أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

"الاستثناء" المغربي:

ثنائية قطبية سياسية بعد الانتخابات البلدية

16 سبتمبر، 2015


بات في حكم المؤكد أن الانتخابات المحلية والبلدية التي شهدتها المملكة المغربية في الرابع من شهر سبتمبر الجاري شكلت منعطفاً جديداً في المشهد السياسي المغربي، لما لهذه الانتخابات من تداعيات مباشرة على طبيعة الأدوار الجديدة للأحزاب السياسية الأكثر شعبية وعلاقاته بالمؤسسة الملكية.

وإذا كان البعض يجد مبررات عدة للحديث عن "الاستثناء المغربي" ودرجة تعاطيه الإيجابي مع رياح الثورات العربية، وتنامي معدلات الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي عرفته المغرب خلال السنوات الأربع الماضية؛ فإن هذه الانتخابات مثلت في حقيقتها المادية والرمزية اختباراً حقيقياً للقوى السياسية المغربية، ومؤشراً دالاً لما ستؤول إليه الأوضاع خلال العام المقبل، والذي سيشهد انتخابات تشريعية من شأن نتائجها أن تقدم الصورة النهائية والمؤطرة  للمشهد السياسي، وموقع حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تلك الخريطة وعلاقته بخصومه السياسيين.

ولأن انتخابات 4 سبتمبر تمت في سياق محلي وإقليمي ودولي تميز بجملة من التحولات التي طالت أداء الأحزاب المحسوبة على تيار الإسلام السياسي عموماً، فقد حظيت بالكثير من المتابعة من قبل المراقبين المحليين والدوليين، فكان الكل ينتظر نتائجها النهائية لرسم سيناريوهات المستقبل السياسي لحزب العدالة والتنمية في علاقته بتجربة أحزاب الإسلام السياسي في السياق السياسي العربي خلال مرحلة ما بعد الثورات العربية.

على المستوى الداخلي تُعد هذه الانتخابات أول استحقاق انتخابي حقيقي بعد التعديلات الدستورية في عام 2011، والتي جاءت تحت ضغط الشارع المغربي الذي رفع حينها شعاراً جديداً هو "الشعب يريد إسقاط الفساد"، واستجاب الملك لهذا المطلب رغبة منه في الخروج من عواصف الثورات بأقل تكلفة ممكنة؛ وهو ذات الدستور الذي جسد مقولة "الاستثناء المغربي"، وأوصل حزب العدالة التنمية ذو التوجه الإسلامي إلى الحكم، ومكن رئيسه عبدالإله بن كيران من تجسيد "مؤسسة رئيس الحكومة"، أو رئيس الحكومة الذي أضحى يتميز بصلاحيات حقيقية وواسعة كانت في السابق من اختصاصات المؤسسة الملكية.

وعلى المستوى الإقليمي مثلت هذه الانتخابات أول اختبار لتقييم مستقبل الأحزاب الإسلامية في العالم العربي، خاصة بعد التراجع الذي أصاب التجربة التونسية وهزيمة حزب النهضة الإسلامي في الانتخابات التشريعية لعام 2014 وحلوله في المرتبة الثانية بعد حزب نداء تونس الذي يُشكل في واقع الأمر نسخة معدلة ومنقحة لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي في تونس خلال مرحلة ما قبل الثورة. وكذا النكسة التي مُني بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد فقدان حزبه (العدالة والتنمية) الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها منذ 13 عاماً في البرلمان. هذا إلى جانب حالة الانحسار التي طالت عمل الإخوان المسلمين في مصر، بعد ثورة 30 يونيو 2013. إضافة بالطبع إلى الحملات الغربية المتأثرة بالصور الذهنية المرسومة للإسلام السياسي السني، عبر أفعال ومواقف تنظيم الدولة الإسلامية، وهي ذات الصورة التي قادت إلى تأسيس وعي غربي جمعي برفض جميع التجارب السياسية الإسلامية بشتى أشكالها وأصنافها.

أرقام ودلالات

أظهرت النتائج النهاية للانتخابات المحلية المغربية تصدر حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بحصوله على 6655 مقعد بنسبة 21,12%، تلاه حزب الاستقلال الذي حصل على 5106 مقعد بنسبة 16,22%، بينما حل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي المرتبة الثالثة بحصوله على 5012 مقعد بنسبة 15,94%.

وبلغت نسبة المشاركة العامة في الانتخابات 53,67% من مجموع القوة الناخبة، والتي لم تتجاوز 14 مليون ناخب من مجموع عدد سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليون، مما يعني القول إن نصف سكان المغرب يمكن إدراجهم ضمن خانة "المعطلون سياسياً"، وهو ما لا يعود بالطبع إلى تلافي مقاطعة بعض القوى والحركات السياسية للانتخابات، خاصة حزب النهج الديمقراطي اليساري الماركسي، وحركة 20 فبراير الشبابية، وجماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، فتأثير هذه القوى السياسية على مقاطعة سير الانتخابات ونتائجها ونسب المشاركة العامة يبقى محدود جداً.

وبعيداً عن لغة النجاحات والإخفاقات، توضح هذه الأرقام أننا بصدد نسب متقاربة بين كتل سياسية ثلاث، وأن لكل كتلة مسارها الخاص، وحساباتها السياسية المضمرة؛ فحزب الأصالة والمعاصرة الذي يمثل آخر مولود عرفته الحياة السياسة المغربية في عام 2008، ورغم أن أدبيات الحزب تقدمه باعتباره حزباً جديداً يريد التموقع "داخل المشهد الحزبي المغربي، انطلاقاً من مبادئ وأهداف واضحة، ويطمح إلى المساهمة في رص صف القوى الديمقراطية، وكسب رهانات التحديث والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، فإن معارضيه لا يجدون أدنى حرج من تصنيف الحزب باعتباره ممثلاً للدولة، لأنه قد تم تشكيله من "نخب سياسية وأكاديمية مقربة من البلاط الملكي، وأخرى حزبية تم استقدامها من شتات اليسار وأثرياء اليمين الذين لم يجدوا مكانتهم في أحزاب أخرى"، وأن الغاية من تأسيسه هي التصدي بكل الطرق لحزب العدالة والتنمية الذي يسعى بنظرهم إلى تمكين الإسلام السياسي في المغرب، والهيمنة على دواليب اللعبة السياسية في بلد يقوم على التوازن بين القوى السياسية والإبقاء على الدور المحوري للمؤسسة الملكية.

وفي إشارة لا تخلو من دهاء سياسي اختار الحزب اسم "الأصالة والمعاصرة "، وهو نفس الشعار الذي سبق أن ردده وتبناه الملك الراحل الحسن الثاني في الكثير من خطاباته الرسمية؛ حيث يسعى قادة الحزب الجديد إلى الاتكاء على هذه المقولة لكسب مزيد من الشرعية المجتمعية، لتجاوز المشروع المجتمعي الذي يدافع عنه حزب العدالة والتنمية، وهو ما نجح فيه الحزب بقدر كبير على الرغم من ردود الفعل الإيجابية تجاه تجربة السنوات الأربع للعدالة والتنمية في سدة الحكم بالمغرب، والتي تأثر أداؤها الاقتصادي سلبياً بالنظر لطبيعة السياق الاقتصادي العالمي.

أما حزب الاستقلال الذي يعتبر أول حزب سياسي يعرفه المغرب منذ الاستقلال في عام 1956،  ورغم أن نتائجه تبدو متقدمة في هذه الانتخابات بحصوله على المركز الثاني، فإنه فقد العديد من معاقله باعتراف عدد من مناصريه، خاصة مدينة فاس العاصمة العلمية للمغرب، والتي ظلت على الدوام حكراً على الأطر الكبرى في الحزب.

كما أن نسبة الأصوات الانتخابية التي منحها المغاربة لأطر الحزب هي نفس النسبة التي حصل الحزب في انتخابات عام 2009، مما يعني وجود خلل ما في سياسة الحزب ودرجات تواصله مع المجتمع. ويبقى التحدي الأكبر الذي يواجه حزب الاستقلال اليوم هو تجديد نخبته لخطابها السياسي، وتجاوز المنظور الضيق للعملية السياسية ممثلة في الانتخابات فقط، لأن من شأن ذلك أن يترك تبعات سلبية على الحزب في الانتخابات التشريعية في العام المقبل.

وعلى عكس باقي الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية، اعتبرت قيادة حزب العدالة والتنمية أن نتائج الانتخابات "لم تكن سارة فقط"، بل "مذهلة"، والسبب في نظرهم أن الحزب انتقل من الدرجة السادسة في انتخابات عام 2009، والتي لم يحصل فيها سوى على 1500 مقعد إلى الدرجة الثانية في هذه الانتخابات، لكن مع ميزة كبرى أخرى هي فوز مرشحي الحزب بأغلب الأصوات في المدن المغربية الكبرى، حيث فاز الحزب بـ 74 مقعداً من أصل 97 مقعداً في مدينة فاس التي انهزم فيها رئيس حزب الاستقلال حميد شباط أمام منافسه الإسلامي إدريس اليزمي، وهو ما اعتبر برأي العديد من المتابعين ضربة موجعة لحزب الاستقلال. كما فاز العدالة والتنمية بالأغلبية في مدينة الدار البيضاء، وكذا بالمراتب الأولى في خمس محافظات أخرى كانت حتى الأمس القريب حكراً على قادة الأحزاب التقليدية، خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

وإذا أخدنا في الاعتبار أن عدد المغاربة الذين صوتوا للعدالة والتنمية في المدن الكبرى قد بلغ عددهم مليون و500 ألف شخص، مقابل مليون و333 ألف لحزب الأصالة والمعاصرة الفائز الأول بعدد المقاعد في هذه الانتخابات، ومليون و70 ألف صوت لحزب الاستقلال الفائز بالمرتبة الثانية؛ فإن ذلك يوضح تمكن حزب للعدالة والتنمية من الوصول للطبقة الوسطى المغربية بعد أربع سنوات من تسيير الشأن العام ودخوله المعترك السياسي، وهي طبقة استطاع الحزب كسبها من خلال شعاراته التي تقوم على "الدفاع عن الملكية البرلمانية وتبني مقومات الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد".

قطبان سياسيان

يصل عدد الأحزاب المغربية اليوم إلى ما يفوق الثلاثين حزباً معترفاً بها من قبل وزارة الداخلية. ورغم أن عدداً مهماً من هذه الأحزاب لا يسمع له أثر إلا قبيل الانتخابات، وبعد الإعلان عن النتائج يدخل  في مرحلة "السُبات السياسي"، فإن النتائج المسجلة أعلاه تقدم مؤشراً حقيقياً على أن المغرب مقبل على مرحلة جديد من الممارسة السياسية تقوم على "الثنائية القطبية السياسية" بين حزبي العدالة والتنمية الإسلامي  وحزب الأصالة والمعاصرة، أي أن هذين الحزبين سيهيمنان على مستقبل المشهد السياسي في المغرب، وحول كل واحد منهما يتم تشكيل قطب سياسي وفق برامج متناغمة تجمع عدداً من الأحزاب والتنظيمات.

والواقع أن هذا السيناريو الذي يبدو في طريقه للتشكل، لم يكن وليد الانتخابات الأخيرة، فقد كان الملك الراحل الحسن الثاني هو أول من دعا لهذه الثنائية القطبية في منتصف التسعينيات، لما لاحظه من حالة التشرذم التي ميزت الخريطة الحزبية وتشابه البرامج السياسية للأحزاب الموزعة بين اليمين واليسار، وطالب حينها بتشكيل قوتين سياسيتين لإضفاء مزيد من الشرعية والمصداقية على الممارسة السياسية. والحال أن الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدفع بهذا الاقتراح كان يضع نصب أعينه التجربة الحزبية في المملكة البريطانية، حيث الصراع يكون بين برنامجين سياسيين وحولهما  تلتف قوتين سياسيتين، ويكون الرأي العام هو الحكم في ترجيح كفة إحدى القوتين وتمكينها من الحكم  لتقوم الخاسرة بحكومة الظل.

واليوم نجد أن الحزبين اللذين دخلا الحياة السياسية المغربية بعد سنوات عديدة من تلك الدعوة هما اللذان يؤطران المشهد السياسي، وهما المعول عليهما لتحقيق هذه الثنائية القطبية السياسية؛ فهناك "قطب يميني إسلامي معتدل" بزعامة العدالة والتنمية، وإلى جانبه نجد حزب التجمع الوطني للأحرار الفائز بالمرتبة الرابعة في الانتخابات وحزب الحركة الشعبية الذي حل في المرتبة الخامسة، ومعهم أحزاب أخرى صغيرة موزعة سياسياً بين اليمين والوسط، وقد ينضم إليهم حزب التقدم والاشتراكية، ذي النزعات اليسارية الصورية المشارك في حكومة الائتلاف الحالية، والذي لا يجد قادته اليوم أدنى حرج في التحالف مع جميع الأحزاب تحت يافطة "برنامج وطني مرحلي"، وعادة ما يختار المشاركة في الحكومات الائتلافية مع أحزاب لا تربطه معها وحدة فكرية أو سياسية، إلا بهدف إثبات الحضور، والخروج من وصاية الأحزاب اليسارية التقليدية خاصة الاتحاد الاشتراكي.

