أخبار المركز
  • إصدارات جديدة لمركز "المستقبل" في معرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الفترة من 6-17 نوفمبر 2024
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

الإمارات اليوم:

العام الأول لبايدن.. إنجاز محدود وتراجع شرق أوسطي

15 فبراير، 2022


وصل الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير 2021، حاملاً معه أجندة تركز على قضايا الداخل، وعلى رأسها مواجهة جائحة «كورونا»، وتحقيق انتعاش اقتصادي، والتعامل مع حالة الاستقطاب السياسي في المجتمع الأميركي، والتي تعمقت بشكل كبير في عهد سلفه دونالد ترامب.

وبخصوص منطقة الشرق الأوسط، فلم تحظَ باهتمام في قائمة أولويات بايدن أثناء حملته الانتخابية، وتمت الإشارة إلى بعض قضاياها بشكل عابر في أحاديثه، مثل التعهد بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحبت منه إدارة سلفه ترامب، والإشارة إلى العلاقات الأميركية مع بعض دول المنطقة، وأهمية أن تكون قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان جزءاً من هذه العلاقات.

تحديات مستمرة

بعد مرور عام على وصوله للبيت الأبيض، يمكن القول إن إدارة بايدن التزمت بشكل كبير بالأولويات السابقة، ولكن قدرتها على تحقيق إنجاز بشأنها كانت محدودة. فالإدارة الأميركية الحالية لاتزال تواجه تحدياً كبيراً في ما يتعلق بجائحة «كورونا»، وعلى الرغم من النجاح في زيادة أعداد الحاصلين على التطعيم، وعودة الحياة بشكل شبه طبيعي للعديد من القطاعات، والموافقة على اعتماد دواء لعلاج «كورونا»؛ فسرعان ما انتشر متحور «دلتا»، ثم متحور «أوميكرون»، وارتفعت مرة أخرى معدلات الإصابة بالفيروس ودخول المستشفيات، وكذلك حالات الوفاة.

وفي الملف الاقتصادي، وعلى الرغم من الإنجازات التي تحققت في العام الأول لإدارة بايدن مثل ارتفاع معدلات فرص العمل وانخفاض البطالة، وموافقة الكونغرس على مشروع قانون البنية التحتية الذي سيضخ ما يقرب من تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي؛ بيد أن المشكلة الاقتصادية الأساسية التي لايزال يعانيها المواطن الأميركي تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، بالإضافة إلى نقص بعض السلع في الأسواق الأميركية نتيجة للمشكلات المتعلقة بسلاسل التوريد من الخارج.

وفيما يتعلق بقضايا الاستقطاب السياسي، استطاعت إدارة بايدن في الشهور الأولى تحقيق قدر من التوافق السياسي تمثل في موافقة الكونغرس على قانون مساعدات «كورونا» لمساندة القطاعات المتضررة من الجائحة، وقانون البنية التحتية، إلا أن الانقسامات السياسية عادت مرة أخرى بشأن قانون الإصلاح الانتخابي، وتصاعد خطاب الاتهامات المتبادلة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، بدأت الإدارة الأميركية في العودة للمؤسسات والاتفاقيات الدولية التي انسحب منها ترامب، مثل منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ. وعلى الرغم من عودة التنسيق مع الحلفاء، فإن القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان، وصفقة الغواصات النووية الأميركية لأستراليا كبديل لغواصات أخرى فرنسية والتي تمت من دون التشاور مع الحلفاء؛ أثّرا في صدقية تعهد إدارة بايدن بالابتعاد عن النهج الانفرادي، والتنسيق بشكل أكبر مع الحلفاء.

واستمرت لهجة التصعيد مع الصين، وبشكل لا يختلف كثيراً عن النغمة التي كانت سائدة في ظل إدارة ترامب السابقة، وأضاف إليها بايدن موضوع القيم وحقوق الإنسان، الذي ظهر بشكل واضح في ما عُرف بـ«قمة الديمقراطية» التي نظمتها الإدارة الأميركية في ديسمبر 2021، واستهدفت الهجوم على النموذج السياسي الصيني.

كما شهد العام الأول لبايدن في البيت الأبيض فتح جبهة جديدة للخلافات والتهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن احتمالات انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، وتوسع الأخير في المناطق التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً، والتي ترى موسكو أن وجود «الناتو» فيها يمثل تهديداً لأمن روسيا، وخرقاً للاتفاق الشفوي بين الولايات المتحدة وروسيا في نهاية الحرب الباردة بعدم التوسع في هذه المناطق.

بايدن والشرق الأوسط

يتضح من سجل إدارة بايدن تجاه الشرق الأوسط في عامها الأول، سعيها لتجنب الارتباط الزائد بهذه المنطقة، والابتعاد عن الأفكار والمبادرات الكبيرة، وتبني أهداف محدودة، وأسلوب واقعي في تعاملها مع قضايا ودول الإقليم. كما شهد العام الأول عودة الإطار المؤسسي لعملية صُنع القرار الأميركي بشأن قضايا الشرق الأوسط، حيث تزايد دور المؤسسات التنفيذية، خصوصاً الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي، وانكمش الدور الذي يقوم به الرئيس بايدن، والذي أولى اهتمامه وجهده لقضايا أخرى، وهذا عكس ما كان سائداً في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي ما يتعلق بمضمون السياسة الأميركية، فقد أوضح بريت ماكغورك، المسؤول عن الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي الأميركي، أن واشنطن لا تستهدف تبني عملية تحويل كبرى في الشرق الأوسط كما فعلت إدارات سابقة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، وهي المحاولات التي باءت بالفشل.

