أخبار المركز
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)
  • عادل علي يكتب: (موازنة الصين: دوافع تزايد الانتشار الخارجي للقوة البحرية الهندية)
  • إبراهيم فوزي يكتب: (معاقبة أردوغان: لماذا خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية التركية 2024؟)
  • شريف هريدي يكتب: (مخاطر الانفلات: خيارات إيران للرد على استهداف قنصليتها في دمشق)

جريدة الرياض:

تسريب الوثائق النووية يدعم روحاني أمام خصومه

02 أغسطس، 2016


المحافظون يعتبـرون الكشـف لا يصـب فـي صالـح طهران ولا يضيـف جديـداً لمكاسـبها

تسريب الوثائق النووية يدعم «روحاني» أمام خصومه السياسيين في إيران

أوضح مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بالإمارات في تقرير تسلمت "الرياض" نسخة منه علــى أن حكومــة الرئيــس الإيراني حســن روحانــي وجهــت انتقــادات قويــة للوكالــة الدوليــة للطاقــة الذريــة، بســبب تســريب وكالــة "أسوشــيتدبرس" الأميركية إحــدى الوثائــق الخاصــة بالاتفاق النــووي الــذي تــم التوصــل إليــه بيــن إيــران ومجموعــة "5+1 "فــي 14 يوليــو 2015 ورفعـت بمقتضـاه العقوبـات التـي كانـت مفروضـة علـى إيـران فـي منتصـف ينايـر 2016 ، وقال تقرير المركز ان ذلـك لا ينفـي أن حكومـة روحانـي سـعت إلـى استغلال الكشـف عـن تلـك الوثيقـة لتحقيـق هدفيــن أولهما إعـادة الترويـج للمكاسـب التـي حققتهـا إيـران مـن خـلال الوصــول للاتفاق النــووي الــذي يتعــرض فــي الفتــرة الحاليــة لحملــة قويــة علــى الســاحة الداخليــة الإيرانية، بســبب العقبــات التـي مازالـت تحـول دون اسـتفادة إيـران بشـكل كامـل مـن رفـع العقوبــات الدوليــة المفروضــة عليهــا، ثانيهمـا ممارسـة ضغـوط مقابلـة علـى إدارة الرئيـس الأميركي بــاراك اوبامــا قبــل انتهــاء ولايته الرئاســية، لاسيما فــي ظــل الاتهامات التــي توجههــا طهــران إلــى واشــنطن بالمســؤولية عــن اســتمرار تلــك العقبــات التــي منحــت الفرصــة للمتشــددين الإيرانيين بالتهديـد بتسـريع البرنامـج النـووي مـن جديـد والعـودة لمســتويات مــا قبــل الاتفاق فــي غضــون 45 يومياً فقط.

واعتبـرت حكومـة الرئيـس حسـن روحانـي أن تلـك الوثيقـة التـي قدمتهـا إيـران إلـى الوكالـة الدوليـة للطاقـة الذريـة وتشـرح فيهـا خططهـا لتوسـيع برنامجهـا النـووي بعـد مـرور 10 أعوام على الاتفاق، والتــي تــم تســريبها، تمثــل مصــدر فخــر واعتــزاز بالنســبة لهــا، علــى أســاس أنهــا تكشــف عــن جوانــب إيجابيــة عديـدة فـي الاتفاق وفقـاً لرؤيـة الحكومـة، ويتمثـل أبرزهـا فـي ان إيـران لـن تكـون مضطـرة للانتظار حتـى نهايـة تطبيـق الاتفاق بعــد 15 عامــا مــن أجــل تحقيــق تطــور كبيــر فــي برنامجهــا النــووي، حيــث يحــق لهــا بدايــة من يناير 2027، أي بعــد مــرور11 عاماً علــى الوصــول للاتفاق، اســتبدال أجهــزة الطــرد المركــزي التــي تســتخدمها فــي الفتــرة الحاليــة، وهـي مـن الطـراز الأول، بأجهـزة طـرد أكثـر تطـورا، كمـا أنـه سـوف يسـمح لهـا، بدايـة مـن السـنة الحاديـة عشـرة وحتـى السـنة الثالثـة عشـرة مـن الاتفاق بتركيـب أجهـزة طـرد مركـزي تعمـل بكفـاءة خمسـة أضعـاف الأجهزة الحاليـة، بشـكل يمكـن أن يـؤدي إلـى زيـادة إنتاجهـا الحالـي مـن اليورانيـوم المخصـب حتـى قبـل انتهــاء فتــرة تطبيــق الاتفاق بعــد 15 عامــا.

وان اتجـاه إيـران إلـى تسـريع برنامجهـا النـووي بعـد 11 عامـا سـوف يحظـى، بمقتضـى هـذه الوثيقـة، بدعـم مـن جانـب الـدول الغربيـة، لاسيما الولايات المتحـدة الأميركية، التـي اعتبـرت أن ذلـك ربمـا يكـون مشـجعا لإيران علـى الالتزام بالاتفاق وعـدم السـعي إلـى الالتفاف علـى القيـود التـي فرضتهـا علـى أنشـطتها النوويـة.

وتشــير موافقــة القــوى الدوليــة علــى هــذه الوثيقــة إلــى أن إيـران نجحـت فـي إثبـات قدرتهـا علـى الانخراط فـي التزامـات دوليــة علــى الرغــم مــن كل الضغــوط التــي مارســتها أطــراف عديــدة مــن أجــل عرقلــة الوصــول للاتفاق النــووي، بحجــة أن إيـران لـن تلتـزم بـه علـى غـرار تعاملهـا مـع بعـض الاتفاقات الدوليـة الأخرى، إذ إن قبـول تلـك الـدول اسـتخدام إيـران، بعـد11 عاماً، أجهـزة طـرد أكثـر تطـورا، يعنـي أنهـا، وفقـا للرؤيـة الإيرانية، لـم تعـد تخشـى مـن إمكانيـة اتجـاه إيـران إلـى استغلال ذلــك لتحقيــق أغــراض أخــرى، خاصــة بتطويــر برنامــج ســري للأغراض العســكرية علــى ســبيل المثــال.

وعلــى الجانــب الآخر، فــإن خصــوم الرئيــس حســن روحانــي مـن تيـار المحافظيـن الأصوليين يعتبـرون أن الكشـف عـن تلـك الوثيقـة لا يصـب فـي صالـح إيـران ولا يضيـف جديـدا لمكاسـبها المزعومـة مـن الاتفاق، وذلـك لاعتبارات عديـدة لا يبــدو أن منــح الفرصــة لإيران بتركيــب أجهــزة طــرد مركــزي لهــا القــدرة علــى إنتــاج أضعــاف معــدلات التخصيــب الحاليــة بعد11 عاما ســوف يضاهــي الخســائر العديــدة التــي منيـت بهـا إيـران بسـبب الاتفاق، علـى غـرار حصـر عمليـات التخصيــب فــي منشــأة ناتانــز، وإزالــة قلــب مفاعــل آراك وإعــادة ملئــه بالاســمنت، بعبــارة أخــرى، فــإن مــا ســوف تقــوم بـه إيـران بعـد 11 عاما وفقـا لتلـك الرؤيـة، لـن يحقـق مسـتوى التقــدم الــذي كان مــن الممكــن تحقيقــه فــي حالــة عــدم إبــرام الاتفاق مــع مجموعــة 5+1

إن الكشــف عــن تلــك الوثيقــة ربمــا يــؤدي إلــى ممارســة ضغـوط جديـدة علـى الـدول التـي شـاركت فـي المفاوضـات مـع إيـران مـن جانـب أطـراف إقليميـة عديـدة مـا زالت تبـدي تخوفات عديـدة مـن التداعيـات المحتملـة التـي يمكـن أن يفرضهـا الاتفاق، بشـكل يمكـن أن يدفـع فـي النهايـة تلـك الـدول، لاسـيما الولايات المتحـدة الأميركية، إلـى وضـع عقبـات جديـدة أمـام إيـران لعـدم الاستفادة مــن الاتفاق، خاصــة فيمــا يتعلــق بالاســتمرار فــي فـرض قيـود علـى التعامـلات بيـن البنـوك والشـركات الإيرانية ونظيرتهـا الأجنبية، خاصـة الأوروبية.

إن تسـريب الوثيقـة فـي هـذا التوقيـت قـد يهـدف إلـى صـرف انتبـاه إيـران عـن العقبـات العديـدة التـي مازالـت تعرقـل اسـتفادتها مـن رفـع العقوبـات الدوليـة التـي كانـت مفروضـة عليهـا، والتـي دفعــت العديــد مــن المسؤولين الإيرانيين إلــى التهديــد بإمكانيــة العـودة مـرة أخـرى إلـى المربـع الأول للازمة مـن خـلال إعـادة تسـريع البرنامـج النـووي وإلغـاء الاتفاق.

ويضــاف إلــى مــا ســبق، أن هــذا التيــار يــرى أن هــذه الخطــوة المتعمــدة مــن جانــب القــوى الدوليــة ربمــا تهــدف فــي الأساس إلــى تقويــة موقــع الرئيــس حســن روحانــي وفريــق التفــاوض النــووي فــي الداخــل، بعــد الضغــوط التــي تعرضــوا لهــا فــي الفتـرة الماضيـة، بسـبب الصعوبـات التـي مـا زالـت تعرقـل تنفيـذ الاتفاق ،لاسيما مــن جانــب مجموعــة 5+1

وعلــى ضــوء ذلــك، ربمــا يتجــه خصــوم الرئيــس روحانــي فــي الفتــرة الحاليــة إلــى الترويــج لفكــرة أن القــوى الدوليــة تســعى إلــى تعزيــز فــرص الرئيــس روحانــي فــي الفــوز بفتــرة رئاســية ثانيــة خــلال الانتخابات التــي ســوف تجــرى فــي منتصــف عــام 2017 علــى اعتبــار أن روحانــي هــو الخيــار الأكثر إيجابيــة بالنسـبة لهـا، خاصـة مـع تعمـد النظـام فـي الفتـرة الأخيرة التلويـح بإمكانيــة إعــادة الرئيــس الســابق المتشــدد محمــود أحمــدي نجــاد إلــى الســلطة مــن جديــد بدعــم فــرص فــوزه فــي الانتخابات الرئاســية القادمــة، بــكل مــا يعنيــه ذلــك مــن عــودة التوتــر مــرة أخــرى إلــى العلاقات بيــن إيــران والقــوى الدوليــة.

فـي النهايـة يمكـن القـول إنـه بصـرف النظـر عـن مـدى إمكانيـة اسـتمرار هـذا الجـدل خـلال المرحلـة المقبلـة، فـإن الكشـف عـن تلـك الوثيقـة فـي الفتـرة الحاليـة يعنـي، مـن دون شـك، أن القـوى الدوليـة، خاصـة الولايات المتحـدة الأميركية، لـم تتعامـل بشـفافية مـع القلـق الـذي عبـرت عنـه بعـض القـوى الإقليمية الرئيسـية فـي المنطقـة تجـاه التداعيـات المحتملـة للاتفاق النـووي، وهـو مـا مـن شــأنه، علــى مــا يبــدو، توســيع نطــاق الخلافات بيــن واشــنطن وتلـك الأطراف خـلال المرحلـة المقبلـة.

المصدر: جريدة الرياض السعودية.