في 12 ديسمبر 2015، اعتمدت 196 دولة من الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخUnited Nation Framework Convention on Climate Change (UNFCCC) اتفاقاً جديداً، في العاصمة الفرنسية، أطلق عليه "اتفاق باريس للمناخ".
ولعل هذا الاتفاق، الذي سيتم إيداعه لدى الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك من أجل بدء التوقيع عليه رسمياً في 22 أبريل 2016، يعد من أهم الاتفاقات الدولية للجنس البشري، لأنه يحدد خريطة الطريق الواجب اتباعها من جانب المجتمع العالمي من أجل تخفيف الآثار المدمرة للتغيُّر المناخي؛ حيث من المفترض أن يسرع هذا الاتفاق الجديد من العمل للحد من زيادة انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، من خلال خفض استخدام مصادر الطاقة التقليدية، كالفحم والنفط والغاز، وتشجيع اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتغيير أساليب إدارة الغابات والأراضي الزراعية وغيرها من الإجراءات الضرورية للمحافظة على حياة البشر في المستقبل.
وقد جاء هذا الاتفاق، نتيجة الزخم السياسي غير المسبوق، بفضل مشاركة زعماء ١٥٠ دولة في بداية المفاوضات التي قادت إليه، فضلا عن الدبلوماسية الفرنسية النشطة، التي لعبت دوراً ملموساً في تقريب وجهات النظر بين الدول الصناعية المتقدمة من جهة والدول النامية والناشئة من جهة أخرى.
ويرى كثير من المراقبين أن اتفاق باريس للمناخ يبعث برسالة واضحة للمرة الأولى في التاريخ بأن دول العالم الغنية والفقيرة عازمة على التحرك معاً بحزم لمواجهة الأخطار الكارثية المترتبة عن استمرار معدل الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض بنفس مستوياتها الحالية، حيث ترصد الدراسات الدولية المعتبرة مجموعة من التداعيات المناخية الخطيرة المرتبطة بذلك، وفي مقدمتها التصحر والجفاف من جهة، وهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات من جهة أخرى. والنتيجة المباشرة لهذه التداعيات هي تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وبالتالي نقص حاد في الغذاء، بما يستتبعه ذلك من مجاعات وصراعات على الموارد وتفشي الفقر والبطالة والأمراض.
ويضاف إلى ما سبق التحذيرات الجادة من أن ارتفاع متوسط درجة حرارة العالم سيؤدي إلى ذوبان جليد القطبين، مما سيرفع منسوب المياه في البحار والمحيطات، وبالتالي غرق مساحات واسعة من الأراضي. والأزمة هنا، فضلاً عن الكارثة الاقتصادية، هي بروز ما يعرف بـظاهرة "لاجئي البيئة"، نتيجة وجود أكثر من 100 مليون شخص مهدد بالنزوح الداخلي أو الهجرة إلى الخارج نتيجة هذه التداعيات الخطيرة للتغير المناخي.
وفي ضوء كل ذلك، لم يكن غريباً أن يؤكد غالبية القادة الذين شاركوا في قمة باريس للمناخ، على أنه "ليس هناك من بلد أو منطقة بمنأى عن نتائج التغيرات المناخية". كما لم يكن مدهشاً أيضا توالي ردود الفعل المرحبة باتفاق باريس "التاريخي"، سواء من السياسيين أو كبار رجال الأعمال أو الشركات. ففي واشنطن، أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاتفاق ووصفه بأنه "قوي وتاريخي"، مشيراً إلى أنه يمثل "أفضل فرصة لإنقاذ كوكب الأرض من آثار التغير المناخي العالمي". كما وصفته الصين، أكبر مصدر في العالم للانبعاثات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، بأنه "منصف وعادل" ويقوم "بتقسيم المسؤوليات بين الدول المتقدمة والنامية". وفي نيودلهي، وصف رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الاتفاق بأنه انتصار "للعدالة المناخية"، قائلاً إنه "لم يسفر عن أطراف فائزة ولا خاسرة، وأنه أظهر حكمة مشتركة لزعماء العالم للتخفيف من التغير المناخي".
مضمون الاتفاق
يشتمل اتفاق باريس للمناخ، والذي سيدخل حيز التنفيذ في عام ٢٠٢٠، على عدة نقاط أساسية، لعل من أهمها ما يلي:
- محاولة الحفاظ على زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية بنهاية القرن الحالي في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين، فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، ومواصلة الجهود الرامية إلى عدم تجاوز هذه الزيادة حد 1.5 درجة مئوية، من خلال الحد من معدل الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض (المادة 2 والمادة 4).