وانطلاقاً مما سبق، فقد أيدت إدارة بايدن اتفاقيات السلام الإبراهيمي، ولكنها رفضت الدخول في عملية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين في ظل الاعتقاد بأن الظروف غير مهيأة، ولابد أولاً من خلق مناخ يساعد على ذلك. وركزت الإدارة الحالية على عودة المساعدات الإنسانية الأميركية للفلسطينيين، ولكنها تتمهل في إعادة افتتاح القنصلية الأميركية بالقدس، والتي كانت قناة الحوار مع الفلسطينيين، وأغلقها ترامب.

وفي ما يتعلق بإيران، بدأت إدارة بايدن في تنفيذ وعدها بالعودة للاتفاق النووي، والذي انسحب منه ترامب، ولكن لم تحقق المحادثات بشأن هذا الاتفاق أي نتائج حتى الآن، وبدأت إدارة بايدن تتحدث عن استعدادها أيضاً لخيار فشل هذه المفاوضات.

وفي إطار تبني النهج الواقعي في التعامل مع حلفاء الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، فقد تعاملت إدارة بايدن مع موضوع «القيم» مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، على أساس أنه أحد موضوعات الحوار مع دول المنطقة، ولكنه ليس الموضوع الوحيد المحدد لعلاقات الولايات المتحدة معها.

وبالنسبة للأوضاع في اليمن، وعلى الرغم من قيام إدارة بايدن برفع ميليشيا الحوثيين من قوائم التنظيمات الإرهابية في فبراير 2021، فإنها وجهت انتقادات لاذعة للحوثيين، خصوصاً بشأن رفضهم لجهود الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن، وهجومهم على محافظة مأرب الاستراتيجية، التي تضم أعداداً ضخمة من اللاجئين، فضلاً عن قيام الميليشيا بإطلاق صواريخ وطائرات من دون طيار «درونز» على الأراضي السعودية والإماراتية. وساندت الولايات المتحدة حق الدولتين في الدفاع عن حدودهما وسيادتهما.

وعلى صعيد التطورات في سورية، ركزت إدارة بايدن على البُعد الإنساني لهذه الأزمة، وعلى مواجهة تنظيم «داعش»، والذي تعتبر أن وجوده في الأراضي السورية يمثل خطراً كبيراً، وتبرر وجود قوات أميركية في سورية، بأن هدفه هو مواجهة هذا التنظيم الإرهابي. كما ترفض إدارة بايدن أي وجود إيراني على الأراضي السورية، وتساند حق إسرائيل في التعامل مع أي تمدد للنفوذ الإيراني في سورية.

خطوط حمراء

وبالنسبة لدور القوى الكبرى الأخرى في الشرق الأوسط، يبدو أن إدارة بايدن لا تنزعج كثيراً من الدور الروسي في سورية، وترى أنه ليس بجديد، ويعود بجذوره إلى مرحلة الحرب الباردة، وأن ثمة تنسيقاً مع موسكو في بعض قضايا هذا الملف. وفي ما يتعلق بالصين، فإن الولايات المتحدة لا تنزعج أيضاً من تنامي العلاقات الاقتصادية بين بكين ودول المنطقة، ولكنها تنبه حلفاءها بأن بعض المشروعات الاقتصادية الصينية، قد يكون لها أهداف أخرى.

وفي الوقت نفسه، تضع إدارة بايدن «خطوطاً حمراء» بشأن تعاون حلفائها مع الصين في الجوانب العسكرية، وبعض مجالات التكنولوجيا مثل «الجيل الخامس» للاتصالات.

واقعية

يمكن الوصول إلى نتيجة مفادها أن الشرق الأوسط لم يكن ضمن قائمة أولويات الرئيس الأميركي بايدن في عامه الأول بالبيت الأبيض، وأن سياسات إدارته تجاه المنطقة لم تستند إلى رؤية واسعة أو أفكار كبيرة، أو قيم مطلقة، بل تعاملت معها بـ«القطعة» وبهدف التهدئة وليس التغيير، وبالواقعية في الأهداف والأدوات.

• على الرغم من عودة التنسيق مع الحلفاء، فإن انسحاب أميركا من أفغانستان، وصفقة الغواصات النووية الأميركية لأستراليا أثّرا في صدقية تعهد بايدن بالابتعاد عن النهج الانفرادي.

• استطاعت إدارة بايدن في الشهور الأولى تحقيق قدر من التوافق السياسي تمثل في موافقة الكونغرس على قانون مساعدات «كورونا» لمساندة القطاعات المتضررة من الجائحة، وقانون البنية التحتية، إلا أن الانقسامات السياسية عادت مرة أخرى بشأن قانون الإصلاح الانتخابي، وتصاعد خطاب الاتهامات المتبادلة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

*لينك المقال في الإمارات اليوم*