أخبار المركز
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (تأملات حول فشل جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية)
  • محمد محمود السيد يكتب: (آليات التصعيد: خيارات إسرائيل إزاء معادلات الردع الجديدة مع إيران)
  • شريف هريدي يكتب: (الرد المنضبط: حسابات الهجمات الإيرانية "المباشرة" على إسرائيل)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)

صدارة خليجية:

الدول العربية على مؤشر الابتكار العالمي 2015

25 أكتوبر، 2015


إعداد: نانسي طلال


تتسابق دول العالم في سبيل تطوير خطط واستراتيجيات تساعدها على إحداث مزيد من التقدم في مختلف المجالات. وفي هذا الشأن بات للابتكار أهمية قصوى، حيث وضعته حكومات الدول في مقدمة جدول أعمالها. ولم يعد الابتكار حكراً على الدول المتقدمة فقط، بل تحاول الدول النامية أيضاً مواكبة التطور العالمي، وتسعى لوضع سياسات من أجل تعزيز قدرتها على الابتكار بهدف تعزيز نموها الاقتصادي.

في هذا الإطار، صدر "مؤشر الابتكار العالمي 2015" في نسخته الثامنة هذا العام، وهو تقرير يشارك في نشره كل من جامعة كورنيل، والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة).

وقد بات مؤشر الابتكار العالمي، والذي يُنشر سنوياً منذ عام 2007، أداة قياس رئيسية بالنسبة لرجال الأعمال وواضعي السياسات وغيرهم ممّن يريدون الاطلاع على حالة الابتكار في العالم، وتقييم التقدم على نحو مستمر.

ويهدف المؤشر بالأساس إلى ترتيب القدرات الابتكارية لاقتصادات العالم ونتائجها، ويُبرز الجوانب المختلفة للابتكار، والأدوات التي يمكن أن تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين الإنتاجية، وتوفير فرص العمل.

منهجية المؤشر

يقرّ "مؤشر الابتكار العالمي" بدور الابتكار كمحرّك للنمو والازدهار، وبالحاجة إلى تطبيق منظور أفقي واسع في مجال الابتكار على الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وعليه فهو يدرج مؤشرات تتجاوز القياسات التقليدية للابتكار، مثل مستوى البحث والتطوير.

ويتضمن تقرير هذا العام 141 من الاقتصاديات في جميع أنحاء العالم، حيث تمثل الدول المشمولة في التقرير 92,9% من سكان العالم، وتمثل 98,3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويصّنف المؤشر مستوى الابتكار في كل بلد على سلّم يتراوح من صفر إلى 100 درجة.

ويتم احتساب مؤشر الابتكار العالمي كمتوسط لمؤشرين فرعيين، هما:

1 ـ المؤشر الفرعي لمدخلات الابتكار؛ ويقيس عوامل في الاقتصاد الوطني تشمل أنشطة ابتكارية في خمسة مجالات، وهي (المؤسسات، ورأس المال البشري والبحث، والبنية التحتية، وتطور الأسواق، وتطور الأعمال التجارية).

2 ـ المؤشر الفرعي لمخرجات الابتكار، ويقيس الدلائل الحقيقية على نتائج الابتكار، وتنقسم بدورها إلى مجالين، هما (مخرجات المعرفة والتكنولوجيا، والمخرجات الابتكارية).

الابتكار في خدمة التنمية

تحتل سياسات الابتكار مكانة مركزية في تطوير الاقتصادات النامية والناشئة، حيث يضطلع الابتكار بدور محوري في خطط التنمية واستراتيجياتها، ويؤدي دوراً أساسياً في معالجة المشكلات الاجتماعية الملحّة مثل التلوث وقضايا الصحة والفقر والبطالة.

ويشير التقرير إلى أنه قد ثبت أن إحدى وسائل نجاح الدول المتقدمة تتمثل في وضع خطة ابتكار منسقة تنسيقاً جيداً، وبأهداف محددة بوضوح، مع وجود مؤسسات ذات مستوى متقدم. ويظهر تحليل المؤشر أن التطور المتزايد للأعمال المرتبطة بالعلوم ومؤسساتها، وتوظيف العلماء، هو غالباً التحدي الأكبر أمام الاقتصادات النامية.

ويؤكد التقرير أن إيجاد طرق مبتكرة للتغلب على تحديات تطوير البلاد في مجالات الطاقة والنقل والصرف الصحي، والحصول على مردود أكبر للحرفية المحلية والصناعات الإبداعية، هي في مقدمة أولويات البلدان النامية.

الدول ذات الصدارة عالمياً

تكشف نتائج مؤشر الابتكار العالمي للعام الحالي عن أن أفضل الدول التي كرَّست اهتمامها للنواحي الابتكارية، جاء ترتيبها كالتالي: (سويسرا، والمملكة المتحدة، والسويد، وهولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفنلندا، وسنغافورة، وإيرلندا، ولوكسمبورج، والدنمارك). وعلى صعيد الدول المتقدمة الأخرى، فقد حلت ألمانيا في المركز 12، وكندا في المرتبة 16، واليابان في المركز 19، وفرنسا في الترتيب 21.

الدول العشر الأولى الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم لعام 2015

الدولة

الترتيب عالمياً

سويسرا

1

المملكة المتحدة

2

السويد

3

هولندا

4

الولايات المتحدة

5

فلنلندا

6

سنغافورة

7

أيرلندا

8

لوكسمبورج

9

الدنمارك

10


















وبشكل عام، لم تتغير مجموعة الخمسة والعشرين الأفضل أداءً – وجميعها من البلدان مرتفعة الدخل – في تقرير هذا العام عن الإصدارات السابقة كثيراً، ما يعكس وجود صعوبة لدى القادمين الجدد في منافسة أداء البلدان الرائدة.

ولكن ثمة بعض الاستثناءات، إذ حلت التشيك في المرتبة 24 ضمن لائحة الـ 25 الأوائل، ودخلت إيرلندا ضمن قائمة العشر الأوائل حيث حلت في المرتبة الثامنة. كما أبدت الصين التي حلّت في المرتبة 29 وماليزيا في المرتبة 32، أداءً مشابهاً للبلدان مرتفعة الدخل الواردة في لائحة الـ 25 الأوائل، خصوصاً في مجالات تطوير رأس المال البشري، وتمويل البحث والتطوير.

وتعكس نتائج التقرير صدارة الدول التي تهتم بالاستثمار في رأس المال البشري، جنباً إلى جنب مع توافر مستويات عالية من الإبداع. وبنظرة أشمل، فإن الدول الخمسة وعشرين التي سجلت مراكز متقدمة هي بالفعل دول لها رصيد من التميز ونقاط القوة في مجالات تتعلق بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير بيئة الأعمال، وتتمتع بمستويات عالية في الخدمات الإبداعية.

ولا يقتصر الابتكار فقط على المعدل الإنتاجي، ولكن يُقاس أيضاً بالأداء الجامعي والمقالات العلمية ومدى البراعة في تقديم براءات الاختراع، وهو ما يُعرف إجمالاً بـ"جودة الابتكار".

وفي هذا الصدد، تأتي الولايات المتحدة في المركز الأول ضمن المجموعة ذات الدخل المرتفع، تليها المملكة المتحدة، ثم اليابان، وألمانيا، وسويسرا. وحققت الدول ذات الدخل المتوسط مراكز متقدمة في "جودة الابتكار"، وذلك بقيادة الصين، تليها البرازيل، والهند. ويدعم هذه البلدان وجود تحسن في نوعية وأداء مؤسسات التعليم العالي لديها، وامتلاكها جامعات ذات ريادة عالمية.

من ناحية أخرى، يُسمي معدو التقرير الاقتصادات التي تتفوق على أقرانها فيما يخص ناتجها المحلي الإجمالي، "رواد الابتكار".

وتندرج عدة بلدان منخفضة الدخل ضمن مجموعة "رواد الابتكار"، إذ يرتفع مستوى أدائها في كل المجالات التي كانت من قبل حكراً على الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل.

وتبرز في هذا الشأن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ إذ أصبح أداء رواندا (المرتبة 94) وموزمبيق (المرتبة 95) ومالاوي (المرتبة 98) مُماثلاً لأداء البلدان متوسطة الدخل. وإضافة إلى ذلك، تتفوق كينيا ومالي وبوركينا فاسو وأوغندا من ناحية الأداء على الاقتصادات الأخرى ذات مستوى التنمية المماثل.

وبالتالي، يُظهر "رواد الابتكار" ارتفاعاً في مستويات نتائج الابتكار بفضل التحسينات المُدخلة على الأطر المؤسسية، ووجود قوة عاملة مؤهّلة، مع اتساع نطاق التعليم العالي، وتحسّن البنى التحتية للابتكار، وتعميق التكامل مع أسواق الاستثمار والائتمان العالمية.

الدول العربية الأكثر ابتكاراً

من خلال تحليل نتائج الدول العربية في مؤشر الابتكار العالمي هذا العام، يمكن الوقوف على عدة ملاحظات، وهي:

1 ـ صدارة خليجية: جاءت خمس دول خليجية في صدارة الدول العربية الأكثر ابتكاراً في مؤشر عام 2015، وهي على الترتيب: السعودية (43 عالمياً)، والإمارات (47)، وقطر (50)، والبحرين (59)، وتليها سلطنة عُمَان (69)، فيما حلت الكويت في المرتبة التاسعة عربياً و77 عالمياً.

وقد حصلت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على هذا الترتيب المتقدم، نظراً لارتفاع مؤشر الناتج المحلي الإجمالي. وأوصى واضعو التقرير دول الخليج بالسعي نحو التنويع في قطاعات الابتكار. وأشاد التقرير في هذا الشأن بدولة الإمارات بشكل كبير، مؤكداً على أن قادة الدولة ركزوا على تنويع اقتصاد البلاد، والانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو، وتم توثيق ذلك الطموح في استراتيجية وطنية للبلاد برؤية تصل لعام 2021، ولعل بعثة المريخ الرائدة ليست سوى واحدة من الأمثلة العديدة التي تبين أن دولة الإمارات في طريقها نحو تحقيق أهدافها في مجال الابتكار والإبداع.

2- تباين اتجاهات التغير: بالمقارنة بين مؤشر العام الحالي، ونظيره الصادر في عام 2014، يُلاحظ أن ثمة تفاوتاً في أوضاع الدول العربية، في ظل وجود دول تراجعت بعض الشيء وإن ظلت تحتفظ بالصدارة، مثل الإمارات والأردن اللتان تراجعتا 11 مركزاً على مستوى العالم، والكويت (-8)، والسعودية (-5)، وقطر بتراجع (- 3)، ثم مصر التي تراجع ترتيبها بمعدل مركز واحد فقط.

بيد أن ثمة دول أخرى بعضها متأخر أساساً، وسعت جاهدة إلى تحقيق تحسن نوعي في معايير الابتكار، وكانت أكثر الدول التي طرأ تحسن إيجابي على ترتيبها في مؤشر عام 2015 مقارنةً بالعام السابق، هي الجزائر (+7)، وعُمَان والمغرب (+6)، واليمن (+4)، والبحرين ولبنان (+3 لكل دولة)، وتونس والسودان (+2).

وفسر التقرير هذا التطور الإيجابي في الابتكار لدى بعض الدول العربية بسبب اجتهادها في تحسين مقاييس الابتكار من خلال تدعيم مستوى الإنفاق على الاستثمار في رأس المال البشري والتعليم، وتطوير مجال البحوث، وأوضح التقرير أن عدة اقتصاديات في شمال أفريقيا غنية بالموارد اتجهت إلى تنوع وتشجيع الابتكار في مجالات مختلفة.

جدير بالذكر أن مؤشر الابتكار العالمي لم يتطرق إلى بعض الدول العربية، مثل العراق وسوريا وليبيا وموريتانيا. وقد يعود ذلك لأسباب تتعلق بعدم استقرار الأوضاع في هذه البلدان وفقدان الأمن فيها، والذي بدونه لا يمكن تحقيق أي تنمية اقتصادية، ومن ثم استحالة تحقق الإبداع والابتكار بها.

ترتيب الدول العربية واتجاه تغيرها في مؤشر الابتكار العالمي عام 2015

الترتيب عالمياً

الترتيب عربياً

عام 2015

الدولة

اتجاه التغير

(+ تحسن/ - تراجع)

عام 2014

عام 2015

-5

38

43

1

السعودية

-11

36

47

2

الإمارات

-3

47

50

3

قطر

+ 3

62

59

4

البحرين

+ 6

75

69

5

عمان

+ 3

77

74

6

لبنان

-11

64

75

7

الأردن

+ 2

78

76

8

تونس

-8

69

77

9

الكويت

+ 6

84

78

10

المغرب

-1

99

100

11

مصر

+ 7

133

126

12

الجزائر

+ 4

141

137

13

اليمن

+ 2

143

141

14

السودان

ختاماً، يمكن القول إن مؤشر الابتكار العالمي لعام 2015 ركز على دور السياسات الابتكارية في دعم التنمية، مشيراً إلى أن الدول المتقدمة والنامية تشتركان في جهودهما الدؤوبة للاستفادة من الابتكار والعلم في تعزيز أداء اقتصاداتها.
وتوصل التقرير إلى خُلاصة مفادها أن البلدان ذات الدخل المرتفع تتجه إلى تركيز الجهود على زيادة الاستثمارات وتحفيز النمو في مخرجات الابتكار، وتحسين رأس المال البشري، ويساعدها في ذلك ما لديها من رصيد تكنولوجي ومالي وإنجاز إبداعي.
ومن ناحية أخرى، تركز البلدان ذات الدخل المنخفض على إزالة العقبات الهيكيلة للابتكار، مثل صعوبة الحصول على التمويل، وضعف الروابط داخل نظم الابتكار، وتحاول فتح روافد للتعاون مع من لديهم خبرة في تطوير رأس المال البشري والمؤسسات والبحوث.
* عرض مُوجز لأبرز نتائج "مؤشر الابتكار العالمي 2015"، الصادر في سبتمبر 2015، المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).