أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

قصف «الحوثي» بصنعاء

21 يناير، 2019


ضعف ميليشيا «الحوثي» في اليمن أصبح ظاهراً لكل متابع ومراقب، ومن ذلك توقيعه على اتفاق أستوكهولم، والسبب لم يكن رغبة مفاجئةً منه في السلام أو المصالحة، ذلك أنها ميليشيا مؤدلجة لا تؤمن إلا بالقتل والتدمير والإرهاب، ولم يكن خضوعاً للقوانين والمؤسسات الدولية، السبب الحقيقي والوحيد الذي أجبر الميليشيا للذهاب إلى أستوكهولم هو القوة العسكرية الخشنة التي حاصرت الُحديدة، وكانت قاب قوسين من طرده خارجها.

الأخبار الواردة من صنعاء فجر الأحد تحدثت عن قصف جويٍ مكثف لمواقع «الحوثي» في صنعاء من قبل طائرات التحالف العربي بالتزامن مع تحرك للجيش الوطني على الأرض لتحرير مواقع كانت لم تزل تحت سيطرة «الحوثي»، إنها موجةٌ ثانيةٌ وعاتيةٌ من «عاصفة الحزم» وقد تم تصميمها وفق أعلى المعايير الدولية التي تراعي الإنسان والمواطن اليمني بدرجة أساسيةٍ، وهي استمرار طبيعي لـ «إعادة الأمل».

المواقع المستهدفة هي قواعد عسكريةٍ مهمةٍ ومخازن للأسلحة ومقرات للإدارة والسيطرة لميليشيا «الحوثي»، فهي أهداف مشروعة تماماً، كما تستهدف كل مخازن ومصانع الطائرات المسيرة التي وصلت نسخٌ محدثةٌ منها للحوثي في الأشهر الماضية براً وبحراً بوساطة مهربين محترفين، وهو ما كان له أثرٌ في ارتفاع معنويات الميليشيا بعد الهزائم الساحقة في الساحل الغربي والُحديدة.

أحد أكبر أخطاء الأمم المتحدة ومبعوثيها ومؤسساتها التابعة لها، هي أنها تتعامل مع هذه الميليشيا وكأنها دولة أو حزب سياسي يفهم القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات ويحترمها، والواقع أنها مجرد ميليشيا محترفة وإرهابية، ومما يصعّب الوضع هو أن هذه الميليشيا تختطف العاصمة صنعاء، وهذا من أكبر الأوراق السياسية التي لم تزل في حوزة هذه الميليشيا.

انتهاكات «الحوثي» لاتفاق استوكهولم ووقف إطلاق النار في الحديدة تجاوزت الخمسمائة، وإطلاق النار على الجنرال الهولندي «كاميرت» يوضح مدى الاستخفاف «الحوثي» بهذا الاتفاق اتساقاً مع منهج الميليشيا وممانعة للتحول لجزء من الحل السياسي.

من أسوأ الرسائل التي أوصلتها الأمم المتحدة لـ«الحوثي» عبر قراراتها ومبعوثيها هو أنه شعر بشكل ما أنه محميٌ بالمؤسسات الدولية، وأن الجيش الوطني والتحالف العربي مقيدان عن التعامل معه ورد انتهاكاته وجرائمه وأن اتفاق الُحديدة يحميه ليعيث في اليمن فساداً وخراباً، يخترق وقف إطلاق النار في الحُديدة، ويطلق النار على الجنرال «كاميرت»، ويستهدف احتفالاً للجيش الوطني بطائرةٍ مسيرةٍ، فكان الرد قاصماً.

بحسب تصريحات بعض المسؤولين اليمنيين، فإن هذه الموجة الجديدة من عاصفة «الحزم» لن تتوقف إلا بعد تحقيق أهدافها بمعنى أنها ستستمر لعدة أيامٍ، وهذا عين المطلوب ويحتاج لإظهار القوة الحقيقية للتحالف العربي والجيش الوطني، و«الحوثي» كما يعلم الجميع لا يفهم إلا لغة القوة ولا يخضع إلا لها.

إيران الواقعة تحت نير العقوبات الأميركية والدولية لا تستطيع إنقاذ أحد أشهر ذيولها في المنطقة، وجلّ ما صنعته في الفترة الماضية هو إمداد «الحوثي» بأسلحةٍ نوعيةٍ تضمن له مزيداً من الوقت ولا تضمن له نصراً ولا تماسكاً، والأمور تتجه لمزيد من التضييق على إيران، وبالتالي إضعاف ميليشيا «الحوثي». يعلم الجميع أنه كان بالإمكان حسم المعركة مع «الحوثي» في الأشهر الأولى من الحرب، ولكن لأن دول التحالف العربي دول صديقة منقذةٌ لليمن والشعب اليمني وليست محتلاً غاشماً فقد كان الجانب الإنساني بالغ الأهمية لدى التحالف، والسعودية والإمارات تشكلان أكبر الداعمين للدولة اليمنية والاقتصاد اليمني.

أخيراً، فلا يفلّ الحديد إلا الحديد، ومن لا يفهم إلا لغة القوة يجب مخاطبته بها وإقناعه بالرضوخ للمرجعيات وقبول نتائج الاتفاقيات والبعد عن الإضرار باليمن ومقدراته وشعبه.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد