أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

القوقاز في دائرة الأزمات التركية

06 أكتوبر، 2020


اتسعت دائرة الأزمات التي تتسبب فيها السياسات الخارجية التركية، لتشمل منطقة القوقاز مع عودة تفجر الصراع المسلح بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناجورنو كارباخ المتنازع عليه تاريخياً، وعسكرياً على الأقل منذ تسعينيات القرن الماضي حين تفجر الصدام المسلح بين البلدين (1992-1994)، بعد إعلان الإقليم انفصاله عن أذربيجان في 1991 في غمار موجة التفكك التي سادت المنطقة، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والنظم الشيوعية في أوروبا الشرقية، ففي 27 سبتمبر الماضي بدأت أذربيجان محاولة لإعادة الإقليم إلى سيادتها، وتفجرت موجة جديدة من الصراع المسلح هي الأشد منذ حرب الانفصال، ومن المفهوم أن لتركيا مصالح في هذا الصراع تجعلها تنحاز لأذربيجان، باعتبار أنها تحصل منها على حوالي ثلث احتياجاتها من الغاز، ناهيك بمرور خط الأنابيب الذي ينقل الغاز من أذربيجان لأوروبا عبر الأراضي التركية، لكن اللافت هو الكيفية التي تدافع بها تركيا عن هذه المصالح، والتي تتسق تماماً مع الطبيعة الراهنة لسياستها الخارجية، التي تُعَد حالياً المصدر الرئيسي للاضطرابات في محيطها الإقليمي سواء المنطقة العربية أو شرق المتوسط وأوروبا والآن إقليم القوقاز، فبينما كان ثمة إجماع من كافة القوى الكبرى والمنظمات الدولية كالولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على اختلاف توجهاتها على ضرورة وقف إطلاق النار في الصراع الدائر بين أذربيجان وأرمينيا انفردت تركيا بسكب الزيت على النار وأدلى رئيسها بتصريحات لم يكتف فيها بدعم أذربيجان، وإنما بدا وكأنه يبرر مبادأتها بالهجوم بقوله إنها باتت مضطرة لحل مشكلاتها بنفسها، وأن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أذربيجان بكل إمكاناتها.

بل إن تركيا لم تكتف في دعمها بالتصريحات أو الوعود، وإنما أسقط سلاحها الجوي طائرة حربية أرمينية من طراز سوخوي25 وقُتِل قائدها، كما أكد رئيس الوزراء الأرميني وجود مسؤولين عسكريين أتراك كبار في أذربيجان من تركيا لتوجيه العمليات العسكرية، وصحيح أن شهادته مجروحة لكن سوابق السياسة التركية في سوريا وليبيا تؤكد هذا المعنى، غير أن ثالثة الأثافي هي التقارير التي أفادت بنقل تركيا مجموعات من المرتزقة السوريين للقتال إلى جانب القوات الأذربيجانية، وهي تقارير نفتها تركيا كالمعتاد غير أن جهات محايدة أكدتها، وقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان وصول أول دفعة من المرتزقة السوريين التابعين لأنقرة إلى أذربيجان عبر الأراضي التركية، والأهم هو اعتراف مقاتلين من المعارضة السورية المدعومة من تركيا في شمال سوريا لوكالة «رويترز» للأنباء، بأن ثمة عمليات تجري حالياً بالتنسيق مع أنقرة لإرسالهم إلى أذربيجان لدعمها في القتال ضد أرمينيا، وقد باتت تركيا ترعى منذ مدة ما يمكن تسميته بـ«الأممية الإرهابية»، بعد ما أصبح المرتزقة التابعون لها من جنسيات مختلفة يُنقلون من مكان لآخر لدواعي خدمة أوهام استعادة «المجد العثماني»، الزائف ابتداء بنقلهم من سوريا إلى ليبيا، وها هم يُنقلون الآن إلى أذربيجان، بل لقد تحدثت تقارير عن توظيف مرتزقة لصالح «حزب الإصلاح» في اليمن، وهو أمر خطير، وإنْ لم تتضح أبعاده بعد، والمضحك أن يُصرح وزير الدفاع التركي بعد كل هذه التقارير، بأنه يتعين على أرمينيا وقف هجماتها وإعادة المرتزقة والإرهابيين الذين أتت بهم من الخارج!

يوماً بعد يوم تزداد الأزمات التي تسببها السياسة الخارجية التركية، لكن في الوقت نفسه يضيق الخناق على نظام أردوغان داخلياً بتصاعد المعارضة الداخلية له، وخارجياً بتكاثر خصوم هذه السياسة عربياً وأوروبياً ودولياً، كما أن هامش المناورة في إدارة علاقتها بروسيا، يضيق بشدة بعد أن أُضيف ملف القوقاز إلى الملفين السوري والليبي كنقاط خلاف وصدام بين البلدين.

*نفلا عن صحيفة الاتحاد