والحال أن صفة "الإسلامية" الملحقة بهذا القطب ذات دلالة خاصة تقتصر على السياق المغربي فقط؛ فالأحزاب المغربية ومعها طبعاً حزب العدالة والتنمية، إذ يسعى قادتها دوماً إلى خلق مسافة موضوعية مع بقية المكونات الحزبية؛ بل إن زعيم العدالة والتنمية عبدالإله بن كيران عبر أكثر من مرة بأن صفة "الإسلامي" التي يصر الجميع على إلصاقها بالحزب غير دقيقة،  والسبب من وجهة نظره أن جميع المغاربة مسلمين، وأن تجربة الحزب السياسية بالرغم من انفتاحها على جميع التجارب السياسية في العالم العربي والإسلامي مستقلة عن تجربة الإخوان المسلمين في مصر، كما هي مستقلة عن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا. وهذا التفسير رغم ما يتضمنه من نباهة سياسية، فإنه لا يخلو أيضاً من "تقية سياسية".

أما القطب الثاني، فهو "ليبرالي" متحالف مع باقي أحزاب اليسار بزعامة كل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، جنباً إلى جنب مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحزب الاشتراكي الموحد وباقي أحزاب اليسار الصغرى التي وجدت نفسها اليوم بدون هوية سياسية بعدما فقدت زخمها السياسي والفكري، وأضحت تعيش على تحالفات مرحلية مع أحزاب كبيرة.

وإذا علمنا أن بداية تأسيس حزب الاصالة والمعاصرة قد تم على يد صديق الملك محمد السادس ووزير الداخلية الأسبق فؤاد عالي الهمة بمعية من رجال الأعمال وأصحاب التوجه الليبرالي، إلى جانب كم هائل من أطر اليسار المغربي وأنصار الحركة الأمازيغية، لأمكننا أن نستوعب هذا التناغم بين طرح ليبرالي منسجم مع تطلعاته البورجوازية، وبين إرث اشتراكي لم يبق منه إلا الاسم.

ويبدو أن حزب الاتحاد الاشتراكي هو أكثر الاحزاب المغربية تأثراً بتحولات المشهد السياسي والانتخابي، فبعد الشعبية التي خلفها قادته الأوائل خاصة تجربة المهدي بن بركة، وبعد الانتكاسات الانتخابية وهجرة العديد من أطره ومناضليه للانخراط في أحزاب أخرى، فقد الحزب قوته السياسية وأضحى "يتيم المرحلة"، وبالتالي فإن حالات التقاطع والتوافق السياسي بينه وبين حزب الأصالة والمعاصرة يتحدد في التصدي لحزب العدالة والتنمية ومقاومة مقولات الإسلام السياسي في المجتمع المغربي، والحفاظ على الملكية.

لكن واقع الحال يقول إن ذلك ليس صحيحاً على إطلاقه، لأن حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية هما أكثر الأحزاب المغربية اليوم ارتباطاً بالمؤسسة الملكية، بل هم من أشد الذين يتمسكون بالملكية البرلمانية، ويستهجنون الأطروحات التي تنادي بملكية دستورية على شاكلة الملكية الإسبانية؛ وبالتالي فإن حالة التنافر الواضحة بين الحزبين والحرب الكلامية بينهما لا تمنع من التأكيد على اجتماعهما معاً حول الدفاع عن الملكية البرلمانية، ومشروع "المجتمع الديمقراطي الحداثي" الذي دعا له العاهل المغربي محمد السادس منذ توليه العرش.

وهنا يمكن القول إن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ثنائية قطبية، من شأنها أن تعيد ترتيب الفعل السياسي وفق رؤيتين متعارضتين ظاهرياً لكنهما موحدتان من حيث النتائج النهائية والخيارات السياسية الكبرى لمغرب القرن الواحد والعشرين. فالاختبارات تبدو مضمونة النتائج بالنسبة للقوى السياسية الجديدة التي عرفت كيف تدير اللعبة وفق تناغم واضح مع الإشارات السياسية التي أرسلتها وترسلها المؤسسة الملكية.

وهذه المؤشرات تسير في اتجاه بناء صورة سياسية للمغرب في الخارج في شكل البلد الذي حقق وضعاً استثنائياً من خلال التفاعل الإيجابي بين جميع قواه السياسية، بما فيها حزب العدالة والتنمية، ليس لأنه حزب ذو توجهات إسلامية، بل لأنه حزب يعرف كيف يدبر المرحلة وفق منظور معتدل لا يستعجل النتائج، ويراهن على تحقيق النجاحات السياسية بصورة متدرجة.

ولربما تكمن نقطة السر في نجاح المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية في أنه نجح في فرض نفسه كتجربة سياسية مغربية خالصة تتقاطع  مع التجارب التي تقول إنها "إسلامية"، لكن من دون أن يدعي أو يفرض وصايته على الإسلام والمسلمين في المغرب أو خارجها.