أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

حروب “الدرونز”:

لماذا لا تضعف قدرات التنظيمات الإرهابية؟

08 أكتوبر، 2014


** نشر هذا المقال في دورية (اتجاهات الأحداث) الصادرة عن مركز المستقبل، العدد الثاني، سبتمبر 2014.

أصبحت “الدرونز” - الطائرات بدون طيار - من أهم أدوات الولايات المتحدة في القضاء على الإرهاب في الآونة الأخيرة، من خلال توظيفها لاغتيال قيادات التنظيمات الإرهابية بهدف إضعاف هذه التنظيمات، وشل حركتها وقدرتها على العمل. وقد أثارت هذه الأداة الجدل حول مدى فاعليتها في التأثير السلبي على قدرة الجماعات الإرهابية على مواصلة عملياتها.

في هذا الإطار يتناول هذا التحليل الأنماط المختلفة لاستخدام "الدرونز" في مواجهة الجماعات الإرهابية، ويناقش الجدل المتعلق بأهمية الفرد في مواجهة المؤسسة، وما إذا كان استهداف قيادات التنظيمات الإرهابية يمكن أن يؤدي إلى شلها، ثم العوامل المرتبطة بمدى قدرة المؤسسات على الاستمرار، على الرغم من استهداف قياداتها، وأخيراً التأثيرات السلبية لـ"الدرونز".

أولاً: أنماط حروب «الدرونز»:

توسعت مؤخراً عملية استخدام "الدرونز" في عمليات تستهدف قتل قيادات التنظيمات الإرهابية(1)، ويعود استخدام "الدرونز" للمرة الأولى إلى حرب فيتنام، حيث استخدمت في أعمال المراقبة والاستطلاع. وفي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 استخدمت هذه الطائرات على نطاق واسع للقيام بأعمال التعقب والقتل الموجه لقيادات التنظيمات الإرهابية في إطار الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب. وتضم هذه الطائرات أنواعاً متعددة مجهزة وقادرة على الوصول إلى الأهداف من ارتفاع 65,000 قدم، كالطائرة المفترسة "البريداتور" (Predator)، والحاصدة "رايبر “(Reaper)، وكاشفة النار "فاير سكوت" (Fire Scout)، والصقر العالمي "غلوبال هوك" (Global Hawk)، وتتميز بانخفاض أثمانها نسبياً، حيث تبلغ سعر الواحدة نحو 4 ملايين دولار أمريكي. وعلى الرغم من امتلاك نحو 30 دولة منها نيوزيلاند على سبيل المثال هذه الطائرات، فإن استخدامها في إطار العمليات القتالية يبقى مقصوراً على عدد قليل منها، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل(2).

تعتبر عمليات "الدرونز" حجز الزاوية في الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب منذ أن بدأت على يد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، واستمر العمل بها تحت إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، الذي استخدمها بشكل غير مسبوق، خاصة في المناطق القبلية على الحدود الباكستانية – الأفغانية وفي اليمن.

مر استخدام "الدرونز" في عمليات القتل الموجه بأربع مراحل رئيسية، وذلك على النحو التالي:

• المرحلة الأولى (2002– 2004): إذ استخدمت بشكل تجريبي على نطاق ضيق لاستهداف قيادات ذات قيمة للتنظيمات الإرهابية، وأبرز الأمثلة في هذا السياق استهداف سليم سنان الحارثي، القيادي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

• المرحلة الثانية (2005– 2007): والتي شهدت زيادة في أعداد الضربات، لكنها بقيت في سياق استهداف القيادات.

• المرحلة الثالثة (أواخر فترة حكم بوش الابن منذ 2008 وحتى نهايتها): وشهدت هي الأخرى زيادة متسارعة في استخدام "الدرونز" بواقع 37 عملية خلال 2008.

• المرحلة الرابعة (تحت إدارة الرئيس أوباما): وتميزت باستخدام الدرونز على نطاق واسع، حيث لم يقتصر الاستهداف على القيادات العليا فقط، وإنما استهدف المقاتلين العاديين أيضاً(3).

وتنفذ الولايات المتحدة نوعين من عمليات "الدرونز":

• الأولى: الضربات الشخصية: وتعنى باستهداف القيادات العليا للتنظيمات.

• الثانية: ضربات موجهة ضد أهداف عامة (Signature Strikes) من غير المؤكد أنها تمثل تهديداً أو هدفاً مشروعاً، وتهتم باستهداف هؤلاء الذين تشك الولايات المتحدة فيهم للتشابه في نمط حياتهم مع الإرهابيين، وفي الأغلب الأعم لا تكون هوية هؤلاء معروفة لدى الولايات المتحدة، التي لا تبذل جهوداً كبيرة من جانبها لتأكيد هوية المقتولين.

وفي بعض العمليات تلجأ أحياناً إلى أسلوب الضربات المزدوجة(4)، والتي تتضمن ضرب المنطقة الواحدة مرتين متتاليتين لضمان تحقيق الأهداف، وهو ما يعيق محاولات الأفراد إنقاذ ما تبقى من ضحايا، وهو ما يرفع أعداد القتلى بين المدنيين(5)، ولكن مؤيدي هذه الضربات يعتبرونها الوسيلة الوحيدة القادرة على استهداف القيادات الإرهابية بشكل فعّال في المناطق التي يصعب الوصول إليها من دون وجود أضرار كبيرة(6).

ثانياً: الدرونز.. جدلية الفرد والتنظيم

يثير استخدام الدرونز الكثير من النقاش فيما يتعلق بجدلية العلاقة بين الفرد والمؤسسة، وأيهما أهم لاستمرار عمل التنظيم، وإذا ما كان استهداف القيادات يضعف التنظيم، أم أن البعد المؤسسي يضمن للتنظيم الاستمرار في العمل على الرغم من استهداف بعض القيادات المؤثرة فيه.

1 ـ أهمية القيادة الكاريزمية:

تستند فكرة استخدام الدرونز في الحرب ضد الإرهاب بالأساس إلى نظريات القيادة، وأهمية الفرد في مقابل المؤسسة، ولهذا فقد اعتمدت أسلوب قتل القيادات كأداة لشل حركة التنظيمات وإضعافه، إذ يشير مؤيدو هذا الاتجاه إلى أن القيادة في أي مؤسسة، خاصة المؤسسات الاحترافية، هي نقطة ارتكاز أساسية، حيث يكون استمرار العمل فيها مرهوناً بالمخاطرة دائماً وحتمية وجود قائد ذي رؤية فريدة، وقادر على الإدارة بشكل مبدع ومبادر. ويرى البعض أن هناك تشابهاً كبيراً بين هذه المؤسسات والتنظيمات الإرهابية لأن كلاً منها يخضع للعوائق والتحديات نفسها، ومن ثم فإن عدم وجود قيادة كاريزمية خلاقة قد يكون سبباً في عدم قدرة التنظيم على الاستمرار بكفاءة وفاعلية(7)، وتعظم هذه الأفكار من القيادة الكاريزمية ومحوريتها للتنظيم، حيث توكل إليها مهمة إيصال رسالتها لباقي أفراد التنظيم، والعمل على حثهم للتضحية بكل ما هو نفيس من أجل بلوغ الهدف. ولا تنطبق هذه المهمة على القيادات العليا للتنظيمات فقط، بل تشمل القيادات الوسطى والقيادات الميدانية، لما لهؤلاء من دور محوري في تعميق الروابط والصلات داخل التنظيم، بالإضافة إلى قيامهم بنقل المعلومات والمهارات للأعضاء الجدد(8).

ومن ثم تعمل "الدرونز" على إضعاف التنظيم من خلال ما يلي:

• استهداف القيادات، ومن ثم اتجه معظم هؤلاء للاهتمام بحماية أنفسهم بدلاً من التركيز على إدارة شؤون التنظيم فقط، وهو ما يعد مؤشراً جيداً لشل حركة التنظيم جزئياً.

• إن تصعيد نخب وقيادات جديدة عقب اغتيال القيادات السابقة، ومن دون ترتيب مسبق، يؤدي في كثير من الحالات هو الآخر لعدم الانسجام والتجانس داخل التنظيم، خاصة أن القيادات الجديدة قد تكون قيادات ضعيفة ليست لديها الخبرة الكافية لتنفيذ العمليات بدرجة الكفاءة نفسها.

• إن استهداف القيادات لا يسمح بتوفير مساحة لبناء الكوادر، أو تجنيد أفراد جدد على درجة عالية من الثقة.

وعلى الرغم من أن عدد العمليات الإرهابية المرتبطة بالتنظيم الأم للقاعدة في أفغانستان قد انخفض نسبياً في الفترة الأخيرة فإن التنظيم لم يتم القضاء عليه بشكل نهائي. من جانب آخر تنامت التهديدات من التنظيمات الفرعية المرتبطة بالقاعدة، وبسبب سرية برنامج "الدرونز"، فلا توجد معلومات كافية يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى إجابة قاطعة حول مدى فعاليتها. وإجمالاً فإن "الدرونز" حققت بعض أهدافها بشكل إيجابي، لكن يبقى الكثير من التساؤلات حول تكاليفها وتأثيراتها السلبية الكبيرة على الولايات المتحدة.

2 ـ عوامل استمرار المؤسسات

هناك العديد من الأفكار التي تعلي من قيمة المؤسسة في مقابل الفرد، وتؤكد قدرة التنظيمات على الاستمرار، والعمل بفاعلية على الرغم من استهداف قياداتها، وتؤكد أن المؤشر والعنصر الغالب هنا هو قوة التنظيم ذاته، والذي يمكن قياسه من خلال مؤشرات متنوعة لا تقتصر على وجود القائد من عدمه، إذ إن عنصر القيادة وتوفر العنصر البشري الكفء داخل التنظيم، يعدان مؤشراً واحداً ضمن جملة مؤشرات(9). ويقدم هذا الاتجاه تنظيم القاعدة كخير مثال على ذلك، إذ أثبت بعد كل تلك السنوات عدم قدرة الولايات المتحدة على القضاء عليه، ويرجع ذلك لما يمكن تسميته "المرونة المؤسسية"، التي تشير إلى أن استهداف القيادات لا يعني بالضرورة فناء التنظيم، فقدرة التنظيم على الاستمرار مرهونة بمدى بيروقراطيته والدعم المجتمعي الموجه له، وذلك على النحو التالي:

1 ـ البيروقراطية: ويقصد بها وجود قدرة على التخصص، وتقسيم العمل واتباع القواعد والقوانين المنظمة لأداء المؤسسة، فإذا ما تحلت التنظيمات بهذه القدرات فإن هناك احتمالية كبيرة لتلافى التأثيرات السلبية لاغتيال القيادات، ويكون هذا غالباً في التنظيمات الكبيرة والقديمة نسبياً على عكس التنظيمات الحديثة، التي لا تتمتع بتلك القدرات، فتكون أكثر عرضة للانتكاسة بسبب الاختفاء المفاجئ للقيادات(10).

وتتمتع التنظيمات الكبرى بسمات الهيراركية، حيث توجد هياكل مركزية للقيادة والسيطرة، وهو ما يجعلها تتمتع بميزة تحديد الأهداف ووضع الآليات لتنفيذها. وعلى الرغم من أن اختفاء الهيراركية قد يزيد من حجم المرونة التي يتمتع بها التنظيم، فإنها تضعف قدرته على القيام بعمليات معقدة أو على قدر عال من التعقيد كأحداث 11 سبتمبر(11). من جانب آخر تتيح الهيراركية للتنظيم سهولة تطبيق آليات المساءلة، بالإضافة إلى وجود تخصص في الوظائف داخل المؤسسة، ما يتيح استخدام الموارد بصورة أفضل، وهو ما يزيد من درجة فاعليتها(12).

2 ـ الدعم المجتمعي: وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة للجماعات والتنظيمات الإرهابية؛ لأنه يسمح لها بالإبقاء على القوة والقدرة التنظيمية الخاصة بها عقب استهداف قادة التنظيم من خلال استمرار قدرتها على التجنيد، وتوفير الموارد بشكل عام، والموارد المالية بشكل خاص، والتخفي لعناصر التنظيم. وبناء عليه فإن التنظيمات التي تلقى الدعم من قبل المجتمع يمكن أن تتكيف وبشكل أفضل مع الموارد المتاحة كافة للقيام بهجمات فعّالة، كما أن نظرة المجتمع وقبوله بشرعيتها يمنحها مزيداً من القوة؛ لأنها تستحوذ على عقل وقلب هؤلاء وتحد من اتجاههم للتمرد عليها(13)، بل إن لجوئها للعنف يكون مقبولاً لدى عموم الناس، فيوفر لها العديد من الامتيازات. وتلجأ التنظيمات أحياناً إلى توفير السلع والخدمات والعديد من الامتيازات لأفراد المجتمع ما يرفع من الدعم المجتمعي لها، ويزيد من قوتها وقدرتها التنظيمية وصعوبة اختراقها(14).

وعليه يمكن القول إن التنظيمات والجماعات التي تتمتع بشعبية مجتمعية وبيروقراطية عالية هي الأقدر على الاستمرار في ضوء استهداف قياداتها بعكس التنظيمات التي لا تتمتع بهذه المزايا، فتصبح أكثر عرضه لعدم الاستمرار والفشل في تحقيق الأهداف(15)، ويبقى الخطر الأكبر أمام استراتيجيات مكافحة الإرهاب على صعيد التنظيمات كافة هو قدرة أعضائها على إعادة التجمع والتنظيم والعمل مرة أخرى وهو ما يحدث حالياً، كما يجب التذكير بأن القيادات الجديدة لبعض التنظيمات قد تكون أكثر إبداعاً وأكثر راديكالية وعنفاً من سابقاتها(16).

ثالثاً: التداعيات السلبية للدرونز

على الرغم من قناعة الولايات المتحدة بأهمية "الدرونز" وتوظيفها على نطق واسع، فإن هناك عدداً من السلبيات المرتبطة بها، والتي أدت إلى إثارة مقولات من قبيل "الانتكاسة" للتعبير عن آثار "الدرونز" على الولايات المتحدة ذاتها، إذ قد يؤدي نجاح الدولة في تحقيق أهدافها على المدى القصير إلى وجود تأثيرات سلبية على المدى الطويل، ويتجلى هذا في الآتي:

• يشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن خطورة استخدام "الدرونز" من قبل الولايات المتحدة تكمن في كونها سابقة خطيرة ربما تسعى دول أخرى لاستغلالها؛ مما يؤدي إلى اتساع نطاق الحروب على مستوى العالم(17).

• احتمالية زيادة العنف الانتقامي الموجه للولايات المتحدة من قبل أعضاء التنظيمات الإرهابية أو الأفراد العاديين كنوع من الانتقام لذويهم، عملاً بنظرية أن العنف يولد العنف(18)، وخير مثال على ذلك محاولة تفجير سيارة في التايمز سكوير بنيويورك 2010، والتي جاءت كرد فعل انتقامي لمقتل بيت الله محسود، القائد الطالباني الباكستاني في عملية قتل في عام 2009، وقد أطلق البعض على هذه التحركات ظاهرة "حرب العصابات العرضية" (Accidental Guerilla Phenomena)، وتعني اتجاه بعض الأشخاص للقيام بعمليات عنيفة وإرهابية كنوع من الانتقام والرد على العمليات التي قامت بها الولايات المتحدة، وهذه الظاهرة في تزايد مستمر(19).

