أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ضغوط متعددة:

هل يتراجع نفوذ "شبكة حقاني" تدريجيًا؟

17 يناير، 2018


تبدي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا ملحوظًا بتوجيه ضربات قوية ضد "شبكة حقاني" التي يتزايد نفوذها على الحدود بين أفغانستان وباكستان، وهو ما بدا جليًا في سعيها إلى القضاء على أهم قادة الشبكة، لا سيما جلال الدين حقاني ونجله سراج الدين حقاني، بشكل بات يفرض ضغوطًا متزايدة على الأخيرة، ويساهم في تقليص نشاطها إلى حد ما. وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن ثمة خلافات بدأت تظهر في مواقف الإدارة الأمريكية والحكومة الباكستانية حول آليات التعامل مع التهديدات التي توجهها الشبكة، خاصة مع بروز مؤشرات حول إمكانية قيام الأولى بتوجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي الباكستانية ضد المواقع التي تسيطر عليها الشبكة.

واتسع نطاق تلك الخلافات بعد قيام الرئيس ترامب بنشر "تغريدات" في بداية عام 2018 انتقد فيها مستوى التعاون الأمني بين الطرفين وتراجع تداعياته الإيجابية على المصالح والأمن القومي الأمريكي، بالتوازي مع القرار الذي اتخذته الإدارة، في 5 يناير من العام نفسه، بتعليق المساعدات التي تقدمها واشنطن لإسلام أباد، وتصل إلى 900 مليون دولار، حتى تقوم الأخيرة بتبني إجراءات ضد حركة "طالبان" و"شبكة حقاني".

هجمات متزايدة:

تصاعد اهتمام واشنطن بالتهديدات التي توجهها "شبكة حقاني" لا يعود فقط إلى اتساع نشاط الأخيرة في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وإنما يعود أيضًا إلى تزايد عملياتها غير التقليدية داخل أفغانستان، مثل الهجوم النوعي الذي استهدف الحي الدبلوماسي بالعاصمة الأفغانية كابول، في نهاية مايو 2017، وأسفر عن مقتل حوالي 90 شخصًا وإصابة ما يقرب من 380 آخرين، بشكل تحولت معه الشبكة إلى إحدى المجموعات المنافسة للتنظيمات الإرهابية الأخرى داخل البلاد مثل "طالبان" و"داعش".

عوامل مختلفة:

باتت "شبكة حقاني" تفرض تهديدات قوية لأمن واستقرار أفغانستان، خاصة بعد تمكنها من تكوين تنظيم قوى ومتماسك يحظى بدرجة ما من السرية ويضم عددًا ليس قليلاً من الإرهابيين الذين يمتلكون خبرات قتالية كبيرة نتيجة مشاركتهم في مواجهات مسلحة عديدة وانخراطهم في عمليات إرهابية قامت الشبكة بتنفيذها. كما أن لديهم معرفة بالتضاريس الصعبة والطرق الجبلية، فضلاً عن أن البناء التنظيمي للشبكة يعتمد على المجموعات الصغيرة المنفصلة، في محاولة لمنع الاختراقات وتسريب المعلومات.

لكن رغم ذلك، فإن ثمة مؤشرات عديدة تكشف عن أن نشاط الشبكة ربما يتجه إلى التراجع تدريجيًا خلال المرحلة القادمة، يتمثل أبرزها في:

1- تصاعد الاستهداف الأمريكي: كشفت تقارير عديدة عن أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت تسعى إلى القضاء على الشبكة أو على الأقل تحجيم نفوذها ونشاطها بشكل كبير، خاصة وأن الإدارة تعتبر الشبكة جماعة إرهابية تفرض تهديدات جدية للمصالح الأمريكية في أفغانستان، في ظل توجهاتها الفكرية والتنظيمية، وهو ما يمكن أن يدفع القوات الأمريكية، في الفترة القادمة، إلى رفع مستوى الهجمات التي تقوم بشنها ضد الشبكة وقادتها، على نحو ما حدث عندما نجحت في قتل قيادي بارز في الشبكة في الغارة الجوية التي وقعت داخل الأراضي الباكستانية في 26 ديسمبر 2017، بشكل يمكن أن يُعرِّض الشبكة بالفعل لخسائر بشرية وتنظيمية كبيرة.

2- الضربات الباكستانية: ربما يدفع تزايد الاهتمام الأمريكي بتوجيه ضربات عسكرية للشبكة الحكومة الباكستانية إلى تبني سياسة مشابهة، خاصة أن آليات التعامل مع تهديدات الشبكة كانت محورًا لخلافات متعددة بين واشنطن وإسلام أباد في الفترة الماضية. والجدير بالذكر في هذا السياق، هو أن مثل هذه الضربات المحتملة لن تكون الأولى من نوعها التي تقوم بشنها باكستان، لا سيما أنها كانت حريصة بصفة مستمرة على تأكيد جديتها في المشاركة في الحرب ضد الإرهاب.

ومع ذلك، فإن ثمة اتجاهات عديدة ترى أن الإجراءات الأمريكية تجاه باكستان يمكن أن تدفع الأخيرة إلى اتخاذ مواقف مضادة، رغم أن واشنطن سعت إلى احتواء الاستياء الباكستاني في الفترة الأخيرة، بعد تأكيدها عدم إقدامها على شن أى عمل عسكري أحادي خلال المرحلة القادمة.

3- ضغوط التنظيمات المنافسة: تحول التنافس إلى سمة رئيسية للعلاقات بين الشبكة والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي تنشط داخل أفغانستان، وفي مقدمتها حركة "طالبان"، خاصة بعد أن اتسع نطاق نفوذ الأولى، لا سيما في المناطق القريبة من الحدود الأفغانية-الباكستانية، لدرجة دفعتها إلى فرض ضرائب وإتاوات على عناصر "طالبان" الذين يقومون بالمرور والتنقل عبر المناطق التي تسيطر عليها.

ومن دون شك، فإن ما يزيد من حدة هذا التنافس هو أن "طالبان" تستبعد، أو بمعنى أدق ترفض أية محاولات للتوصل إلى تفاهمات مع الشبكة أو التنسيق معها من أجل تنفيذ عمليات إرهابية مشتركة، وهو ما يدفعها دائمًا إلى محاولة استهداف مواقع وقادة الأخيرة، باعتبار أن تزايد نفوذها يمكن أن يخصم من قوة الأولى.

4- تراجع التمويل: ربما تتجه الإدارة الأمريكية والحكومة الباكستانية خلال المرحلة القادمة إلى اتخاذ خطوات إجرائية من أجل تجفيف مصادر التمويل التي تستخدمها الحركة في تنفيذ عمليات إرهابية واستقطاب مزيد من العناصر الإرهابية للانضمام إليها، بشكل قد ينتج أزمة حقيقية للشبكة يمكن أن تؤدي إلى انحسار نشاطها وتقليص قدرتها على توسيع مساحة المناطق التي تسيطر عليها.

وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة الباكستانية، في 6 يناير الجاري، عن إصدار قائمة سوداء تضم التنظيمات الإرهابية التي قامت بتجميد أرصدتها المالية، حيث اعتبرت أن التعاون معها سوف يمثل جريمة طبقًا للقانون الباكستاني.

وعلى ضوء ذلك، ربما يمكن ترجيح استمرار انحسار نفوذ الشبكة خلال المرحلة القادمة، على ضوء تزايد احتمالات استهدافها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وتراجع قدرة الشبكة على تأمين مصادر تمويل جديدة وضم مزيد من العناصر الإرهابية التي تستطيع تنفيذ تعليماتها ودعم نشاطها كتنظيم إرهابي منافس للتنظيمات الإرهابية الرئيسية في تلك المنطقة.