أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

ضغوط متزايدة:

المسارات الحالية لتطوير حقل بارس الجنوبي للغاز في إيران

22 يونيو، 2020


تضع وزارة النفط الإيرانية على قائمة أولوياتها تطوير حقل بارس الجنوبي، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، لتلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة على الخام، وتوفير فوائض أكبر تتيح الحفاظ على قدراتها التصديرية للأسواق المجاورة. وتمضي إيران في تطوير الحقل من خلال 24 مرحلة انتهت من تنفيذ بعضها بالفعل، ويجري استكمال المراحل الأخرى، غير أنها تواجه صعوبات جمة في هذا الشأن بسبب ضعف الإمكانات التكنولوجية والمالية التي تزايدت مع فرض العقوبات الأمريكية في أواخر 2018، علاوة على أزمة "كورونا" التي تسببت في عرقلة النشاط الاقتصادي بشكل عام. 

طموح متواصل:

تعمل إيران على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي من أجل تلبية الاحتياجات المتنامية على الخام بالسوق المحلية مع النمو السكاني والنشاط الصناعي المتزايد. وفي السنوات العشر الأخيرة (في الفترة من 2010 إلى 2019)، شهد استهلاك إيران من الغاز نمواً سنوياً مركباً بنسبة 5.4% ليصل إلى 223.6 مليار متر مكعب بنهاية العام الماضي.

ومن أجل تغطية الطلب المتنامي محلياً، سعت طهران بشكل وثيق لتطوير إنتاجية حقولها القائمة وفي صدارتها حقل بارس الجنوبي. ووضعت وزارة النفط الإيرانية على قائمة أولوياتها تطوير هذا الحقل الذي يقع على مساحة 3700 كيلومتر لما يحتويه من موارد واسعة تصل إلى نحو 14 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي بحسب التقديرات الإيرانية. كما يذكر أنها ترغب في تطوير حقول أخرى على غرار بلال وفرزاد وكيش وغيرها.

ولا تقتصر أهمية تنمية موارد الحقل على تلبية احتياجات السوق المحلية وإنما تمتد أيضاً إلى الحفاظ على قدراتها التصديرية دون تأثير مع نمو الاستهلاك المحلي في المستقبل القريب. وفي عام 2019، صدّرت إيران نحو 16.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى الأسواق المجاورة على غرار العراق وتركيا.      

جهود التطوير:

على مدار أكثر من عقد، دشنت إيران نحو 24 مرحلة لتطوير إنتاج حقل بارس الجنوبي، عملت من خلالها على حفر مزيد من الآبار بالحقل وتركيب منصات إضافية لاستخراج كميات إضافية من الغاز الطبيعي والمكثفات. والآن، ينتج الحقل نحو 750 مليون متر مكعب يومياً وتنوي طهران زيادتها قبل نهاية السنة المالية الحالية (في 20 مارس 2021) إلى نحو مليار متر مكعب يومياً. 

وفي عام 2017، تعاقدت إيران مع شركتين أجنبيتين هما توتال الفرنسية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية للنفط للقيام بتطوير المرحلة 11 من الحقل، وهى أكثر المراحل تعقيداً، حيث تنطوي على حفر 30 بئراً جديداً بالإضافة إلى تركيب منصتى إنتاج بهدف زيادة الإنتاج بنحو 56 مليون متر مكعب من الغاز يومياً بالإضافة إلى 75 ألف برميل يومياً من مكثفات الغاز.

إلا أن الشركتين انسحبتا من المشروع في العامين الماضيين مع فرض العقوبات الأمريكية على طهران، ولتتولى شركة بتروبارس الإيرانية بمفردها تطوير المرحلة 11 بالحقل، وبدأت بالفعل في الفترة الأخيرة تنفيذ بعض الأعمال المرتبطة بعمليات الحفر. كما تواصل شركات إيرانية أخرى استكمال المراحل التطويرية (13، 14، 22، 24) بحسب تصريح محمد مشكين فام المدير التنفيذي لشركة بارس للنفط والغاز الحكومية في 9 يونيو الجاري. 

واللافت للانتباه أنه على الرغم من انتهاء إيران رسمياً من المراحل 17 و18 و19 و20 و21، غير أنها لم تحقق المردود المنتظر منها بشكل كامل. وهنا، يمكن الإشارة، على سبيل المثال، إلى أن المرحلة 21 تنتج حوالي 35 مليون متر مكعب يومياً حالياً، وهو أقل بنسبة الثُلث من المعدل المستهدف للإنتاج بنحو 51 مليون متر مكعب يومياً، ما يكشف قصوراً كبيراً في عمليات تطوير الحقل. 

تحديات قائمة: 

يواجه تطوير حقل بارس الجنوبي في إيران تحديات عديدة تزايدت مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران في أواخر عام 2018، يتمثل أولها في ضعف الإمكانات التكنولوجية التي تمتلكها شركات النفط والغاز الإيرانية المسئولة عن تطوير الحقل، على نحو أدى إلى ظهور مشاكل فنية في عمليات الإنتاج على غرار زيادة الضغوط في آبار الحقل.

وفي هذا السياق، صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 21 مايو الماضي قائلاً: "رحيل الشركات الأجنبية أدى إلى تأخر توسعة وتطوير المرحلة الـ11 من حقل بارس الجنوبي للغاز.. التأخير أدى إلى زيادة الضغط في الآبار وحقيقة أنه كان من الأسهل الوصول إليها مع الشركات الفرنسية والصينية، لكنهم غادروا".

فيما ينصرف ثانيها إلى العقوبات الأمريكية التي جعلت من الصعب على إيران استيراد المعدات ومنصات الحفر اللازمة للقيام بمشاريع تطوير الحقل بكفاءة. وبحسب بعض التقديرات، فهناك ما لا يقل عن 40 منصة من نحو 160 منصة حفر في إيران لا تزال معطلة عن العمل أو قيد الإصلاح بسبب صعوبات استيراد قطع الغيار. وبجانب السابق، تعاني إيران من أزمة مالية خانقة منذ أشهر طويلة قد تُقوِّض تطوير الحقل على النحو المطلوب. 

أما ثالثها فيتعلق بأزمة "كورونا"، حيث اضطرت إيران، في الفترة الماضية، بهدف الحد من انتشار الفيروس، إلى إغلاق بعض الأنشطة الاقتصادية في البلاد وبما تسبب في اضطراب واضح في عمليات الإنتاج وأسواق العمالة، وفاقم من الأزمة الاقتصادية، وكان له تأثير واضح على عمليات تطوير الحقل. وفي مايو الماضي، أقرت شركة بارس للنفط والغاز الإيرانية بحدوث تباطؤ في عمليات الحفر وتركيب المنصات في المرحلة 13 بسبب أزمة "كورونا"، وقد يمتد تأثيرها إلى باقي المراحل لفترة طويلة.

وختاماً، يمكن القول إن إيران تواجه ظروفاً غير مسبوقية في ظل أزمة "كورونا" بجانب العقوبات الأمريكية، على نحو قد يؤدي إلى تباطؤ ملحوظ في أعمال تطوير حقل بارس الجنوبي خلال الفترة المقبلة.