أخبار المركز
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)
  • محمود قاسم يكتب: (الاستدارة السريعة: ملامح المشهد القادم من التحولات السياسية الدرامية في كوريا الجنوبية)
  • السيد صدقي عابدين يكتب: (الصدامات المقبلة: مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في كوريا الجنوبية)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)

مواجهة إيران... بحرب أم من دونها

26 مايو، 2019


إيران ليست دولة نووية ولكنها دولة تطمح إلى ذلك لتحقيق أهدافها وغاياتها الطائفية، ولتحقيق أحلامها الإمبراطورية التوسعية التي تحقق لها النفوذ وبسط الهيمنة في دول جوارها في آسيا وفي المنطقة العربية، والسؤال هنا، لقد حققت طهران طموحات التوسع والنفوذ في أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء بلا سلاح نووي، وقد أدى بها ذلك للحصول على الاتفاق النووي في عهد أوباما، فكيف ستصنع حين تحصل عليه؟ وهذا سؤال يواجه إدارة الرئيس ترمب.

وللإجابة عن هذا السؤال تبنّت إدارة الرئيس ترمب استراتيجية واضحة تجاه النظام الإيراني، لا تقتصر فقط على السلاح النووي، بل على مجمل السياسات والاستراتيجيات التي يتبناها النظام الإيراني على مدى أربعة عقودٍ، وأن هذا النظام المارق عن النظام الدولي يجب أن يعاقب على كل جرائمه ويجب عليه التفكير جدياً في التخلي عن شعاراته وآيديولوجياته الإرهابية المهلكة للعالم.

النظام الإيراني المؤدلج يخضع اليوم لأقسى عقوبات شهدها طوال تاريخه، وثمة استعداد كبير أميركياً ودولياً وإقليمياً لمواجهته، وهو حين يختنق فهو بين خيارين؛ الموت البطيء جرّاء العقوبات الاقتصادية والمالية أو الموت السريع حين يختار المواجهة العسكرية المباشرة مع أميركا والعالم؛ خصوصاً والرسائل من موسكو تتحدث عن أنها لا تستطيع أن تكون حامية للكل في هذا العالم.

قبل عامين تقريباً عقدت في الرياض ثلاث قمم خليجية وعربية وإسلامية في استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أول زيارة خارجية لرئيس خارج المألوف الأميركي المعتاد، والتي اختار لها السعودية، واليوم وقد حمي وطيس السياسة وقامت معارك الاقتصاد والتجارة وفار سعير الحروب والمواجهات تعود السعودية لاستقبال ثلاث قمم جديدة، خليجية وعربية وإسلامية، في مكة المكرمة هذه المرة وفي شهر رمضان الكريم، لوضع النقاط على الحروف، ولتمييز العدو من الصديق، ولرسم حلول لمشكلات مزمنة في المنطقة والعالم، تبتدئ بالنظام الإيراني وتنتهي إليه.

التشابه كبير بين الأفراد والدول، والفرد حين يختنق يرتكب الحماقات، والدول حين تختنق تجترح الجرائم، والمطلوب اليوم هو أن يتجرع النظام الإيراني سم العقوبات دون أي قدرة على الرد، وبعجز كامل عن افتعال حرائق إقليمية أو دولية تخرجه من مأزقه الذي وضع نفسه فيه، وما القوات الأميركية التي تتوافد على مياه الخليج العربي إلا مجرد مثالٍ على قدرة العالم على لجم هذا النظام المارق.

مثل كل مرة يتعرض فيها النظام الإيراني للعقوبات أو التضييق فإنه يحرك خلاياه وميليشياته وتنظيماته لنشر الإرهاب، وهذه المرة ابتدأ النظام الإيراني بهذا التحريك، فارتكب ثلاث جرائم؛ استهداف ناقلات النفط في بحر العرب في الفجيرة، واستهداف الخط النفطي السعودي في الدوادمي وعفيف، والتفجير في بغداد، هذه هي البداية فقط، وهو يخطط لأكثر من هذا، وهو ما أكدته المخابرات الأميركية وبنى عليه الرئيس ترمب مواقفه الصارمة المعلنة، وعاد لتأكيده مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي يعرف جيداً خطر النظام الإيراني وحرسه الثوري وأذرعه المتعددة.

في الحروب ليس أفضل من أن تهزم عدوك دون خوض الحرب، وهو ما يسعى له الرئيس ترمب وحلفاء أميركا في المنطقة، أن يجبر النظام الإيراني على التآكل من الداخل، وأن تقطع أياديه خارج إيران بشتى الأشكال، وستكون المهمة الأشق في هذا السياق في العراق؛ حيث الميليشيات بلا حساب والدولة ضعيفة، ومن ثمّ في سوريا، أما لبنان فقد بدأ بالفعل التعامل مع «حزب الله» وتصنيفه جماعة إرهابية ومراقبة أمواله وتجارته بالمخدرات وغسل الأموال، وكذلك الحوثي في اليمن الذي يجب قطع إمداداته من الصواريخ الباليستية التي يزوده بها «الحرس الثوري» الإيراني والطائرات المسيرة. 

للمرة الثانية يستهدف الحوثي مكة المكرمة والحرم الشريف، بلا وازعٍ من خلقٍ أو دينٍ، وهو يزعم أنه يمثل الإسلام ويلصق نفسه بأهل البيت، وينسب نفسه للزيدية والزيدية منه براء، فهو تحوّل للتشيع الاثني عشري على طريقة الخميني التي مثلت تشويهاً تاريخياً للمذهب الشيعي وحوّلته إلى أداة سياسية في نسخة خاصة للإسلام السياسي.

لا أحد في المنطقة أو العالم يرغب في حربٍ جديدة في المنطقة، ولكن الحرب هي آخر العلاج، فإن أمكن الخلاص ولمرة واحدة من هذا النظام المارق دون الحرب، فهذه رغبة الجميع، وعلى رأسهم الشعب الإيراني المغلوب على أمره، وإن لم يكن إلا بتأديب هذا النظام وكسره وإسقاطه فليكن، لأن العالم سيكون أفضل من دون هذا النظام الإرهابي.

تصريحات قيادات «الحرس الثوري» والمرشد الإيراني هي كالعادة شعارات جوفاء وحماقات معلنة، لأنهم يعلمون قبل غيرهم أنهم لا قبل لهم بالجيش الأميركي وحلفائه الأقوياء في الشرق الأوسط، وأي حماقة تتجاوز الكلام الفارغ ستكون عواقبها وخيمة ومؤذية ومهددة لكيان النظام كاملاً، ومن يستذكر تاريخ الملالي في الحكم يكتشف بسهولة أنهم جبناء ويكرهون المواجهة، وبخاصة بعدما أذاقهم الجيش العراقي مرارة الهزيمة في حرب دامت ثماني سنواتٍ تجرّع بعدها الخميني السم وقبل بالهزيمة النكراء.

لم يدّخر نظام خامنئي أي جهدٍ في مهاجمة الدول العربية، وهو اليوم يحصد ما جنته سياساته المعادية، فجيوش دول الخليج لوحدها قادرة على إلحاق أضرارٍ بالغة بجيشه وحرسه الثوري وكامل نظامه، فكيف والمواجهة اليوم تقودها الولايات المتحدة وجيشها باعتراف العالم هو الأقوى في العالم، وملالي إيران لا يفهمون إلا لغة القوة القادرة على كسر الآيديولوجيا وضرب الشعارات الهوجاء.

منذ أربعين عاماً لم يسبق أن وجد النظام الإيراني نفسه في مثل هذا الموقف الدولي الصارم، ويواجه عقوباتٍ اقتصادية تصفّر صادراته النفطية وتمنع دول العالم وشركاته من التعامل معه بأي شكلٍ وأي نوعٍ، وهذا مكمن خطرٍ لإمكانية ارتكاب الحماقات، وما سيردعه عنها هو الصرامة الظاهرة في التعامل مع أي خطوة قد يقدم عليها والاستعداد والتأهب للرد المباشر.

أخيراً، فمن مكة المكرمة ستخرج إدانات متتابعة للنظام الإيراني وعدوانه الدائم، خليجياً وعربياً وإسلامياً، في قمم تاريخية ستسمع صوت إدانة النظام للعالم أجمع، وهي ستزيد من فشل اللوبي الإيراني في أميركا والدول الأوروبية وستضعف الدول المناصرة له والداعمة لإرهابه وطائفيته ودمويته.

*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط