أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

خطة "شي":

كيف تُفكر الصين في تصحيح مبادرة "الحزام والطريق"؟

02 نوفمبر، 2023


عقدت الصين، يومي 17 و18 أكتوبر 2023، النسخة الثالثة لقمة طرق الحرير الجديدة، أو ما تُطلق عليه بكين "منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي"، بمشاركة ممثلين عن أكثر من 130 دولة ومنظمة دولية، ولاسيما من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعلى رأسهم عدد من القادة والزعماء الأجانب، من أبرزهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كضيف شرف للمنتدى، الذي تزامن تنظيمه مع ذكرى مرور عقد من الزمن على إطلاق الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لمبادرته الطموحة "الحزام والطريق" في عام 2013. وهذا ما يطرح التساؤل حول مدى نجاح الصين في ضخ زخم جديد في تلك المبادرة، وهو ما سيتم تناوله عبر رصد وتحليل دوافع قيام بكين بعقد هذا المنتدى، خصوصاً في ضوء التحديات العديدة التي واجهت مبادرة الحزام والطريق، وكيفية تعامل الصين مع هذه التحديات، وانعكاساتها على مستقبل المبادرة في عقدها الثاني.

دوافع صينية:

هناك عدة أسباب دفعت الصين إلى عقد "منتدى طرق الحرير الجديدة"، وذلك بعد فترة طويلة من التوقف عن استضافة الأحداث والفعاليات الدولية بالحضور الشخصي، نتيجة إغلاق حدودها أمام الزوار الأجانب، على خلفية جائحة "كورونا". ولعل من أبرز هذه الأسباب ما يلي:

1- تحديد خريطة طريق للمبادرة في عقدها الثاني: هدفت الصين، من وراء استضافة المنتدى، إلى رسم وتحديد المسار المستقبلي لمبادرة الحزام والطريق في العقد الثاني من عمرها، في ضوء ما حققته من إنجازات ومكاسب ملموسة لبكين والدول المشاركة فيها، وما واجهته من انتقادات وتحديات. وبالتالي، فقد مثّلت النسخة الثالثة للمنتدى حدثاً مهماً لتقييم ومراجعة أداء المبادرة وتحديد أهدافها المستقبلية. فوفقاً لـ"وثيقة بيضاء" أصدرتها بكين في أكتوبر 2023، ستظل مبادرة الحزام والطريق باعتبارها "الخطة الشاملة للصين وتصميمها عالي المستوى للانفتاح والتعاون الدولي"، وأكدت الوثيقة أيضاً أن "الصين مستعدة لزيادة مدخلاتها من الموارد في التعاون العالمي"، و"ستعمل على تحقيق صوت أكبر للاقتصادات الناشئة والدول النامية في الحوكمة العالمية".

2- محاولة طرح نظام اقتصادي عالمي بديل: تُعارض الصين النظام الاقتصادي العالمي الراهن الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، والذي يرتكز على الحمائية والأحادية والهيمنة. وبالتالي، تعمل بكين على طرح رؤية بديلة لنظام اقتصادي عالمي يستند إلى التعاون، وهو ما حاول الرئيس شي تأكيده أمام المنتدى، بوصفه المبادرة التي يتبناها بأنها بديل شامل للنظام العالمي الذي تقوده واشنطن.

ولم يكن مستغرباً في سياق هذه الرؤية، أن يكرر الرئيس شي انتقاداته لما أسماه نهج العقوبات أحادية الجانب، والتنافس الجيوسياسي، وسياسات التكتلات؛ وذلك في إشارة ضمنية إلى السياسات الأمريكية تجاه بكين خلال الفترة الأخيرة، والتي تُعد، في رأي واشنطن، وسيلة للحد من المخاطر، في حين تنظر إليها بكين على اعتبار أنها تهدف إلى إعاقة تنميتها وصعودها. وهذه الرؤية عبّرت عنها أيضاً "الوثيقة البيضاء" التي وصفت فيها بكين مبادرة الحزام والطريق بأنها بديل للنموذج الاقتصادي العالمي الحالي الذي "تهيمن عليه بضع دول".

