مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
بعد أيام من فك الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" تحالفه مع الحوثيين، ووصفهم بـ"الميليشيا الانقلابية"، اتهموه بالخيانة، ثم قاموا باغتياله، لتدخل اليمن في مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار مع تصاعد الاشتباكات المسلحة مجدداً بين "أنصار الله" وقوات المؤتمر الشعبي، في مشهد أقرب إلى الحرب الأهلية في ظل اختلال التوازنات الداخلية، وانفراد جماعة الحوثي بالسلطة في المناطق الخاضعة لها.
ويُعد مقتل "صالح" بمثابة نقطة تحول مهمة في الصراع الأهلي الدائر في اليمن، حيث ترتب عليه انهيار كامل لتحالف الحوثيين مع أنصار "صالح" في حزب المؤتمر الشعبي، وإعلان القبائل المؤيدة له عزمها التحرك ضد الحوثيين بالتوازي مع تكثيف القوات اليمنية وقوات التحالف العربي عملياتها لاستعادة العاصمة صنعاء، وهو ما يعني فرض حصار كامل على الحوثيين من غالبية القوى والتيارات اليمنية.
وتوفر البيئة الأمنية غير المستقرة في اليمن بعد مقتل "صالح" فرصة للتنظيمات الإرهابية، لا سيما تنظيمي "القاعدة" و"داعش" للانتشار واستعادة النفوذ في اليمن، لتعويض تراجعهما في مناطق أخرى في المنطقة، خصوصًا في العراق وسوريا، بعد الضربات الإجهاضية التي تعرض لها تنظيم "داعش" من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وستعمل تلك التنظيمات على استمرار هذا التدهور الأمني باستهداف قوات الشرعية، وإن كانت تلك الهجمات ستكون أكثر شراسة من قبل تنظيم "القاعدة"، مما يعني أن البلاد مقبلة على موجة إرهابية ستستهدف بشكل رئيسي قوات الشرعية.
وعقب مقتل الرئيس اليمني السابق بدأت حملة اعتقالات كبيرة لأنصار الرئيس السابق شنّها الحوثيون، حليف طهران في اليمن، وهو ما يُتوقع معها استمرار حالة عدم الاستقرار والأمن في ظل تعهد "أحمد علي عبدالله صالح" بالثأر لأبيه، والتأكيد على أن الانتفاضة التي أشعلها "صالح" لن تنطفئ بعد رحيله، كما طالب أعضاء حزب المؤتمر الشعب اليمني بمواصلة مسيرة النضال والانتفاضة لتخليص البلاد من السيطرة الحوثية.
وعن مستقبل اليمن بعد مقتل "صالح"، وتعزيز الحوثيين سيطرتهم العسكرية على بعض المدن اليمنية، وحالة التشظي التي تتجه إليها البلاد بخطى حثيثة؛ يتحدث المهتمون بالشأن اليمني عن سيناريوهين رئيسيين؛ أولهما يبحث عن مخرج سياسي للأزمة، يراعي تعقيدات المشهد الاجتماعي في البلاد. أما ثانيهما فيعتبر أن الحسم العسكري هو الخيار الأمثل في ظل ممارسات الحوثيين، وحتى لا تسقط اليمن تحت سيطرة إيران، بما يعزز الدور الإقليمي لطهران، وتهديد الأمن القومي العربي، وفي القلب منه الخليجي. ولن يتحقق أي من السيناريوهين بدون دعم إقليمي ودولي من القوى المهتمة باستقرار وأمن اليمن، وأنهما لن يحدثا في ظل استمرار سيطرة الحوثيين على مقدرات الدولة اليمنية.
يُناقش هذا الملف الذي يضم مجموعة من التحليلات والتقديرات المنشورة على الموقع الإلكتروني للمركز، وكذلك تحليلات بدورية "اتجاهات الأحداث"؛ مستقبل اليمن بعد مقتل الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" على يد الميليشيا الحوثية، وموقف التنظيمات الإرهابية الرئيسية في اليمن، بالإضافة إلى التعامل الإيراني مع مقتل "صالح".