أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

"الأصولية" المنعزلة:

لماذا لم يتطور فكر "الإسلام السياسي"؟

26 يوليو، 2018

"الأصولية" المنعزلة:

نظم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، حلقة نقاشية بعنوان: "لماذا لم يتطور فكر الإسلام السياسي؟"، واستضاف خلالها الدكتور عبدالله الجاسمي، أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة الكويت، حيث تناولت الحلقة النقاشية فكر "الإسلام السياسي" وحدود تطوره ومستقبله.

أولاً: "حركة التنوير" مقابل "الإسلام السياسي"

قدم د. عبدالله الجاسمي، في بداية حديثه، مقارنة بين ما يُطلق عليه "الإسلام السياسي"، وحركة الإصلاح والتنوير في القرن التاسع عشر، موضحاً أن رواد حركة التنوير في المجتمع العربي آنذاك كانوا أئمة دين، صعدوا من صلب المؤسسة الدينية مثل رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وغيرهما. 

وكانت أهداف أئمة التنوير محددة في إصلاح التعليم وتحديث مناهجه وإيجاد نُظم تعليمية حديثة تتواكب مع النظم الأوروبية الحديثة، مع تجديد الفكر الديني، واتباع نظام الشورى في الحكم (المعروف حالياً بالديمقراطية)، وإصلاح النظام القضائي داخل المجتمعات العربية، والاهتمام بالبُعد الأخلاقي في الخطاب الديني، ومد مفهوم المواطنة ليشمل الفئات كافة.

وفي مقابل هذه الحركة التنويرية الوطنية بقيادة "دينية"، تأتي تجربة "الإسلام السياسي" على النقيض منها، فـ "الإسلام السياسي" على اختلاف تعريفاته هو حركة سياسية بحتة، والمؤسسون لها والمنتمون إليها لم يأتوا من المؤسسات الدينية، فهم من المدرسين والأطباء والمحامين.. إلخ. وساعد على انتشار هذه التجربة عوامل خارجية بالأساس، حيت تصاعدت أثناء فترة الحرب الباردة التي تم فيها توظيف جميع الأدوات، بما في ذلك الدين، ليس فقط في الدول العربية، لكن في أوروبا أيضاً. 

ثانياً: خصائص الفكر الأصولي

أشار "الجاسمي" إلى مجموعة من الخصائص التي يتسم بها فكر "الإسلام السياسي" باختلاف تياراته، وهي كالتالي: 

1- فكر شمولي منغلق لا يمكن أن يقبل التفسيرات الأخرى معه، ويقوم على مجموعة من المسلمات غير القابلة للمناقشة، ويفسر العالم وما يجري فيه بناء على هذه المسلمات. فاليقين الموجود لدى أصحاب فكر "الإسلام السياسي" هو يقين ذاتي، لا يُقام على أدله وبراهين واقعية، ولا يوجد هناك مجال للمناقشة والتدليل، فالحقيقة فيه مطلقة ومحتكرة حصرياً عليه.

2- تفكير منحصر فقط في النصوص ولا علاقة له بالواقع، حيث يأتي الاهتمام بالنص على حساب الواقع والممارسة العملية.

3- لا يقدم نموذجاً فكرياً واضحاً، فكل أفكار الظاهرة الأصولية ضبابية ومبهمة. فعلى سبيل المثال، لا يوجد لدى تيارات "الإسلام السياسي" نظام سياسي واضح، فكلها أفكار هدامة لا تطرح بدائل، وتقوم فقط على تجهيل الآخر.

4- يقوم على التعصب وإقصاء الآخر، وعدم التعايش معه، والوصاية عليه، ويعطي لنفسه الحق في تحديد المعايير التي يجب أن يتبعها المجتمع.

5- غير قابل للتطور، حيث يقتضي أي تطور للفكر تطبيق المناهج النقدية الفلسفية، ولكن أصحاب فكر "الإسلام السياسي" يكفرون بالفلسفة، فنظرة الأصولي للحقائق على أنها حقائق مقدسة غير قابلة للنقد والتحليل، تعيق أي محاولات للتطوير. كما أنهم يرفضون الحاضر والمعاصر، ويرغبون في العودة إلى الماضي. 

5- عدم تقديم أية إسهامات حضارية، فمن المعروف عن الحضارة الإسلامية الاهتمام بالمعمار والأدب وغيرها من المفردات الحضارية، ولكن على العكس من ذلك يطمس "الإسلام السياسي" أي ملامح حضارية. 

ثالثاً: مستقبل "الإسلام السياسي"

رأى الجاسمي أن مستقبل "الإسلام السياسي" يعد مسألة سياسية بحتة، بمعنى أنه عند اتخاذ الدول قرار التخلص منه سوف ينتهي، ولكن ما يعيق ذلك أن الغرب ما زال يدعم هذه التيارات الاصولية ويوظفها لمصالحه، من أجل تعطيل حركة التطور داخل المجتمعات العربية.

كما أن ثمة أبعاداً أخرى تعيق جهود التخلص من الفكر الأصولي، فالبعدان الاجتماعي والثقافي في بعض الأحيان يتماشيان مع الفكر الأصولي، خاصة مع غياب خطاب ديني بديل. وما زالت النظم التعليمية في المنطقة العربية تفتقد مناهج النقد والتفكير العلمي، إضافة إلى طبيعة المجتمعات العربية المستهلكة التي تساعد على انتشار هذه الأفكار، فعند التحول لمجتمعات منتجة ترتكز على العلم سوف يساعد ذلك على اختفاء هذه الظاهرة.