يأتي إطلاق خطة دبي 2021 إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل، تواصل فيها دبي مسيرتها نحو تأكيد الريادة في مختلف المجالات الحيوية، بناءً على خطط تضمن استمرارية النجاح واستدامته، وفق أسس علمية مدروسة وواضحة ودقيقة.
وتتسق خطة دبي مع سعي دولة الإمارات لتكون بين أفضل دول العالم في عام 2021، تزامناً مع مرور نصف قرن على تأسيس الاتحاد، وذلك بفضل "رؤية الإمارات 2021"، التي تؤسس لاقتصاد إماراتي معرفي وتنافسي منيع، تبنيه السواعد الإماراتية الماهرة، من خلال اتحادها ومشاركتها في المسؤولية والمصير والمعرفة والرخاء.
وتمثل الخطة أولويات حكومة دبي للسنوات السبع المقبلة، وهي خريطة طريق توثّق ملامح مستقبل دبي، وتترجم آمال المجتمع وتطلعاته لمستقبل أكثر إشراقاً، من خلال ستة محاور تصف الشكل الذي ستكون عليه دبي في عام 2021 وهي:
1- موطن لأفرادٍ مبدعين وممكَّنين ملؤهم الفخر والسعادة.
2- مجتمع متلاحم ومتماسك.
3- المكانُ المفضل للعيش والعمل والمقصدُ المفضّلُ للزائرين.
4- مدينة ذكية ومستدامة.
5- محور رئيسي في الاقتصاد العالمي.
6- حكومة رائدة ومتميزة.
ويستند تنفيذ محاور الخطة إلى مؤشرات الأداء الرئيسية كجزء من منظومة القياس التي تحوي أكثر من 600 مؤشر تعمل بتكامل لمتابعة سير الخطة وتحقق أهدافها بحلول 2021.
وفي ظل الدور المهم للدولة، والحرص على مزيد من التنمية، تحرص كل من أبوظبي ودبي وبقية الإمارات باستمرار على تحديث خططهم المستقبلية لمواجهة التحديات التي يفرضها عليهم باستمرار موقعهم المتميز على الخريطة الاقتصادية العالمية، خاصة بعد توجه الأنظار للدولة بصفة عامة، ودبي بصفة خاصة، نتيجة استضافة معرض إكسبو 2020.
رؤية الإمارات 2021
في هذا الإطار تأتي خطة دبي 2021 متوائمة مع "رؤية الإمارات 2021" و"الأجندة الوطنية"، ومكملة لخطة دبي الاستراتيجية 2015 التي كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، قد أطلقها عام في عام 2007، وهدفت في حينه إلى تحقيق رؤية دبي تحت شعار "دبي.. حيث يبدأ المستقبل" عبر تنسيق جهود مختلف الجهات الحكومية وضمان وجود إطار مشترك لعمل هذه الجهات حتى عام 2015.
وقد ركزت الخطة في ذلك الوقت على عدة مجالات أساسية تتمتع بإمكانيات نمو كبيرة، تشمل التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والبنية التحتية والبيئة والأمن والعدل والصحة والسلامة والتطوير الحكومي.
وتسعى رؤية الامارات بصفة عامة، وخطة دبي بصفة خاصة، لتمكين الدولة من تحقيق معدل نمو حقيقي للقطاعات غير النفطية يبلغ حوالي 5% سنوياً، وبلوغ مراتب متقدمة بين دول العالم في مؤشر نصيب الفرد من الدخل القومي، ووصول نسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى حوالي 5% من الناتج المحلي الاجمالي، وتحقيق الدولة المرتبة الأولى في مجالات متعددة.
وتشتمل رؤية الإمارات 2021 أربعة بنود أساسية، تعتبر العناصر المحورية التي تتكون منها، وهي: متحدون في المسؤولية، ومتحدون في المصير، ومتحدون في المعرفة، ومتحدون في الرخاء. وتشمل تلك العناصر عدداً من الأهداف التفصيلية المتعلقة بالهوية الوطنية والاقتصاد والتعليم والصحة، إذ تسعى إلى تأسيس شعب طموح واثق ومتمسك بتراثه، واتحاد قوي يجمعه المصير المشترك، واقتصاد تنافسي بقيادة إماراتيين يتميزون بالإبداع والمعرفة في ظل حياة رغدة.
بيئة اقتصادية جاذبة
تشير الأرقام الحديثة في المجال الاقتصادي إلى أن ثمة آفاقاً واعدة فيما يتعلق بالاقتصاد الكلي في الإمارات، إذ من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 4.8% في نهاية العام الجاري، و4.5% في السنوات التالية، مدعوماً بعدد من المشاريع الضخمة التي جرى الإعلان عنها على مدار الـ 18 شهراً الماضية، ونجاح ملف استضافة معرض إكسبو العالمي 2020. إلى جانب مبادرة الدولة للمعرفة والابتكار التي تستهدف دفع الاقتصاد إلى المزيد من الإبداع بزيادة نسبة مساهمة اقتصاد المعرفة والإبداع إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2021.
واستناداً إلى إحصاءات صندوق النقد الدولي، فقد استطاع الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في عام 2013 تحقيق 1.4 تريليون درهم، محققاً نمواً حقيقياً نسبته 4%، ومثل القطاع الصناعي محركاً رئيسياً في أداء الاقتصاد الوطني ومحوراً مهماً من محاور التنمية وتنويع مصادر الدخل، حيث تقدر مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة ما بين 10 إلى 14%، وهو في ازدياد مطرد، نتيجة نجاح سياسة التنويع الاقتصادي.
كما أشار التقرير الأخير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات ارتفع بنسبة 25% ليصل إلى 10 مليارات دولار، أي نحو 7.36 مليار درهم في 2013. وحلت الإمارات في المرتبة 13 في قائمة الاقتصادات الواعدة في الاستثمار الأجنبي المباشر بين عامي (2013- 2015) في تقرير الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الصاعدة في 2013 .
اقتصاد معرفي متنوع
يتضح مما سبق أن الاهتمام ببناء مجتمع الابتكار والإبداع في الإمارات أصبح واقعاً ملموساً، بدأت تظهر ثماره في تفوق الدولة في تقارير التنافسية العالمية، حتى بالمقارنة مع كثير من الدول المتقدمة، بإحرازها مراكز عالمية متقدمة في عدد من المؤشرات مثل جودة الطرق وغياب الجريمة المنظمة، واحتواء آثار التضخم.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أهمية الاقتصاد الأخضر كوسيلة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، لتعزيز التنافسية الاقتصادية وإيجاد فرص عمل وجذب الاستثمارات ودعم الابتكار والمعرفة وتحقيق كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والاقتصادية، وإلى أن التنوع الاقتصادي في الإمارات يبقى هو أفضل الحلول لتحقيق تنمية مستدامة في مستقبل أقل اعتماداً على الموارد النفطية؛ وهو ما يتطلب تفعيل قطاعات استراتيجية جديدة في الصناعة والخدمات، لتتمكن الدولة من بناء ميزات تنافسية طويلة المدى.
تضافر الجهود والإمكانيات
بناء على ما سبق، تظهر أهمية تعاون الجميع في إنجاح أهداف خطة دبي 2021 ضمن مختلف محاورها ومحطات تنفيذها، في ضوء الخطط الزمنية المعتمدة، وصولاً إلى بغيتها الأساسية، وهي تحقيق سعادة الناس وراحتهم وضمان المقومات، التي تكفل للمجتمع تحقيق مزيد من التقدم في شتى دروب التنمية في كافة القطاعات بما يتطلبه ذلك من تضافر الجهود والمثابرة في السعي نحو تحقيق مستويات أرقى من التميز والجودة واستنفار الطاقات للنهوض بمنظومة العمل الحكومي وتحسين مخرجاتها بما يخدم الناس ويحقق طموحاتهم في حياة كريمة يواكبون من خلالها ركب التطور العالمي، بل وتضمن لهم فيه مكانة الصدارة.
وتحرص الدولة نتيجة لذلك على تكييف اقتصادها وفق ما تمتلكه من مقومات، ففي ظل توافر المال وبدء سياسة جادة لتوطين الأيدي العاملة الوطنية في الدولة، خصوصاً في مجالات الإبداع والابتكار، يتم التركيز على نوعية الإنتاج القائم بسواعد وطنية وحجمه ومدى مساهمته في الاقتصاد الوطني، ولهذا فإن الاستناد للمحاور الستة لخطة دبي 2021 يسعى إلى تعزيز مكانة الإمارة والدولة، وفقاً للاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والعمل على تعزيزها أيضاً من خلال حفز المواطنين على المشاركة في التنمية والابتكار.
وفي الختام تظهر ضرورة إدراك أبعاد التحديات التي ستواجه دبي خلال السبع سنوات القادمة، بالاستعداد لها بحشد الطاقات وشحذ الهمم لتحقيق الأفضل للدولة والشعب. فحكومة الإمارات تعي أن الفرد هو الثروة الحقيقية التي يجب أن تستثمر فيها، من أجل تحقيق مصلحة الدولة وتحقيق التنمية الشاملة في المجتمع الإماراتي.
كما تفرض التغيرات الإقليمية والعالمية المتسارعة حتمية مضاعفة العمل صوناً للمكتسبات التنموية المتحققة وتعزيزاً لفرص إنجاز المزيد منها، بما لذلك من أهمية استراتيجية تصب في المقام الأول في مصلحة الفرد قبل الجماعة، وتيسر للمجتمع برمته الطريق لارتقاء سلم النجاح بثقة، استناداً إلى خطط واضحة وأهداف محددة ذات أطر تنفيذية دقيقة، حيث يبقى نجاح تلك الخطط مرهوناً بمدى الالتزام بتطبيق بنودها ومحاورها بصورة متقنة وبتكامل كافة الأدوار.