أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

مصالح دافعة:

زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى الأردن

03 سبتمبر، 2017


قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بزيارة إلى الأردن في 21 أغسطس الجاري في ذكرى احتفال البلدين بمرور 70 عامًا على بداية العلاقات الدبلوماسية، في دلالة تعكس المسعى التركي لتنمية العلاقات مع عمّان خلال الفترة المقبلة.

دوافع مشتركة:

يُمكن رصد دوافع الجانبين التركي والأردني لتطوير العلاقات المشتركة، وذلك على النحو التالي:

1- رؤية الطرفين وجود قواسم مشتركة تجمعهما في ملفات إقليمية عدة، على غرار الأزمات السورية والعراقية والفلسطينية ومحاربة الإرهاب. ويُشار -في هذا السياق- إلى أن الرئيس "أردوغان" حرص على نقل رسائل إيجابية للجانب الأردني بهذا الخصوص من خلال تأكيده محورية الدور الأردني في الإقليم، وهو تصريح يعكس مدى الإدراك التركي لفاعلية الدور الأردني في المنطقة.

2- وجود هواجس مشتركة متعلقة بالسيناريوهات المحتملة في بعض الملفات، ومنها الملف السوري على سبيل المثال.

3- وجود حاجة مشتركة لدى الجانبين للتنسيق في الملف الفلسطيني، خاصة بعد أزمة الأقصى الأخيرة، والإجراءات التي سيشرع الجانب الإسرائيلي في القيام بها قريبًا، ويرتبط بذلك ما يلي:

أ- استمرار إمساك الجانب التركي بملف قطاع غزة ومسعاه المستمر لاستثمار تفاصيله، والتي اتضحت مؤخرًا من الخطاب الرئاسي التركي إزاء الأوضاع في القدس، وهو ما أدى إلى توتر في العلاقات التركية الإسرائيلية في ظل اتهام الحكومة الإسرائيلية للرئيس "أردوغان" بالتدخل في الشئون الداخلية الإسرائيلية، وأن ذلك سيؤثر بالسلب على جهود تطبيع العلاقات بين البلدين.

ب- أن الجانب الأردني يظل مسئولًا عن إدارة ملف المقدسات الإسلامية بمقتضى الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وباعتباره رئيسًا للقمة العربية الحالية، ومن ثمَّ فإن التنسيق التركي الأردني في هذا الملف سيظل مهمًّا ومطلوبًا خاصة مع احتمالات تجدد الأزمة داخل الأقصى بمقتضى الإجراءات التي تقوم بها أجهزة الأمن الإسرائيلية في القدس.

4- وجود توافقات تركية أردنية مباشرة إزاء ما يجري ويُخطط له  من قبل الجانبين الأمريكي والروسي، خاصة في ملفي سوريا والعراق.

تعاون اقتصادي:

كشفت زيارة "أردوغان" للأردن عن مسعى مشترك من الجانبين لتطوير العلاقات الاقتصادية، ومن ذلك ما يلي:

1- رغبة الجانبين في زيادة حجم الاستثمار المشترك، وهو ما حرص الجانب التركي على التأكيد عليه خلال زيارة "أردوغان"، حيث تمت الإشارة إلى وجود فرص واعدة للاستثمار التركي في الأردن بعد قيامه بإصدار قانون جديد للاستثمار، وأن ذلك قد يُمكِّن الجانبَ التركي من الدخول في سلسلة مشروعات تخدم الاقتصاد الأردني على مختلف قطاعاته. ويُشار -في هذا السياق- إلى أن التبادل التجاري بين الأردن وتركيا يصل حاليًّا إلى نحو مليار دولار، ويُخطط الجانبان لأن يصل إلى 3 مليارات دولار، ويُعد مشروع الديسي من أكبر مشروعات البنية التحتية في الأردن والذي تنفذه شركات تركية.

2- بحث الجانبان خطط إنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين، وهو ما دعا إليه الرئيس "أردوغان" خلال زيارته للأردن؛ حيث أشار إلى أن هذه المنطقة ستخدم الطرفين بصورة أساسية، وستزيد من درجة التشبيك الاقتصادي المشترك بينهما.

3- تشجيع البلدين على التبادل السياحي بينهما؛ حيث أشار الوفد التركي المرافق لأردوغان خلال الزيارة إلى أنه سيحثّ السياح الأتراك على زيارة الأماكن السياحية والدينية في الأردن، وتشجيع السياح الأتراك الذين يزورون القدس على زيارتها من خلال الأردن.

4- تنسيق الجانبين في ملف ملايين اللاجئين السوريين؛ حيث تُعتبر الأردن أكثر دول المنطقة استقبالًا للسوريين، وهو ما كلّف الأردن الكثير من التبعات الاقتصادية، وقد استثمر الأردن هذا الملف جيدًا، ويظهر ذلك من خلال المِنَح والمساعدات التي قُدِّمت للأردن منذ بداية الأزمة السورية، وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن قرابة مليون و300 ألف لاجئ، كما استقبلت تركيا أعدادًا كبيرة من اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى لاجئين من دول أخرى.

5- تباحثت الدولتان حول طرق تطوير وتأمين الممرات التجارية البرية بين البلدين، على غرار ما تم مؤخرًا بين الجانبين الأردني والعراقي، على اعتبار أن ذلك سيُسهِّل من عملية نقل السلع والبضائع بين الجانبين، وسيُساهم في تنمية الاستثمارات التركية في منطقة العقبة باعتبارها منطقة جاذبة للاستثمار الخارجي. وفي هذا السياق، يُخطط الجانبان لإقامة مصنع أسمدة أردني تركي في الأردن لسد حاجات السوق التركية.

6- اتفاق الجانبين على تسهيل عمليات نقل البضائع الأردنية عبر الموانئ التركية، وتفعيل خط الرورو الرابط بين ميناءي إسكندرون التركي والعقبة الأردني، على اعتبار أن ذلك سيُساهم في تطوير منظومة التعاون الاقتصادي بصورة شاملة، خاصة وأن البلدين التحقا باتفاقية التجارة الحرة، والتي دخلت حيّز التنفيذ بداية عام 2015، والتي يتم بموجبها منح المنتجات الزراعية والصناعية أولوية تفضيلية. كما يُشار إلى أن وزير المواصلات والملاحة البحرية التركي "أحمد أرسلان" أكد مؤخرًا إعادة تفعيل الخط الجوي الذي يربط بين مدينتي إسطنبول التركية والعقبة الأردنية اعتبارًا من عام 2018.

7- التنسيق المشترك بينهما بشأن مشروعات إعادة الإعمار في كلٍّ من العراق وسوريا؛ حيث تبدو حاجة البلدين للدخول في مجال شراكة كاملة للتنسيق، ويحرص الجانبان التركي والأردني على الحصول على أكبر حصة من مشاريع إعادة الإعمار في العراق وسوريا بحكم كونهما دولتي جوار للدولتين.

تحديات معرقلة:

يُمكن القول -إذن- إن زيارة الرئيس التركي للأردن تدشّن بالفعل مرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين، خاصةً مع تعدد المجالات التي بحثتها الزيارة ما بين ملفات ثنائية وإقليمية ذات اهتمام مشترك.

وعلى الرغم من ذلك، توجد تحديات تعترض تطوير العلاقات الأردنية التركية، أهمها وجود فجوة في العلاقات بينهما.