أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

هسبريس:

صعود صيني .. هذه حدود التغيير في توازنات القوى النووية في العالم

08 يونيو، 2023


ثمة تغييرات في حالة التوازن النووي بين القوى الكبرى في العالم، إذ تبرز الصين كقوة نووية استراتيجية عظمى، مع ذلك لا تزال قوى نووية أخرى تعمل على تطوير وتوسيع وضعيتها ومخزوناتها النووية في هذا المجال مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكوريا الشمالية، وإيران، والهند، وباكستان.

في هذا الإطار، تُقدم الدراسة المعنونة بـ: “التوازن النووي العالمي: القوى النووية والاتجاهات الرئيسية في التحديث النووي” لأنتوني كوردسمان، والصادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في إبريل 2023، لمحة عامة عن التخطيط الأخير للقوات الأمريكية والبيانات الاستخباراتية حول القوات النووية الأمريكية والتهديدات الروسية والصينية، وتُقارن التقديرات الموجزة للقوى النووية العالمية الصادرة من قبل المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، واتحاد العلماء الأمريكيين، ومجلة علماء الذرة، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وغيرها.

ردع أمريكي:

ذكرت «نشرة علماء الذرة» أنه في بداية عام 2023، احتفظت وزارة الدفاع الأمريكية بمخزون يقدر بنحو 3708 رؤوس نووية يمكن تركيبها بالصواريخ البالستية والطائرات، وتشير التقديرات إلى أنه تم نشر حوالي 1770 رأساً حربياً حالياً، منها حوالي 1370 رأساً حربياً استراتيجياً مثبتة على صواريخ بالستية و300 أخرى في قواعد قاذفات استراتيجية في الولايات المتحدة، كما تم نشر 100 قنبلة تكتيكية إضافية في القواعد الجوية في أوروبا، ويتم تخزين الرؤوس الحربية المتبقية – حوالي 1938 – كوسيلة للتحوط ضد المفاجآت التقنية أو الجيوسياسية.

وبالإضافة إلى الرؤوس الحربية الموجودة في مخزون وزارة الدفاع، هناك ما يقرب من 1536 رأساً حربياً أحيلت للتقاعد – لكنها لا تزال سليمة – وتنتظر التفكيك، مما يعطي مخزوناً أمريكياً إجمالياً يقدر بنحو 5244 رأساً حربياً.

وتشير خطة التحولات الأمريكية في الاستراتيجية والقوى النووية بدءاً من أكتوبر 2022 إلى عدة نقاط من بينها ضرورة اعتماد نهج ردع متكامل يعمل على الاستفادة من القدرات النووية وغير النووية لتكييف الردع في ظل ظروف محددة، مع إنشاء وصيانة منظومات الإطلاق النووي الاستراتيجية والأسلحة المنشورة امتثالاً للقيود المركزية لمعاهدة «نيو ستارت»، طالما ظلت سارية، إلى جانب مواصلة نشر الثالوث النووي (قدرة الولايات المتحدة على الردع والهجوم النوويين عن طريق البر والبحر والجو)، وتنفيذ برامج لتحديث كل من اتفاقية التعاون الدفاعي للولايات المتحدة، ومخزون الأسلحة النووية، وهيكل نظام القيادة والتحكم والاتصالات النووي (NC3)، والبنية التحتية لإنتاج الأسلحة.

تحديث روسي:

قدَّرت «نشرة علماء الذرة» أن روسيا تملك نحو 5977 رأساً حربياً، ويشير ملخص تحليل التهديد لعام 2023 الذي أعده مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إلى أن روسيا تواصل توسيع وتحديث قدرات أسلحتها النووية، حيث تستمر في تطوير أنظمة صاروخية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، وأنظمة إطلاق تحت الماء تهدف إلى اختراق الدفاعات الصاروخية الأمريكية أو تجاوزها.

وجاء في بيان القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة عن الوضع النووي لروسيا عام 2023 إن روسيا تواصل اختبارات التحليق لصاروخها البالستي العابر للقارات الجديد «SS-X-29 Sarmat»، مع خطط لبدء تشغيله في عام 2023، كما تواصل روسيا أيضاً نشر غواصات جديدة للصواريخ البالستية من طراز «Dolgorukiy»، مسلحة بصواريخ «SS-N-32 Bulava» الجديدة، وغواصات صواريخ “كروز” من فئة «Severodvinsk»، وتمتلك روسيا الآن أنظمة صواريخ فرط صوتية ذات قدرات نووية مثل «Avangard HGV»، وصاروخ “كروز” للهجوم الأرضي «Tsirkon»، والصاروخ «Kinzhal» الذي يطلق من الجو.

توسع صيني:

أشار تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية بشأن التطورات النووية للصين في عام 2022 إلى أن الصين تستثمر في منصات الإطلاق النووية البرية والبحرية والجوية وتتوسع فيها، حيث تقوم ببناء البنية التحتية اللازمة من مفاعلات توليد سريعة ومرافق إعادة المعالجة.

وفي عام 2021، ربما زادت بكين من سرعة توسعها النووي؛ حيث تقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن مخزون الرؤوس الحربية النووية الجاهزة قد تجاوز 400، وإذا واصلت الصين وتيرة توسعها النووي، فمن المرجح أن تمتلك مخزوناً من حوالي 1500 رأس حربي بحلول عام 2035.

وتجري الصين دوريات ردع مستمرة في البحر من خلال غواصاتها الست للصواريخ البالستية من طراز «JIN (Type 094)»، والمجهزة لحمل ما يصل إلى 12 صاروخاً من طراز «JL-2» أو «JL-3»، كما تعمل الصين بسرعة على إنشاء حقول الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب وتنطلق من داخل صوامع تحت الأرض، والتي من المحتمل أن يكون مجموعها أكثر من 300 صومعة قادرة على نشر صواريخ بالستية عابرة للقارات من طراز «DF-31» و«DF-41».

مراجعة بريطانية:

أفادت مكتبة مجلس العموم البريطاني أن المراجعة المتكاملة لعام 2021 أعلنت أنه سيتم رفع الحد الأقصى للمخزون النووي في المملكة المتحدة، وأن المعلومات المتعلقة بالمخزون التشغيلي والصواريخ المنشورة والرؤوس الحربية المنشورة لن تكون متاحة بعد الآن، ويبلغ المخزون النووي للمملكة المتحدة حالياً 225 رأساً حربياً، وبموجب المراجعة المتكاملة لعام 2021، سيزيد الحد الأقصى للمخزون النووي إلى ما لا يزيد عن 260 رأساً حربياً.

وأكدت المراجعة الحكومية المتكاملة للأمن والدفاع والتنمية والسياسة الخارجية، التي نُشرت في 16 مارس 2021، أن الأسلحة النووية لن تُستخدم إلا في “الظروف القصوى للدفاع عن النفس”، وأن المملكة المتحدة “لن تستخدم أو تهدد باستخدام الأسلحة النووية ضد أي دولة غير حائزة للأسلحة النووية طرف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”، ولكن ذلك لا ينطبق على أي دولة تنتهك المعاهدة.

انتشار فرنسي:

أفاد مركز الحد من التسلح وعدم الانتشار النووي عام 2020 بأن التقديرات تشير إلى أن فرنسا تمتلك 290 سلاحاً نووياً، منها 280 سلاحاً منتشرة، ويُعتقد أن الأسلحة المتبقية في الصيانة أو التخزين، ويتم نشر الغالبية العظمى من هذه الأسلحة، أو ما يقرب من 240، من قبل البحرية الفرنسية، التي تحافظ على وجود مستمر في البحر عبر غواصاتها التي تعمل بالطاقة النووية.

تحتفظ فرنسا بـ40 طائرة متمركزة على الأرض و10 طائرات متمركزة على حاملات الطائرات لإطلاق صواريخ «كروز» تسمى «ASMP» من الجو، وهناك 40 رأساً حربياً نووياً حرارياً متاحاً للقوات الجوية الاستراتيجية الفرنسية و10 رؤوس حربية متاحة لقوة الطيران النووية بالبحرية الفرنسية.

وتمتلك البحرية الفرنسية نوعين من الصواريخ البالستية التي تُطلق من الغواصات، وهما «M51.1» و«M51.2»، ويبلغ مدى كلا الطرازين أكثر من 9 آلاف كيلومتر، كما يمكن أن تحمل كل غواصة 16 صاروخاً من طراز «M51»، ويُعتقد أن كلاً منها تحمل خمسة إلى ستة رؤوس حربية، وسيتم استبدال غواصات الصواريخ البالستية من طراز «Triomphant» في العقدين المقبلين بالطراز «SNLE-3G».

تعزيزات كورية:

ذكر ملخص تحليل التهديد لعام 2023 الذي أعده مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون لا يزال ملتزماً بقوة بتوسيع ترسانة الأسلحة النووية في البلاد، والحفاظ على الأسلحة النووية باعتبارها حجر الزاوية في هيكل الأمن القومي الخاص به.

