أطلق مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" سلسلة "الكتب المترجمة"، التي تستهدف إثراء النقاش حول قضايا السياسة الدولية والتحولات العالمية ودراسات المناطق ومستقبل الصراعات وغيرها من الموضوعات، من خلال ترجمة أهم الأعمال الصادرة عن كبريات دور النشر العالمية إلى اللغة العربية، وفقاً لاتفاق خاص معها، وبما يعزز تواصل المركز مع هذه المؤسسات العالمية ذائعة الصيت وواسعة الانتشار، ويسهم أيضاً في إطلاع شريحة كبير من القراء والجمهور العام في المنطقة العربية على محتواها المعرفي.
وفي باكورة هذه السلسلة، أصدر المركز كتابين، الأول بعنوان "كل شيء كسلاح: دليل ميداني للحرب في القرن الحادي والعشرين" للكاتب البريطاني مارك غاليوتي. وصدر هذا الكتاب في نسخته الأخيرة عن دار نشر جامعة ييل في عام 2022. ويتناول ظاهرة تحولات الحرب الحديثة وتوظيف الصراعات بين الدول، إلى تسليح كل مناحي الحياة من الثقافة والإعلام وتقنيات الاتصال والتجسس والجريمة والتجارة والعقوبات وغيرها، وهو ما أدى إلى تغير "طبيعة الحرب" وابتعادها عن الاشتباكات العسكرية المباشرة. ويعتمد الكتاب على تحليل حالات للصراعات في العديد من مناطق العالم، والتـي أصبح يُطلق عليها "حروب المنطقة الرمادية والحروب غير المتماثلة والحروب الهجينة"، ويوظف حالات متنوعة من التاريخ الحديث والقديم لاستشراف مستقبل الحرب.
ويستخلص غاليوتي، المتخصص في تاريخ وسياسات روسيا والجريمة المنظمة، أن الهدف الرئيسي من طرق الحرب الجديدة هو زعزعة الاستقرار ونزع الشرعية عن الحكومات وتفكيك الشعوب ونشر التضليل والمعلومات الزائفة، وهو ما يوحي بأن العالم المعروف والمستقر واليقيني أصبح بعيداً عن المتناول. وبدلاً من التعويل على عودة العالم الأكثر استقراراً ويقيناً، يرى غاليوتي أنه من الضروري للدول، خاصة في العالم العربي، أن تتكيف مع طرق الحرب الجديدة، وأن تُطور أساليب سياسية وثقافية جديدة للاستفادة من "اضطراب العالم" وتحولات الحرب الحديثة.
أما الكتاب الثاني المترجم فجاء بعنوان "مستقبل المناخ: سيناريوهات التكيف والتجنب" لعالم الاقتصاد الأمريكي روبرت بينديك، وهو من إصدار دار نشر جامعة أكسفورد البريطانية في عام 2022. ويناقش الكتاب المسارات الممكنة أمام ظاهرة التغير المناخي، وينطلق من الافتراض أن وجود تغير المناخ من عدمه، بات يتجاوز الجدل السياسي، وكذلك أصبح التحرك لمواجهة تغير المناخ ضرورة للتعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية التي تطرحها هذه الظاهرة العالمية. وأياً كانت السياسات المناخية التي سيتم تبنيها، سيظل هناك قدر لا بأس به من "اللايقين" حول تداعيات تغير المناخ.
وفي هذا الكتاب، يستكشف بينديك، أستاذ الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمتخصص في اقتصاديات الكوارث، ما نعرفه وما لا نعرفه عن تغير المناخ وتأثيره، وأسباب اللايقين المستمر حول هذه الظاهرة، وتأثير السياسات المناخية الحالية التي تدور حول خفض الانبعاثات. ويطرح السيناريوهات المختلفة الناتجة عن اللايقين المناخي. ويرى أن الاستثمار في التكيف هو المسار الأفضل حالياً بدلاً من العمل غير الواقعي على تجنب الظاهرة. ويتضمن التكيف استهداف تطوير المحاصيل الهجينة وإعادة تخطيط المناطق المأهولة بعيداً عن الكوارث الطبيعية والمناخية، والاستثمار في الهندسة الجيولوجية وبناء الحواجز والسدود البحرية.