أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

إكسبو دبي:

لماذا لن يكون "كورونا" عائقاً أمام طفرة سياحية متوقعة؟

29 سبتمبر، 2021


توفر معارض إكسبو الدولية منذ 170 عاماً منصة لاستعراض أهم الابتكارات التي رسمت ملامح العالم الذي نعرفه اليوم. وسيواصل إكسبو 2020 المحافظة على هذا التقليد. وقد أقيم أول معرض لإكسبو في لندن عام 1851، وفي البداية كان لكل بلد مشارك مساحة خاصة به في الجناح المركزي للمعرض. لكن منذ عام 1867، بدأت الدول المشاركة في إنشاء أجنحتها بنفسها وبأشكال مختلفة، وهو ما أتاح للدول منذ ذلك التاريخ إبراز أهم ما تمتلكه من إمكانات ومعالم وفرص سياحية، لاسيما أنه أصبح لكل بلد أن تنشئ جناحها بشكل معماري يتوافق وخصائصها. 

ويأتي معرض إكسبو 2020 دبي، الذي يحمل شعار "تواصل العقول، وصنع المستقبل"، كأحد المعارض الاستثنائية في هذا الصدد، لاسيما أن هذا الشعار يتضمن جمع التراث البشري ومنجزات التاريخ الإنساني والمعرفة، وكل ما توصلت إليه التكنولوجيا، من تقنيات وتطبيقات حديثة ومتطورة في شتى المجالات، في مكان واحد، ومنح الفرص لكل دولة أن تبرز هويتها وثقافتها وتاريخها وإمكاناتها، بما يمثل فرصة مثالية لتبادل المعرفة والخبرات والتقارب الإنساني، ما يبث المزيد من الزخم في قطاع السياحة العالمي، انطلاقاً من الإمارات، التي تحتضن أول إكسبو دولي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.

الإقبال السياحي على إكسبو 

عادة ما تكون معارض إكسبو الدولية ذات طابع سياحي، وتجتذب أنظار الراغبين في التنقل والسفر، ناهيك عن الشركات ورجال الأعمال، وغيرها. وعلى مدار العشرين عاماً الماضية شهدت تلك المعارض تطورات كبيرة في هذا الإطار. وقد اجتذب معرض اكسبو هانوفر عام 2000 كأول معرض عالمي يقام في ألمانيا، وهو قد جاء تحت شعار (البشرية ـ الطبيعة ـ التكنولوجيا)، 18.1 مليون زائر. وقد كان هذا العدد من الزائرين يمثل إنجازاً كبيراً بالنسبة للمعرض، لاسيما أنه أقيم في هانوفر، التي تعتبر من المدن الشمالية الهادئة في ألمانيا. ولأن المدينة لم تكن تجتذب الكثير من السائحين في العادة في ذلك الحين، فإن وصول عدد زوار المعرض لهذا المستوى، كان نقلة كبيرة بالنسبة لقطاع السياحة بها.

ولقد ساعد على هذا الإنجاز مشاركة نحو 180 دولة في المعرض، وهي قد استغلت تلك المناسبة في إبراز فنون البناء في إنشاء أجحتها، ومن ثم فإنها وضعت الكثير من الفعاليات ذات الجاذبية الكبيرة بالنسبة للسائحين، على أجندات أجنحتها، لاسيما العروض الفولكلورية، كما أنها عملت على إبراز أحدث التكنولوجيات التي توصلت إليها، ما عزز من وجود الشركات والمستثمرين وكذلك سياحة الأعمال.

وفي معرض إكسبو 2005 الذي انعقد في آيشي اليابانية، فاق عدد الزوار والسائحين الذين حضروا إلى المعرض العدد الذي كان مستهدفاً، حيث بلغ عدد الزائرين نحو 22 مليون زائر، في حين كان العدد المستهدف هو 15 مليون زائر، وقد أحدث المعرض ما يمكن تسميته طفرة في قطاع السياحة في المنطقة المستضيفة له والقريبة منه، بما في ذلك جميع القطاعات المرتبطة بالسياحة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

أما معرض إكسبو شنغهاي، الذي انعقد في عام 2010، فقد كان هو الأعلى من حيث عدد الزائرين، بين جميع معارض إكسبو على مر تاريخها، حيث بلغ عدد الزائرين حوالي 73 مليون زائر، مقارنة بتوقعات بعدد زائرين بنحو 70 مليوناً. وقد كان لذلك تأثير إيجابي كبير على اقتصاد مدينة شنغهاي وقطاعها السياحي، حيث إن ذلك المعرض ساعد على نمو زوار مهرجان الربيع آنذاك، بمعدل 12%، كما أدى إلى ارتفاع إيرادات شنغهاي الإجمالية من السياحة بنحو 13%.

وفي إكسبو ميلانو في عام 2015، تحت عنوان “إطعام الكوكب، طاقة من أجل الحياة”، شاركت نحو 144 دولة، وكان الحدث مناسبة عالمية لإبراز ثقافة الطعام والغذاء والمطاعم من كل بلد، والجمع بين الإبداع والثقافة والتقاليد والابتكار والتكنولوجيا، بكل ما يتعلق بالتغذية والطعام حول العالم. وقد ساعد ذلك على اجتذاب نحو 20 مليون زائر للمعرض، بمتوسط يومي بلغ 116 ألف زائر يومياً. وقد أكدت مؤسسة الإحصاء الإيطالية، أن عدد السائحين الوافدين إلى البلاد بلغ نحو 113.4 مليون سائح عام 2015، بزيادة قدرها 7 ملايين سائح، كما ارتفع عدد الليالي السياحية بنحو 4 % عنها في عام 2014.

إكسبو دبي والسياحة في الإمارات

يتوقع أن يستقطب معرض إكسبو 2020 دبي، الذي ينطلق مطلع أكتوبر المقبل، وعلى مدى ستة أشهر، نحو 25 مليون زائر، من مختلف الجنسيات. ومن المتوقع أن يأتي %70  من الزوار من خارج الإمارات، لاسيما أن المعرض يشارك فيه أكثر من 190 دولة، وهو ما يؤهل الدولة للتحول إلى أهم وجهة عالمية للسياحة في فترة المعرض، على الرغم من جائحة كورونا، وتأثيراتها على السياحة عالمياً. 

ولقد عملت دولة الإمارات على اتخاذ جميع التدابير الصحية اللازمة لاستقبال زوار إكسبو والمشاركين فيه، وعلقت وكالة بلومبيرغ على ذلك بتأكيد أن الإمارات حققت إنجازات كبرى في مواجهة كورونا، في ظل الإجراءات التي اتخذتها، والتي أدت إلى خفض أعداد الإصابات الجديدة، لأقل من 400 حالة، قبل نحو أسبوعين من انطلاق معرض إكسبو 2020 دبي.  وأوضحت الوكالة أن انخفاض الإصابات إلى هذا المستوى، يعطي دفعة قوية للإمارات التي تستضيف المعرض.  وفي السياق ذاته، أشادت  "مجلة الترفيه"  الأسترالية بالإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات لخدمة زوار معرض إكسبو، والتي من شأنها أن تعزز ضمان سلامة الجمهور العالمي. 

وقد كشفت الأسابيع الأخيرة أن هناك طفرة كبيرة في مؤشرات القطاع السياحي في الدولة، استعداداً للمعرض، فقد أكدت هيئة الطيران المدني الإماراتية، نمو الأعداد الإجمالية للمسافرين إلى الدولة خلال أغسطس 2021 إلى أكثر من 2.5 مليون مسافر مقارنة بـ 814 ألف مسافر خلال الفترة نفسها عام  2020، وبنسبة ارتفاع بنحو %207.  كما شهدت الحجوزات الفندقية في الدولة تحديداً نمواً كبيراً، حيث سجل موقع "ويجو" العالمي للسفر والحجوزات في يوليو الماضي أكثر من نصف مليون عملية بحث لرحلات وحجوزات فندقية في دبي خلال فترة الحدث.   وكشفت دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي عن استقبال الإمارة أكثر من 2.85 مليون زائر دولي خلال الشهور السبعة الأولى عام 2021. 

كما بلغت السعة الفندقية لقطاع الضيافة في دبي خلال الأشهر السبعة الماضية 129,318 غرفة موزعة على 718  منشأة فندقية، مع تحقيق إيرادات الغرف المتاحة ارتفاعا لتبلغ 225 درهماً مقارنةً مع 194 درهماً للفترة ذاتها من عام 2020. فيما بلغ عدد الليالي الفندقية المحجوزة من يناير حتى يوليو 2021 إلى 16.34 مليون ليلة بزيادة كبيرة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، والتي سجلت 10.74 مليون ليلة فندقية. 

وبحسب بيانات شركة أس تي آر (STR)، المتخصصة في تقديم تحليلات لقطاع الضيافة عالمياً، صُنّفت دبي الثانية عالمياً من حيث نسبة الإشغال بعد سنغافورة، لتتفوق بذلك على باريس ولندن، وذلك عن الأشهر السبعة الأولى من عام 2021. وقد كانت الإيرادات لكل غرفة متاحة حتى تاريخه في دبي الأعلى بين الوجهات الأربع تليها سنغافورة، ثم باريس، وبعدها لندن.

وفي المجمل، فإن الجهود التي بذلتها الدولة، وكذلك التقييم الإيجابي الكبير الذي تحوزه من قبل المتابعين والمهتمين الدوليين، يعزز الثقة الدولية في توافر الأمان الصحي في الدولة، ويشجع الزوار والمشاركين على القدوم إلى الإمارات، وهو ما من شأنه أن يعزز فرص المعرض من إدراك هدف اجتذاب 25 مليون سائح، وعلى الرغم من أن هذا الهدف قد وضع قبل اندلاع أزمة كورونا العالمية، لكن ما حدث حتى الآن من إنجازات في قطاع الصحة بالدولة، بجانب النهضة التي يشهدها القطاع السياحي، والمرافق المتميزة، وكذلك الأجندة المتميزة للمعرض، والمتوافقة مع التطور الذي وصله العالم، وكذلك التطلعات البشرية، كل ذلك قد يكون من شأنه تخطى زوار إكسبو دبي المستوى المستهدف.