واستمرت أبحاث وتطوير الصواريخ البالستية ذات القدرات النووية في كوريا الشمالية بعدد غير مسبوق من عمليات إطلاق الصواريخ في عام 2022، ويوضح التطوير المستمر للصواريخ البالستية بمختلف أنواعها عزم كوريا الشمالية على تعزيز القدرة على إطلاق الأسلحة النووية، كما تعمل البلاد على تطوير قدرات جديدة مثل الصواريخ الفرط صوتية، ومركبات إعادة الدخول المتعددة المستهدفة بشكل مستقل (MIRV)، كما أن صاروخها البالستي الجديد العابر للقارات «Hwasong-17» لديه القدرة على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، وتعمل كوريا الشمالية أيضاً على تنويع منصات الإطلاق.

تسارع إيراني:

يشير ملخص تحليل التهديد لعام 2023 الذي أعده مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إلى أن النظام الإيراني انخرط في محادثات مفصلة على مدار العام الماضي نحو تجديد الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أن عدم ثقة المسؤولين الإيرانيين المتشددين في واشنطن، وشكوكهم في أن الولايات المتحدة ستحقق أو تحافظ على أي فوائد من تجديد الاتفاق أعاقا التوصل إلى اتفاق نهائي.

وقد سارعت إيران منذ اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في نوفمبر 2020 بتوسيع برنامجها النووي، وذكرت أنها لم تعد مقيدة بأي قيود من الاتفاق النووي، وأجرت أنشطة بحث وتطوير من شأنها أن تجعلها أقرب إلى إنتاج المواد الانشطارية من أجل إنتاج سلاح نووي فور صدور قرار بذلك، وإذا لم تحصل طهران على تخفيف للعقوبات المفروضة عليها، فمن المحتمل أن يفكر المسؤولون الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90%.

إن عمل إيران على مركبات الإطلاق الفضائي (SLVs) – بما في ذلك الصاروخ «Simorgh» – يقصر الفترة الزمنية لإنتاج صاروخ باليستي عابر للقارات إذا قررت طهران ذلك لأن مركبات الإطلاق الفضائي والصواريخ البالستية العابرة للقارات تستخدم تقنيات متماثلة.

تطوير هندي:

تشير تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا إلى أن الهند تمتلك أنواعاً مختلفة من الصواريخ التي يمكنها حمل رؤوس نووية، بما في ذلك صواريخ أرض – أرض تشمل الصواريخ البالستية قصيرة المدى «Agni I» و«SS-250 Prithvi II»، والصواريخ البالستية متوسطة المدى «Agni II/III»، إلى جانب الصواريخ التي تطلق من البحر مثل «K-15» و«Dhanush».

ذكرت «نشرة علماء الذرة» أن الهند لديها مخزون إجمالي يبلغ 160 رأساً حربياً، وأنها تمتلك طائرات يمكنها القيام بأدوار الضربات النووية مثل «Mirage 2000 H» و«Jaguar IS»، ومن المحتمل أن يتم تحويل طائرات «Rafale» لتأدية دور مماثل في المستقبل.

وتعمل الهند على تطوير عدة أنواع من الصواريخ البالستية، بما في ذلك «Agni-P» و«Agni-IV» و«Agni-IV» و«Agni-V»، و«Agni-VI»، والتي من المتوقع أن تدخل الخدمة في السنوات القليلة المقبلة، وقد أطلقت الهند ثلاث غواصات للصواريخ البالستية، ولكن يُعتقد أن واحدة فقط «INS Arihant» دخلت الخدمة بدءاً من مايو 2022.

احتمال باكستاني:

قدَّرت «نشرة علماء الذرة» خلال الفترة 2021-2022 أن لدى باكستان مخزوناً من الأسلحة النووية يبلغ حوالي 165 رأساً حربياً، ويمكن أن يزداد هذا المخزون بشكل أكبر خلال السنوات العشر المقبلة في ظل وجود العديد من أنظمة الإطلاق الجديدة قيد التطوير، وأربعة مفاعلات لإنتاج البلوتونيوم، والبنية التحتية المتوسعة لتخصيب اليورانيوم، وسيعتمد حجم هذه الزيادة المتوقعة على عدة عوامل، بما في ذلك عدد منصات الإطلاق ذات القدرات النووية التي تخطط باكستان لنشرها، وكيفية تطور استراتيجيتها النووية، ومقدار نمو ترسانة الهند النووية.

إن التكهنات بأن باكستان قد تصبح ثالث أكبر دولة نووية في العالم – مع مخزون من حوالي 350 رأساً حربياً بعد عقد من الآن – مبالغ فيها، وواقعياً يمكن أن ينمو مخزون البلاد إلى حوالي 200 رأس حربي بحلول عام 2025 إذا استمر الاتجاه الحالي.

*لينك المقال في هسبريس*