أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

تحديات ماثلة :

فرص حسم ملف رئاسة الحكومة العراقية بعد ترشيح السوداني

27 يوليو، 2022


أعلن الإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب والكتل الشيعية في العراق، عدا التيار الصدري، الاتفاق بالإجماع على ترشيح السيد محمد شياع السوداني (52 عاماً) لمنصب رئيس الوزراء، في 25 يوليو، وذلك بعد انسحاب السيد قاسم الأعرجي، مستشار الأمن الوطني العراقي، والذي كان مرشحاً منافساً.

ملاحظات اختيار السوداني: 

يلاحظ أن اختيار السوداني كمرشح تسوية بين أطراف الإطار التنسيقي يكشف عن عدد من الملاحظات، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي:

1- تفاهم المالكي مع العامري: تم اختيار السوداني بعد حدوث تفاهمات بين ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، وتحالف الفتح، الذي يضم الحشد الشعبي برئاسة الهادي العامري، والذي شهد اجتماع مكونات الإطار التنسيقي في منزله، حيث مارس العامري ضغوطاً على الأعرجي، والذي كان مرشحاً لمنصب رئاسة الوزراء، وذلك لسحب ترشحه. 

كما تمت ممارسة ضغوط على تيار الحكمة بزعامة السيد عمار الحكيم، وكذلك على رئيس ائتلاف النصر، السيد حيدر العبادي، للموافقة على دعم ترشيح السوداني، فضلاً عن تقديم مناصب وزارية لكلا التحالفين لدعم ترشحه، وبالتالي صوّت الإطار التنسيقي بالإجماع على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة.

2- دور إيراني فاعل: مارست إيران ضغوطاً قوية لاختيار السوداني، وذلك للإسراع بتشكيل الحكومة وإخراج العراق من الفراغ السياسي، فضلاً عن إنهاء فترة السيد مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي الحالي. ويعد السوداني مقرباً من طهران، إذ كان ينتمي إلى "حزب الدعوة – تنظيم الداخل"، وشارك عام 1991 مع الأحزاب الشيعية في الهجوم على مقار المؤسسات الحكومية والسيطرة عليها قبل أن تستعيدها السلطات العراقية.

وسبق وأن طرح اسم السوداني بدعم من إيران لتولي منصب رئاسة الحكومة العراقية، وذلك خلفاً لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، والذي قدم استقالته، في 1 ديسمبر 2019، على ضوء تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضده، غير أن اتهام السوداني بالفساد ورفض الحراك السياسي له، آنذاك، أضاع عليه الفرصة، إذ طالب المحتجون بمرشح من خارج الطبقة السياسية. وأكد نائب عن التيار الصدري، حينها، أن إيران مارست ضغوطاً لتمرير ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة خلفاً لعبد المهدي.

3- عودة السياسات الطائفية: تعتبر أوساط عراقية مستقلة أن هذا الاختيار، الذي لم تحرص قوى الإطار التنسيقي على إحاطة التكتلين السنية والكردية به مسبقاً، يكشف عن استمرار التخندق الطائفي والالتزام بالمحاصصة التي تضمن النفوذ الإيراني، إذ كانت طهران، وتحديداً الحرس الثوري الإيراني، ترى أن المحاولات الأولى لمقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، لتأسيس حكومة أغلبية عابرة للانقسامات الطائفية تمثل تهديداً لنفوذها على العراق. 

عقبات قائمة:

يلاحظ أن فرص نجاح السوداني في تشكيل الحكومة العراقية سوف تتوقف على عدد من العوامل، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي: 

1- فرص قبول الصدر: يعد الصدر طرفاً فاعلاً في تحديد مستقبل الحكومة العراقية، وذلك على الرغم من استقالة نواب كتلته من البرلمان العراقي، وفقدانه الأغلبية، وهو ما يرتبط بأن لديه شعبية في الشارع العراقي، والتي إن قام بتحريكها، فسوف تؤدي إلى شلل حكومي في بغداد.

ويمكن القول إن هناك عوامل قد تدفع الصدر إلى رفض ترشيح السوداني، وذلك لقرب المذكور من المالكي، وفق بعض الترجيحات، إذ انتُخب السوداني لعضوية مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون، برئاسة نوري المالكي، لدورتين متتاليتين، عامي 2014 و2018. 

كما عُين السوداني وزيراً لحقوق الإنسان بعد تشكيل حكومة المالكي الثانية في ديسمبر 2010، وحتى 2014. وفي الفترة ما بين 2011 وحتى 2016، تقلد السوداني 7 مناصب وزارية جميعها بالوكالة، وهي على التوالي: رئيس الهيئة العليا للمساءلة والعدالة (2011)، ووزير الزراعة (2013)، وورئيس مؤسسة السجناء السياسيين، ووزير الهجرة والمهجرين، ووزير المالية، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية (2014)، ووزير التجارة (2015)، ووزير الصناعة (2016).

وفي نهاية 2019، أعلن استقالته من حزب الدعوة وأسس "تيار الفراتين"، الذي يرأس أمانته العامة وله ثلاثة مقاعد من أصل 329 في مجلس النواب الحالي. وتشير بعض المصادر إلى أن المذكور قد حاول في تلك الفترة تحسين صورته السياسية والابتعاد عن السيد نوري المالكي الذي انخفضت أسهمه السياسية وقتها، وأعلن استقالته من ائتلاف دولة القانون، غير أنه لا يزال يحظى بدعم كامل من نوري المالكي. ولذلك قد يتجه الصدر إلى رفض السوداني باعتباره رجل نوري المالكي الذي تصاعد العداء بينهما في الفترة الأخيرة، خاصة بعد التسريبات التي أساء فيها المالكي للصدر، كما سبق وأن رفض الصدر ترشيحه لرئاسة الحكومة العراقية في عام 2019، خلفاً لعادل عبدالمهدي.

2- عدم حسم ملف الرئاسة: يلاحظ أن انتخاب رئيس الجمهورية العراقية هو خطوة تسبق التصديق على ترشيح السيد محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة. وأعلنت شخصيات قيادية في الإطار التنسيقي أنهم لن ينتظروا الأكراد إلى ما لا نهاية حتى يحسموا اختيارهم لمنصب رئيس الجمهورية. 

ولا يزال الخلاف قائماً بين قيادتي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة جلال طالباني، إذ لا يزال الديمقراطي الكردستاني مصمماً على ترشيح ريبر أحمد، وزير داخلية إقليم كردستان العراق، في حين يصر الاتحاد الوطني الكردستاني على دعم الرئيس العراقي الحالي برهم صالح.

وعقدت لقاءات مكثفة بين الطرفين مؤخراً لحسم هذا الخلاف، وعرضت قيادات الديمقراطي الكردستاني على الاتحاد الوطني عرضاً بالموافقة على ترشيح مرشح الأخير، برهم صاح، مقابل التنازل عن بعض المناصب السيادية في حكومة إقليم كردستان العراق، فضلاً عن إجراء الانتخابات التشريعية للإقليم طبقاً لقانون الانتخاب القديم، ورفضت قيادة حزب الاتحاد الوطني ذلك، إذ اعتبرت أن الموافقة على هذه المطالب تعني نهاية الحزب في الإقليم وإتاحة الفرصة للحزب الديمقراطي للهيمنة عليه.

3- تلويح الاتحاد الوطني بتجاوز برزاني: رجح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، أحمد الهركي، حسم القوى الكردية ملف رئاسة العراق بعد حسم الإطار التنسيقي لمرشح رئاسة الوزراء، مرجحاً أن تعقد الأسبوع المقبل جلسة مجلس النواب لحسم ملف رئاستي الجمهورية والوزراء. 

وأشار الهركي إلى إخفاق التوافق بين القوى الكردية حتى الآن، كما توقع تكرار سيناريو 2018، في حالة فشل هذا التوافق، وذلك عبر تقديم مرشحين للرئاسة واختيار أحدهما داخل البرلمان، وأكد الهركي أن الإطار التنسيقي وعزم والسيادة سيصوتون ل‍برهم صالح على حساب مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبر أحمد. وليس من الواضح ما إذا كانت هذه التصريحات تهدف لممارسة ضغوط على الديمقراطي الكردستاني، أم أن هناك توافقات بالفعل، مع القوى المذكورة، بصورة تؤدي إلى اختيار الأكراد لمرشحهم بعيداً عن التوافق الداخلي فيما بينهم. 

4- تدهور الوضع الأمني والاقتصادي: يشهد العراق ظروفاً أمنية متوترة، إذ بات تنظيم داعش ينشط في تنفيذ عمليات إرهابية في بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك ضد مواقع القوات المسلحة والشرطة الاتحادية العراقية. كما أن الأوضاع الاقتصادية تشهد تدهوراً واضحاً على المستوى المعيشي، وذلك على الرغم من ارتفاع الاحتياطات النقدية للبلاد إلى أكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية 2022.

وفي الختام، يلاحظ أن فرص نجاح السوداني في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة سوف تتوقف على عدد من العوامل أبرزها موقف الصدر منها، ودعم حشده للشارع العراقي في وجهها، بما يستتبعه ذلك من السير في اتجاه إجراء انتخابات جديدة، فضلاً عن قدرة الأكراد على حسم ملف رئيس الدولة، كما أنه في حالة تشكيلها سوف يكون أمامها تحديات تتمثل في مواجهة الوضع الأمني والاقتصادي المتردي.