أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

مسارات غامضة:

الاحتجاجات الشعبية الإيرانية.. الأبعاد والدوافع (ملف خاص)

10 يناير، 2018

image

مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

قبل نهاية عام 2017 بأيام، شهدت المدن الإيرانية موجة احتجاجية متصاعدة لأسباب اقتصادية بالأساس تتعلق بإخفاق النظام في تلبية التوقعات المتزايدة للإيرانيين بإحداث طفرة اقتصادية في أوضاعهم بعد الاتفاق النووي لعام 2015، ورفع العقوبات الاقتصادية على النظام بموجب الاتفاق، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الهوة بين الأغنياء والفقراء. 

بيد أن المظاهرات تحوّلت من احتجاجات ضد الحكومة والأوضاع الاقتصادية، إلى رفع شعارات ضد النظامين السياسي والديني، حيث رفع المتظاهرون شعارات مناوئة للرئيس "حسن روحاني"، والمرشد الأعلى "آية الله علي خامنئي"، الأمر الذي من شأنه تهديدهما وليس انهيارهما لتماسك هيكلهما وأجهزتهما، ما يجعل سيناريو إسقاطهما أمرًا مستبعدًا في التحليل الأخير كما حدث في الثورة الخضراء في عام 2009، لكن من شأن تصاعد الاحتجاجات وانتقالها إلى عديد من المدن الإيرانية؛ إحداث تغييرات سياسية واقتصادية جزئية على المدى القصير. وسيتوقف مستقبل تطورات تلك الاحتجاجات والمظاهرات على كيفية تعاطي النظام السياسي الإيراني معها. 

وَرَفْعُ المتظاهرين شعارات اقتصادية لا يرتبط فقط بالداخل الإيراني، لكنه يتعلق بالدور الإقليمي لإيران، والمساعدات التي تقدمها لحلفائها في عدد من دول المنطقة، مثل: حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ما أضاف أعباء جديدة على الاقتصاد الإيراني، وأدى لخفْض الإنفاق الداخلي على تحسن الظروف المعيشية للمواطن الإيراني. فالاحتجاجات تشمل في طياتها مطالبات بتقليل الانخراط الإيراني في الشئون الدولية، مع إنفاق الأموال المستثمرة في دعم الوكلاء في الداخل الإيراني، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية، والاستجابة للمطالب الشعبية المتصاعدة.

وتتميز تلك الاحتجاجات، على عكس تلك التي شهدتها إيران في عام 2009، بأنها بلا قيادة أو زعامة، وفي هذا مكمن قوتها، وانتشارها بسرعة من مدينة مشهد إلى باقي المدن الإيرانية الرئيسية، وهو الأمر الذي فرض صعوبات على أجهزة الأمن والسلطات في محاولات احتوائها أو منع انتشارها، مع غياب أي دور لرموز التيار الإصلاحي خوفًا من التنكيل بهم كما حدث في عام 2009، بعد حسم المواجهات لصالح النظام. 

واستخدم النظام الإيراني القوة العسكرية في إنهاء الاحتجاجات المتزايدة في المدن الإيرانية، وقمع المظاهرات، والاستعانة بالميليشيات المُسلحة، لكنها أدت إلى تصاعد حدة الاحتجاجات، واكتسابها زخمًا سياسيًّا يتجاوز ما شهدته إيران خلال احتجاجات عام 2009. وفي الوقت ذاته، سعى النظام لإعادة النظر في الموازنة التي قدمها الرئيس حسن روحاني، وتقديم بعض الوعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية للإيرانيين. 

وقد استغل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تلك الاحتجاجات لتوجيه الانتقاد للنظام الإيراني الذي يُكنّ له العداء، حيث أعاد نشر مقتطفات من خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر ٢٠١٧، الذي هاجم فيه النظام الإيراني، وكتب تغريدات على موقع تويتر تدعو الحكومة الإيرانية إلى احترام حقوق شعبها، وتحذرها من أن العالم يراقبها عن كثب. 

لكنّ عددًا من المحللين والباحثين الأمريكيين حذروا من أن تصريحات الرئيس الأمريكي عن الاحتجاجات في إيران، لا تساعد المتظاهرين الإيرانيين، بل تضرهم، مؤكدين أن النظام الإيراني يستخدم هذه التصريحات لتشويه صورة المتظاهرين بأنهم عملاء للولايات المتحدة.

وفي المُجمل، تتفق التحليلات الغربية على أنه من المُبكر للغاية التنبؤ بمسار الحركة الاحتجاجية الأخيرة في إيران، وإلى أي مدى تُمثل تهديدًا حقيقيًّا للنظام الحاكم، فضلًا عن توقع التحولات التي يُمكن أن تشهدها طهران إثر هذه الاحتجاجات، إلا أنها تُعد مؤشرًا واضحًا على تنامي حالة الغضب الشعبي بسبب سياسات النظام الداخلية وتوسعاته الخارجية غير المحسوبة التي تُسبب تكلفة ضخمة يتحملها الشعب الإيراني.

يُناقش هذا الملف، الذي يضم مجموعة من التحليلات المنشورة على الموقع الإلكتروني للمركز، أسباب اندلاع الاحتجاجات، وانتشارها في المدن الإيرانية، وكيفية تعامل النظام الإيراني معها، وأخيرًا رؤية الباحثين الغربيين لمستقبل تلك الاحتجاجات، ومستقبل إيران بعدها.