أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، العدد 36 من دورية "اتجاهات الأحداث"، والتي تُسلِّط الضوء على أهم التحولات السياسية والأمنية والاقتصادية والتكنولوجية والمجتمعية التي شهدها إقليم الشرق الأوسط والعالم خلال الفترة الأخيرة.
وبالتزامن مع مرور عشر سنوات على صدور العدد الأول من "اتجاهات الأحداث" عام 2014، يصدر العدد 36 من الدورية بصورة مغايرة ومتطورة، حيث يحمل مفهوماً تحريرياً وشكلياً جديداً يتواكب مع تطورات الدوريات والإصدارات المعنية بالشؤون السياسية الدولية والإقليمية.
وتناولت افتتاحية هذا العدد "حرب غزة"، باعتبارها أزمة كاشفة لتآكل الأساطير المؤسسة للنظام الدولي الليبرالي، وكحدث قد يُبشِّر بميلاد عالم جديد. وفي إطار تحولات العالم، جاء الملف الرئيسي تحت عنوان "عالم في تناقص: اتجاهات التباطؤ العالمي"، ويتضمن الاتجاهات الكبرى التي يمر بها العالم، وتتجه به نحو "التناقص" و"التباطؤ" و"الهبوط"، والتي تتمثل أساساً في "تراجع العولمة" و"شيخوخة السكان" و"تباطؤ النمو" و"أزمة الابتكار". وتشير موضوعات الملف إلى أن هناك شواهد على هذا التناقص في الوقت الحاضر، من شأنها أن تؤثر في شكل النظام الدولي في العقود المقبلة، إلا أنها لا تدّعي أن النظام الدولي في سبيله الأكيد نحو "التناقص".
ومن بين الأقسام الجديدة في الدورية "الحوار"؛ ويتضمن هذا العدد حواراً مُطوّلاً مع يوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "مجموعة الأزمات الدولية" ببروكسل، كان موضوعه "الشرق الأوسط في عالم من الحسابات الخاطئة". إذ تحدث هيلترمان عن أهم التحولات الأمنية التي تجري في الشرق الأوسط على وقع الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، واستمرار مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لسياسات المنطقة، وحدود الحسابات الخاطئة واحتمالات التصعيد بين القوى والأطراف الإقليمية المختلفة.
وعكس قسم "التحليلات" تشابك القضايا الدولية والإقليمية؛ إذ ركز على موضوعات مختلفة، وعلى رأسها حرب غزة. وتناولت التحليلات موقع هذه الحرب في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتأثيراتها المحتملة على بنية الأمن في المنطقة. كذلك تم تناول جذور إخفاق عالمية القيم الغربية في الشرق الأوسط، والعسكرة البحرية كاستجابة لمخاطر الأمن الملاحي في المنطقة. وتطرق هذا القسم أيضاً إلى تجربة إعادة بناء الدولة في الصومال في ظل عمليات مكافحة الإرهاب، وأزمة صناعة الكوادر السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تُعد أحد الملامح البارزة للانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر 2024، ودور "القوى المتأرجحة" في الحرب الروسية الأوكرانية، ومساعي "الدول الجزرية الصغيرة" للتأثير في السياسة الدولية.
كذلك سلّط أحد التحليلات الضوء على قضية توظيف الصين للحرب القانونية في التنافس الدولي، ضمن ما يُعرف باستراتيجية "الحروب الثلاثة" التي تستخدمها بكين في إدارة تنافسها الجيوسياسي مع الغرب. كما تم التطرق إلى موضوع "الحوسبة الكمومية" في إطار نهاية عصر السيليكون وبداية مرحلة التفوق الكمي، فضلاً عن جيوسياسات الطاقة في أمريكا اللاتينية كنطاق للتنافس الدولي، وأخيراً تآكل "الحوكمة الدولية" في مواجهة الأزمات.
وفي قسم "المكتبة"، تم استعراض أبرز الكتابات الغربية الحديثة التي تناولت موضوع "إدارة الأزمات والمخاطر العالمية". وتم التطرق إلى مفهوم "الردع"، لما له من أهمية في تحليل قضايا المنطقة حالياً؛ وذلك من خلال استعراض أبرز الأدبيات التي أسّست له وطورّته. كذلك تم تقديم عرض نقدي لكتاب جون ميرشايمر الصادر مؤخراً، والذي أعدّه بجانب سيباستيان روساتو، تحت عنوان "كيف تفكر الدول؟ عقلانية السياسية الخارجية".
وفي نهاية العدد، حاول "التقرير"، وهو قسم يرصد الحقائق الأساسية حول قضايا السياسة الدولية، رسم أهم خرائط الجريمة المنظمة حول العالم؛ بهدف تقديم مسح للامتدادات الجغرافية للجريمة المنظمة ومدى تشابكها.
وتجدر الإشارة إلى أنه صدر العدد الأول من دورية "اتجاهات الأحداث" في أغسطس 2014 وهو نفس عام تأسيس المركز، واهتمت الدورية في أعدادها السابقة بالتركيز على الاتجاهات الرئيسية للتحولات الدولية والإقليمية والتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية وتأثيرها في الشرق الأوسط. كما سلطت الضوء على أهم القضايا النظرية والمفاهيم الجديدة الناشئة في مجالات الدراسات الاستراتيجية، لما لها من أهمية في تشكيل الوعي العام والمستقبلي لدى الباحثين. وحرصت هيئة تحرير الدورية على استكتاب أساتذة العلوم السياسية وكبار الكتَّاب والخبراء والباحثين في الدول العربية والشرق الأوسط، فضلاً عن كتَّاب من مناطق جغرافية أخرى في العالم. كما وفرت مساحة لاستكتاب شباب الباحثين، حرصاً من المركز على أهمية التواصل بين الأجيال المختلفة من العاملين في حقل الدراسات الدولية والاستراتيجية.