أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

دوافع مختلفة:

لماذا يتمسك "داعش" بالبقاء في العراق وسوريا؟

19 فبراير، 2018


رغم الهزائم القوية التي تعرض لها تنظيم "داعش" في العراق وسوريا خلال الفترة الأخيرة، إلا أن ذلك لا ينفي أنه لا يزال يمثل تحديًا لا يمكن تجاهله، لا سيما في ظل استمرار سيطرته على بعض المناطق المحدودة، إضافة إلى حرصه على تجميع ما تبقى من مقاتليه، استعدادًا، على ما يبدو، لشن هجمات إرهابية جديدة.

وقد أشار وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، خلال الاجتماع الوزاري لدول التحالف الدولي ضد "داعش" الذي عقد بالكويت في 13 فبراير 2018، إلى أن التحالف تمكن من تحرير 98% من الأراضي العراقية التي سيطر عليها "داعش" في السابق، لكنه حذر من أن الأخير لا يزال يفرض تهديدات للمنطقة، خاصة أنه يعمل في الوقت الحالي على إعادة تنظيم صفوفه وتبني آليات مختلفة لتجنيد مزيد من العناصر وتوجيه رسائل تفيد قدرته على شن هجمات جديدة خلال المرحلة القادمة.

أسباب متعددة:

تراجعت سيطرة تنظيم "داعش" على المناطق التي تصاعد فيها نشاطه خلال الأعوام الأخيرة، على ضوء الضربات العسكرية التي شنتها قوى التحالف الدولي وبعض الأطراف الأخرى المعنية بالحرب ضده. ومع ذلك، فإن ثمة اتجاهات عديدة ترى أن بعض مقاتلي التنظيم ما زالوا متمسكين بالبقاء داخل الأراضي العراقية والسورية، وذلك لاعتبارات عديدة يمكن تناولها على النحو التالي:

1- تجديد النشاط: ما زالت بعض المجموعات الفرعية التي تنتمي للتنظيم تتحرك بشكل شبه مستمر، رغم الضربات العسكرية التي تعرض لها، وهو ما مكنها من تنفيذ بعض الهجمات الإرهابية في فترات مختلفة، على غرار الهجوم الذي استهدف بعض الفصائل التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، في مخيم اليرموك في 14 يناير 2018، والذي مكنه من مواصلة السيطرة على جزء من المخيم حسب تصريحات بعض مسئولي المعارضة السورية في هذا الوقت.

2- البيئة الحاضنة: تمثل العديد من المناطق التي كان ينشط فيها "داعش" داخل كل من سوريا والعراق بيئة حاضنة لمن تبقى من مقاتليه، سواء بسب المتغير الفكري، أو بسبب العامل الطائفي، الذي يتمثل في العمليات التي تقوم بها القوى والميليشيات المناوئة، ومن ضمنها ميليشيا "الحشد الشعبي".

كما أن ما يطلق عليهم "أشبال الخلافة"، الذين يمثلون موردًا بشريًا ربما يمكن الاعتماد عليه من جانب التنظيم خلال الفترة القادمة، ما زالوا موجودين في تلك المناطق، حسب بعض التقارير، فضلاً عن أن الأوضاع في الدولتين ما زالت تتسم بـ"الهشاشة الأمنية"، بسب ضعف الحكومتين المركزيتين وانتشار التنظيمات الإرهابية والمسلحة، وهو ما يعزز من محاولات "داعش" البقاء في تلك المناطق، حيث أن ترسيخ الاستقرار، على المستويين الأمني والسياسي، يضعف من قدرة مثل تلك التنظيمات على توسيع نطاق نفوذها ونشاطها.

3- المقاتلون المحليون: يعتبر كثير من عناصر "داعش" المتواجدين حاليًا داخل سوريا والعراق، من المقاتلين المحليين الذين انضموا إلى التنظيم لاعتبارات عديدة، وهو ما يمكن أن يدفعهم إلى محاولة العودة لمناطقهم الأصلية بدلاً من الانتقال مع المقاتلين الأجانب إلى دول أخرى تشهد صراعات داخلية مسلحة، على غرار أفغانستان وليبيا.

4- شبكة العلاقات الاجتماعية: يحاول بعض مقاتلي التنظيم، لا سيما المحليين، استغلال شبكات علاقاتهم الاجتماعية لتعزيز قدرتهم على البقاء داخل الدولتين، خاصة أن تلك الشبكات تمكنهم من الحصول على دعم عائلي أو قبلي، وهو ما يفتقده المقاتلون الأجانب الذين يضطرون للانتقال إلى بؤر أخرى يسعى التنظيم إلى تكريس سيطرته عليها.

آليات محتملة:

ربما يتجه التنظيم للاستناد إلى آليات محددة للتعامل مع المعطيات الجديدة التي فرضتها الهزائم التي تعرض لها في العراق وسوريا خلال الفترة الأخيرة، ويتمثل أبرزها في:

1- الهجمات الانتحارية: يبدو أن التنظيم سوف يسعى إلى التركيز على الهجمات الانتحارية، لا سيما في ظل وجود إرهابيين يمكن أن يقوموا بها، وفقًا لاتجاهات عديدة، سواء من ما يسمى بـ"أشبال الخلافة" أو من المقاتلين الأجانب، الذين أصبح يعتمد عليهم بشكل كبير في مثل هذا النمط من الهجمات.

2- العمليات الخاطفة: يشير نمط العمليات التي أعلن "داعش" مسئوليته عنها خلال الفترة الأخيرة، إلى اعتماده على العمليات الخاطفة، التي تقوم بها مجموعة صغيرة من الإرهابيين، خاصة بعد اتجاه مقاتليه إلى الانتشار في الصحراء الحدودية بين العراق وسوريا، مثل الهجوم الذي استهدف ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، في 13 فبراير الجاري، ودفع 11 من مقاتليها إلى الانتقال للحدود العراقية من أجل تجاوز الحصار الذي فرضه "داعش" على المنطقة التي كانوا يتواجدون بها.

3- الخلايا النائمة: يبدو أن مقاتلي التنظيم يحاولون التعامل مع الضغوط الأمنية والعسكرية التي يتعرضون لها من خلال اعتماد أسلوب "الخلايا النائمة"، خاصة في المناطق التي خرجت عن نطاق سيطرته، بشكل يمكن أن يدعم قدرته على إعادة تنشيط توجهاته الإرهابية من ناحية، وتشكيل مجموعات مسلحة من ناحية أخرى، يمكن الاعتماد عليها إذا ما سنحت الفرصة لذلك.

4- التحالفات الجديدة: رغم أن التنظيم يسعى إلى دعم نشاطه ونفوذه بشكل فردي، إلا أن الضغوط التي يتعرض لها في الفترة الحالية، بسبب الضربات المتتالية التي تشنها بعض القوى المناوئة له، قد تدفعه إلى الوصول لتفاهمات أو التحالف مع بعض التنظيمات أو المجموعات الإرهابية الموجودة في تلك المناطق، بشكل يمكن أن يساعد عناصره على البقاء داخل تلك المناطق ومحاولة استقطاب مزيد من المتعاطفين مع توجهاته.

من هنا، ربما يمكن تفسير حرص بعض المسئولين في التحالف الدولي ضد "داعش" على تأكيد أن الحرب التي يشنها التحالف ضده لم تنته بعد، رغم الهزائم التي منى بها في العراق وسوريا، خاصة في ظل تمسكه بإبقاء بعض المجموعات الصغيرة التابعة له داخل المناطق التي كان يسيطر عليها في الفترة الماضية.