تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين "كوب28"، في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023، في مدينة إكسبو دبي، وهو الحدث الأكبر سنوياً بشأن معالجة ظاهرة تغير المناخ، والتي أصبحت أزمة عالمية مُلحّة تتجاوز الحدود الوطنية، وتتطلب تعاوناً دولياً حاسماً للحد من آثارها المدمرة.
ولا شك في أن استضافة الإمارات، والتي تتميز بسجل حافل من جهود مكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، والاستثمار في مجال الطاقة النظيفة، لمؤتمر المناخ ستخلق زخماً لدول الخليج في قيادة جهود العمل المناخي على المستوييْن الإقليمي والدولي، إلّا أنه من غير الصحيح الافتراض بأن موضوع تغير المناخ أصبح على رأس أجندة أولويات الدول الخليجية مع اقتراب انعقاد مؤتمر "كوب28" فقط، فالحقيقة تؤكد أن تلك القضية حظيت باهتمام كبير على مدى أكثر من عقد من الزمن، وذلك نظراً لأن دول الخليج تُعد من أكثر دول العالم تأثراً بتغير المناخ، وبالتالي، يجب أن تكون في طليعة الدول التي تعمل على مُكافحته.
تحديات مناخية:
ثمّة دلالات تعكس مخاطر تغير المناخ على منطقة الخليج العربي، ولاسيما وأن المنطقة تُعد من أكثر المناطق تأثراً بتغير المناخ في العالم:
1. ارتفاع درجات الحرارة: حذّر خبراء بارزون من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، خلال العام الجاري من أن منطقة الخليج العربي قد تشهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة بشكل يومي إذا لم يتم تحقيق تخفيض كبير في انبعاثات الكربون، وأكدوا أن التغير المناخي يمكن أن يؤثر بشدة في قابلية السكن في هذه المنطقة الحارة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تقدم العديد من التقديرات مؤشرات تؤكد ارتفاع درجات حرارة المنطقة على نحو يؤثر في سلامتها:
- يؤكد أحد التقديرات أن المنطقة ستشهد ارتفاعاً بمعدل 1-2 درجة مئوية بحلول عام 2050، وبمعدل 4-6 درجة مئوية بحلول عام 2100.
- تشير إحدى الدراسات، والتي أجريت عام 2018، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية يمكن أن يتسبب في خسائر كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي تتراوح بين 0.2% و0.5% انخفاض سنوي بعد عام 2027 وانخفاض سنوي بنسبة 1.5% إلى 3% بدءاً من عام 2067.
- من المُتوقع أنه بحلول عام 2075 ستصبح المنطقة غير صالحة للسكن بسبب ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، لدرجة أن المنطقة ستشهد ارتفاعاً في أعداد الوفيات الناجمة عن موجات الحر من 5 آلاف حالة وفاة سنوياً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 15 ألف حالة وفاة سنوياً بحلول خمسينيات القرن الحالي.
2. ارتفاع مُستوى سطح البحر: هناك مخاطر حقيقية على المناطق الساحلية المنخفضة في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، والمشكلة الأكبر هي أن أكثر من ثلثي سكان دول مجلس التعاون الخليجي يعيشون في المناطق الحضرية الساحلية، وبالتالي، هناك تقديرات تفيد بأن نحو 12% من سكان الخليج سيواجهون مخاطر النزوح الجماعي من منازلهم بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب التغيرات المناخية.
3. تزايد الظواهر الجوية المُتطرفة: تتعرض منطقة الخليج العربي لعواصف ترابية وأعاصير وفيضانات مُفاجئة، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، تعرضت دول مثل المملكة العربية السعودية وعُمان واليمن لفيضانات قاتلة، فعلى سبيل المثال، تعرضت عُمان في أكتوبر 2021 لإعصار شاهين، الذي تسبب في فيضانات وانهيارات أرضية، وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص ونزوح مئات الأفراد، علاوة على ذلك، تشهد المنطقة عواصف ترابية ورملية شديدة، وعادة ما تكون ناجمة عن الرياح القوية وقلة الغطاء النباتي وغياب هطول الأمطار.
4. الإجهاد المائي والفقر الغذائي: تشكل ندرة المياه مصدر قلق كبير لدول الخليج، ولاسيما وأن الدول الست في مجلس التعاون الخليجي ضمن أكثر 17 دولة في العالم تعاني من الإجهاد المائي؛ إذ تقع كل دول مجلس التعاون الخليجي حالياً تحت عتبة الفقر المائي البالغة 500 متر مكعب للفرد من المياه المتاحة سنوياً. ولا شك في أن موجات الحر الشديدة والمتكررة بالإضافة إلى ندرة المياه تؤثر سلباً في الإنتاجية الزراعية، مما يقوّض الأمن الغذائي.
أهداف طمُوحة:
يُمكن إلقاء الضوء على أبرز الخطط والسياسات والمبادرات والمشروعات التي عكست تحول دول الخليج نحو الوفاء بتعهداتها الخضراء لمكافحة التغيرات المناخية، ويمكن استعراض أبرزها على النحو التالي:
1. مشروعات الطاقة المتجددة: وضعت المملكة العربية السعودية أهدافاً طموحة للطاقة المتجددة؛ إذ وضعت هدفاً لتوليد 50% من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وبالمثل تسعى دولة الإمارات إلى توليد 44% من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، وهو ذات الأمر الذي تسعى له كل من سلطنة عُمان بنسبة 30%، والكويت بنسبة 15%، وقطر بنسبة 20% بحلول عام 2030.
وفي هذا الإطار، شهدت بلدان الخليج العربي طفرة غير مسبوقة في مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، فعلى سبيل المثال، تُعد دولة الإمارات موطناً لمشروعات ضخمة للطاقة الشمسية واسعة النطاق، بما في ذلك "مُجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية"، والذي ينتج 5 آلاف ميجاوات، ومحطة "نور أبوظبي" والتي تقع في منطقة سويحان في أبوظبي؛ والتي تُصنف من بين أكبر محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية العاملة على مستوى العالم، إذ تبلغ قدرتها 1177 ميجاوات. هذا إلى جانب مدينة مصدر، في أبوظبي، والتي تُعد واحدة من أكثر المجتمعات الحضرية استدامة في العالم، وتتضمن مجمعاً مُتنامياً منخفض الكربون قائماً على التقنيات النظيفة.
وعلى نحو مماثل، تمتلك السعودية مشروعات ضخمة في مجال الطاقة المتجددة، وخلال عام 2022، تم الإعلان عن خمسة مشروعات جديدة للطاقة المتجددة، ثلاثة مشروعات لطاقة الرياح في مدن ينبع والغاط ووعد الشمال، بقدرة إنتاجية 1800 ميجاوات، ومشروعان للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية 1500 ميجاوات في مدينتي الحناكية وطبرجل. وعلى جانب آخر، لم تكن قطر بمعزل عن التقدم في مشروعات الطاقة المتجددة؛ إذ كشفت قبل وقت قصير من استضافة كأس العالم لكرة القدم عن أول محطة كبيرة للطاقة الشمسية في الخرسعة، بقدرة 800 ميجاوات.
2. خطى مُتسارعة لاحتجاز الكربون وتخزينه: تظل تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه عنصراً مهماً للانتقال إلى عالم خالٍ من الوقود الأحفوري، وبالتالي، أدرك صنّاع القرار في الخليج أهمية الاعتماد على مثل هذه التقنية للوصول إلى تصفير الانبعاثات الكربونية؛ والتي بموجبها يتم تخزين ثاني أكسيد الكربون في أعماق الأرض أو تتم إعادة استخدامه عن طريق تحويله إلى معادن صلبة أو منتجات كحولية. وعليه، تخطط السعودية لزيادة قدرتها على الالتقاط والتخزين إلى 44 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035، كما تهدف شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" إلى زيادة قدرتها على احتجاز ثاني أكسيد الكربون ليتم استخدامه في مصانع معالجة الغاز الطبيعي. وإجمالاً، تقع جميع المشروعات الخاصة باحتجاز وتخزين الكربون في الشرق الأوسط في منطقة الخليج، وتحديداً في الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر، وتلك المشروعات تُمثل نحو 10% من 40 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم احتجازه على مستوى العالم.
3. بُنى مُؤسسية قوية لإدارة العمل المناخي: لم تقتصر حكومات دول الخليج العربي العمل المناخي على وزارات البيئة والطاقة، بل تم إنشاء كيانات أخرى تعزز البنية المؤسسية التي تُساعد على تفعيل الأهداف الطموحة لمكافحة التغيرات المناخية. ومن أبرز الأطر المؤسسية، اللجنة الوطنية المعنية بالأوزون والتغيّر المناخي برئاسة الهيئة العامة للبيئة في الكويت؛ واللجنة الوطنية المعنية بتغير المناخ برئاسة المجلس الأعلى للبيئة في البحرين، وفي الإمارات هناك مجلس الإمارات للتغير المناخي والبيئة، والذي تأسس عام 2016 وتتمثل مهمته في رفع مشاركة القطاع الخاص في جهود مواجهة التغير المناخي، وكذلك مؤسسة زايد الدولية للبيئة، والتي تعمل على تعزيز التنمية المستدامة من خلال إطلاق مبادرات بيئية لرفع مستوى الوعي العام، ومُعالجة قضايا الاستدامة، وتنظيم المؤتمرات، وورش العمل، والحلقات العلمية، والأنشطة الأخرى الإقليمية والدولية. وفي عام 2021، أنشأت قطر وزارة البيئة والتغير المناخي لمعالجة القضايا المتعلقة بالمناخ، ووافقت على الخطة الوطنية لتغير المناخ لتوجيه عمليات صنع القرار.
4. دبلوماسية المناخ للتوازن ما بين المناخ والطاقة: لا شك في أن اختيار الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، إلى جانب اختيار قطر لاستضافة ذات المؤتمر في عام 2012، مُؤشر يعكس الجهود الدبلوماسية الحثيثة لدول الخليج على المستوى الدولي في مجال العمل المناخي. ومن خلال الرؤى الخليجية الطموحة نحو مكافحة آثار التغيرات المناخية والانتقال نحو الطاقة المتجددة والمساعي للوصول إلى صفر انبعاثات، بات الخليج محل ثقة ومصداقية لدى المجتمع الدولي، لمشاركته في تحمل مسؤولية مكافحة تغير المناخ، ولذا كان مُؤهلاً بفضل دبلوماسيته لاستضافة المؤتمرات الدولية/ الأممية الخاصة بالمناخ. وبوجه عام، يعكس التحرك الخليجي نحو "دبلوماسية المناخ" اهتمام قادة دول الخليج بتحقيق التوازن بين قضايا البيئة وتغير المناخ من ناحية، دون إضعاف أسواق النفط والغاز لتحقيق أمن الطاقة عالمياً من ناحية أخرى، أخذاً في الاعتبار أن دول الخليج تُعد من الدول الرئيسة المنتجة والمصدّرة للمواد الهيدروكربونية. ولخلق مزيد من الزخم حول العمل الدبلوماسي المناخي، استحدثت كل من الإمارات والسعودية والبحرين منصب "المبعوث الخاص لشؤون المناخ" خلال السنوات القليلة الماضية؛ وذلك بهدف تحقيق التوازن بين متطلبات أمن الطاقة والأمن المناخي.
5. مُبادرات طموحة خضراء: حدّدت كل من الإمارات والسعودية والبحرين والكويت وعُمان موعداً لتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول منتصف القرن أو حول ذلك التاريخ. وقد جاء ذلك مع جهود المجتمع العالمي في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة بنحو النصف بحلول عام 2030، وتحقيق هدف صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. وفي هذا الإطار، وضعت الإمارات المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، وبهذا أصبحت أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي. وعلى الجانب السعودي، أطلقت الرياض في عام 2021 "مبادرة السعودية الخضراء"، وتسترشد المبادرة بثلاثة أهداف شاملة هي تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية. وعلى الجانب البحريني، تستهدف المنامة الوصول إلى "الحياد الصفري" من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2060، وبالتالي، أطلقت "خطة التشجير" ومبادرة المدن الخضراء". وسعياً لخفض الانبعاثات، انضمت كل من السعودية وقطر إلى الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج وكندا لإنشاء منتدى "الحياد الصفري للمُنتجين"، وسيطوّر المنتدى استراتيجيات عملية للوصول بالانبعاثات إلى الحياد الصفري، تشمل الحد من انبعاثات الميثان، وتعزيز نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وتطوير ونشر تقنيات الطاقة النظيفة واحتجاز الكربون وتخزينه، ويتوقع الخبراء نجاح هذا المنتدى إذ يُمثل أعضاؤه 40% من مُنتجي النفط والغاز العالمي.
6. مزيد من التعاون الإقليمي: لم تقتصر المبادرات الخليجية الخضراء على مبادرات وطنية في حد ذاتها، وإنما امتدت لتعكس تعاوناً إقليمياً واضحاً، وقد تجلى بشكل واضح في إطلاق مبادرة الشرق الأوسط الخضراء، والتي بموجبها أطلقت القمة الأولى للمبادرة في أكتوبر 2021، وكانت بمثابة أول حوار إقليمي بشأن المناخ جمع كل قادة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتهدف المبادرة إلى زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء المنطقة، وتقليل انبعاثات الكربون الناجمة عن النفط بنسبة 60%.
عوائد مُثْمِرَة:
يرى مراقبون أن حيوية السياسات الخليجية بشأن مكافحة تغير المناخ لا يمكن اقتصارها على عقد المؤتمرات الدولية الخاصة بتغير المناخ والطاقة النظيفة، وإنما تعود تلك السياسات بالنفع الحقيقي على دول الخليج، وذلك على النحو التالي:
1. تعزيز التنويع الاقتصادي: تبيّن أن جهود الخليج في مجال العمل المناخي لا تحقق فقط أهداف مؤتمرات المناخ العالمية فحسب، أو تتوافق من الناحية الصورية مع أهداف التنمية المستدامة الأممية، ولكنها في حقيقة الأمر تهدف إلى تعزيز التنويع الاقتصادي في مجال الطاقة، ومن ثم، خلقت تلك السياسات الطموحة والجريئة مزيداً من فرص العمل في قطاع الطاقة؛ إذ استُحدثت العديد من الوظائف في مجالات الطاقة المتجددة وإزالة واحتجاز وتخزين الكربون، بل واضطرت شركات الطاقة الكبرى إلى تطوير دورات تدريبية ومناهج التدريب المهني للمهندسين الشباب في مجالات مثل الطاقة المتجددة أو الهيدروجين؛ إذ أصبح الاهتمام بالتثقيف البيئي والمناخي أمراً لا مفر منه، وعليه بات موضوع مكافحة التغيرات المناخية مسألة بقاء اجتماعي واقتصادي؛ إذ أصبح العمل المناخي والتحول في مجال الطاقة قطاعيْن تجارييْن يولدان عائداً على الاستثمار.
2. زخم دولي ومصداقية في العمل المناخي: لا شك في أن استضافة الإمارات مؤتمر الأطراف لتغير المناخ "كوب28"، تؤهلها لتضع نفسها كبطل عالمي ضد تغير المناخ، ورغبة السعودية الحثيثة في التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر، تجعلها مركزاً إقليمياً لإنتاجه في المنطقة، وفي كل الأحوال، وبحكم مُتطلّبات اتفاقية باريس للمناخ -ينبغي على الدول إرسال تقارير مُنتظمة وشفّافة حول تنفيذ وتحقيق أهدافها المناخية الوطنية- فإن بلدان الخليج مؤهلة لأن تكون الأفضل على الإطلاق في تنفيذها خططاً طموحة لمكافحة التغيرات المناخية مع محاولات الوصول إلى تحقيق الحياد الكربوني على الرغم من كونها أهم الدول المصدرة للنفط والغاز الطبيعي.
3. وحدة الإقليم بخلاف الأزمات السياسية والتعقيدات الأمنية: إذا كانت الأطر الاستراتيجية والأمنية والتحالفات الإقليمية في الشرق الأوسط شديدة التعقيد، في ظل حالة من التنافس الإقليمي والدولي وتعارض المصالح في المنطقة، ومع استمرار حرب غزة بين حماس وإسرائيل والتي أودت بحياة آلاف الضحايا، فإنه من المؤكد أن تحويل الأنظار إلى العمل المناخي على المستوييْن الإقليمي والدولي، ولاسيما مع انعقاد مؤتمر الأطراف "كوب28" في دبي، يوحّد كل دول الإقليم، ويدفع باتجاه تعزيز البحث عن أرضيات مشتركة لكيفية مواجهة آثار تغير المناخ المدمرة.
وفي التقدير، يمكن القول إن بلدان الخليج العربي كانت سبّاقة في إدراك الأهمية القصوى للاستعداد لمجابهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وقد كان ذلك الدافع الرئيس لتبني دول الخليج لخطط واستراتيجيات وسياسات طموحة للوصول إلى الحياد الكربوني والتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة. ولا يمكن إنكار أن تلك الخطط والسياسات الطموحة ستعزز مكانة دول الخليج؛ إذ ستُسهم في تقديم ثلاثة مميزات: الأولى؛ مكافحة آثار التغيرات المناخية التي تلوح في الأفق الخليجي، وتهدد أمنه البيئي والمجتمعي. والثانية؛ ستعزز المصداقية والثقة في جهود دول الخليج لدى دول الجنوب العالمي، التي تخشى من أوجه خطط "الاستعمار الأخضر" الغربية، وبالتالي، ستُنقل الخبرات الخليجية إلى دول العالم النامي على نحو يحقق العدالة المناخية، ويحول دون ما يُسمى بالاستحواذ الأخضر. وأخيراً، فتح آفاق اقتصادية أوسع لدول الخليج، بما يغذي كل أبعاد التنمية، دون الاعتماد فقط على ريع النفط فحسب، وإنما اقتصادات أكثر شمولاً وتنوعاً أمام مصادر وفيرة للطاقة النظيفة لا حصر لها.