3- منح المنتدى طابعاً مؤسسياً: كان من المفترض أن يجري عقد "منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" بانتظام، بما يُضفي عليه الطابع المؤسسي، وذلك بعد عقد نسختيه الأولى في مايو 2017، والثانية في إبريل 2019، بيد أن تبني الصين لسياسة إغلاق صارمة أطلقت عليها "صفر كوفيد"، ترتب عليه عدم عقد النسخة الثالثة من المنتدى في موعدها. وبعد إعادة الصين فتح حدودها مع العالم الخارجي، أعلنت عن استضافتها هذه النسخة من المنتدى في العام الجاري. وبهدف إضفاء الطابع المؤسسي على المنتدى، طرح الرئيس شي، في خطابه أمام المنتدى، مبادرة تعزيز البناء المؤسسي للتعاون الدولي في إطار الحزام والطريق، مُعلناً استمرار الصين في استضافة "منتدى طرق الحرير الجديدة" وإنشاء سكرتارية عامة له.

4- تعزيز مكانة الصين كقوة رائدة على الساحة العالمية: تعمل الصين، من خلال استضافتها لهذا الحدث السياسي والاقتصادي الدولي المهم، على تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، ولاسيما إظهار قدرتها على جمع عدد كبير من قادة وزعماء الدول والحكومات من معظم قارات العالم على أرضها، بما يعكس مكانتها كدولة كبرى تحظى مواقفها وسياساتها وما تطرحه من مبادرات عالمية كبرى بتأييد وقبول غالبية أعضاء المجتمع الدولي. كما حرصت بكين، من خلال تنظيم المنتدى، على تأكيد المكانة المهمة للرئيس شي، باعتباره "مهندس" مبادرة الحزام والطريق، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها المشروع المفضل للزعيم الصيني، ورمزاً رئيسياً لقيادته ورؤيته. كذلك، حرصت بكين، من خلال استضافة المنتدى، على إظهار دورها ومكانتها كقائدة للدول النامية والجنوب العالمي، بالإضافة إلى إظهار نفوذها ومكانتها على المسرح العالمي، وحشد الدعم لمبادرتها مع تزايد المنافسة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

تحديات المبادرة:

على الرغم من المكاسب والفوائد العديدة التي حققتها مبادرة الحزام والطريق لطرفيها الرئيسيين (الصين والدول المشاركة فيها)، فقد واجهت طيلة العقد الماضي انتقادات وتحديات عدة، ترتب عليها تراجع الزخم الذي أحاط بالمبادرة عند إطلاقها. ويمكن رصد أبرز هذه التحديات في النقاط التالية:

1- انكماش الاقتصادين العالمي والصيني: ترتب على الانكماش الاقتصادي العالمي في أعقاب جائحة "كورونا"، إثارة الجدل بشأن جدوى مبادرة الحزام والطريق، والاستدامة الاقتصادية للعديد من مشروعاتها، فضلاً عن مدى قدرة العديد من البلدان المستفيدة من المبادرة على سداد ديونها. كما أدت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية إلى توقف حركة قطارات الشحن بين الصين ودول أوروبا، وتوقف العمل في مشروعات الحزام والطريق بمعظم دول الاتحاد الأوروبي.

وفي السياق ذاته، أدى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني إلى تراجع نشاط بكين في دول مبادرة الحزام والطريق خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 40%، مقارنة بذروة هذا النشاط في عام 2018. وقد مثّل تفشي جائحة "كورونا" أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع، إذ تسببت الجائحة في الحد من قدرة الشركات والأموال الصينية على الاتجاه إلى الخارج. 

2- دبلوماسية "فخ الديون": ترى الولايات المتحدة والدول الغربية أن مبادرة الحزام والطريق أدت إلى تراكم الديون على الدول الفقيرة، ما جعلها تعجز عن سداد ديونها للصين. إذ أشار تقرير أعده خبراء في جامعة بوسطن الأمريكية إلى وقوع العديد من الدول المستفيدة من القروض الصينية فريسة للإفراط في المديونية، معتبراً أن الديون الصينية تمثل نسبة كبيرة من الديون الخارجية لهذه الدول. كذلك أشارت تقارير إعلامية غربية إلى أن القروض الضخمة الموجهة لتمويل مشروعات المبادرة أثقلت كاهل البلدان الفقيرة بديون كبيرة، مما أدى في بعض الحالات إلى سيطرة الصين على تلك الأصول. ولطالما دحضت بكين بشدة التهم الموجهة إليها بهذا الصدد، مؤكدة أنها لا تفرض أي شروط سياسية على اتفاقيات القروض مع الدول المشاركة في المبادرة.

3- المبادرات المنافسة لطرق الحرير الجديدة: واجهت مبادرة الحزام والطريق، خلال السنوات القليلة الماضية، تحدياً جوهرياً تجسد في قيام العديد من القوى الإقليمية والدولية المنافسة للصين بطرح مبادرات أخرى مناهضة ومنافسة لنظيرتها الصينية، وذلك في إطار التنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة، ومحاولة عرقلة التقدم الذي حققته بكين من خلال طرق الحرير الجديدة.

ومن أحدث هذه المبادرات، تلك التي طُرحت على هامش قمة مجموعة العشرين التي عُقدت بنيودلهي، في سبتمبر 2023، وتتضمن إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، بهدف زيادة التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي. وربما يؤدي هذا الممر، في حال تنفيذه، إلى تعزيز العلاقات التجارية بين شركاء واشنطن في الشرق الأوسط ونيودلهي بدلاً من بكين، علاوة على اختصار طريق التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40%، بالإضافة إلى تقديم بديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية. ومع ذلك، تظل التساؤلات مطروحة بشأن تمويل الممر الجديد والجدول الزمني للتنفيذ والقدرة على الاستمرارية.

4- التشكيك الغربي في دوافع المبادرة: في مقابل الترحيب الكبير الذي حظيت به مبادرة الحزام والطريق من جانب الدول النامية، فإنها قُوبلت بالتشكيك في دوافعها من جانب بعض القوى الدولية، ومنها الولايات المتحدة والهند والدول الأوروبية، والتي نظرت إلى المبادرة باعتبارها أداة لتوسيع النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي العالمي للصين. كما شهدت الفترة الماضية تشدداً ملحوظاً في مواقف الدول الغربية تجاه الصين، دفع بعضها إلى التفكير في الانسحاب من المبادرة. والمثال البارز هنا إيطاليا، وهي الدولة الوحيدة من مجموعة السبع التي انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2019، وتدرس الانسحاب منها بحلول نهاية العام الجاري، لكونها لم تحقق لروما النتائج المرجوة. وترى بكين أن الانتقادات الموجهة إلى المبادرة تحمل تحيزاً مناهضاً للصين ورغبة في احتواء صعودها، في حين تتجاهل ما تقول إنها نيات حسنة حقيقية.

دلالات المنتدى:

عكست النسخة الثالثة من "منتدى طرق الحرير الجديدة" التي استضافتها بكين، العديد من الدلالات، يمكن الإشارة إلى أبرزها في النقاط التالية:

1- فك العزلة الدولية المفروضة على بوتين: دعت بكين الرئيس بوتين كضيف شرف لحضور النسخة الثالثة من "منتدى طرق الحرير الجديدة"، في خطوة وصفت بأنها محاولة من جانب الرئيس شي، ليس فحسب لفك العزلة الدولية عن بوتين، وإنما أيضاً لدعم حليفته موسكو اقتصادياً ودبلوماسياً في ظل العزلة الدولية المفروضة عليها على خلفية حربها في أوكرانيا.

