أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

الإمارات اليوم:

الآثار الاقتصادية للانقلابات العسكرية في إفريقيا ممتدة

30 أكتوبر، 2021


منذ حصول دول القارة الإفريقية على الاستقلال في خمسينات القرن الماضي، أصبحت الانقلابات العسكرية حدثاً شائعاً ومتكرراً، وهو ما ظهر في بعض هذه الدول خلال السنوات الأخيرة. وتتعدد الآثار الاقتصادية الناجمة عن التوترات والانقلابات العسكرية في إفريقيا، وهي في مجملها تترك تداعيات سلبية على الاقتصادات الوطنية الإفريقية، وتمتد هذه التداعيات إلى المستوى الإقليمي القاري، بل تتجاوز ذلك إلى الاقتصاد العالمي.

انقلابات متكررة

تتصدر القارة الإفريقية الترتيب العالمي في عدد الانقلابات، إذ بلغ أكثر من 200 محاولة انقلابية منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وفقاً لبعض الدراسات، منها ما حدث في العام الجاري في مالي وجمهورية غينيا. وتعتبر دول غرب ووسط إفريقيا بشكل عام الأكثر تعرضاً للانقلابات العسكرية؛ نظراً للبيئة الخصبة المشجعة على ذلك، والتي تتمثل في الخلافات العرقية والإثنية، إلى جانب هشاشة بنية الدول من الناحية السياسية والأمنية. وعلى الرغم من تعدد محاولات الانقلابات وكثرتها في إفريقيا، فإن نصفها تقريباً باء بالفشل.

تداعيات إقليمية

تترتب على الانقلابات العسكرية في إفريقيا تداعيات سلبية تؤثر في التنمية الاقتصادية في القارة، ويمكن توضيحها كالتالي:

1- زيادة عدد اللاجئين وسوء الأوضاع المعيشية

أدت الحروب والانقلابات في إفريقيا إلى تزايد أعداد المشردين واللاجئين والنازحين من أماكن النزاع إلى أخرى أكثر استقراراً، وهو ما جعل هذه القارة تضم حالياً نحو ثُلث عدد اللاجئين على مستوى العالم. وتُولد أزمة اللاجئين في القارة السمراء أعباءً اقتصادية هائلة، مثل هبوط معدلات النمو الاقتصادي، ومستويات عالية للفقر، وتدني متوسط مداخيل الأفراد، وتدهور مستوى البنية التحتية، وتفكّك الأُسَر نتيجة للقتل والتشريد، وخطف الأطفال وتجنيدهم في الصراعات المسلحة. وقد شهدت دول مثل السودان وسيراليون وليبيريا ورواندا ومالي انقلابات عسكرية ونزاعات أهلية استمرت عشرات السنوات، وراح ضحيتها أكثر من 13 مليون شخص، وتشرد بسببها نحو 33 مليوناً آخرين.

2- تعليق العضوية في المؤسسات الإقليمية وفرض العقوبات الاقتصادية

عادة ما تأتي مثل هذه القرارات كنوع من الرد على تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية في الدول التي شهدت انقلابات عسكرية. ويتجه عادة الاتحاد الإفريقي أو التكتلات الإقليمية في القارة لفرض عقوبات سياسية واقتصادية على تلك الدول. وفي هذا الإطار، تم تعليق عضوية مالي في الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بعد انقلاب مايو 2021، وأصدرت الجماعة عقوبات عليها. كذلك تم تعليق عضوية جمهورية غينيا من قبل (إيكواس)، بعد انقلاب سبتمبر الماضي. وتنتج عن ذلك بلاشك حالة من القلق وعدم اليقين بشأن الأوضاع الاقتصادية في هذه الدول، كما أنها تؤثر سلباً في خطط وأهداف استكمال مراحل التكامل الاقتصادي الإقليمي.

3- تعطيل خطط التنمية الاقتصادية في إفريقيا

في الوقت الذي تسير فيه إفريقيا على خطى وطموحات أجندة التنمية المستدامة 2063، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد إفريقي قوي ومتكامل ومؤثر في الساحة الدولية، ومع حرصها على أن يكون السلام والاستقرار السياسي هو العمود الفقري لهذه الطموحات التنموية من خلال مبادرة «إسكات صوت البنادق»، إلا أن الواقع الفعلي للمشهد السياسي في القارة السمراء يعوق وبشكل كبير تنفيذ أجندة التنمية.

وهنا تؤدي الانقلابات العسكرية إلى أوضاع متوترة وغير مستقرة في الدول، حيث ينشغل قادتها وشعوبها عن استثمار ثرواتها الهائلة التي تزخر بها، فضلاً عن استشراء ممارسات الفساد المالي، وهو ما يتجسد في دول عدة مثل حالة نيجيريا، حيث أدت سلسلة الانقلابات والتوترات السياسية فيها على مدار العقود الماضية إلى نهب مواردها الطبيعية، خصوصاً النفطية، لتتصدر بذلك الدول الأكثر فساداً في القارة الإفريقية.

أيضاً، تلعب التوترات السياسية في القارة السمراء دوراً معاكساً لجهود التنمية الاقتصادية، فيوجد نحو 15 دولة إفريقية من أصل 20 تتصدر المؤشر العالمي للدول الأكثر هشاشة اقتصادياً لعام 2021، على غرار جمهورية إفريقيا الوسطى، والصومال والسودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتشاد، وغينيا، وهي جميعها تعاني أوضاعاً داخلية غير مستقرة.

وفي حالة مثل السودان، فأثناء حقبة الرئيس السابق عمر البشير (1989-2019)، التي اتسمت بدرجة عالية من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وتوتر علاقات الخرطوم مع المجتمع الدولي، شهدت البلاد خسائر اقتصادية كبيرة، فاقمها انفصال جنوب السودان في عام 2011، ووضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.

ومنذ عام 2019، يشهد السودان فترة انتقال سياسي يشوبها كثير من التوترات الداخلية، والتي من المرجح أن تتفاقم في ظل التطورات الجارية، خصوصاً مع إعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، يوم 25 أكتوبر 2021، حل مجلسَي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد. وبالتالي يتوقع أن تهدد حالة عدم الاستقرار الحالية في السودان مجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وتعطيل خططها للإصلاح الاقتصادي، وعودة الضغوط والعقوبات الدولية عليها، فمثلاً، أعلنت الخارجية الأميركية، يوم 25 أكتوبر الجاري، تعليق الولايات المتحدة مساعداتها للسودان.

أدت الحروب والانقلابات في إفريقيا إلى تزايد أعداد المشردين واللاجئين والنازحين من أماكن النزاع إلى أخرى أكثر استقراراً، وهو ما جعل هذه القارة تضم حالياً نحو ثُلث عدد اللاجئين على مستوى العالم.

• تتصدّر القارة الإفريقية الترتيب العالمي في عدد الانقلابات، إذ بلغ أكثر من 200 محاولة انقلابية منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي.

*لينك المقال في الإمارات اليوم*