أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

«مكافحة» النظام القطري للإرهاب!

27 مارس، 2018


أعلن النظام القطري قائمة ضمت أسماء تسعة عشر شخصاً وثماني كيانات صُنفت باعتبارها إرهابية، ومن المهم أن نتوقف عند هذا القرار خاصة أن الدوائر القطرية الرسمية اعتبرته دليلاً على «الجدية» في مكافحة الإرهاب، وثمة ملاحظات عديدة ترد عليه، أختار منها اثنتين. تتعلق الأولى بدلالته في سياق الأزمة الراهنة، والثانية تحاول تحليل مغزى التأخر الفادح في إصداره.

وبالنسبة لدلالة القرار فإنه يعني ببساطة أن مطالب الدول الأربع المقاطعة لقطر لم تكن بلا أساس، ذلك أن عشرة أسماء على الأقل من المُتَضَمنة في القائمة القطرية وردت في القوائم الثلاث التي سبق لهذه الدول أن أصدرتها، وهو ما دفع الدكتور أنور قرقاش للقول: «بعيداً عن المكابرة، قطر تؤكد الأدلة ضدها وأن دعمها للتطرف جوهر أزمتها». ويكفي استعراض بعض من أهم الأسماء التي وردت في القائمة القطرية لمعرفة علاقة النظام القطري بها، فعبد الرحمن النعيمي سبق له أن ترأس «المركز العربي للدراسات والأبحاث» الذي يديره حالياً الدكتور عزمي بشارة العضو السابق بالكنيست الإسرائيلي، والذي يمثل منذ بدايته أداة فكرية للنظام القطري، لذلك فإن وصم هذا النظام له اليوم بالإرهاب يعني بداهة اعترافه بأنه كان يضع إرهابيين في مواقع مهمة فيه، وهو موقف لا يُحسد عليه بطبيعة الحال ويمثل إرباكاً لكل المدافعين عنه. وقد شاهدت فقرة في الفضائية البريطانية العربية استُضيف فيها إعلامي قطري كان دائماً يتصدى بقوة للدفاع عن سياسات النظام القطري ومواقفه، وكان بادي الارتباك في هذه المرة، وهو يحاول الإجابة على الأسئلة التي أمطره بها شريكه السعودي في الحوار. ويضاف إلى هذا أن ستة على الأقل من الكيانات الثمانية التي تضمنتها القائمة القطرية، كانت تحظى بدعم النظام القطري، وهو ما يؤكد التحليل نفسه.

وتتعلق الملاحظة الثانية بالتأخر الفادح في القرار القطري، فمن المعروف أن مطالب الدول الأربعة قد قاربت العام عمراً كما أن جذور هذه المطالب تعود إلى 2013 حين كان للسعودية والإمارات والبحرين تحفظاتها على سلوك النظام القطري، وتم توقيع اتفاق بهذا الشأن لم يلتزم النظام به فسحبت الدول الثلاث سفراءها في ربيع 2014 فكانت الأزمة التي تمت تسويتها باتفاق جديد وُقع في نوفمبر من السنة نفسها دون جدوى، إلى أن تفجرت الأزمة مجدداً في يونيو 2017. ويضاف إلى ما سبق أن شخصاً كعبد الرحمن النعيمي مدرج على قائمة الإرهاب من قِبَل وزارة الخزانة الأميركية والحكومة البريطانية منذ 2013 ، وهو مطلوب أميركياً وعراقياً وليبياً، ناهيك عن دوره المعروف في دعم الإرهاب في الصومال ونيجيريا. كما أن عبد اللطيف الكواري الذي تضمنته القائمة القطرية موجود على قائمة العقوبات الأميركية منذ أغسطس 2015، وكذلك القائمة الصادرة عن الأمم المتحدة. ويُذكر أيضاً أن الضابط القطري مبارك العجمي المشمول أيضاً في القائمة مدرج سابقاً على قوائم عقوبات كل من الحكومة الأميركية والأمم المتحدة، ويستحيل تصور أن هؤلاء يقومون بأنشطة إرهابية لحسابهم الخاص، والأهم من ذلك هو تفسير التأخر الفادح في قرار النظام القطري الذي كان يُفترض أن يصدر في 2013 مثلاً، فإذا به يتأخر خمس سنوات كاملة.

وتهتم دراسات صنع القرار بالفجوة الزمنية التي تفصل بين التوقيت المفترض لصدور قرار ما وبين التوقيت الفعلي لصدوره، وتُفَسر هذه الفجوة إما بعدم إدراك المتغيرات التي تُحَتم صدور القرار أو بوجود تشويش على هذا الإدراك يجعل صانع القرار في حالة من عدم اليقين، وهما احتمالان مستبعدان في حالتنا للوضوح الكامل في أبعاد الأزمة، أو تُفَسر ثالثاً باعتبارات سياسية تحول دون اتخاذ القرار الرشيد أو عوامل خارجية تشجع على تبني القرارات غير الرشيدة، وهما الاحتمالان الأرجح. فقد كان صعباً على النظام القطري أن يتراجع عن مشروعه السياسي، كما كان واضحاً أن دوائر خارجية شجعته على التمسك بسلوكه، وليست مصادفة أن يتزامن القرار القطري مع رحيل تيلرسون.

وفي كل الأحوال فإن القرار جزئي يتعين على من أصدره أن يُكمله بقرارات أخرى تضع حداً للسياسات التي تسببت في الأزمة.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد