أخبار المركز
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)
  • د. أحمد قنديل يكتب: (أزمات "يون سوك يول": منعطف جديد أمام التحالف الاستراتيجي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة)
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)

نافذة فرصة:

الاتجاه للتوافق على قانون انتخابات نيابية جديد في لبنان

19 يونيو، 2017


منح مقترح النائب اللبناني "جورج عدوان" لصيغة قانون انتخابات نيابية جديد، فرصة هامة للبنان لمنع دخولها في فراغ مؤسساتي بدءًا من 20 يونيو الجاري، ودعم من فرص نجاحه تلويح "حزب الله" بالدخول في فراغ رئاسي ووزاري وليس نيابيًّا فقط، بالإضافة إلى رفض الاعتماد على البديل الدستوري لحل الأزمة، وفي الوقت نفسه يوفر القانون الحد الأدنى من مطالب القوى السياسية، ومنحه فرصة للحفاظ على التحالفات الحالية، حيث يوجد توافق من القوى السياسية اللبنانية على مقترح القانون الجديد، لتحقيقه نوعًا من التوازن الطائفي والسياسي في المجلس النيابي، وإن كان هناك خلاف بسيط وأمور إجرائية لم تُوضح بعد، إلا أنه أمر يمكن تداركه.

وهو ما يُظهر تنازل الأطراف المتنافرة في الداخل اللبناني لخوفها من الدخول في فراغ مؤسساتي، الأمر الذي يُرجّح قبول قانون "جورج عدوان" كصيغة أساسية يمكن تعديل بعض بنودها، ومن ثم البناء عليها للتوصل إلى صيغة نهائية.

وقد أطلق نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" عضو البرلمان اللبناني النائب "جورج عدوان" مقترحًا لقانون انتخابات نيابية جديد؛ حيث أشارت العديد من المصادر إلى موافقة غالبية القوى الرئيسية عليه من قوى 14 و8 مارس، (حزب الله، تيار المستقبل، حركة أمل، التيار الوطني الحر، تيار المردة)، بالإضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي. ويتضمن المقترح في بنوده ما يلي:

1- اعتماد النظام النسبي في الاقتراع بشكل كامل، مع اعتماد الصوت التفضيلي من دون أن يكون طائفيًّا أو مذهبيًّا.

2توزيع الدوائر الانتخابية جغرافيًّا وإداريًّا على 15 دائرة عبر تقسيم المحافظات الخمس الأساسية (جبل لبنان: 4 دوائر، الجنوب: 3 دوائر، البقاع: 3 دوائر، الشمال: 3 دوائر، بيروت: دائرتان).

3- نقل 3 مقاعد مارونية من دوائر ذات غالبية إسلامية (من طرابلس إلى البترون، من البقاع الغربي إلى جبيل، من بعلبك الهرمل إلى بشري).

معوقات محتملة:

وتجدر الإشارة إلى أن أهم التحديات التي تواجه القانون المقترح على النحو التالي:

1- وجود بعض التفاصيل الإجرائية التي لم يوضحها القانون، وهي كيفية فرز وضم الدوائر الـ15، وطريقة احتساب نسبة الفرز، بالإضافة إلى كيفية احتساب الصوت التفضيلي.

2- مدة التمديد للبرلمان الحالي، وذلك لتوفير الوقت الكافي لتدريب الإدارة اللبنانية على النظام الانتخابي الجــديد الـقائم على النسبية الكاملة، حيث تم اقتراح 7 أشهر كحد أدنى، على أن تُعقد الانتخابات في مارس 2018.

3- البند الخاص بنقل 3 مقاعد للمسيحيين، وهو الأمر الذي رفضته العديد من القوى السياسية، وعلى رأسها حركة "أمل"؛ حيث شدد زعيمها رئيس مجلس النواب "نبيه بري" على أن موضوع نقل النواب من دائرة إلى أخرى في قانون الانتخاب الجديد مرفوض أصلاً شكلاً وأساسًا، وهو ما دفع العديد من المصادر للتأكيد على أنه تم صرف النظر عن هذا البند.

دوافع مقابلة:

غير أن هناك أسبابًا من شأنها ترجيح إقرار قانون "عدوان" المشار إليه، والتي تتمثل في التالي:

1التهديد بالفراغ المؤسساتي في الدولة؛ إذ شهدت الفترة الماضية عددًا من تصريحات قيادات حزب الله التي تشير إلى أن عدم التوافق على قانون انتخاب جديد قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي في 20 يونيو الجاري، سيؤدي إلى فراغ مؤسساتي في كل الدولة، وهو ما تجلى فيما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية محمد رعد: "إن الفراغ ممنوع في هذا البلد؛ لأن الفراغ يعني نهاية البلد ونهاية الدولة والمؤسسات، والفراغ لا يعني أنه لم يعد لدينا مجلس نيابي أو رئيس مجلس نيابي، الفراغ يعني أنه لم يعد لدينا حكومة ولا رئيس حكومة، ويصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئًا". 

ويُعظِّم من ذلك الأمر دعم حركة "أمل" لتحركات "حزب الله"، وموافقتها على سيناريو الفراغ في جميع المؤسسات في حالة تعذر الوصول إلى قانون جديد في المهلة المشار إليها، وبما يشير إلى أن فراغ الرئاسة الثانية الشيعية (رئاسة مجلس النواب) في لبنان لن يُسمح بها، وبالتالي سيكون هناك فراغ في الرئاسة الأولى المسيحية (رئاسة الجمهورية)، والرئاسة الثالثة السنية (رئاسة الحكومة).

2- رفض اعتماد البديل الدستوري: يفتح الدستور اللبناني المجال لاعتماد أحد السيناريوهين اللذين ترفضهما غالبية القوى السياسية، وهما: إقرار قانون الستين في إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، أو إجراء تمديد ثالث للبرلمان اللبناني، وذلك من خلال المواد التالية:

- تؤكد المادة 25 من الدستور اللبناني التي تنظم حالة حلّ المجلس النيابي، على الذهاب لانتخابات -وفقًا للقانون النافذ- خلال ثلاثة شهور، أي اعتماد قانون الستين الذي ترفضه جميع القوى السياسية عدا الحزب التقدمي الاشتراكي طبقًا لمواقفها السابقة، وبالتالي سيكون ملزمًا إقامة الانتخابات النيابية قبل 20 سبتمبر 2017 وفق قانون الستين، لأنه لن يكون هناك مجلس نواب يُشرِّع قانونًا جديدًا خلال تلك الفترة.

- في حالة تزامن فراغ منصب رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي معًا، تنص المادة 74 من الدستور على أن على المجلس أن يجتمع بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية، ولكن الواقع الفعلي يشير إلى أن هذا الأمر سيواجه بعقبات، وذلك بناءً على تجربة الشغور الرئاسي الذي استمر سنتين ونصف السنة بسبب عدم حضور نواب (حزب الله، التيار الوطني الحر، تيار المردة، حزب الطاشناق) جلسات انتخاب الرئاسة، مما أفقدها نصابها القانوني.

- الحفاظ على التحالفات القديمة والحالية: شهدت الفترة الماضية تغيرًا في طبيعة التحالفات بين القوى السياسية اللبنانية، ومن دلالات ذلك تحسن علاقة التيار الوطني الحر (الماروني من قوى 8 مارس) مع "تيار المستقبل" (سني من قوى 14 مارس)، وذلك على حساب توترها مع حزب الله (قوى 8 مارس)، وذلك للاختلاف في عدة ملفات، على رأسها قانون الانتخاب.

وهو ما دعا التيار إلى تغيير موقفه تجاه حزب الله مؤخرًا، محددًا شكل تحالفاته الجديدة، وذلك من خلال تصريح زعيم التيار "جبران باسيل" الذي أكد أن العهد اعتمد على ثلاثة أصدقاء لإنجاح المشروع الذي يتبناه (قانون انتخابات جديد)، وهم: الرئيس سعد الحريري الذي منع التمديد لمجلس النواب، والقوات اللبنانية لإزالة الألغام التي زُرعت أمام العهد وأمام فرصة التوصل إلى قانون انتخابي جديد، وحزب الله لكشف الكذابين والدجالين والمناورين. ومن الواضح أن القانون بصيغته الحالية سيوفر استمرار التحالف بين القوى المتنافرة، وعلى رأسها التيار الحر وحزب الله، وذلك من خلال التحالف في الانتخابات القادمة وفق الصيغة الجديدة.

تحقيق الحد الأدنى من مطالب القوى السياسية: وذلك من خلال تحقيق "حزب الله" وحركة "أمل" لهدفهما من حيث تحقيق النسبية، بما يحفظ لهما الحدّ الأدنى من التمثيل في المجلس الجديد، ونفس الشيء بالنسبة لتيار "المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي (بقيادة "وليد جنبلاط")، وبالنسبة لحزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، فهما يستهدفان رفع نسبة النواب المسيحيين من 31 في قانون الستين إلى ما يقارب 51 نائبًا، وهو ما سيوفره القانون الجديد.

كما أن إعادة توزيع الدوائر سيُتيح بعض المزايا النسبية لبعض القوى، مثل التيار الوطني الحر الذي ستصبح له قدرة أكبر على الفوز بمزيد من المقاعد البرلمانية، بسبب جعل دائرة زغرتا وبشري والكورة والبترون دائرتين، مع تحرير التيار الوطني الحر في بعبدا من تحالفه مع حزب القوات اللبنانية للاستفادة من أصوات حزب الله لصالحه.

فرص التوافق:

يُبرز العرض السابق تزايد فرص التوافق على ذلك القانون من قبل القوى السياسية اللبنانية، حيث لم يُبدِ أحد اعتراضًا جوهريًّا على شكل القانون، أو عدد الدوائر وتوزيعها وما إلى ذلك، كما تبين وجود تنازل من قبل القوى السياسية لصالح إقرار القانون، مثل تنازل الثنائي الشيعي عن تمسكهما بست دوائر في مقابل 15 دائرة في القانون المقترح، كما أن "التيار الحر" لم يعلق على مبدأ رفض الصوت التفضيلي على أساس مذهبي كما قدمه سابقًا في مشاريع قوانين سابقة، وبالنسبة لتيار المستقبل فقد حسم "سعد الحريري" موقفه منذ فترة بإعلانه قبول أي صيغة انتخابية للحفاظ على استقرار الدولة، علمًا بأنه قبل وصوله إلى منصب رئيس الحكومة كان من أشد المعارضين لصيغة النسبية الكاملة.

وبالرغم من تخوف التيار الوطني الحر من الصيغة المقترحة المبنية على النسبية الكاملة، لتكريسها الديمقراطية العددية بدلا من الديمقراطية التوافقية؛ فإن القانون المقترح تضمن ضوابط لتلك النسبية عبر تقسيم الدوائر إلى 15 دائرة، بما يحول دون حدوث تمايز طائفي يلقي بتداعياته على شكل البرلمان اللبناني، والذي ينص الدستور على أن يكون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وبالتالي فإن مشكلة المحاصصة الطائفية تم التعامل معها في إطار توافقي بين القوى المختلفة.

تبديد مخاوف:

اعتمد القانون المقترح على تبديد أكبر مخاوف القوى السياسية اللبنانية، وفي الوقت نفسه ساعدته الظروف السياسية المحيطة به التي من أهمها عدم تقبل خريطة الطريق التي وضعها الدستور اللبناني في حالة الفراغ التشريعي، كما أن ضيق الوقت والفراغ المتوقع، دفع القوى السياسية للقبول بأقل الأضرار، تحسبًا للدخول في فراغ مؤسساتي ستكون له تداعيات كبيرة على الدولة اللبنانية، وهو الأمر الذي يُرجِّح في النهاية قبول قانون "جورج عدوان" كصيغة أساسية يمكن تعديل بعض بنودها، ومن ثم البناء عليه للتوصل إلى صيغة نهائية.