2- انخفاض مستوى الحضور الدولي رفيع المستوى: بخلاف النسختين السابقتين للمنتدى واللتين عُقدتا في عامي 2017 و2019، واتسمتا بحضور كبير نسبياً على مستوى قادة ورؤساء الدول والحكومات، فإنه يُلاحظ أن النسخة الأخيرة من المنتدى شهدت تراجعاً لافتاً في التمثيل على مستوى قادة ورؤساء الدول والحكومات، والذين جاء معظمهم من الأسواق النامية في جنوب وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. إذ شارك فيها ما يزيد عن 20 رئيس دولة وحكومة، بما فيها المشاركة الصينية، وهو ربما يؤشر على تراجع الاهتمام بالمبادرة. كما بدا لافتاً مشاركة وزير التجارة في حكومة طالبان الأفغانية، الحاج نور الدين عزيزي، في خطوة عكست تنامي العلاقات الرسمية بين بكين وطالبان في الآونة الأخيرة. وعلى الرغم من هذا الانخفاض في مستوى الحضور رفيع المستوى، فإن مبادرة الحزام والطريق ما تزال تحظى بالدعم من قِبل دول الجنوب العالمي، خاصة أن بكين تعمل على تعزيز دور الجنوب العالمي كثقل موازن للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

3- تجاهل الإشارة إلى التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني: بدا لافتاً أن كلمتي الرئيسين شي وبوتين، وكذلك باقي كلمات رؤساء الدول والحكومات، خلال افتتاح المنتدى، تجاهلت التطرق إلى الحرب الدائرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. واقتصرت الإشارة إلى الحرب على كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. ويمكن تفسير تجاهل التطرق إلى الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وكذلك الصراع في أوكرانيا، خلال فعاليات المنتدى، بتركيز مبادرة الحزام والطريق على دعم العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والدول المشاركة في المبادرة، وعدم تناولها أي جوانب سياسية، في ظل رغبة بكين في عدم التدخل في الشؤون السياسية للدول، وأن تظل على حيادها في التعامل مع الأزمات الدولية المختلفة.

خريطة طريق:

للتعامل مع الصعوبات والعقبات العديدة التي تحد من تأثير مبادرة الحزام والطريق في تحقيق النتائج المأمولة منها، طرح "منتدى طرق الحرير الجديدة" عدة خطوات وإجراءات، تعتزم الصين اتخاذها في المستقبل، لمنح المبادرة زخماً أكبر واستعادة حيويتها وأهميتها على المستوى العالمي. ويمكن رصد أهم ما تمخضت عنه النسخة الأخيرة للمنتدى من مخرجات بهذا الصدد في النقاط الرئيسية التالية:

1- إعلان خطة عمل جديدة لمبادرة الحزام والطريق: اقترح الرئيس شي، في افتتاح المنتدى، مبادرة تتألف من ثماني نقاط لتفعيل مبادرة طرق الحرير الجديدة، يرتبط العديد منها بشكل وثيق بأهداف بكين المتمثلة في تحقيق نمو "عالي الجودة" على المدى الطويل. وتتمثل هذه النقاط في إنشاء ممر لوجستي جديد عبر أوروبا وآسيا يتم ربطه من خلال النقل المباشر عبر السكك الحديدية والطرق البرية، وإنشاء "منطقة التجارة الإلكترونية لطريق الحرير" وإبرام المزيد من اتفاقيات التجارة الحرة ومعاهدات الاستثمار، والتعهد بتمويل بقيمة 47.8 مليار دولار من بنوك التنمية الصينية، والدفع نحو تعزيز التنمية الخضراء، وإطلاق تعهدات بشأن دفع التطوير العلمي والذكاء الاصطناعي، ودعم المزيد من التبادلات الثقافية والشعبية بما في ذلك التحالف السياحي، والتعهد بمزيد من "التعاون النظيف" لتحسين الشفافية، بالإضافة إلى بذل جهود لإنشاء مؤسسات الحزام والطريق بما في ذلك تأسيس أمانة عامة للمنتدى.

2- طرح حلول لمواجهة التحديات: إدراكاً منها للتحديات التي واجهتها مبادرة الحزام والطريق في العديد من المجالات، خلال العقد الماضي، تعمل الصين على جعل المبادرة أصغر حجماً وأكثر مراعاة للبيئة، مع الابتعاد عن المشروعات الكبرى مرتفعة التكلفة مثل السدود، والتركيز على مشروعات التكنولوجيا الفائقة مثل التمويل الرقمي ومنصات التجارة الإلكترونية. كما أصبحت المبادرة أكثر تركيزاً على قضايا، مثل تغير المناخ، والذكاء الاصطناعي، حيث يسعى الرئيس الصيني إلى توظيف طرق الحرير الجديدة لتصدير الأفكار الصينية حول الحكم وبناء الإجماع حول المعايير الصينية ونموذجها التنموي.

واتضح ذلك في رؤية الرئيس شي، التي طرحها أمام المنتدى، والتي تسير في سياق تدعيم الاتجاهات السابقة، إذ تعهد "بتعميق التعاون في البنية التحتية الخضراء والطاقة والنقل" و"طرح مبادرة عالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي". إذ أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن البلاد ستدفع لإنشاء هيئة تابعة للأمم المتحدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، مضيفة أن بكين تعارض ما ترى أنه "عرقلة خبيثة" لتطوير الذكاء الاصطناعي في الدول الأخرى، في إشارة محتملة إلى جهود إدارة بايدن لمنع تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين.

3- مقترحات روسية لتفعيل المبادرة: أبدى الرئيس الروسي، بوتين، تأييده لرؤية نظيره الصيني، شي، بأن فكرة الحزام والطريق "تندرج بشكل منطقي في إطار الجهود المتعددة الأطراف" لزيادة التعاون العالمي. كما دعا بوتين الدول الأخرى للمشاركة في تطوير طريق بحر الشمال، مقترحاً مشاركة روسيا في مبادرة الحزام والطريق كـ"دولة عبور".

4- رفض دعوات الانفصال عن الصين: حذر الرئيس شي، من الانفصال عن الصين، مُبدياً رفضه للجهود الغربية لتقليل الاعتماد على الاقتصاد الصيني، ومعارضته للعقوبات الأحادية والإكراه الاقتصادي والفصل وتعطيل سلسلة التوريد. ويأتي هذا الموقف الصيني رداً على رغبة الدول الغربية في تنويع سلاسل التوريد التي أصبحت تعتمد بشكل مفرط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم. 

5- تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين: أجرى الرئيسان بوتين وشي، في 18 أكتوبر 2023، محادثات قمة في بكين، على هامش "منتدى طرق الحرير الجديدة". وأكد بوتين أن الصراعات والتهديدات في العالم تعزز العلاقة بين روسيا والصين. ومن جانبه، أشاد شي، بالثقة المتبادلة المتزايدة بين البلدين، داعياً أيضاً إلى بذل جهود صينية روسية لحماية الإنصاف والعدالة الدوليين. وأكدت زيارة بوتين لبكين وقمته مع شي، رؤيتهما المشتركة لنظام دولي جديد لم تعد تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وأخيراً، يمكن القول إن دخول مبادرة طرق الحرير الجديدة في العقد الثاني من عمرها، يمثل نقطة انطلاق جديدة للمبادرة الصينية الطموحة الهادفة لتعزيز التجارة العالمية وربط الصين بمختلف قارات العالم، بما يؤدي إلى تحقيق مكاسب مشتركة لها وللدول المشاركة في المبادرة. وقد أدركت بكين ما واجهته المبادرة من تحديات مختلفة خلال العقد الماضي، ما دفعها إلى العمل على تصحيح مسارها، وطرح الحلول للتحديات التي اعترضت طريقها. وهو ما ينبئ بأن بكين سوف تستمر في تبني المبادرة والترويج لها، باعتبارها ركيزة أساسية لسياستها الخارجية، ومشروعاً طموحاً لزعيمها شي جين بينغ، تم النص عليه في دستور البلاد، علاوة على كونها آلية مهمة لتعزيز نفوذ ومكانة الصين على المسرح الدولي، بالرغم مما تواجهه من رياح معاكسة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، بمبادراتهم المنافسة لنظيرتهم الصينية، والتي يرتبط مستقبلها بمدى نجاحها في تنفيذ الرؤى والأفكار الجديدة المطروحة لمنحها زخماً عالمياً من جهة، ومدى قدرتها على التواؤم مع متغيرات البيئة الدولية والإقليمية شديدة التغيير والتعقيد من جهة أخرى.