أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

ملاحظات على قرارات المجلس المركزي الفلسطيني

23 يناير، 2018


انتهت اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني في الأسبوع الماضي إلى سلسلة من القرارات لابد من إمعان النظر فيها سواء لأنها أول رد مؤسسي فلسطيني على التحدي الذي مثله قرار الرئيس الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو لمكانة المجلس المركزي في هيكلية صنع القرار الفلسطيني. وإذا اجتزأنا من هذه القرارات أهمها يمكن الإشارة إلى تكليف اللجنة التنفيذية تعليق الاعتراف بإسرائيل في الوقت المناسب حتى اعترافها بدولة فلسطين على حدود 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان. كذلك وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واعتبار التزامات المرحلة الانتقالية الناتجة عن اتفاقية أوسلو والاتفاقات التي تلتها منتهية، وإحالة ملف الاستيطان إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتبني حملة مقاطعة إسرائيل وإعادة تحديد العلاقة معها وتجسيد السيادة على الأرض. وليس سهلاً بطبيعة الحال تقييم هذه القرارات ومدى كفايتها لمواجهة المأزق الذي حُشِرَت فيه القضية الفلسطينية بعد قرار ترامب، ومع ذلك يمكن الإشارة إلى الملاحظات الثلاث التالية:

يُلاحظ أولاً أن هذه القرارات لا تعبر عن إجماع وطني فلسطيني ليس فقط لأن كلاً من «حماس» و«الجهاد» لم تشاركا في الاجتماع، سواء بحجة توقع سقف منخفض لقراراته أو الاعتراض على مكانه، وإنما أيضاً لأن عدد من حضروا الاجتماع بلغ 88 عضواً فقط من إجمالي 114 حيث تغيّب الأسرى، بطبيعة الحال، وكذلك من رفضت السلطات الإسرائيلية إعطاءهم تصاريح الدخول إلى مدينة رام الله من غزة، وهو ما يؤكد استحالة الديمقراطية في ظل الاحتلال. وقد وافق على قرارات المجلس 74 عضواً يمثلون كلاً من «فتح» و«حزب الشعب» بينما عارضها اثنان، وامتنع 12 عضواً عن التصويت ينتمون إلى الجبهتين «الديمقراطية» و«الشعبية لتحرير فلسطين» وحزب «فدا» و«المبادرة الوطنية». وهكذا يمكن القول دون مبالغة إن هذه القرارات هي قرارات «فتح» وليس غيرها، ويبعد هذا بالتأكيد عن نموذج الوحدة الوطنية المطلوب لمواجهة الموقف الخطير الراهن.

والملاحظة الثانية أن هذه القرارات تمثل حلاً وسطاً بين من يمكن تسميتهم بالمتشددين، وهم يمثلون أساساً الفصائل التي امتنعت عن التصويت وكذلك عن الحضور أصلاً، والمعتدلين الذين يمثلون سياسات الرئيس عباس ونهجه. ففي مقابل مطالبة المتشددين بسحب الاعتراف بإسرائيل نص قرار المجلس على «تعليقه»، وفي مقابل المطالبة بإلغاء اتفاقية أوسلو نصت القرارات على اعتبار التزامات المرحلة الانتقالية الناتجة عنها وعن الاتفاقات التي تلتها منتهية، مع أن الرئيس عباس كان قد أشار في كلمته أمام المركز إلى أن إسرائيل قد أنهت أوسلو وأضاف: «إننا سلطة من دون سلطة وتحت احتلال من دون كلفة ولن نقبل أن نبقى كذلك»!

وكذلك لم تشمل قرارات الاجتماع إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي، كما طالب البعض، لأن هذا سيتسبب في وقف التحويلات الجمركية من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية التي تساهم -أي التحويلات- بحوالي ثلثي ميزانيتها، وإنما اكتفت القرارات بالإشارة إلى الانفكاك من علاقة التبعية التي أوجدها الاتفاق. وكذلك طالب المتشددون بشطب التمسك بالمبادرة العربية باعتبارها رهاناً على عودة عملية السلام ولكن ذلك لم يحدث. ورفض المعترضون أيضاً فقرة في البيان الصادر عن اجتماعات المجلس تنص على عودة الإدارة الأميركية شريكاً في عملية السلام في حالة تراجعها عن قرار الاعتراف بالقدس.

أما الملاحظة الثالثة فتتعلق بتنفيذ القرارات، وهي ملاحظة بالغة الأهمية لأنه بغض النظر عن تقييمنا لقوة القرارات أو ضعفها فإن عدم التنفيذ يجعلها والعدم سواء. ويلاحظ أن القرارات لم تنص على التنفيذ الفوري وإنما «تكليف» اللجنة التنفيذية بالتنفيذ في الوقت المناسب. وقد قيل، إن التنفيذ قد بدأ بالفعل، وإن غابت المؤشرات على ذلك، كما أن عبارة «الوقت المناسب» لافتة لأن هذا «الوقت المناسب» قد لا يأتي أبداً، وقد سبق للمجلس أن اتخذ قرارات مهمة في 2015 ولكنها لم توضع موضع التنفيذ.

وقد يمكن على ضوء ما سبق القول إن القرارات الأخيرة للمجلس المركزي لا تمثل الرد المناسب على التحدي الذي مثله قرار ترامب الذي استخف بجوهر القضية الفلسطينية، وإن ضربة البداية في الملعب الفلسطيني لم تبدأ بعد ناهيك بأن تكون ضربة قوية.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد