أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

تقييم المزايا والمخاطر:

رؤية أمريكية للتحالف الإسلامي العسكري

25 يونيو، 2016


إعداد: د. إسراء أحمد إسماعيل

أعلنت المملكة العربية السعودية في نهاية العام الماضي أنها بصدد إنشاء "تحالف عسكري" من الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي أثار التساؤلات حول مدى فاعلية هذا التحالف وجدواه، خاصةً بعد أن أوضح الأمير "محمد بن سلمان" ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي أن التحالف يستهدف مكافحة التطرف والإرهاب، وتحديداً ذلك الذي تجسد في تنظيم "داعش" الإرهابي.

وفي ضوء ذلك، أصدرت مؤسسة راند الأمريكية RAND تقريراً تحت عنوان: "تحالف عسكري بقيادة السعودية لمحاربة الإرهاب"، أعده "بريان مايكل جنكينز" Brian Michael Jenkins، كبير مستشاري رئيس مؤسسة راند، وتناول التقرير الرؤية السعودية للتحالف المُقترح، وردود الفعل إزائه، والمزايا والمخاطر المحتملة من ورائه.

الرؤية السعودية للتحالف العسكري

في البداية، أوضح التقرير أن التحالف الإسلامي العسكري المُقترح يعكس تصميماً سعودياً للتصرف بشكل يضمن مصالحها الأمنية، فالرياض لم تعد ترى الولايات المتحدة حليفاً يمكن الوثوق به كما كان الوضع في السابق، حيث أن تخلي واشنطن السريع عن حلفائها السابقين في المنطقة مثل الرئيس المصري الأسبق "مبارك"، وترددها في التصرف مع الرئيس السوري "بشار الأسد"، وإرسال قوات لتدمير تنظيم "داعش"، فضلاً عن الاتفاق النووي مع إيران، كل ذلك أدى إلى تفاقم المخاوف السعودية.

كما تعكس هذه المبادرة السعودية المخاوف المتزايدة لدى الرياض من تنامي التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط، بدايةً من الاضطرابات التي أحدثتها ثورات الربيع العربي، وتهديد تنظيم "داعش" في الشمال، وإيران في الشرق، والمتمردين الشيعة وتنظيم "القاعدة" الذي استعاد نشاطه في اليمن بالجنوب.

ويشير التقرير إلى أنه يمكن أن يُنظر إلى التحالف السعودي المُقترح على أنه بمثابة متابعة لاقتراح جامعة الدول العربية بتشكيل قوة عربية موحدة، وإعلان القاهرة تكوين تحالف بين مصر والمملكة العربية السعودية لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية لمساعدة الحكومة الشرعية اليمنية في حربها ضد ميليشيا "الحوثيين".

ورداً على الفوضى في سوريا والعراق، قامت السعودية ببناء جدار على طول الحدود الشمالية مع العراق، ولكن التقرير يرى أن هذا الإجراء لن يغير الوضع، حيث إن التهديد الرئيسي ينبع من التأثير الأيديولوجي المتطرف على الشباب السعودي.

كما أشار التقرير إلى أن السعودية تخشى من أن يؤدي الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب إلى استبعاد المملكة في الخطط المستقبلية للشرق الأوسط، مضيفاً أنه من الواضح أن السعودية أصبحت عازمة على الاعتماد على الذات للدفاع عن أمنها، وعلى لعب دور أكثر نشاطاً في المنطقة، الأمر الذي يتطلب توفير قوة دبلوماسية وعسكرية، وبالتالي تتضح أهمية التحالف العسكري بقيادتها، وهذا يفسر أيضاً المباحثات العسكرية التي تقوم بها المملكة مع كل من مصر وتركيا.

ملامح التحالف الإسلامي العسكري

أشار الكاتب إلى أن إعلان التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية في ديسمبر 2015، جاء بعد وقوع عدد من الأحداث المتسارعة على أرض الواقع، حيث قادت التحالف العربي العسكري في اليمن، كما تمكنت الرياض من إقناع الثوار في سوريا بتشكيل كتلة واحدة للتفاوض مع النظام السوري بشكل مؤقت.

وقد أعلن البيان الرسمي السعودي أنه سوف يتم إنشاء مركز عمليات مشترك في مدينة الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية، وأوضح وزير الدفاع السعودي أن التحالف العسكري المُقترح سيسعى إلى اتخاذ كافة التدابير الأمنية والعسكرية لمواجهة الجماعات المتطرفة، وأنه من المخطط إرسال قوات خاصة ضد تنظيم "داعش" في سوريا، وهو ما أكد عليه أيضاً وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" بأن التحالف قد يقوم بنشر قوات برية في سوريا إذا لزم الأمر.

ويشير التقرير إلى أنه فيما عدا ذلك، فإن الإعلان الرسمي حول التحالف الإسلامي العسكري يعتبر غامضاً، حيث لم يقدم المسؤولون السعوديون صورة واضحة للدور العسكري المفترض للتحالف.

الموقف الغربي

أوضح التقرير أن التحالف العسكري المُقترح يضم دولاً فقيرة ذات قوة عسكرية محدودة، وتسعى إلى الحصول على مساعدات مالية، مشيراً إلى أن التمويل السعودي لا يشكل ضمانة للنجاح، فعلى سبيل المثال تمتعت الجهود الأمريكية التي استهدفت تشكيل قوة معارضة سورية معتدلة بالتمويل اللازم، ولكنها على الرغم من ذلك كانت غير ناجحة.

وفيما يتعلق بردود الفعل الغربية، فقد لاقت المبادرة السعودية ردود فعل متباينة، حيث اتسم الترحيب الغربي الرسمي بالفتور على الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا يضغطون لزيادة المشاركة العربية في الجهود الرامية إلى مواجهة تنظيم "داعش". وتراوحت التعليقات غير الرسمية من التشكك إلى العداء الصريح، حيث إن هناك اتجاهاً من المراقبين يرى أن إعلان التحالف نوع من أنواع الدعاية، كما أن بعض ردود الفعل تجاوزت الشكوك، معتبرة أن هذا التحالف يعكس سلوكاً عدوانياً وأن السعودية تود فرض نهجها الإسلامي على بقية العالم.

المزايا المحتملة

حسب وجهة نظر الكاتب، فإنه على المدى البعيد يمكن للدول المسلمة فقط هزيمة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" عسكرياً وفكرياً، مشيراً في هذا الصدد إلى وجود مباحثات حول نشر قوات خاصة من بعض دول الخليج لمساعدة الولايات المتحدة في سوريا، وعلى الرغم من أن العمليات الخاصة يصعب تنسيقها، إلا أنه يمكن أن يكون للمشاركة العربية دور كبير من الناحية التنفيذية والسياسية.

كما يمكن للسعودية وشركائها في التحالف المُقترح السيطرة على جزء من الأرض السورية، وتكوين ملاذاً آمناً شمال الحدود بين الأردن وسوريا لاستيعاب اللاجئين السوريين بشكل مؤقت، وهذا الدور الإنساني يمكن أن يخفف بعضاً من الضغط الناتج عن تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن.

أيضاً، فإن إيفاد قوة إسلامية متعددة الجنسيات يمكن أن يغير من الصورة التي يروج لها تنظيم "داعش"، وهي أنه في حالة حرب ومواجهة بين المؤمنين (الذين يمثلهم التنظيم) والكافرين. وبدلاً من ذلك، سوف يتحول الموقف إلى مواجهة بين تنظيم "داعش" والمسلمين السنة، كما أن وجود قوات التحالف على الأرض يمكن أن يوفر خياراً آخر لأولئك الذين ضاقوا ذرعاً من حكم تنظيم "داعش"، أو يتخوفون من التجنيد الإجباري والانضمام لـ"داعش"، كذلك يمكن أن يشجع الانشقاقات بين مجندي التنظيم الإرهابي.

العواقب السلبية

على الرغم من الإيجابيات السابقة إلا أن الكاتب يرى أن هذه المبادرة السعودية لا تخلو من مخاطر، حيث اعتبر أنها يمكن أن تُعمق الانقسام الطائفي في المنطقة؛ إذ إن معظم المسلحين في سوريا والعراق من السنة، في حين أن القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها من العلويين أو الشيعة.

كما قد يتسبب التحالف العسكري المُقترح في تعقيد المفاوضات الدولية الرامية إلى تسوية النزاعات، حيث أنه يدعم وجهة نظر التيار السني في المنطقة في التسويات السياسية المستقبلية، وهي نتيجة غير مرحب بها بالنسبة لحكومتي بغداد ودمشق، وحتى في بعض العواصم الغربية، ولذلك يخشى المسؤولون من تضاؤل احتمالات التوصل إلى حل، وأن يصبح التقسيم الحالي للعراق وسوريا دائماً.

ويخشى البعض أن تتسبب مبادرة الرياض في تحويل الموارد العربية المخصصة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة "داعش" إلى التحالف الجديد، كما أن ثمة تخوفاً من احتمال وجود هيكل قيادة موازي يعمل بشكل مستقل عن التحالف الدولي.

وإذا كانت الولايات المتحدة تدرك ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية في العراق وسوريا في ظل موافقة وتعاون الحكومات الإقليمية في المنطقة، ومع ذلك فإن هناك قلقاً في واشنطن من أن أي نوع من التأييد الأمريكي للتحالف الإسلامي العسكري قد يتسبب في توتر العلاقات الأمريكية الوليدة مع إيران، والتي تراها واشنطن ضرورية لتسوية النزاعات.

ختاماً، يوضح التقرير أن الولايات المتحدة يبدو أنها ترحب بجهود القوى الإقليمية للمساعدة في تقاسم العبء العسكري لمواجهة تنظيمات إرهابية مثل "داعش"، بيد أن واشنطن تود تجنب تصعيد التورط العسكري في ظل استمرار فكرة أنه يمكن تحقيق أهدافها من خلال الوسائل الدبلوماسية، وبالتالي تفضل ألا تعمل القوى الإقليمية على عرقلة فرصها في القيام بذلك. ويؤكد الكاتب أنه يتعين على الولايات المتحدة عدم تجاهل المبادرة السعودية بإنشاء التحالف الإسلامي العسكري، بل المساعدة في تحقيق المهام ذات الأهداف المشتركة، ولذلك فإنه قد يكون من المفيد للمسؤولين في واشنطن إنشاء فرقة عمل صغيرة تكون مهمتها دراسة واستكشاف الفرص التي تقدمها المبادرة السعودية.



* عرض مُوجز لتقرير بعنوان: "تحالف عسكري بقيادة السعودية لمحاربة الإرهاب"، والصادر عن مؤسسة راند الأمريكية في مارس 2016.

المصدر:

Brian Michael Jenkins, A Saudi-Led Military Alliance to Fight Terrorism, (USA:  RAND Corporation, March 2016)