أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

قضايا عالقة:

لماذا قطعت المغرب علاقاتها الدبلوماسية مع إيران؟

06 مايو، 2018


أعلنت وزارة الخارجية المغربية، في 1 مايو 2018، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، حيث طلبت الوزارة من القائم بالأعمال الإيراني في الرباط مغادرة البلاد، مبررةً ذلك بتورط "حزب الله" اللبناني مع السفارة الإيرانية بالجزائر في تقديم مساعدات مالية ودعم عسكري (أسلحة) لجبهة البوليساريو من أجل تكوين قاعدة عسكرية تُمكِّنها من الانفصال بالصحراء المغربية في مواجهة المغرب. وأكد هذا الاتجاه ما أعلنه وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة" حول تورط طهران في تسهيل عمليات تسليم أسلحة إلى البوليساريو عبر "حزب الله" اللبناني.

فقد تم رصد قيام مدربين عسكريين تابعين لحزب الله اللبناني بالتوجه إلى مخيمات "تندوف" عام 2016 من أجل تدريب عسكري لجبهة البوليساريو على كيفية استخدام صواريخ "أرض-جو" وكذلك الصواريخ المضادة للطائرات.

وقد سارعت إيران إلى نفي هذه الاتهامات، ووصفت الخارجية الإيرانية القرار المغربي بأنه "ذريعة لقطع العلاقات الدبلوماسية معها"، بيد أن الشواهد تؤكد تعمدَ إيران زعزعة استقرار المغرب ردًّا على قيام السلطات المغربية بتوقيف رجل الأعمال اللبناني "قاسم محمد تاج الدين" عام 2017 (المقرب من "حزب الله" اللبناني) وفقًا لمذكرة بحث دولية، وتسليمه للولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دفع إيران لزيادة تدخلاتها في المغرب عبر دعم البوليساريو.

كما رفض "حزب الله" اللبناني اتهام المغرب له، وأن الموقف المغربي جاء استجابة لضغوط بعض القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

عوامل دافعة: 

يمكن توضيح أسباب قطع المغرب علاقاتها مع إيران فيما يلي:

1- دعم جبهة البوليساريو: حيث تُقدم إيران دعمها العسكري للجبهة عن طريق إرسال خبراء من "حزب الله" لتدريب العناصر على استخدام الأسلحة المتطورة. غير أن جبهة البوليساريو سارعت إلى نفي الاتهامات المغربية في هذا الشان، وأعلن "بشاري البشير" (الممثل لجبهة البوليساريو في فرنسا) أن المغرب لا تمتلك أدلة حقيقية لإثبات تلك الاتهامات، وأكد أن عناصر الجبهة خاضوا مواجهاتهم مع السلطات المغربية بالاعتماد على كوادرهم البشرية المنتمية للصحراء دون اللجوء إلى أية عناصر أجنبية.

2- نشر التشيّع السياسي: حيث تتهم المغرب إيران بلعب دور كبير في محاولة نشر المذهب الشيعي عن طريق السفارة الإيرانية بالمغرب، حيث رصدت السلطات المغربية محاولات تشييع الآلاف من المغاربة، الأمر الذي دفع مؤسسة القصر إلى تأسيس ما عُرف بـ"مؤسسة محمد السادس لعلماء إفريقيا" التي تستهدف الدفاع عن الإسلام السني المالكي.

3- الخلافات مع الجزائر: طالت الاتهامات المغربية جارتها الجزائر على خلفية الدعم الجزائري المعلن لجبهة البوليساريو. وفي هذا الإطار، أعلنت الجزائر استياءها من توريط المغرب لها في قضية قطع العلاقات مع إيران، حيث اتهمت الرباط السفارة الإيرانية بالجزائر بالتورط في عمليات تدريب عسكري وتسليم أسلحة وتدريب عناصر البوليساريو على أساليب القتال في المدن. وهو الأمر الذي أدى إلى استدعاء الجزائر السفير المغربي لديها للتعبير عن احتجاجها على ما أسمته الجزائر "حملة مغربية" تستهدف الجزائر خلال الفترة الأخيرة، وتصاعد الحديث عن رغبة الجزائر في تخفيض حجم تمثيلها الدبلوماسي في المغرب.

4- التنسيق الإقليمي الإيراني الجزائري: فقد شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا في التعاون الإيراني الجزائري في مجالات عدة سياسية واقتصادية، في ظل ما تشهده العلاقات الثنائية من توتر نتيجة الخلافات التي ساهمت طهران في تصعيدها. فالمغرب والجزائر بينهما خلافات عدة، مثل: اختلاف رؤية كلٍّ منهما لأزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية، حيث أبقت الجزائر على علاقاتها مع النظام السوري، حيث تتفق الرؤيتان الجزائرية والإيرانية في دعم بقاء الأسد في السلطة.

دعم إقليمي:

دعمت دولُ الإقليم القرارَ الذي اتخذته المغرب بقطع علاقاتها مع إيران، على النحو التالي:

1- دعم خليجي: أيدت دول الخليج قرار المغرب بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وقد أعلنت الإمارات تضامنها مع المغرب في الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيها، وأكدت أبوظبي مساندتها للإجراءات المغربية في هذا الشأن، وذلك بهدف الحد من السياسات الإيرانية العدائية. 

كما أعلنت السعودية إدانتها للسياسات الإيرانية، وعبّر عن ذلك البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، حيث أكدت وقوف الرياض إلى جانب الرباط ضد التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للمغرب، وهو ما تشير إليه تصريحات وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" عندما أكد أن السياسات الإيرانية تهدد استقرار الدول العربية والإسلامية من خلال إذكاء الطائفية ودعم الإرهاب في المنطقة.

ووصفت البحرين قرار المغرب بأنه صائب في ظل التعاون الإيراني مع "حزب الله" اللبناني لتهديد الأمن القومي للدول العربية.

2- تضامن عربي: وتَمَثَّل ذلك في إعلان جامعة الدول العربية دعمها قرار الرباط بقطع العلاقات مع إيران بسبب تدخلاتها في الشئون الداخلية للدول العربية، وأن قرار المغرب جاء متماشيًا مع ما نص عليه البيان الختامي للقمة العربية الأخيرة التي استضافتها السعودية بمدينة الظهران في أبريل الماضي، والذي يُمثل انعكاسًا لموقف عربي متماسك ضد الممارسات الإيرانية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي لدول المنطقة.

ومن ثمّ، يتطلب ذلك موقفًا عربيًّا موحدًا لمواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد بوتيرة متسارعة داخل الدول العربية، ولذلك تبرز أهمية تشكيل اللجنة الرباعية المنبثقة عن الجامعة العربية التي تُعد إطارًا عربيًّا لتنسيق السياسات العربية في هذا الخصوص. كما أعلن وزير الخارجية اليمني "عبدالملك المخلافي" تأييد بلاده قرار المغرب، وما اتخذته من إجراءات وسياسات للحفاظ على أمنه وسيادته ضد التدخلات الإيرانية.

تأثيرات انتشارية:

خلاصة القول، إن اتخاذ المغرب هذا القرار في هذا التوقيت سيؤدي إلى زيادة الضغوط الإقليمية والدولية المفروضة حاليًّا على إيران بسبب برنامجها النووي وتطوير قدراتها العسكرية خلافًا لما نص عليه الاتفاق النووي المُوقّع عام 2015.

ويشير الدعم الخليجي لقرار قطع العلاقات المغربية مع إيران إلى امتلاك المغرب علاقات سياسية واقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي تتسم بالقوة.

وعلى الرغم من اتهامات المغرب بتورط الجزائر و"حزب الله" اللبناني في دعم جبهة البوليساريو في فترات سابقة، إلا أن صانع القرار السياسي في المغرب لم يُقدم على قطع العلاقات مع الجزائر أو لبنان، ويمكن تفسير ذلك برغبة المغرب في عدم التصعيد مع أي دولة عربية حتى لا تغطي على أزمتها الحقيقية مع إيران، خاصة أن توجهات السياسة الخارجية للمغرب على مدار تاريخها لم تدخل في صدام مع أي دول عربية باستثناء خلافاتها مع الجزائر.

غير أن قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية مع إيران لن يُسهم في حسم الصراع مع البوليساريو حول الصحراء المغربية لعدة أسباب، من أهمها موقف مجلس الأمن السلبي من المغرب في هذا الشأن، خاصة أن الأمم المتحدة تعتبر الاتحاد الإفريقي طرفًا رئيسيًّا في حل هذه الأزمة، حيث طالب المبعوث الإفريقي من قبل بالاعتراف بحق البوليساريو في تقرير المصير، إلى جانب رفض الأمم المتحدة الشكوى المقدمة من المغرب مؤخرًا بسبب اختراق البوليساريو للمنطقة العازلة، كما لم يتم مناقشة الأزمة في القمة العربية الأخيرة بسبب تعقيداتها.