أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

توتر متجدد:

لماذا تنامى الخلاف المسيحي - المسيحي في لبنان؟

16 يوليو، 2018


تنامى التوتر مرة أخرى بين حزب القوات اللبنانية (قوى 14 مارس) وبين التيار الوطني الحر (قوى 8 مارس)، على خلفية تقسيم حصص الحقائب الوزارية ونوعيتها في الحكومة التي كُلف رئيس تيار المستقبل "سعد الحريري" بتشكيلها في 24 مايو 2018، الأمر الذي أسفر عن نشر بنود معراب السري (الموقع بين الطرفين في يناير 2016) في الصحافة اللبنانية، حيث أوضحت بعض بنوده أسباب عرقلة تشكيل الحكومة، حيث تضمنت التالي:

1- التزام تأييد حزب القوات ترشيح ميشال عون رئيسًا للجمهورية، في مقابل أن يتم تقسيم التمثيل المسيحي في حكومات عهد عون مناصفة بين الحزب والتيار الحر، ويسري ذلك على جميع الوزارات بما فيها السيادية والخدمية.

2 - قبل تقسيم الحصة المسيحية بين التيار والقوات، يتم اقتطاع الحصة المسيحية لرئيس الجمهورية، وهي التي تكون 2 وزير في الحكومة المكونة من 24 وزيرًا، أو 3 وزراء في الحكومة المكونة من 30 وزيرًا.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية تضمنت بنودًا أخرى تشمل توحيد موقفيهما تجاه اختيار قانون انتخابات نيابية جديد يقوم على النسبية، فضلًا عن التنسيق بين الطرفين لتوزيع المناصب العليا في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة ومجالس الإدارة خاصة في الجيش ومصرف لبنان المركزي، وذلك وفق معايير الكفاءة والنزاهة.

ردود الفعل: 

تعددت ردود الفعل من حزب القوات والتيار الحر بعد نشر اتفاق معراب في الإعلام، وذلك على النحو التالي:

1- أكدت مصادر التيار الحر أن القوات اللبنانية قام بخرق "تفاهم معراب" بتسريبه الوثيقة التي من المفترض أن تبقى سرية.

2- صرح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال "غسان حاصباني" (حزب القوات اللبنانية): "لا أعتقد أن هناك حكومة قد تُشكل من دون فريق بحجم القوات اللبنانية"، في إشارة ضمنية إلى إمكانية عرقلة تشكيل الحكومة في حالة عدم تمثيل الحزب وفقًا لمطالبه، مشيرًا إلى أن التهدئة الإعلامية بين القوات اللبنانية والتيار الحر انتهت.

دوافع التصعيد:

على الرغم من حدوث تهدئة بين التيار والقوات في الأيام القليلة الماضية، وهو ما تجلى في إعلان مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدبلوماسية النائب "إلياس بوصعب" أن رئيس التيار الوطني الحر الوزير "جبران باسيل" أبلغ "سعد الحريري" بأن التيار الوطني لا يمانع في إعطاء حزب القوات اللبنانية حقيبة سيادية؛ إلا أن التقارب بين الطرفين تراجع لتحل محله سجالات حادة للأسباب التالية:

1- تكذيب الادعاءات: فجر رئيس التيار الوطني الحر "جبران باسيل" الخلاف مع كلٍّ من حزب القوات اللبنانية إثر حديث إذاعي لقناة "إم تي في" في 3 يوليو الجاري، أكد فيه أن اتفاق معراب ليس لائحة طعام يختار منه حزب القوات ما يشاء، وأنه تفاهم ثنائي غير ملزم للآخرين على الحكومة والتعيينات والانتخابات النيابية، لافتًا إلى أنه لا يحق للقوات إلا 3 وزراء، وليس 5 كما يطالبون، وفي هذا السياق رد حزب القوات على تلك الادعاءات بنشر بنود الاتفاق السري لتكذيب تصريحات باسيل. 

2- محورية مواقف الثنائي الشيعي: إذ إن الهجوم الأخير الذي شنه جبران باسيل (في تصريحاته لقناة إم تي في) قد جاء بعد تلقف مواقف حزب الله وحركة أمل، التي تعد مواقف داعمة له، وتضغط على حزب القوات في نفس الوقت، والتي تمثلت أهمها على النحو التالي: 

أ- انتقد الأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله" (في خطاب له على قناة "المنار" في 29 يونيو 2018)، مطالبة القوات بحصص وزارية مساوية لعدد حصص التيار الوطني الحر: "كيف لكتلة من 30 نائبًا تطالب بست حقائب، في حين أن كتلة من 15 نائبًا تطالب بخمسة"، لافتًا إلى أن ما يطرح لا يصح تسميته بحكومة وحدة وطنية، وإنما هو نوع أقرب إلى التمثيل السياسي.

ب- أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال "علي حسن خليل" (حركة أمل) في 4 يوليو الجاري: "نحن لنا أكثر بكثير مما قبلنا به في الحكومة، فوقائع الانتخابات تقول هذا الأمر من الناحية العددية والطائفية، ولكننا لم نرفع السقوف. الأمر لم يعد يحتمل رفع سقوف من أجل الشعبية أو زيادة الحصة المرتجاة في الحكومة.. ولا تجعلونا نعيد الحسابات على أساس القواعد التي وضعتموها".

3- التحلل من القيود الضاغطة: قبل اندلاع الأزمة الأخيرة، كانت هناك تهديدات من قبل التيار الوطني الحر بإسقاط اتفاق معراب. يضاف إلى ذلك ما أثاره ميشال عون من توجهات تحاول التحلل من الاتفاق عبر الممارسات الرافضة لمطالب حزب القوات، بما يشير إلى أن اتفاق معراب في المرحلة الحالية أصبح قيدًا على التيار الوطني الحر الذي يريد الاستئثار بمقاليد السلطة كممثل عن المكون المسيحي في لبنان، مع تهميش منافسه التقليدي حزب القوات الذي تنامى نفوذه بعد حصوله على 15 مقعدًا نيابيًّا في مجلس النواب الحالي، بعدما كان يمثله 8 نواب فقط في المجلس القديم. وفي هذا السياق، يُبرز الخلاف الجاري وجود نية مسبقة لإسقاط اتفاق معراب أو تفريغه من مضمونه.

4- الضغط على سعد الحريري: لوحظ في الفترة الماضية اتجاه التيار الوطني الحر للتشكيك في ممارسات الحريري، وذلك لتأخيره تشكيل الحكومة، في ظل عدم استطاعته حلحلة معوقاتها المتمثلة في التمثيل القواتي والعقدة الدرزية، حيث تمت الإشارة إلى احتمالية إسناد الحكومة إلى شخص آخر، بالإضافة لرفض التيار تبني الحريري حصة القوات اللبنانية، بدعوى أن هذا الأمر ليس من صلاحياته، وبالتالي تأتي محاولة تصعيد الخلاف وعرقلة تشكيل الحكومة في إطار مسعى التيار لجعل الحريري يغير من موقفه تجاه حزب القوات اللبنانية، ودفعه للضغط عليه لقبول حصة أقل في الحكومة الجديدة.

5- فشل المشاورات لتشكيل الحكومة: كثف رئيس الجمهورية "ميشال عون" لقاءاته مع القوى السياسية التي تعرقل تشكيل الحكومة مؤخرًا، وعلى رأسهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي "وليد جنبلاط" (4 يوليو) ورئيس حزب القوات اللبنانية "سمير جعجع" (2 يوليو)، بالإضافة إلى بعض قيادات القوات مثل "ملحم الرياشي" (27 يونيو)، وطبقًا لما تناقلته بعض المصادر بأن عون لم ينجح في إقناع تلك القوى بالتنازل عن مطالبها، مما أسفر عن استمرار العقدة الدرزية وعقدة تمثيل القوات، الأمر الذي قد دعا عون والتيار الحر لانتهاج آلية جديدة للضغط عليهما عبر توتير العلاقات، ودفع باقي القوى السياسية من 8 مارس لانتهاج نفس الأمر ضدهما.

هجوم متبادل:

خلاصة القول، لا يزال التيار الوطني الحر يتّبع أسلوبه الهجومي الحاد الذي من خلاله يضغط على خصومه لتحقيق أهدافه، إلا أنه ارتطم هذه المرة بمنافسه التقليدي حزب القوات اللبنانية الذي بات يتخذ نفس الأسلوب الهجومي، والذي أفضى إلى حصوله على نسبة أكبر من المقاعد النيابية، ويُشار إلى أن كلا الفريقين قد لا يُقدّران حجم التداعيات الناتجة عن تداعيات هذا الأسلوب الذي قد يفضي إلى أزمة تؤثر على المشهد السياسي الداخلي، علمًا بأن للتيار الحر ظهيرًا سياسيًّا أقوى من الذي يستند عليه القوات، متمثلًا في رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي، وهو الأمر الذي يُرجح تراجع موقف القوات اللبنانية فيما يخص حصص الحقائب الوزارية، وتقليص حدة أسلوبه الهجومي خلال الفترة المقبلة.