• حدوث نوع من التناقض في استراتيجية الولايات المتحدة ذاتها على صعيد مكافحة التطرف والإرهاب، فقد عمدت لتبني استراتيجية تقوم على مكافحة التطرف من خلال القضاء على الأساليب الاجتماعية والثقافية والسياسية التي أدت لظهوره، وذلك من خلال ترسيخ الديمقراطية وحكم القانون، وهو ما يتناقض مع قيام الولايات المتحدة باستخدام "الدرونز" في الحرب على الإرهاب، والتي تعد بمنزلة عمليات قتل من دون محاكمة تطال في بعض الأحيان المدنيين(20).

• تؤدي الزيادة الكبيرة في أعداد القتلى من المدنيين إلى زيادة السخط الشعبي تجاه الولايات المتحدة، خاصة مع الزيادة المطردة في استخدام الولايات المتحدة الضربات (Signature Strike)، وأسلوب الضربات المتتالية، وهو ما قد يؤدي لترجمته في زيادة الدعم للتنظيمات الإرهابية. وعلى الرغم من عدم وجود أرقام أو بيانات حكومية عن عدد هؤلاء القتلى، نظراً لإحاطة العمليات بقدر كبير من السرية من قبل الولايات المتحدة، فإنه وفقاً لبيانات مؤسسة أمريكا الجديدة، فقد تم تنفيذ نحو 334 عملية من منتصف 2004 حتى أكتوبر 2010، وبلغ إجمالي القتلى في باكستان وحدها نحو 2132 – 3496 معظمهم من الأعضاء غير المهمين أو المدنيين(21).

• إمكانية ظهور جيل جديد من التنظيمات غير تقليدية وأكثر إبداعاً في مجال الهجمات، غير أن هذه التنظيمات يصعب السيطرة عليها؛ نظراً لأنها تعتمد على البنية التنظيمية الأفقية، بعكس التنظيمات الكبيرة مثل القاعدة، وهو ما يمثل عائقاً أمام استراتيجيات مكافحة الإرهاب على الرغم من الجهود المبذولة في هذا السياق.

ومع التسليم بوجود العديد من السلبيات لاستخدام "الدرونز" في الحروب، فإنه لا تلوح في المستقبل القريب أية إشارة إلى نية الولايات المتحدة الاستغناء عنها، ومن ثم فإنه يجب التأكيد على عدد من الضوابط، التي ينبغي أن تحكم تلك العمليات، وتحد من أضرارها الجانبية على المدنيين، وفي هذا الإطار قد يكون من الملائم إعادة النظر في البرنامج حتى يقتصر عمله فقط على استهداف القيادات ذات القيمة في التنظيم، والبعد عن استهداف المدنيين والمشتبه بهم دون إثبات(22)، ويستدعي هذا القيام بعمليات مخابراتية ونوعية أخرى بالتنسيق مع الدول المعنية، كما أنه من جهة أخرى، يجب إنشاء لجان تقصي حقائق بواسطة محكمة العدل الدولية للتحقيق في استخدامات "الدرونز" خارج ساحات القتال وداخله، والوقوف على الاعتداءات الحادثة(23).

لا يمكن الجزم بشكل مؤكد بأن السبب المباشر لتناقص العمليات الإرهابية هو استخدام "الدرونز"(24)؛ لأنه لا توجد معلومات كافية في هذا الإطار، وهذا الأمر يحتاج لدراسات مستفيضة، لأنه يرتبط بمؤشرات عدة، فلا يمكن التعميم حتى وإن نجحت "الدرونز" ظاهرياً في تحجيم عمل التنظيمات الإرهابية(25)، خاصة في ضوء تبني التنظيمات الإرهابية تكتيكات تهدف لتجنب، أو على الأقل، التقليل من الخسائر التي تتعرض لها بسبب هذه النوعية من الهجمات.

بصفة عامة، يمكن القول إن استخدام "الدرونز" في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية لايزال مقتصراً على استهداف القيادات العليا أو المؤثرة بالتنظيم بهدف إضعافه دون القضاء عليه، ولا يمكنه أن يطال التنظيم وهيكليته الثابتة، خصوصاً إذا ما امتلك هياكل بيروقراطية تولد قيادات بديلة ودعماً شعبياً، وهو ما تتميز به التنظيمات الجهادية الكبيرة في الوقت الراهن. وتبرز "المعضلة" في أن استهداف القادة يضعف التنظيم معنوياً، لكنه من جانب آخر يقويه من جهة زيادة الدعم الشعبي له، بسبب ارتفاع الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة الاستهداف الخاطئ، خاصة إذا كانت هذه المجتمعات تتبنى مواقف معادية للولايات المتحدة من الأساس، وهو ما يتوفر بدرجة كبيرة في حالات واضحة هي باكستان وأفغانستان واليمن.

المراجع:

1) Natalie Dalziel, Drone Strikes: Ethics and Strategies, New Zealand International Review, Vol.39, No.3, May 2014, p.2.

2) Ibid.,p.2.

3) Leila Hudson and Others, Drone Warfare: Blowback from the New American Way of War, Middle East Policy, Vol. XVIII, No.3, (Fall 2011), p. 124.

4) Natalie Dalziel, Op.cit., p.4.

5) Ibid., p.4.

6) Micheal J. Boyle, The Costs and Consequences of Drone Warfare, International Affairs, Vol. I, No. 89, 2003, p.3.

7) Scott stewart, Why Militant Groups Require Strong Leadership, stratfor global intelligence, date of access:18-8-2014, access through: http://www.stratfor.com/sample/weekly/why-militant-groups-require-strong-leadership

8) Javier Jordan, The Effectiveness of the Drone Campaign Against Al Qaeda Central: Case Study, Journal of Strategic Studies, Vol.37, No.1, 2014, pp 9-11.

9) Jenna Jordan, Attacking the Leader- Missing the Mark, International Security, Vol. 38, No. 4, Spring 2014, p. 8.

10) Ibid., p.11.

11) Rohan Gunaratna and Aviv Oreg, Al Qaeda’s Organizational Structure and its Evolution, Studies in Conflict and Terrorism, Vol. 33, Issue 12, 2010, p. 1045.

12) Javier Jordan, Op.cit., pp 7 – 8.

13) Jenna Jordan, Op.cit., p.15.

14) Ibid., p.29.

15) Ibid., p.20.

16) Assaf Moghadam, How AL Qaeda Innovates, Security Studies, Vol. 22, Issue 3, August 2013, p.466.

17) Amnesty International, Will I be Next? US Drone Strike in Pakistan, 2013, Accessible at: http://www.amnesty.org/ar/library/asset/ASA33/013/2013/en/041c08cb-fb54-47b3-b3fe-a72c9169e487/asa330132013en.pdf

18) Leila Hudson and Others, Op.cit., p. 126.

19) Ibid., 126.

20) Ibid., p. 122-132.

21) National Security Studies Program, The Drone War in Pakistan, New America Foundation, http://goo.gl/eCPoFH

22) Hassan Masood, Death from the Heavens: The Politics of the United States’ Drone Campaign in Pakistan’s Tribal Areas, Critique: A Worldwide Student Journal of Politics, Spring 2013, accessible at: http://connection.ebscohost.com/c/articles/90647720/death-from-heavens-politics-united-states-drone-campaign-pakistans-tribal-areas

23) Michael J.Boyle, Op.cit, p.28.

24) Megan Smith and James I.goe Walsh, Do Drone Strikes Degrade Al Qaeda? Evidence From Propaganda Output, (London: Routledge publishing, 2013), p.325.

25) Javier Jordan, Op.cit., p.5.w