أصبحت المسألة السكانية أكثر ضغطاً في الآونة الأخيرة مع بروز الحديث عن النمو السالب في عدد السكان أو النمو المعكوس لسكان بعض الدول (De-population)؛ خاصة تلك المتقدمة وفي العالم الغربي على وجه التحديد، وكذلك ارتباط هذه الاتجاهات بالأزمات الأخرى التـي يمر بها العالم مثل "الأوبئة" و"التغير المناخي" وتراجع النمو الاقتصادي والصراعات وتأثيرات التقدم التكنولوجي. ولا شك أن مخاطر "الأزمة السكانية" المحتمل في الكثير من دول العالم لا تقف عند "التداعيات الاجتماعية" بل تتجاوزها لتؤثر على مؤشرات القوة الاقتصادية والعسكرية والثقافية للدول.
من خلال قراءة مؤشرات نمو السكان خلال القرن الحالي، فإن بعض الدول مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان تعاني من عدم القدرة على "الإحلال" وهو ما يهدد قدرتها الاقتصادية على المدى البعيد. في الوقت نفسه، فإن الصين، العملاق الاقتصادي والسكاني، ستشهد انخفاضاً حاداً في عدد سكانها في نهاية القرن، في الوقت الذي ستحافظ الولايات المتحدة فيه على معدلات نموها، في حال استمرار سياسات الانفتاح على الهجرة. وكذلك الهند ستعاني من تناقص معدلات النمو بشكل أقل حدة من قوى دولية أخرى مثل روسيا والصين.
على العكس من هذا الاتجاه، فإن منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب عدة مناطق في العالم النامي، ستستقر معدلات نموها السكاني. وفيما سيتراجع نمو عدة بلدان في المنطقة وعلى رأسها إيران وتركيا، فإن الدول العربية في الإقليم ستزداد سكاناً، وبعضها سيتضاعف عدد سكانه. وهو ما يعنـي أن الغلبة السكانية في الإقليم ستكون للعالم العربي خاصة في بلدان مثل مصر والعراق وسوريا والجزائر، فيما ستستمر إسرائيل في المنافسة السكانية مع جيرانها. وسيكون الاستثناء العربي الوحيد هو لبنان التـي ستشهد تناقصاً في عدد السكان. أما دول الخليج العربي، فستحقق معدل نمو سكاني متباطئ لكنه سيكون أعلى من معدل النمو العالمي.