أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

محمد بن زايد في موسكو

04 يونيو، 2018


زيارة مهمة تلك التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لموسكو واستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له، وما جرى فيها من توقيع على اتفاقيات تعكس علاقات استراتيجية متميزة بين الإمارات وروسيا، وما جرى فيها من حفاوة استقبال للزائر الكبير. العلاقات الدولية منظومة معقدة تخضع للمصالح الاستراتيجية، وإنْ كان هناك خلافات في بعض الملفات، ومن هنا تأتي أهمية توقيت الزيارة، فنحن نعيش لحظة تحولات تاريخية كبرى في توازنات القوى في المنطقة والعالم، واستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه التعامل المختلف تماماً عن سلفه باراك أوباما في الرؤية الحاكمة للتعامل مع الملف النووي الإيراني ضمن سياق الأدوار التخريبية لإيران في المنطقة، ورعايتها للإرهاب وتبنّيها لاستقرار الفوضى في الدول العربية ومشاريعها للصواريخ الباليستية، كما يمكن للجميع أن يتذكر أن أهداف روسيا في سوريا تختلف عن أهداف إيران هناك، وهو الفرق الذي بدأت آثاره تظهر على السطح اليوم. لقد بات العالم يعلم اليوم أن التحالف القوي الذي تقوده السعودية والإمارات، هو الذي يرسم توازنات القوى الجديدة في المنطقة، بالقوتين الناعمة والخشنة، وبالتعامل الاحترافي مع كافة الملفات بالغة الحساسية للوصول لأفضل النتائج وتحقيق الأهداف التي تخدم الأوطان وتدافع عن المصالح وتصنع المستقبل.

أخطر المشاريع المعادية في المنطقة هو المشروع الإيراني، وكل ما يصب في إضعافه هو نجاح كبير في الاتجاه الصحيح، وقد أصبحت روسيا تعبر بطريقة أقل دبلوماسية عن اختلافها مع المشروع الإيراني في سوريا، وهذا مكسب مهم لم يكن له أن يجري لولا التغيرات الكبرى في التوازنات الإقليمية والدولية تجاه المنطقة وقضاياها، كما أن روسيا باتفاقها مع منظمة «أوبك» والسعودية والإمارات ساعدت على استعادة استقرار أسعار النفط بعيداً عن الأسعار غير العادلة التي كانت قائمة في السنوات القليلة الماضية، وبالتالي فإن التعامل الذي تقوده المصالح هو الذي ينتصر في النهاية.

روسيا -كذلك- معنية بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وهي تفتش عن شركاء يمتلكون الرؤية الصائبة والوعي المتقدم في هذا المجال، ودولة الإمارات تمثل نموذجاً فاعلاً ومستنيراً يمكن الانطلاق منه والبناء عليه، ومن هنا جاء تصريح الرئيس بوتين خلال الزيارة بأن «التعاون مع الإمارات في مجال مكافحة الإرهاب وحل القضايا المهمة أمر مهمٌ للغاية، وأنه من المهم للغاية العمل مع الإمارات وتبادل المعلومات حول الوضع في المنطقة والتعاون في محاربة الإرهاب العالمي تحديداً في هذه الفترة».

وقد صرّح الشيخ محمد بن زايد بأن «دولة الإمارات حريصة على التشاور مع روسيا حول القضايا والأزمات الإقليمية والدولية، وتتطلع لدور روسي فاعل وبناء في تحقيق الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط في ظل المنعطف الحرج الذي تمر به المنطقة وتعاني فيه الكثير من المخاطر والتحديات المعقدة وغير المسبوقة».

السعي لبناء علاقات استراتيجية مع روسيا، وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والتشاور في قضايا المنطقة المعقدة، هي العناوين الأبرز لهذه الزيارة، وهو ما يعني العمل ضمن الأولويات السياسية والاقتصادية لدولة الإمارات ولدورها الرائد في المنطقة، وحجم التأثير الذي وصلت إليه في كافة المجالات. اتفاقية الشراكة التي تم التوقيع عليها شاملة للعديد من المجالات الحيوية والفاعلة، تجارياً واقتصادية وثقافياً وإنسانياً وعلمياً، وفي التقنية والطاقة والأمن والسياسة وغيرها، وهو ما يعني توجهاً جاداً لبناء علاقات أقوى وأكثر رسوخاً تخدم مصالح البلدين ورغبة القيادتين. أخيراً، فالملف السوري والملف اليمني كانا على طاولة المفاوضات المعلنة للزيارة، والبحث عن حلول عملية تعبر عن طبيعة التغيرات الجارية على الأرض في المنطقة وفي الدولتين.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد