجهما، وكذلك استطلاعات الرأي حول شعبية الرئيس، لم تكن على المستوى المأمول، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 

1- خسارة الديمقراطيين فيرجينيا: كان ينظر إلى انتخابات فرجينيا باعتبارها مضمونة للديمقراطيين، كونها ولاية ذات ثقل ديمقراطي، فلم يفز الجمهوريون بالسباق الانتخابي في هذه الولاية منذ عام 2009. كما كانوا ينظرون إلى هذا التصويت على أنه استفتاء على رئاسة جو بايدن، والذي فاز بفارق 10 نقاط في هذه الولاية خلال الانتخابات الرئاسية قبل عام واحد فقط، وبالتالي، فإن هذا الفوز ما هو إلا جرس إنذار بتراجع شعبية الديمقراطيين قبل انتخابات الكونجرس القادمة في نوفمبر 2022.

كما أن هزيمة الديمقراطيين في ولاية فرجينيا تعد هزيمة لجو بايدن، وذلك لأنه شارك شخصياً في الحملة الانتخابية دعماً لتيري ماك أوليف، حيث هاجم قبل أيام من إجراء الانتخابات، الحزب الجمهوري واصفاً إياه بأنه "لا يدافع عن أي شيء سوى الاستمرار في خفض ضرائب الشركات الأغنى والأقوى". ومن المحتمل أن تشهد الشهور القادمة إخفاقات مماثلة للديمقراطيين في انتخابات حكام الولايات في جورجيا ونيفادا وأريزونا. 

2- تراجع الديمقراطيين في نيوجيرسي: فاز الديمقراطي "فيل مورفي" في انتخابات حاكم الولاية، غير أن هذا الفوز كان شديد الصعوبة، إذ حصل على 50.1% من أصوات الناخبين، وذلك بعد أن فاز "مورفي" بأكثرية 56% من الأصوات في انتخابات الولاية السابقة.

كما أنه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أعطت هذه الولاية الرئيس بايدن 57% من أصواتها، مقابل 40% من الأصوات ذهبت لدونالد ترامب، وبالتالي، يبدو أن الجمهوريين يمكنهم تحقيق نتيجة إيجابية في أي استحقاقات انتخابية قادمة في نيوجرسي. وبعبارة أخرى، تمكن الجمهوريون من تعزيز شعبيتهم في الولايات الزرقاء (الديمقراطية) مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.

3- تراجع شعبية بايدن: كشف استطلاع للرأي أجرته شبكة إن بي سي نيوز في 31 أكتوبر الماضي أن 71% من الأمريكيين يقولون إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، ولا يوافقون على أداء الرئيس بايدن، إذ يعتبرونه أخفق في توحيد البلاد، ومواجهة الأزمة الاقتصادية، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم ووصول أسعار الوقود لأرقام قياسية. 

4- حاجة الجمهوريين لخمسة مقاعد: يحتاج الجمهوريون إلى الفوز بخمسة مقاعد فقط في مجلس النواب الأمريكي لاستعادة السيطرة عليه، وهم يستفيدون من المبدأ التاريخي القائل بأن حزب الرئيس الجديد يميل إلى التراجع في انتخابات التجديد النصفي.

وإذا ما آلت السيطرة على الكونجرس للجمهوريين، فإن بايدن سوف يواجه معارضة أكبر في تمرير مشاريع القوانين الذي يقدمها إلى الكونجرس، وبالتالي، سوف يكون عليه التوصل لحلول وسط مع الجمهوريين، وهو ما سيجعل بايدن مقيداً في تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية، على حد سواء، مما قد يقلل من فرص إعادة انتخابه في عام 2024.

أسباب تراجع الشعبية 

يمكن تفسير تراجع شعبية الديمقراطيين من خلال العوامل التالية:  

1- سياسات غير ناجحة: تبنت إدارة بايدن ثلاثة قرارات عكست ضعف أدائها، ويمكن أن تكون لعبت دوراً في التأثير على شعبيتها، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي: 

‌أ- الانسحاب الأمريكي من أفغانستان: تعرض الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لموجة من الانتقادات اللاذعة إثر انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، واعتبر قطاع من المواطنين أن الانسحاب الفوضوي تسبب في مقتل جنود أمريكيين ومواطنين أفغان أبرياء، وهو ما قد يؤثر بالسلب على شعبية الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي عام 2022.

فقد يتجه معارضي بايدن من الحزب الجمهوري إلى بذل قصارى جهدهم خلال 2022 لتذكير الشعب الأمريكي بهذه المأساة، خاصة إذا ما صدقت التقييمات الاستخباراتية أن التهديدات النابعة من التنظيمات الإرهابية، المتمركزة في أفغانستان، وتحديداً داعش والقاعدة، سوف تعود خلال عام واحد.

‌ب- أزمة التعامل مع المهاجرين: واجه بايدن انتقادات حادة لاستجابته اللاإنسانية التي تلقاها المهاجرون الهايتيون على الحدود الأمريكية – المكسيكية في سبتمبر الماضي، وذلك من خلال قرار الإدارة الأمريكية تسريع وتيرة عمليات الإجلاء الجوي لأكثر من 10 آلاف مهاجر غالبيتهم من هايتي، احتجزتهم السلطات أياماً تحت جسر في تكساس بعد عبورهم الحدود من المكسيك. 

ورأي الحقوقيون والمدافعون عن الهجرة والحقوق المدنية أن الإدارة الديمقراطية انتهكت ما يمكن تسميته "سياسة هجرة أكثر إنسانية". وفي المقابل، اتهم الجمهوريون بايدن بأنه المسؤول عن هذه الأزمة بسبب تخفيفه إجراءات سلفه دونالد ترامب الذي جعل مكافحة الهجرة غير الشرعية أولويته.

‌ج- إشكالية التعافي الاقتصادي: لا شك أن مصير بايدن السياسي بات رهينةً بكيفية إدارته لأزمة كورونا، ما دفعه لتمرير مشروع قانون لإنقاذ الاقتصاد بقيمة 1,9 تريليون دولار مع توليه سدة الحكم، وتكثيف حملات التطعيم. 

وعلى الرغم توقع الخبراء الاقتصاديين أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 5.7% في العام الحالي، و4% في 2022، فإن مشاعر الأمريكيين بشأن أوضاع الاقتصاد تبدو سلبية تماماً، إذ سجل مؤشر "غالوب للثقة الاقتصادية" قراءة منخفضة في شهر أكتوبر على مستوى انخفاضها نفسه خلال فترة إغلاق البلاد نتيجة انتشار جائحة كورونا في أبريل 2020، كما أن قراءة مؤشر ثقة المستهلكين التابع "لجامعة ميتشيغان" سجلت مستوى أشد انخفاضاً. ففي استطلاع للرأي، أكد 65% ممن شاركوا فيه أن الاقتصاد الأمريكي في وضع "سيء". ووضعت استطلاعات الرأي في فيرجينيا في الأسبوع الماضي الاقتصاد على قمة المشاكل التي تدعو إلى القلق، وهو ما يرتبط بارتفاع معدلات البطالة والتضخم. 

2- انقسامات الديمقراطيين: يهيمن الديمقراطيون على الكونجرس الأمريكي، إلا إنهم يمتلكون أغلبيةً ضعيفة في مجلسي النواب والشيوخ، وما يزيد الأمور تعقيداً هو انقسام الحزب بين معسكرين؛ هما الجناح المتشدد التقدمي والجناح المعتدل أو الوسطي. وتسبب هذا الانقسام في تأخر إقرار الخطة الاستثمارية الضخمة بقيمة 1,2 تريليون دولار، التي طرحها بايدن لتحديث البنية التحتية المتقادمة في البلاد. 

3- الشعور بالاستياء: لا يشعر الأمريكيون بتحسن في أوضاعهم الاقتصادية أو الاجتماعية بعد قرابة انقضاء عام على تولي بايدن إدارة البيت الأبيض، ومن الواضح أن المواطن العادي أصبح لديه شعور بأن الوعود الانتخابية ذهبت أدراج الرياح. وفي حالة لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المتبقية قبل انتخابات التجديد النصفي، فإن فرص الجمهوريين في استعادة السيطرة على إحدى المجلسين سوف تزداد. 

4- إخفاق الرسالة الانتخابية: اعتمد بايدن والديمقراطيون في حملتهم الانتخابية على تخويف الأمريكيين من التيار الشعبوي الجمهوري الذي يقوده دونالد ترامب، وهو أمر ثبت أنه لم يعد كافياً لتحقيق الفوز في الانتخابات، وأن الديمقراطيين بحاجة إلى تبني سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة تعود بالفائدة على المواطن الأمريكي، إذا ما أرادوا الاستعداد جيداً للانتخابات القادمة.

وفي الختام، يمكن القول إن انتخابات ولاية فرجينيا الأمريكية كانت بمنزلة أول اختبار جماهيري كبير لرئاسة جو بايدن، وتوجه إنذاراً قوياً للديمقراطيين بأن سيطرتهم على مجلس الكونجرس قد تتراجع في انتخابات التجديد النصفي في عام 2022، ما لم يتمكن بايدن من إنعاش الاقتصاد الأمريكي.