أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

لماذا تستمر الحرب في سوريا؟!

07 مارس، 2018


تعددت مؤتمرات السلام عن سوريا، من أستانا إلى جنيف، وكذلك قرارات مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، لكن الحرب مستمرة.. فما السبب إذن؟ المقولة الشهيرة في حقل الدراسات الاستراتيجية تقول: «نعرف كيف تبدأ الحرب، لكن لا نعرف كيف تنتهي». وليس المقصود من هذه المقولة هو الكلام عن نتيجة الحرب، بل عن ختام الحرب أو نهايتها، حتى من جانب الخصوم، أو حتى توقف القتال المباشر.

دخلت الحرب السورية عامها السابع، وتكلفت الكثير، بحيث نستطيع وصفها بالكارثة الإنسانية، دون أدنى مبالغة. فعدد القتلى الآن يقترب من نصف مليون في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 18 مليوناً، بينما لا نعرف بدقة عدد المصابين جسمانياً على الأقل، لأن عدد المعاقين نفسياً قد يقترب من عدد السكان الكلي، فنحو ثلاثة أرباع السكان الآن هم نازحون داخلياً بعد تدمير منازلهم أو لاجئون إلى دول أخرى: فهناك 650 ألفاً في الأردن، وثلاثة ملايين في تركيا، وأكثر من مليون في لبنان.

وفي الجانب الاقتصادي، يقال إن سوريا ستحتاج 38 عاماً كي تعود إلى مستواها في سنة 2010، أي العام الذي سبق قيام هذه الحرب.

لماذا إذن لا تتوقف الحرب، خاصة أن نظام الأسد وحلفاءه يبدون حالياً في موقف عسكري أفضل بكثير مما كانوا عليه قبل عامين؟ هنا يمكن التركيز على سببين رئيسين:

1- رغم المظاهر، فإن الحرب السورية ليست حرباً أهلية بالمعنى المتعارف عليه، بل تنتمي لما يسميه حالياً أساتذة العلاقات الدولية «الحروب الجديدة». ورغم تداخل بعض سماتها مع ما نعرفه عن الحروب الأهلية، فإن هناك اختلافات مهمة، ففي الحرب الأهلية ثمة طرفان: قوات الحكومة ومعارضوها المسلحون. وفي سوريا حالياً هناك بالطبع نظام الأسد، لكن هناك على الطرف الآخر على الأقل ثلاثة أطراف: قوى المعارضة الديمقراطية، و«الجيش السوري الحر» و«داعش» والأكراد. ولكل طرف حلفاؤه: روسيا وإيران (والمليشيات التابعة لها) في جانب النظام، مقابل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية والعربية وتركيا.. وهم يدعمون بصورة أو أخرى معارضة النظام، لكنهم لا يشكلون كتلة موحدة، بل يختلفون في تحالفاتهم على الأرض. فمثلاً تقف الولايات المتحدة وأوروبا الغربية في صف الأكراد، لكن تركيا (عضو حلف الناتو) ترسل قواتها عبر الحدود لمقاتلة هؤلاء الأكراد الذين تعتبرهم تهديداً لأمنها القومي.

وهناك الكثير مما يمكن قوله عن هذه «الحروب الجديدة»، سواء فيما يخص التوجه العقائدي أو مصادر التمويل، لكن النقطة الرئيسة هنا هي أنه مع تعدد الأطراف، تتعدد وتتنوع مراكز القرار، وبالتالي فثمة صعوبة في إيجاد مفاوضين قادرين على اتخاذ قرار مستقل يحسم النزاع. نحن إذن أمام موقف فوضوي يصعب فيه الحصول على المفاوض الحقيقي.

2- لقد أصبحت الحرب السورية حرباً بالوكالة، وقد ظهر هذا النوع من الحرب خلال فترة الحرب الباردة، إذ كانت الدول العظمى تتجنب خطر الصدام المباشر فيما بينها في ظل وجود الأسلحة النووية، وبالتالي كانت تدفع الدول الصغرى متجنبةً الدخول مباشرة في هذه المواجهة، وذلك لإنقاذ العالم من احتمال المواجهة النووية الانتحارية. ولم يتغير هذا الموقف كثيراً بعد نهاية الحرب الباردة.

وهناك عامل إضافي في الحالة السورية، نادراً ما تناولته وسائل الإعلام، حيث لاحظنا أخيراً اشتداد هجمات الطيران الإسرائيلي، والذريعة المعلنة لذلك هي وقف التمدد الإيراني، لكن هذا التمدد ليس جديداً وليس في أشد مراحله حالياً، لذا فالسبب الحقيقي هو اختبار الأسلحة المصنًّعة حديثاً. فإسرائيل تختبر طائرات F-16 وF-25 وما أضافته عليها من تطويرات، بينما تختبر روسيا فعالية أسلحتها الجوية وكيفية تطويرها. كل هذا على الأراضي السورية، حيث يدفع الشعب السوري الثمن الباهظ. سوريا حالياً أصبحت تطبيقاً على الأرض للمثل الأفريقي: عندما تتصارع الأفيال، فإن الأعشاب هي التي تدفع الثمن.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد