عمرو عبدالعاطي
تشهد الولايات المتحدة خلال هذا العام سباقًا انتخابيًّا غير مسبوق في التاريخ الأمريكي، حيث تأتي الانتخابات الرئاسية المقرر لها في ٣ نوفمبر المقبل في وسط جائحة عالمية، وانتشار واسع النطاق لفيروس كورونا بالولايات الأمريكية، حيث أصاب أكثر من ٧ ملايين أمريكي ومن ضمنهم الرئيس "دونالد ترامب" الساعي للفوز بفترة رئاسية ثانية وعديد من الدائرة المحيطة به، قبل شهر من تصويت الناخبين الأمريكيين لاختيار الرئيس الأمريكي الجديد، ووفاة ما يزيد على ٢٠٠ ألف أمريكي جراء الإصابة بالفيروس. فضلًا عن التداعيات الاقتصادية التي سببتها الجائحة، وتراجع معدلات البطالة لمستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ عقود، وموجة الاحتجاجات الأمريكية لاستمرار السياسات "العنصرية" ضد الأمريكيين الملونين.
وقد سعى الحزب الديمقراطي إلى أن يجعل تلك الانتخابات استفتاء على طريقة تعامل الرئيس "ترامب" مع الأزمات المتعددة التي تواجهها الولايات المتحدة راهنًا، وأن تتقدم القضايا التي على أساسها سيصوت الناخب الأمريكي، ولا سيما بعد إصابة الرئيس والدائرة المحيطة به بفيروس كورونا الذي كان الرئيس يقلل من خطورته، بينما يسعى "ترامب" وحملته الانتخابية لإحداث تحول في قضايا الاستحقاق الانتخابي مستغلًّا وفاة القاضية الليبرالية "روث بادر جينسبورج" بالمحكمة العليا وتعيين قاضية محافظة "إيمي كوني باريت" خلفًا لها، ليسيطر مستقبل المحكمة على أجندة الناخب الأمريكي.
وعليه، تأتي أهمية تقييم تداعيات السياسات والقرارات التي اتخذها الرئيس "دونالد ترامب" على الداخل الأمريكي، وكذلك على الصعيد العالمي خلال فترة حكمه التي ينظر إليها على أنها أكثر الفترات إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك عرض الرؤي المختلفة والمتباينة حول تلك التداعيات والتقييمات.
فخلال سنوات حكمه أحدثت السياسات التي اتخذها الرئيس الأمريكي تحت شعار "أمريكا أولًا" تحولات في طبيعة العلاقات والشراكات الأمريكية الدولية، ودورها كقوى عظمى مهيمنة على النظام الدولي في أعقاب نهاية الحرب الباردة، ومكانتها في المنظمات الدولية التي أسستها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ما دفع القوى الدولية المنافسة لها إلى تحدي القيادة والقوة الأمريكية بصورة غير مسبوقة خلال فترة حكمه، وسعيها لتعزيز نفوذها وتواجدها في مناطق النفوذ الأمريكي.
وداخليًّا، عمّقت سياسات الرئيس الأمريكي من الانقسام السياسي والتحزب بصورة غير معهودة، ناهيك عن سعيه لاستخدام مؤسسات صنع القرار الأمريكي لتعزيز فرص فوزه بفترة رئاسية ثانية في نوفمبر المقبل. وقد أشارت عديد من التحليلات الأمريكية إلى إخفاقات الرئيس في قيادة الولايات المتحدة في أصعب اللحظات في التاريخ الأمريكي.
وفي المقابل، حقّقت إدارة الرئيس "دونالد ترامب" عديدًا من الإنجازات الداخلية والخارجية التي يتمثل أبرزها في حديث الرئيس "ترامب" خلال آخر خطاب لحالة الاتحاد أمام الكونجرس الأمريكي في فبراير الماضي عن تحسّن الاقتصاد الأمريكي، وانخفاض معدلات البطالة بصورة عامة بين الأمريكيين ولا سيما بين الأمريكيين الملوّنين وذلك قبل جائحة "كوفيد-١٩"، بجانب مساعيه لإنهاء الحروب الأمريكية اللا نهائية في الخارج، وعقد صفقات سلام متعددة، واغتيال زعيم تنظيم "داعش"، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والجهود المتعددة لمواجهة نفوذ طهران المزعزع للاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وعليه، يُناقش هذا الملف الذي يضم تحليلات وتقديرات وعروضًا لتقارير صادرة عن مراكز الفكر والرأي الأمريكية، نُشرت على الموقع الإلكتروني لمركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، التقييمات المختلفة لباحثين أمريكيين وعرب لتداعيات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الحالية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولا سيما مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية واحتمالات أن يفوز "ترامب" بفترة رئاسية ثانية في نوفمبر المقبل.