أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

محددات ديموغرافية:

اتجاهات التصويت المحتملة للأمريكيين بالسباق الرئاسي

29 أكتوبر، 2020


وصل "ترامب" إلى البيت الأبيض في عام 2016 من خلال أصوات كتلة الناخبين البيض، الذين يمثلون القوة التصويتية الأكبر والأهم في الانتخابات الأمريكية، وأيضًا من خلال الناخبين الحاصلين على مؤهل أقل من جامعي الذين صوتوا له بكثافة. لكن وفي ظل مؤشرات عامة حول تراجع نسبي في تأييد هاتين الكتلتين للرئيس "ترامب" في مواجهة "بايدن"، وارتفاع نسب تأييد الأخير بين الأمريكيين من غير البيض والمرأة والشباب؛ يمكن القول إن المحدِّدات الديموغرافية المرتبطة بالانتماء العرقي، والسن، ومؤهل التعليم، والنوع، والتي أثرت على اتجاهات تصويت الأمريكيين في الانتخابات السابقة؛ ستلعب دورًا رئيسيًّا أيضًا في التأثير على نتائج انتخابات 2020، خاصةً في ظل حدوث تغييرات كثيرة في التركيبة الديموغرافية الأمريكية منذ انتخابات الرئاسة عام 2016، وانتخابات التجديد النصفي للكونجرس عام 2018.

ديموغرافيا انتخابات 2020:

1- القوة التصويتية الإجمالية: وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الحكومي، بلغ تعداد سكان الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء 27 أكتوبر أكثر من 330,500,545 نسمة، ووفقًا لبعض التقديرات فإن عدد الأمريكيين في سن 18 سنة أو أكثر (سن التصويت) سيبلغ في انتخابات 2020 نحو 257 مليون أمريكي، من بينهم 240 مليونًا لهم حق التصويت. ومن المتوقع أن يشارك منهم 150 مليونًا أو أكثر في التصويت فعليًّا. وبشكل عام، تُشير التقديرات إلى أن نسبة المشاركة السياسية في هذه الانتخابات قد تبلغ 62%. ووفقًا لتقديرات مركز "ويلدون كوبر للخدمة العامة" بجامعة فيرجينيا فإن حجم الكتلة التصويتية في انتخابات 2020 بولايات مثل: كاليفورنيا، وتكساس، وفلوريدا، ونيويورك، وبنسلفانيا، وإيلينوي، وأوهايو؛ تبلغ قوتهم التصويتية أكثر من 100 مليون صوت انتخابي، بما يوازي 43% من حجم القوة التصويتية.

2- توزيع الكتل التصويتية حسب المجموعات العرقية: تنقسم الكتل التصويتية في الولايات المتحدة الأمريكية وفقًا للأصل العرقي إلى 4 مجموعات رئيسية، هم: البيض White، والأمريكيون من أصول إسبانية Hispanic، والأمريكيون من أصول إفريقية African American، والأمريكيون من أصول آسيوية والمجموعات الأخرى Asian. 

ووفقًا لتقديرات "مركز بيو" لاستطلاعات الرأي العام حول توزيع الكتل التصويتية في انتخابات الرئاسة 2020، يشكل الأمريكيون البيض نحو 66.7% من حجم الكتلة التصويتية، والأمريكيون من أصول إسبانية Hispanic نحو 13.3% بواقع 32 مليون ناخب، والأمريكيون من أصول إفريقية نحو 12.5% بواقع 30 مليون ناخب، والأمريكيون من أصول آسيوية Asian وغيرهم من المجموعات نحو 4.7%. 

ومن الجدير بالذكر أن كتلة الناخبين من أصول إسبانية تُعتبر الأهم بين المجموعات العرقية في انتخابات 2020. وهذه القوة التي يبلغ عدد أصوات ناخبيها 32 مليون ناخب، والتي تأتي في مقدمة المجموعات العرقية من حيث العدد؛ متوقفة على الناخبين السود من أصول إفريقية الذين يبلغ عدهم 30 مليونًا، حيث يحتل الناخبون من أصول إسبانية المرتبة الثانية في حجم القوة التصويتية بعد الناخبين البيض. وإذا وُضع في الاعتبار أن نسب مشاركتهم في الانتخابات بشكل عام أقل من السود؛ فإن نجاح حشد هذه الكتلة التصويتية بكثافة في الانتخابات سيكون له تأثير واضح على النتيجة.

3- توزيع الكتل التصويتية وفقًا للعمر: وفقًا لبعض التقديرات، سيكون توزيع الكتلة التصويتية وفقًا للسن في انتخابات 2020 كالتالي: 10% للناخبين فوق سن 74 عامًا، و28% للناخبين في سن ما بين 56 إلى 74 عامًا، و25% للناخبين في سن ما فوق 40، و27% للناخبين في سن ما بين 24 إلى 39 عامًا الذين يطلق عليهم جيل الألفية Millennial، و10% للناخبين في سن ما بين 18 إلى 23 سنة الذين يُطلق عليهم جيل Generation Z، وهؤلاء مواليد عام 1996 وما بعدها والذين يصوتون للمرة الأولى في الانتخابات.

وهذه التقديرات تشير إلى أن 38% (نحو أكثر من الثلث) من حجم القوة التصويتية في انتخابات 2020 للناخبين فوق سن 56 سنة، و52% من القوة التصويتية للناخبين في سن ما بين 39 إلى أقل من 56، و10% للناخبين الجدد.

4- توزيع الكتل التصويتية وفقًا للجنس: تتوافق انتخابات 2020 مع مرور مائة عام على إقرار التعديل التاسع عشر من الدستور الأمريكي الذي أتاح للمرأة حق التصويت في الانتخابات، ووفقًا للتقديرات فإن مشاركة المرأة في الانتخابات الرئاسية أعلى من الرجل بشكل عام. وتُشير بعض التقديرات إلى أن عدد السيدات المسجلات في قوائم الاقتراع في انتخابات 2016 بلغ أكثر من 81.3 مليونًا مقارنة بـ71.7 مليونًا، وبلغت نسبة تصويت المرأة 63% مقارنة بـ59% للرجل، وتفوقت المرأة على الرجل بـ10 ملايين صوت. وفي انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في عام 2018 بلغت نسبة تصويت المرأة 55% بإجمالي 65.3 مليونًا ممن لهم حق التصويت، مقارنة بنسبة تصويت للرجل بلغت 51.8% بإجمالي 56.9 مليون صوت. وتشير التوقعات الأولية إلى أن أرقام تسجيل المرأة في انتخابات 2020 سوف تشهد زيادة، الأمر الذي يؤشر إلى احتمال أن تصل إلى أكثر من 90 مليون ناخبة. وتشير التوقعات إلى أن التوجهات التصويتية للمرأة سيكون لها تأثير كبير جدًّا في السباق الانتخابي.

5- توزيع الكتل التصويتية وفقًا لمستوى التعليم: بشكل عام تشير التقديرات إلى أن ثلثي حجم القوة التصويتية في الولايات المتحدة 65% من الناخبين الذين لديهم مستوى تعليمي أقل من الجامعي، بمعنى أقل من شهادة جامعية (أربع سنوات)، وأن 36% فقط من الناخبين الأمريكيين لديهم شهادة جامعية أربع سنوات فأعلى. وتشير التقديرات أيضًا إلى أن الناخبين ذوي التعليم الجامعي يميلون للتصويت للديمقراطيين، وأن الناخبين الأقل في المستوى التعليمي يميلون للتصويت للجمهوريين. ووفقًا للتقديرات فإن نسبة تأييد الجمهوريين بين الناخبين الأمريكيين من البيض الذين لديهم مستوى تعليمي أقل من الجامعي تبلغ 57%. ومن الجدير بالذكر -في هذا السياق- أن هذه الكتلة (الناخبون البيض ذوو التعليم الأقل من الجامعي) هي التي لعبت دورًا أساسيًّا في وصول "ترامب" للبيت الأبيض في انتخابات 2016، ففي هذه الانتخابات بلغت نسبة هذه الكتلة التصويتية 44% من إجمالي من لهم حق التصويت، صوّت منهم 60% للجمهوريين لـ"ترامب".

وتشير تقديرات "مركز التقدم الأمريكي" في مشروعه عن "تأثير التغييرات الديموغرافية في الولايات المتحدة على توجهات الانتماء الحزبي" الذي أجراه المركز في عام 2019، إلى أن حجم مشاركة الناخبين غير البيض من الحاصلين على مستوى أقل من الجامعي قد تصل إلى 42%، ومن المحتمل أن يصوت 27% منهم للمرشح الديمقراطي، و58% للمرشح الجمهوري.

اتجاهات التصويت المحتملة:

ساعدت توجّهات الكتل الانتخابية وانحيازها إلى الجمهوريين أو الديمقراطيين في حسم نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس عام 2018، وانتخابات الرئاسة 2016. وفي هذا السياق، فإن توجهات التصويت المحتملة لهذه الكتل في انتخابات 2020، قد تُعطي مؤشرات عامة حول النتائج التي قد يُفضي إليها السباق الرئاسي لعام 2020، إذا افترضنا مصداقية استطلاعات الرأي ومحدودية هامش الخطأ فيها. وفي هذا الإطار يُمكن الإشارة إلى ما يلي:

1- اتجاهات تصويت المجموعات العرقية: معظم استطلاعات الرأي تُشير إلى أن "ترامب" يتمتع بتأييد كبير من الناخبين الأمريكيين البيض، في حين يتمتع "بايدن" بتأييد المجموعات العرقية الأخرى. ففي استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وSiena College في الفترة من 15 إلى 18 أكتوبر 2020، وُجِدَ أنّ حجم المؤيدين لـ"ترامب" من الناخبين البيض في عينة الاستطلاع بلغ 50% مقابل 44% لـ"بايدن"، حيث تقدم "ترامب" 6 نقاط، في حين أن حجم التأييد لـ"بايدن" بين الناخبين من أصول إسبانية والسود ومن أصول آسيوية بلغ 66% مقابل 22% لـ"ترامب"، حيث يتقدم "بايدن" بـ44 نقطة.

ورغم تقدم "ترامب" على "بايدن" بين الناخبين البيض؛ إلا أنّ بعض التقديرات تشير إلى أن "ترامب" يتمتع بهامش أقل في تأييد هؤلاء الناخبين له مقارنة بانتخابات عام 2016. كما أن المنافسة مع "بايدن" على أصوات هذه الكتلة شديدة جدًّا في بعض الولايات الحاسمة. هذا بالإضافة إلى توقعات بأن المجموعات العرقية الأخرى من الناخبين ذوي الأصول الإسبانية والسود وغيرهم سوف يصوتون بكثافة أعلى من مشاركتهم في الانتخابات الماضية.

ووفقًا لاستطلاعات الرأي، يواجه الرئيس "ترامب" تراجعًا في نسبة التأييد له بين الناخبين البيض في ثلاث ولايات حاسمة، وهي: ميشيغان، وبنسلفانيا، وويسكونسون، فهذه الولايات كان قد فاز فيها "ترامب" على منافسته "هيلاري كلينتون" في انتخابات 2016، بينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم "بايدن" بين الناخبين البيض في هذه الولايات بهامش محدود. ففي ميشيغان تبلغ نسبة تأييد "بايدن" بين البيض 49% مقابل 47% لـ"ترامب"، وفي ولاية بنسلفانيا 47% مقارنة بـ45% لـ"ترامب"، وفي ولاية ويسكونسن 51% لـ"بايدن" مقابل 46% لـ"ترامب". 

2- اتجاهات التصويت وفقًا للعمر: استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم "بايدن" على "ترامب" في معظم المجموعات العمرية، وبشكل أكبر في الفئات العمرية الأصغر سنًّا، مجموعة Generation Z التي تبلغ أعمارهم ما بين 18 إلى 29 سنة، والذين يصوتون لأول مرة في الانتخابات، وبين مجموعة جيل الألفية Millennial. فوفقًا لاستطلاع صحيفة "نيويورك تايمز"، بلغت نسبة التأييد لـ"بايدن" بين مجموعة Generation Z 58% مقابل 30% لـ"ترامب"، وفي مجموعة جيل الألفية بلغت نسبة تأييد "بايدن" 47% مقابل 39% لـ"ترامب".

3- اتجاهات التصويت وفقًا للجنس: في انتخابات الرئاسة 2016 وصل "ترامب" إلى البيت الأبيض بسبب تصويت الناخبين الأمريكيين البيض الحاصلين على مؤهل أقل من جامعي، الذين صوتوا له بكثافة ضد "هيلاري كلينتون". وفي انتخابات 2020 تُشير التوقعات إلى أن "ترامب" قد يخسر السباق الانتخابي بسبب تصويت المرأة، فاتجاهات تأييد منافسه "بايدن" بين الناخبات الأمريكيات مرتفعة جدًّا، وهي التي قد تُساعد "بايدن" بقوة في مواجهة "ترامب".

ووفقًا لاستطلاع "نيويورك تايمز" بلغت نسبة تأييد "بايدن" بين النساء 58% مقابل 35% لـ"ترامب"، حيث يتفوق "بايدن" بـ23 نقطة، في حين بلغت نسبة تأييد "بايدن" بين الرجال 42% مقابل 48% لـ"ترامب"، حيث يتقدم "ترامب" بـ6%. واللافت للنظر أن بعض التقديرات، خاصة تقديرات معهد بروكينجز التي تستند إلى بيانات استطلاعات "مركز بيو" لاستطلاعات الرأي، تشير إلى أن التحول من "ترامب" إلى "بايدن" قد لا يرتبط بتوجهات الناخبات الأمريكيات وموقفهن من "ترامب"، ولكن أيضًا الدعم بين الذكور الذين سيصوتون بكثافة لصالح "بايدن" أكثر من تصويتهم لـ"هيلاري كلينتون" في انتخابات 2016.

4- اتجاهات التصويت وفقًا لمستوى التعليم: يبدو أن نمط التصويت وفقًا لمستوى التعليم الذي ساد انتخابات 2016 من المحتمل أن يتكرر بدرجة أو بأخرى في انتخابات 2020، ففئة الناخبين البيض من الحاصلين على تعليم أقل من جامعي التي أيدت "ترامب" مستمرة في تأييده وإن كان بنسبة أقل. ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وSiena College في الفترة من 8 سبتمبر إلى 19 أكتوبر 2020، أظهر أن نسبة تأييد "ترامب" بين الناخبين البيض الحاصلين على مؤهل غير جامعي بلغت 55% مقابل 35% لـ"بايدن"، حيث يتفوق "ترامب" بـ20 نقطة، ونسبة تأييد "ترامب" بين الناخبين البيض الحاصلين على تأييد جامعي 39% مقابل 53% لـ"بايدن"، حيث يتقدم "بايدن" بـ12 نقطة.

ختامًا، تُشير اتجاهات التصويت المحتملة للكتل الانتخابية في سباق الرئاسة الأمريكي 2020، إلى تباين واضح مع نتائج التصويت في انتخابات 2016. فنجاح "ترامب" في الانتخابات السابقة الذي اعتمد بالأساس على الناخبين البيض من الطبقة العاملة الحاصلين على مؤهل أقل من جامعي، والنساء البيض في الضواحي، والناخبين كبار السن في عمر أكبر من 65 عامًا؛ ربما يواجه تحديات صعبة في انتخابات 2020، فمنافسه الديمقراطي "جو بايدن" يُحقق تأييدًا بين هذه الفئات بشكل أكبر من تأييدها لـ"هيلاري كلينتون" في انتخابات 2016، كما أن أصوات المجموعات العرقية، والمرأة، والشباب، قد يعرقل مهمة "ترامب" لإعادة انتخابه لفترة ثانية.