أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

عندما بدأ «عالم جديد»

11 سبتمبر، 2019


عندما يصل هذا المقال إلى يد القارئ، يكون سكان نيويورك والعديد في المدن الأميركية قد بدؤوا تذكّر ما حدث منذ 18 عاماً، أي تفجيرات 11 سبتمبر 2001. ورغم أنه كان هجوماً على الداخل الأميركي، فثمة اتفاق عام على أنه كان حدثاً عالمياً، بل يعتقد العديد من المحللين أنه مثّل بداية عالم جديد في عالم جديد آخر، بدأ بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط نظام القطبية الثنائية عام 1989.

أتذكر هذا اليوم جيداً، فقد كنت في قاعة المحاضرات لطلبة البكالوريوس في العلاقات الدولية، ثم سمعنا صياحاً وتصفيقاً في شبه احتفال داخل كافتيريا الجامعة الأميركية في ميدان التحرير بالقاهرة. وبما أن ضوضاء هذه الاحتفالية استمر وتعالت، فقد كان من الصعب على الطلبة سماع المحاضرة، لذا فقد اضطررنا جميعاً لمغادرة قاعة المحاضرات والذهاب إلى الكافتيريا مكان الاحتفالية، حيث كانت CNN تعيد بث صور هجوم الطائرتين المدنيتين على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك.

اعتقدت مع الكثير من طلابي أن هذا المشهد ليس إلا فيلماً سينمائياً من أفلام الرعب والإثارة، لكن مذيعي القناة أكدوا أن هذا ما حدث منذ وقت قليل. كانت دهشة وصدمة المذيعات الأميركيات تتعارض كلياً مع احتفال بعض الطلبة، خاصة الماركسيين والإسلاميين، بأن الهجوم على رموز القوة الأميركية يمثل مؤشراً على ضعف هذه القوة الجبارة وعلى هزيمتها القادمة!

تَغَيّر هذا الشعور بعد معرفة المنفذين وما يمثله بن لادن القابع في جبال أفغانستان، بل تحول إلى تعاطف مع المدنيين الأميركيين، ورددت جريدة «لوموند» الفرنسية الشهيرة قول الرئيس الفرنسي عندما ذهب فوراً إلى نيويورك وأعلن منها: «كلنا أميركيون»، أي أن كل العالم في قارب واحد ضد تنظيم القاعدة وأمثاله من المتطرفين والإرهابيين.

لم يقتصر الهجوم على الطائرتين اللتين قامتا بالهجوم في نيويورك، بل كانت هناك محاولة بطائرة ثالثة للهجوم على مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) في واشنطن، ثم طائرة رابعة حاول ركابها انتزاعها من الخاطفين فتحطمت في بنسلفانيا. كان عدد القتلى 2977، وهو أكبر عدد للقتلى في هجوم على الأراضي الأميركية، إذ كانت كل الحروب التي خاضتها أميركا، بما فيها الحربان العالميتان الأولى والثانية، خارج الأراضي الأميركية.

تكلف إعداد الهجمات وتنفيذها حوالي 500 مليون دولار، لكن التكلفة الاقتصادية الكلية المترتبة على العملية نفسها بلغت حوالي 496 ضعف هذا المبلغ، أي نحو 248 مليار دولار تقريباً، بما فيها 123 مليار دولار بسبب تدمير المركز التجاري وانخفاض النقل الجوي في الشهور التالية، ثم 60 مليار دولار تكلفة إعادة بناء المركز وما حوله، و40 مليار دولار صندوق الطوارئ الذي وافق عليه الكونجرس بعد خمسة أيام من الهجوم، و15 مليار دولار لمساعدة شركات الطيران، وكذلك 903 ملايين دولار طلبات لشركات التأمين. تضاف إليها 750 مليون دولار تكاليف ثلاثة ملايين ساعة عمل استغرقها التخلص من حوالي مليوني طن من المخلفات.

وباختصار، ينبغي أن نتذكر ثلاث نتائج لهذا الهجوم:

1- أميركياً؛ ذلك الرعب الذي أصاب الأميركي العادي الذي لم يتعود وجود الحرب على أراضيه، حيث أُصيب كثير من الأميركيين بالأرق والقلق، لدرجة أن كثيراً منهم بدؤوا يستشيرون أطباء علم النفس، وأدمجت الحكومة 22 مركزاً لإنشاء وزارة مختصة بالأمن الداخلي لطمأنة المواطنين الأميركيين. وبالطبع بدأت الحرب في مستنقع أفغانستان.

2- عالمياً؛ تغيرت النظرة التقليدية للعلاقات الدولية التي ترى الحروب فقط بين الدول، حيث تكبدت الولايات المتحدة الأميركية خسائر كبيرة، ليس من الصين وروسيا أو دولة نووية أخرى، بل من منظمة غير حكومية مثل «القاعدة».

3- بالنسبة لنا، وبسبب ادعاء «القاعدة» بأنها تمثل الإسلام، ارتبط الإرهاب لدى البعض بالإسلام، والإسلام منه براء.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد