وصلت الخلافات بين الحوثيين وصالح إلى حد الحديث عن احتمالات وصولها إلى المواجهات العسكرية بين الميليشيات الحوثية من جانب والقوات المؤيدة للرئيس السابق "علي عبدالله صالح" من جانب آخر داخل العاصمة صنعاء، ورغم إعلان طرفي التحالف انتهاء الأزمة التي وصلت إلى مواجهات مسلحة بينهما، مؤكدين تنسيق جهودهما؛ إلا أن الخلافات آخذة في اتجاه التصعيد.
خلافات متصاعدة:
إن هناك جملة من المؤشرات التي تعكس تصاعد الخلافات بين ميليشيا الحوثي وصالح، على النحو التالي:
1- إقالة الحوثيين عددًا من القيادات التابعة لحزب المؤتمر الموالية للرئيس المخلوع "صالح" من بعض مؤسسات الدولة التابعة لهم، حيث أصدر "صالح الصماد" (رئيس المجلس السياسي الأعلى) قرارات بتعيين رؤساء جدد لمجلس القضاء الأعلى والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، بالإضافة إلى قيادات حوثية وكلاء ومستشارين لوزارة المالية.
2- استمرار هيمنة الحوثيين على رئاسة المجلس السياسي الأعلى، حيث يسيطرون على منصب رئيس المجلس رغم الاتفاق المسبق على أن تكون رئاسة المجلس بشكل دوري كل 4 أشهر لكل طرف منهم، إلا أن الحوثيين يجبرون صالح على التمديد للصماد، وهو ما يثير انتقادات العديد من القيادات الموالية لصالح، حيث يتهمونه بالضعف في مواجهة الحوثيين.
3- تزايد حدة التراشق الإعلامي بين الحوثيين وصالح، حيث يهدد الحوثيون صالح بفضح جرائمه السياسية، وكذلك ملفاته الخاصة بالحروب الستة مع الحوثيين عندما كان رئيسًا للبلاد، وكذلك تهديد القيادات الكبرى في حزب المؤتمر بالكشف عن ملفات تورطهم بقضايا فساد.
4- مطالبة "عبدالحكيم الخيواني" نائب وزير الداخلية في حكومة الحوثيين بالعاصمة صنعاء، المجلس السياسي بإعلان حالة الطوارئ في البلاد واعتقال "أحمد علي عبدالله صالح" باعتباره مسئولًا رئيسيًّا عن تصاعد المواجهات بين الحوثيين وحلفاء صالح في 27 أغسطس الماضي في منطقة "جولة المصباحي" وسط صنعاء، حيث يواجه ضغوطًا حوثية غير مسبوقة من أجل الخضوع لقيادة زعيم الحوثيين "عبدالملك الحوثي"، وملاحقة أنصار "صالح" وقيادات حزبه.
5- نشر الميليشيات الحوثية العناصر المسلحة التابعة لها في الطريق الرابط بين العاصمة صنعاء ومدينة سنحان (مسقط رأس صالح)، وإرسالهم تعزيزات عسكرية إلى سنحان بالقرب من معسكري "ضبوة" و"ريمة حميد" استعدادًا لتنفيذ خطة بالهجوم على معسكر "ريمة حميد" التابع للرئيس المخلوع "صالح".
6- اتجاه الحوثيين لتحييد قبائل "سنحان" الموالية لصالح خشية تحالفهم مع صالح والدفاع عنه، وبالتالي مواجهة الحوثيين عسكريًّا، وخاصة بعدما طالب صالح باستنفار قبائل سنحان ومناطق طوق صنعاء لمساندته، وقدم لهم دعمًا عسكريًّا في هذا الخصوص، حيث أرسل الحوثيون تعزيزات عسكرية وصلت إلى عشرات الأطقم والآليات العسكرية والمئات من المسلحين بهدف منع "علي صالح" من اللجوء إلى هذه القبائل للاحتماء بها، وبالتالي منع أي تحرك قبلي من شرق صنعاء لمساندة "علي صالح" في حال قرر الحوثيون الانقضاض عليه في العاصمة.
وقد ترجمت هذه الخلافات لتصل إلى حد إعلان الحوثيين عزمهم اعتقال الرئيس المخلوع "صالح"، ونقله إلى صعدة، وإصدارهم قرارًا بإنهاء التحالف مع حزب المؤتمر، حيث يرى الحوثيون أن صالح كان يخطط للانقلاب عليهم.
تعزيز الشرعية:
إن استمرار الخلافات بين الحوثيين وصالح سيتيح للحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي القضاء على هذا الحلف، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى كسر شوكة الحوثيين، واستعادة العاصمة صنعاء، وتحرير باقي المدن الواقعة تحت سيطرتهم.
وتشير النجاحات الميدانية العسكرية التي يحرزها الجيش الوطني في مواجهة الحوثيين إلى نجاح الحل العسكري، وذلك في ظل تعثر الحل السلمي لتعنت الحوثيين.
تحالف مصلحي:
رغم الحديث عن تعارض المصالح وانعدام الثقة بين أعضاء التحالف الحوثي – صالح باعتباره تحالفًا هشًّا قائمًا على مصالح شخصيات بعينها وليست قواعد شعبية، إلا أن المعطيات الراهنة تشير إلى احتمال استمرار هذا التحالف في ظل حاجة طرفي التحالف لبعضهما لضمان البقاء في المشهد السياسي، وكذلك لتخوف كل منهما من أن يختل ميزان القوى لصالح الآخر.
وختامًا، لا يزال الدور الإيراني واضحًا ومؤثرًا على مواقف الحوثيين في اليمن، وهو ما يؤدي إلى إطالة أمد الأوضاع غير المستقرة في البلاد، وهو الوضع الذي تحاول من خلاله طهران الحصول على المزيد من الفرص لتعزيز دورها الإقليمي وخدمة مشروعها المذهبي في المنطقة.