- تماشي التدفقات المالية من الدول المتقدمة إلى الدول النامية مع مسار يؤدي إلى خفض هذه الانبعاثات، مع ضمان التزام الدول الغنية بتقديم ١٠٠ مليار دولار على الأقل سنوياً بحلول عام ٢٠٢٠ لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي، على أن يراعي ذلك الحاجة إلى أن تكون هذه الأموال من مصادر عامة، وفي شكل منح (المادة 9).
- مراجعة مساهمة كل دولة على حدة في تقليل معدل انبعاثات الغازات بها كل خمس سنوات، بدءاً من عام 2023، حتى تتمكن كل دولة من مراجعة سياساتها بهذا الخصوص، بما يضمن تحقيق غرض الاتفاق وأهدافه طويلة المدى (المادة 14).
- وضع إطار عمل مستقل وشفاف لتتبع التقدم في تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً لتخفيض الانبعاثات، فضلاً عن التعهدات المالية، وهو ما يضمن بناء الثقة المتبادلة وتعزيز فعالية تنفيذ الاتفاق من جانب الدول النامية والمتقدمة (المادة 13 والمادة 15).
- قيام الدول الغنية بمساعدة الدول الفقيرة عبر الدعم الفني لإنتاج الطاقة عبر المصادر المتجددة (المادة 7).
- تقديم الدول المتقدمة الدعم المالي والفني لمساعدة الدول النامية على التكيف مع الأضرار والخسائر المترتبة عن التغير المناخي، بما في ذلك الظواهر الجوية القصوى والظواهر البطيئة الحدوث، ويشمل ذلك توفير نظم الإنذار المبكر، والاستعداد للطوارئ، وتسهيلات التأمين ضد المخاطر، وغيرها (المادة 8).
اتفاق طموح.. وفرصة ضائعة
واجه اتفاق باريس انتقادات عنيفة من بعض جماعات المحافظة على البيئة ومراكز الفكر في الدول المتقدمة، التي أشارت إلى أن الاتفاق لم يكن "طموحاً" بالقدر الكافي لحماية العالم؛ فالاتفاق، وفقاً لهذه الجماعات، يعتبر "فرصة ضائعة" من أجل وضع حل ناجع لمواجهة التغير المناخي العالمي.
ويمكن تلخيص أهم تحفظات هذه الجماعات على اتفاق باريس للمناخ في الجوانب الأربعة التالية:
أولاً: أنه غير ملزم، فعلى النقيض من "بروتوكول كيوتو"٬ وهو آخر اتفاق مناخي كبير أُبرِم في عام 1997، سوف يترك اتفاق باريس الأمر لكل دولة أن تحدد المسار نحو خفض الانبعاثات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض بطريقتها الخاصة، حيث لا يقضي الاتفاق باتخاذ إجراءات أو عقوبات بعينها في حالة عدم الالتزام، أي أنه يضع نظاماً رخواً لضمان أن تفي الدول النامية بجهود الحد من الانبعاثات وقيام الدول الغنية بتوفير مليارات الدولارات لمساعدة الدول الفقيرة في التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة.
ثانياً: أنه اتفاق لن ينجح في كبح ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى المستوى المطلوب، فقد حدد الاتفاق هدف خفض زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية بدرجتين مئويتين بحلول نهاية القرن الحالي قياساً بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. وهي مهمة تبدو صعبة٬ إذ إن ارتفاع حرارة الأرض بلغ أصلا نحو درجة مئوية٬ وفق ما أفادت به المنظمة العالمية للرصد الجوي في شهر أكتوبر الماضي.
وحتى في حال احترام الالتزامات بخفض الانبعاثات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، والتي أعلنتها غالبية الدول قبل وخلال مفاوضات اتفاق باريس٬ فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض بحوالي ثلاث درجات مئوية، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات اقتصادية وبشرية خطيرة. وبالتالي توجد شكوك عميقة في جدوى الالتزام باتفاق باريس للمناخ من الأساس. والأمل الوحيد يكمن في الإجراءات التي تضمنها الاتفاق بتشجيع الدول على مراجعة وعودها بخفض هذه الانبعاثات باتجاه رفعها في السنوات المقبلة.
ثالثاً: عدم ضمان توفير التمويل اللازم للتعامل مع التغير المناخي العالمي، حيث تمسكت الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة واستراليا، بأن تكون الالتزامات طوعية وليست إلزامية، في هذا المجال، رافضة الالتزام بدفع تعويضات عن "المسؤولية التاريخية" في انبعاثات الكربون، بدءاً من الثورة الصناعية.
وتجدر الإشارة إلى أن ربع تخفيضات الانبعاثات التي اقترحتها بعض الدول النامية مشروط بالحصول على تمويل وتكنولوجيا من الدول المتقدمة، إذ تصر الدول النامية، وفي مقدمتها الصين والهند، على ربط تعهداتهما بضمان حصولهما على مليارات الدولارات من الدعم المالي لإنجاز عملية انتقال اقتصاداتها من الطاقات الأحفورية إلى الطاقة المتجددة.
رابعاً: عدم وضع سعر للكربون، حيث يمثل "تسعير الكربون" ركيزة أساسية للانتقال إلى اقتصاد مرن مناخياً. كما أن هذا التسعير، فضلا عن إزالة كافة أوجه دعم الطاقة، يعد ضرورياً للتحفيز على ترشيد استخدام الطاقة وزيادة الاستثمار في مشروعات الطاقات المتجددة، وبالتالي المساهمة الفعالة في مواجهة التغير المناخي العالمي.
دول الخليج العربية واتفاق باريس
شاركت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بفعالية للتوصل إلى اتفاق باريس للمناخ، وجاءت هذه المشاركة الخليجية النشطة بناءً على عدد من التقارير العلمية التي كشفت أن دول الخليج العربي ستكون الأكثر تضرراً من آثار التغير المناخي العالمي، خاصة مع ازدياد الجفاف وندرة المياه العذبة وارتفاع مستوى البحار.
وعلى سبيل المثال، ورد في تقرير صدر مؤخراً عن معهد مساتشوستش للتكنولوجيا (إم. آي. تي)، أن أثر ارتفاع درجات الحرارة وتكرار موجات الحر المتطرفة سيكون كارثياً في دول الخليج العربية، إلى حد قد تصبح الحياة فيها شبه مستحيلة بعد عام 2070. ومن ثم، كانت دول مجلس التعاون الخليجي فعالة في دعم اتفاق باريس، بما يسمح بوقف ارتفاع معدلات الحرارة فوق درجتين مئويتين.
وقد ظهر هذا الدعم بشكل واضح في مداخلات وتصريحات المسؤولين الخليجيين أثناء قمة باريس للمناخ، حيث أكد الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير الدولة والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ملتزمة باتفاق باريس، لأنه يضمن اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للحد من تداعيات ظاهرة تغير المناخ التي تؤثر في العالم بأسره وتؤثر انعكاساتها على الإنسانية ككل.
ومن ناحية أخرى، قال الدكتور ثاني أحمد الزيودي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) ومدير إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية، أن "بلاده أطلقت عدة مبادرات للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي العالمي، وتنفيذ الخطة الوطنية الرامية إلى رفع حصة الطاقة النظيفة إلى 24% من إجمالي مزيج الطاقة في الدولة بحلول عام 2021".
وتشمل هذه المبادرات كلا من محطة "شمس 1" للطاقة الشمسية المركزة، بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاوات، و"مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية"، بقدرة إنتاجية تصل إلى 5000 ميجاوات، كما شارفت دولة الإمارات على الانتهاء من أول مشروع تجاري في الشرق الأوسط لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
وأشار الدكتور الزيودي أيضاً إلى أن دولة الإمارات تكتسب مكانة مرموقة عالمياً لجهودها الحثيثة في تطوير التقنيات المتقدمة والواعدة في قطاعي الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة من خلال مبادرات مثل مبادرة مصدر، ومبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة، ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة البحثية المستقلة للدراسات العليا التي تركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة، وقال أيضاً إن "المشاريع المبتكرة التي يتم تطويرها في مصدر ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، تشمل برنامجاً تجريبياً رائداً لاختبار وسائل عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة لإنتاج مياه الشرب، ما قد يوفر حلا فعالاً لقضايا الأمن المائي في دولة الإمارات"، مضيفاً أن العمل يجري أيضاً في بحوث متخصصة لإنتاج الوقود الحيوي والمستدام من النباتات الصحراوية المروية بمياه البحر بالتعاون مع شركاء مثل "بوينج" والاتحاد للطيران.
ومن جهتها، أكدت المملكة العربية السعودية على لسان وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي مجدداً، إدراكها العميق لأهمية خفض الانبعاثات كوسيلة لمكافحة التغير المناخي العالمي ودعم برامج التنمية المستدامة، فقد قال الوزير النعيمي إن "المملكة ملتزمة بتحسين كفاءة الطاقة٬ واستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح٬ واحتجاز الكربون وتخزينه٬ لاسيما لاستخدامه في تحسين استخلاص النفط٬ والتحول من الوقود السائل إلى الغاز٬ وتعزيز الأبحاث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة". وأكد النعيمي أيضاً على أن "السعودية تستثمر في تطوير وتنفيذ تقنيات كفاءة الطاقة٬ وبرامج الطاقة المتجددة كطاقة الشمس والرياح، وأنشأت مركز الملك عبدالله لأبحاث البترول٬ وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية٬ إضافة إلى الجامعات ومدن الأبحاث والتطوير الحالية٬ وكذلك التعاون مع الجامعات ومراكز البحوث الدولية لتعزيز الابتكار في مجال التقنية النظيفة للطاقة٬ وقدمت الدعم الكبير للبحوث والدراسات في هذا المجال"، مشيراً كذلك إلى أهمية مبدأ "المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة" استناداً إلى الأولويات الوطنية وظروف كل دولة. وفي هذا السياق٬ دعا الوزير النعيمي المجتمع الدولي إلى تبني واعتماد سياسات خفض الانبعاثات التي لا تتحيز ضد أي مصدر من مصادر الطاقة٬ وأن يتم النظر إلى جميع هذه المصادر على أنها مكملة، وليست بديلاً لبعضها، بطريقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للجميع.
ويتضح من المشاركة الخليجية النشطة في المفاوضات التي أدت إلى اتفاق باريس للمناخ، ثلاث نقاط مهمة، وهي:
أولاً: أن دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ترفض أن يكون هذا الاتفاق اتفاقاً ملزماً، انطلاقاً من حقها وحق الدول النامية في التنمية.
ثانياً: أنها تعارض فكرة الرقابة الخارجية لتنفيذ التعهدات الواردة في اتفاق باريس للمناخ، انطلاقاً من مبدأ المحافظة على الاستقلال الوطني والسيادة القومية.
ثالثاً: أنها ضد مبدأ تسعير الكربون.
متطلبات نجاح اتفاق باريس
يمكن التأكيد على أن اتفاق باريس للمناخ لن يكفي في إنقاذ الأرض من مخاطر التغير المناخي العالمي، ولن يكون اتفاقاً "تاريخياً" بحق إلا بعد استيفاء أربعة متطلبات رئيسية، وهي:
أولاً: اتخاذ خطوات جادة من قادة العالم الذين تهافتوا للإشادة به فور إعلانه، خاصة فيما يتعلق بوفاء الدول الغنية بتعهداتها بضخ مائة مليار دولار كل عام بحلول عام 2020، واستخدام هذا المبلغ كأساس لتوسيع الدعم المالي إلى الدول الفقيرة بشكل أكبر بعد عام 2020. فدون ذلك، لن تتحقق "العدالة المناخية" التي تقتضي قيام الدول المتقدمة بـ "تحمل مسؤولياتها التاريخية" بسبب كونها المتسبب الأول في الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض٬ بينما المطلوب من الدول النامية والناشئة أن تستكمل "نقلتها" في موضوع الطاقة.
ثانياً: السعي الحثيث لحصر ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بنسبة درجة ونصف مئوية وليس درجتين مئويتين٬ وتعيين الطريق إلى ذلك، مع عملية إعادة تقويم دورية للتقدم الحاصل في هذا المجال، وإيجاد الآليات الضرورية لضمان ذلك.
ثالثاً: ألا يبقى الاتفاق بين حكومات٬ بل يتعين أن تتبناه مختلف القوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمعات المختلفة، من اقتصاديين ورجال أعمال ومجتمع مدني وديني ووسائل إعلام... إلخ.
رابعاً: يجب على الدول الكبرى عدم استخدام مسألة التغير المناخي كسلاح اقتصادي وسياسي ضاغط على الدول النامية أو الناشئة، لأن ذلك قد يعزز من المقولة القائلة بأن التغير المناخي العالمي هو "سلاح جديد" للمحافظة على هرمية تنموية دولية يقف فيها الكبار في القمة بينما تقف الدول النامية في أسفل الهرم، وهو ما سيعمق على الأرجح من أزمة الثقة بين الدول الغنية والفقيرة في العالم، في وقت يتعرض فيه كوكب الأرض لأزمة حقيقية نتيجة التغير المناخي العالمي.
وفي النهاية، ينبغي التأكيد على أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تعمل بجدية لتنفيذ اتفاق باريس للمناخ خلال السنوات المقبلة، لما يحمله من آثار إيجابية في المدى المتوسط والطويل؛ وهو الأمر الذي سيتطلب من جهة زيادة الوعي العام بأهمية الاتفاق وتداعياته المنتظرة، ومن جهة أخرى تسريع عملية تنويع الاقتصاد، باستخدام دخل النفط ومدخراته في تطوير التكنولوجيا والأبحاث في مجال إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة.