أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

اختبار حاسم:

هل تشهد دوما تصعيدًا بين النظام و"جيش الإسلام"؟

02 أبريل، 2018


تكشف مؤشرات عديدة عن أن دوما، التي تعد آخر مواقع الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، قد تشهد تصعيدًا جديدًا خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع تعقد المفاوضات التي تجري بين فصيل "جيش الإسلام" من جهة وروسيا والنظام السوري من جهة أخرى، بالتوازي مع استمرار خروج مسلحي بعض الفصائل الأخرى وذويهم ومدنيين من حرستا وعربين وعين ترما باتجاه إدلب وحماه شمالاً. 

وتشير قنوات الإعلام الرسمية القريبة من النظام إلى احتشاد قواته والميليشيات الحليفة له استعدادًا لتحرك عسكري من أجل تطويق المدينة ثم اقتحامها في حالة فشل المفاوضات المتعثرة على خلفية تعارض وجهتى نظر الطرفين بين رغبة المسلحين في البقاء مع وقف تبادل إطلاق النار وإصرار روسيا والنظام على مغادرتهم. 

ويبدو أن النظام يسعى إلى استشراف ما سوف تؤول إليه تلك المفاوضات من نتائج قبيل القمة الثلاثية التي ستعقد في أنقرة، في بداية إبريل القادم، وتضم الرؤساء الروسي فيلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، ويجرى الإعداد لها خلال الفترة الحالية بهدف التوافق على الترتيبات السياسية والأمنية في المستقبل خاصة في مناطق نفوذ تلك الأطراف.

مساران رئيسيان

تطرح هذه التطورات في مجملها دلالات عديدة يتمثل أبرزها في أن مخرجات الجولات المتتالية لمفاوضات الآستانة، بما فرضته من واقع تجلى فى إرساء مناطق خفض التصعيد الأربعة من بينها الغوطة الشرقية، لم تكن نهاية المطاف لإبقاء الفصائل المسلحة على تخوم تمركزات النظام، وإنما خطوة مسبقة لاستعادة النظام لها وإعادة صياغة ترتيباتها بما يسمح له بمد نفوذه إليها.

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن ثمة سيناريوهين قد تتجه التطورات في دوما إلى أحدهما خلال المرحلة القادمة: ينصرف السيناريو الأول، إلى استمرار التفاوض، عبر إقدام أى من الطرفين على تغيير موقفه وتقديم تنازلات قد تسمح ببقاء غير فاعل لفصيل "جيش الإسلام"، بحيث تتحقق مطالبه الخاصة بعدم التهجير القسرى والتغيير الديمغرافى وفقًا لما أعلنه الناطق العسكري باسمه حمزة بيرقدار. 

وقد أشارت تقارير محلية إلى أن اجتماعًا عقد في 28 مارس الجاري ضم لجنة ممثلة للفصائل في جنوب دمشق مع مسئولين عسكريين روس في حاجز الرهونجي، الواقع في مناطق سيطرة النظام بالقرب من حاجز ببيلا– سيدي مقداد، بدعوة من الجانب الروسي لحسم هذا الملف، وأن الروس طرحوا خيار البقاء لمن يرغب من المقاتلين بعد تسوية أوضاعهم، وخروج الرافضين إلى الشمال والجنوب السوري، على أن يجري لقاء آخر بعد أيام، بعد طلب الفصائل مدة للتشاور فيما بينها. لكن يظل هذا السيناريو هو الأضعف طبقًا للمؤشرات الميدانية الراهنة.  

ويتعلق السيناريو الثاني، باستكمال استراتيجية "الأرض المحروقة" التي اتبعها النظام والميليشيات الحليفة له في باقي مواقع الغوطة الشرقية، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، لاعتبارين: أولهما، تراجع الثقل العسكري للفصائل تدريجيًا خلال الفترة الماضية. وثانيهما، الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها دوما بالنسبة لتلك الفصائل، باعتبارها أكبر ميادين الغوطة الشرقية، وهو ما يعني أن النظام سيحقق مكسبًا رئيسيًا في حالة حسم تلك المعركة لصالحه، خاصة أنها تعتبر أيضًا بوابة الغوطة الشرقية المحيطة بالعاصمة دمشق.

وتكشف المؤشرات الميدانية عن استعداد النظام لاقتحام دوما بالتوازي مع توجيه تهديدات لفصيل "جيش الإسلام"، حيث نقلت تقارير محلية عن مسئول عسكري سوري قوله أن جميع القوات العاملة في الغوطة الشرقية توجهت إلى دوما استعدادًا لبدء عملية عسكرية ضخمة، ما لم يوافق "جيش الإسلام" على تسليمها ومغادرتها. فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن قوات النظام، بدعم من جانب روسيا وإيران والميليشيات الموالية لها، تستعد لاختراق دوما عبر محورى مسرابا والمزارع.

تداعيات محتملة:

تفرض هذه التطورات في مجملها تداعيات عديدة يمكن تناولها على النحو التالي:

1- تصدع الفصائل: اتسع نطاق الخلافات بين الفصائل المسلحة في الفترة الماضية، حيث يتهم قسم منها فصيلى "فيلق الرحمن" و"أحرار الشام" اللذين شاركا في المفاوضات التي أجريت لإخلاء مواقعهما في جوبر وزملكا وعربين وعين ترما بـ"الخيانة"، مؤكدًا أنه لم يكن هناك داعي لتدمير تلك المواقع طالما أن الأمر سينتهي إلى الاستسلام، وهو ما ردا عليه بأنهما لا يريدان استمرار الخسائر الناجمة عن استمرار المواجهات المسلحة خاصة في صفوف المدنيين.

2- تعزيز مكاسب النظام: قد يتمكن النظام من السيطرة على آخر المعاقل الرئيسية لتلك التنظيمات، في الوقت الذى تنشغل فيه فصائل "الجيش الحر" بالعمليات العسكرية التي تشنها القوات التركية في عفرين والمعارك المقبلة بعدها. وتشير اتجاهات عديدة إلى أن ذلك يعود، في جزأ منه، إلى تمكن القوات النظامية من تقسيم المناطق التي كانت تسيطر عليها الفصائل إلى ثلاثة جيوب منفصلة، بشكل فرض ضغوطًا قوية على الأخيرة ودفع بعضها إلى قبول المشاركة في المفاوضات التي تجري برعاية روسيا. 

3- صياغة ترتيبات جديدة: سوف تفرض التحولات الميدانية في تلك المنطقة توازن قوى جديدًا لصالح النظام، قد يدعم موقعه في أية مفاوضات مقبلة مع تلك التنظيمات، وهو احتمال سوف تظهر مؤشراته في القمة الثلاثية التي ستعقد في أنقرة في إبريل القادم. 

ومع ذلك، فإن تزايد احتمالات نجاح النظام في حسم الجولة الأخيرة من المواجهات المسلحة في الغوطة الشرقية لا ينفي أن ثمة معضلات عديدة سوف يواجهها خلال المرحلة القادمة، خاصة في ظل الصراعات الأخرى التي تشهدها سوريا، على غرار العمليات العسكرية في عفرين، فضلاً عن الجهود الحثيثة التي تبذلها العديد من القوى الدولية والإقليمية من أجل تكريس نفوذها داخل سوريا، بشكل سوف يكون له تأثير مباشر على المسارات المحتملة للأزمة خلال المرحلة القادمة.